بدت الأقلام متعبة، بل ومذعورة! وهي تجتاز صراط "التصحيح", فالفداحة تحدق بها وبنا من كل جانب.. وأي خطأ بسيط يمكن أن يسافر بالتلميذ إلى إعادة الدورة الاستدراكية أو السنة ككل! وضعت يدي على رأسي متألما.. ومخافة أن يطير مني.. لكنني لم أستطع أن أمنع عيناي.. من التلصص قليلا إلى مصحح لمادة أخرى لا أدري كم مرة ردد هو الأخر الحوقلة خلال تصحيحه لإحدى الأوراق! لقد كنا فعلا في الهم سوى...ربما كان هدا عزائي الوحيد وأنا أحاول أخفف من دعر القلم حتى يطاوعني في التصحيح....وأخيرا أرغمته على الاستمرار.
الآن فقط أدركت صحة موقف من يتبرم من التصحيح كلما حل موعده،بالرغم من الفتات من الدريهمات التي تقدمها لنا الوزارة مقابل تصحيح كل هده الأوراق! لكن هذا لا يعني أنني أكره الإطلاع على ما جادت به قريحة أعزائي التلاميذ ، لكن أكره العبث !!
كان الوقت ضحى عندما استوت أمامي 245 ورقة، كانت تترجاني أن لا أفتحها وأن أقف بعيدا منها! لكن إحدى الأوراق نادتني وقد اتشحت "كالبهجة" هي الأخرى بلونها البنفسجي القاني، لغاية في نفس يعقوب يقولون إنه قضاها!
إلى المضمون كانت الرحلة.. وأمامي ما يسمى عناصر الإجابة عناصر اعتبرها "أل" الفلسفة النموذج! من سار على دربها كان التميز ومن انحرف عنها انحرف منه المعدل...
وعلى طول الورقة تسير المضامين على إيقاع التراكم ، وكأن بها تقول بصوت خافت خد ما يحلو لهم لعناصر الإجابة ! تقسو اللغة على صاحب أو صاحبة الورقة حينا وتبتسم له في أحايين كثيرة.. وصلنا إلى بداية العرض "حتى يتضح الإشكال ..سنأخذ استطلاعات رأي بعض الفلاسفة"
هده العبارة استوقفتني رغم أن البراءة منها.. لأنها لا يخرج عن خانة المألوف، فالمترشح سيأخذ استطلاع بعض الفلاسفة ، وهكذا سيحل بأتينا لأخذ رأي أفلاطون وسقراط وسيعرج على روما من أجل مكيافيلي ... وهلم جرا ،ففي فضاء هذه "الورقة" يتعالى صوت الخاتمة أكثر من أي شيء آخر..تقول "أما أنا فأجد نفسي متضامنا مع جون لوك وهدا لا ينقص شيئا من موقف ديكارت " نعم إن "للتضامن" قصة عشق فريدة معه وجريا وراء الكشف عن حقيقة هذا العشق ضاع الكثيرون! ولذلك قررت عدم البحت عن السبب القاتل..وأكتفي فقط بالتأمل والسؤال والكشف!