بعد الحروب الصليبية،دخل الشرق العربي في سبات حضاري طويل،فلم يعد يهتم بما يجري حوله،في البلدان الغربية على وجه الخصوص.وانعكس هذا الإنحطاط على الادب،الذي أصبحجامدا لا حياة فيه.وقد بقي الوضع كذلك الى ان جاء عصر النهضة،وظهرت في الافق بوادر التغيير...
قبيل عصر النهضة،خيم الجمود والتقليدعلى الادب العربي ،وغاب عنه كل نزوع إبداعي حق.والحال أن بلاد العرب كانت ترزح تحت وطأة الجهل،فلم يستفد أهلها من "النهضة" الغربية في إبانها.وقد كان انفتاح الشرق على الغرب إيذانا بما ننعته بالنهضة العربية.و الواقع أن بلدان الشرق كانت مرغمة على "الانفتاح"المذكور، في أعقاب حملة "نابليون"على مصر سنة1798م.وبعد أن غادر الفرنسيون مصر سنة 1801م بفترة،تولى الحكم فيها محمد علي سنة 1805م.وقد أرسل هذا الاخير بعثات علمية إلى فرنسا وبلدان اوربية أخرى، وأنشأ المدارس،و أولى اللغة العربية أهمية خاصة،وشجع حركة الترجمة و الطباعة و الصحافة.
و أشرف رفاعة الطهطاوي(1801-1873)على مؤسسة للترجمة،تولت نقل عدد من الكتب الفكرية و الادبية الى العربية.فكان أن نُقلت الى العربية بعض أعمال فولتير و موتسيكيو و لافونين و بلزاك و ألكسندر دوماس...
وكانت تلك بداية اكتشاف العرب للفن الروائي.وقد شهد لبنان،ايضا،يقظة فكرية فعلية،في نهاية القرن التاسع عشر.
نشأةالرواية العربية
اهتدى العرب الى الفن الروائي عن طريق الترجمة ومنذئذ صارت الصحف المصرية تخصص حيزا لنشر القصص.
وفيما يتعلق بفترة البدايات تلك،برز اسم جرجي زيدان(1861-1914)الذي ألف عددا من الروايات التاريخية(غادة كربلاء،الحجاج بن يوسف،17رمضان...)وهي روايات لها أهميتها-بالنظر إلى الفترة التي ظهرت خلالها-رغم ما يشوبها من نواقص فنية .كما أن جبران خليل جبران (1883-1931) كتب قصة طويلة تحت عنوان"الأجنحةالمتكسرة".
ويميل عدد من الباحثين إلى اعتبار"زينب"لمحمد حسين هيكل،أول عمل يستحق فعلا أن نطلق عليه تسمية "رواية". وتدور أحداث الرواية في قرية مصرية.وهي تكتسب قيمتها من طابعها الواقعي.
ومن الاعمال السرديةالتي تدخل بشكل أو بآخر،في نطاق الفن الروائي،والتي تعود إلىفترة التأسيس،نذكر:"الايام"و"أديب"لطه حسين، و "سارة" لعباس محمودالعقاد،و"إبراهيم الكاتب" لإبراهيم المازني، و"عودة الروح"لتوفيق الحكيم،و"الرغيف"لتوفق يوسف عواد.
الشعر في عصر النهضة
كان على الشعراء العرب ، في بداية عصر النهضة،أن يواجهوا عنصرية الاتراك(الذين هيمنوا لفترةطويلة جدا على جل البلاد العربية).مثلما كان عليهم أن يواجهوا التحدي الحضاري الغربي.ومن هنا يتضح لنا السبب الذي جعل شعراء مثل ناصيف اليازجي من لبنان ومحمود سامي البارودي من مصر،ينزعون إلى تقليد شعراء العصر العباسي.وقد قال الكاتب اللبناني مارون عبود عن الشيخ ناصيف اليازجي :
"كان شيخنا،رحمه الله،يستوحي الكتب القديمة،لا يستلهم غيرها.فهو في كل ما نظم و كتب زعيم المقلدين في عصره،لا ينازعه هذه الزعامة أحد.فكأني به ذات مجردة عن المكان والزمان..."
وقد حاول شعراء مثل أحمد شوقي و حافظ إبراهيم و خليل مطران أن يضفوا على قصائدهم طابع التجديد ،إلا أن التقليد كان في الواقع هو الغالب على شعرهم.في هذا السياق، يقول طه حسين متحدثا عن خليل مطران:
"مطران ثائر على الشعر القديم، ناهض مع المجددين ، وهو قد سلك طريق القدماء فلم تعجبه ،فأعرض عن الشعر ،ثم اضطر فعاد إليه وحاول أن يعود إليه مجدِداً لا مُقلدا...وهومتواضع،لا يزعم أنه بلغ من التجديد ما يريد، وإنما يترك ذلك للذين سيأتون من بعده.
أما جبران خليل جبران فقد كان نسيجٌ وحده في أدب النهضة.إذ نهل من ينابيع الثقافة الكونية، وأعلن عن تمرده على كل أصناف العبودية، وأشاد بالحرية.ومن بين الشعراء الآخرين المجددين هنالك:فوزي المعلوف و إلياس أبو شبكة من لبنان، و إبراهيم ناجي وعلي محمود طه من مصر، وأبو القاسم الشابي من تونس...على سبيل المثال لا الحصر.
الأدب العربي في عصر النهضة
المواضيع المتشابهه
