" مسك الختام "مع العشر الأواخر
www.alakhiar.net
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ها هو شهر مضان قد أقبل على الرحيل وبتنا نقف على أعتابه عشره الأخيرة...
فماذا يا ترى لدينا في أيام الوداع ؟
ثمّة فرصة لمضاعفة ما فاتنا من الفضل في أيامه الأولى ... فرصة لننال مسك الختام ، فرصة لنحيي
ليلة القدر ، تلك الليلة التي
تعدل ثلاث وثمانين سنة وبضعة أشهر في تاريخ الإنسان .
فما أحوجنا اليوم في ظل هذه العشر وقبل الوداع
أن نحسن الإقبال على الله تعالى ، وأن نستدرك أيام التفريط أسوة بالأحبّة السابقين ، وأول هؤلاء السابقين النبي صلى الله عليه وسلم حين تخبر زوجه عائشة رضي الله تعالى عنها فتقول :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله ، وأيقظ أهله .
وإليكم أبرز الأعمال التي كان يحرص عليها الأولون وينبغي علينا الإقتداء بهم فيها :
الحرص على إحياء هذه الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والقراءة وسائر القربات والطاعات ، وإيقاظ الأهل ليقوموا بذلك كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل . قال الثوري : أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك .
الاجتهاد في تحري ليلة القدر في هذه العشر فقد قال الله تعالى :
{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } . وقال صلى الله عليه وسلم
(من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه .
وهذه الليلة في العشر الأواخر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
(تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) متفق عليه .
وأفضل الدعاء في هذه الليلة : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني . فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ : قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي .
الحرص على الاعتكاف في هذه العشر . والاعتكاف : لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى . وهو من الأمور المشروعة . وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وفعله أزواجه من بعده , ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله - عز وجل – ثم اعتكف أزواجه من بعده ) .
وينبغي للمعتكف
أن يشتغل بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة , وأن يحاسب نفسه , وينظر فيما قدم لآخرته , وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا , ويقلل من الخلطة بالخلق .
الإكثار من قراءة القرآن وتدبره ، والإكثار من ذكر الله تبارك وتعالى، فهذه الايام محل ذلك ولا شك.
ونسأل الله تعالى التوفيق في هذه العشر، وحسن استثمار الأوقات، والتجاوز عن السيئات، وإقالة العثرات، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.