ومن مقتطفات كتاب اليوسي :"زهر الأكم في الأمثال والحكم :ج1 وطول مقام المرء في الحي مخلق ... لديباجته فأغترب تتجدد فإني رأيت الشمس زيدت محبة ... إلى الناس أنَّ ليست عليهم بسرمد و قال الحكماء: لا تنال الراحة إلاّ بالتعب، ولا تدرك الدعة إلاّ بالنصب. وقال أبو تمام: ولكني لم أحو وفراً مجمعا ... ففزت به إلاّ بشمل مبدد ولم تعطني الأيام يوماً مسكنا ... ألذ به إلاّ بنوم مشرد و قال لنابغة الجعدي في هذا المعنى الذي نحن فيه: إذا المرء لم يطلب معاشاً لنفسه ... شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا فسر في بلاد الله والتمس الغنى ... تعش ذا الديار أو تموت فتعذرا و قال أبن صارة: سافر فأن الفتى من بات مفتتحا ... قفل النجاح بمفتاح من السفر إنَّ شئت خضرتها يا أبن الرجاء فكن ... في طي غبر الفيافي ثاني الخضر ولا يصدنك عن وجه تصعبه ... قد ينبغ الكوثر السلسال من حجر و قال الآخر: تخوفي طول السفار وإنني ... لتقبيل كف العامري سفير ذريني أرد ماء المفاوز آجنا ... إلى حيث ماء المكرمات نمير وإنَّ خطيرات المهالك ضمن ... لراكبها أن الجزاء خطير و قال الآخر: لا يمنعنك خفض العيش في دعةٍ ... نزوع نفس إلى أهل وأوطان تلقى بكل بلاد أنت ساكنها ... أهلا بأهلٍ وجيرانا بجيران و قال البحتري: وإذا الزمان كساك حلة معدمً ... فليس له حلل النوى وتغرب و قال الآخر: ليس ارتحالك ترداد لغنى سفرا ... بك المقام على خسف هو السفر و قال أبو الفتح البستي: فالحر حر عزيز النفس حيث ثوى ... و الشمس في كل برج ذات أنوار و قال ديك الجن: وليس المرء ذو العزمات إلاّ ... فتى تلقاه كل غد بلاد و قال الآخر: يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم ... و ترمي النوى بالمقترنين المراميا و قال البحتري: وإذا ما تنكرت لي بلاد ... أو صديق فإنني بالخيار و قال أبو الطيب: إذا لم أجد في بلدة ما أريده ... فعندي لأخرى عزمة وركاب و قال: ما بلد الإنسان غير الموافق ... و لا أهله الأدنون غير الأصادق و قال الآخر: غب عن بلادك وارج حسن مغبة ... إنَّ كنت حقا تشتكي الإقلالا فالبدر لم يحجب به إبداره ... إلاّ بغير يطلب الإقبالا و قلت أنا من جملة قصيدة: لا يكسك الوطن الأليف مذلة ... أن كنت تكتسب العلى بتغرب فالجار من يدنو إليك مواتياً ... في كل أرض بالجوار الأطيب ومن احتبك مودة ونصيحةً ... في حالتيك فذاك خير الأقرب و هذا باب لا يحصى. وقد أكثروا في عكس هذا المقصد، وهو مدح الإقامة والإخلاد إلى الراحة وانتظار الفرج واستمطار الرجاء. قال الأعشى: ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى ... مصارع مظلوم مجراً ومسحبا وتدفن منه الصالحات وإنَّ يسئ ... يكن ما أساء النار في رأس كبكبا و قال زهير: فقري في بلادك إنَّ قوما ... متى يدعوا بلادهم يهنوا و قال الآخر: لقرب الدار في الاقتدار خير ... من العيش الموسع في اغتراب وقال الآخر: وما زلت أقطع عرض البلا ... د من المشرقين إلى المغربين وأدرع الخوف تحت الرجا ... و استصحب الجدي والفرقدين واطوي وانشر ثوب الهمو ... م إلى أنَّ رجغت بخفي حنين و قال الآخر: يعطي الفتى فينال في دعةٍ ... ما لم ينل بالكد والتعب فأطلب لنفسك فضل راحتها ... إذ ليست الأشياء بالطلب إنَّ كان لأرزق بلا سبب ... فرجاء ربك أعظم السبب و قال الآخر: قد يرزق الخافض المقيم وما ... شد لعنس رحلا ولا قتبا ويحرم المال ذو المطية والر ... حل ومن لا يزال مغتربا و قال الآخر: قد يرزق المرء لم تتعب رواحله ... و يحرم الرزق بالأسفار والتعب إني وعمرك لا أحصي ذوي حمق ... الرزق اغرى بهم من لاصق الجرب و قال الآخر: إلاّ رب باغي حاجة لا ينالها ... و آخر قد تقضى له وهو جالس و قال الآخر: قد يرزق المرء لا من حسن حيلته ... و يصرف الرزق عن ذي الحيلة الداهي قولهم للإنسان غير المستوطن: بيته على ظهره. وأصله في السلحفاة. ومثله قول الشاعر: حيثما كنت لا أخلف رحلا ... من رآني فقد رآني ورحلي و قد آن أن أذكر ما يتيسر من الأمثال الشعرية في هذا الباب وما يجري على نمطها. وينخرط في سفطها. قالوا: ومن يكن الغراب له دليلا... يدل به على جيف الكلابِ يريدون أنَّ من اتخذ الدنيء مرتادا واللئيم قوادا فهو يسوقه إلى سخفه أو يقع به إلى حتفه. وقال الآخر: ومن لم يكن عقربا يتقى ... مشت بين أثوابه العقربُ و هو مثل قول العامة: من لم يكن ذئبا أكلته الذئاب. وقول أبن دريد: من ظلم الناس تحاموا ظلمه ... و عز فيهم جانباه واحتمى وهم لمن لان جانبه ... أظلم من حيات أنباث السفا و قال مسكين الدارمي: رب مهزولٍ سمينٌ عرضه ... و سمين الجسم مهزول النسب أي رب وهزول البدن والجسم كريم الأب رفيع النسب صين الحسب، وبالعكس. وقال رجل من مذحج: إنَّ السوية إن إذا استغنيتم ... و أمنتم فأنا البعيد الأجنبُ وإذا تكون كريهة ادعى لها ... و إذا يحاس الحيس يدعى جندبُ هذا وجدكم الصغار بعينه ... لا أم لي إنَّ كان ذاك ولا أبُ! و المثل هو البيت الوسط وفي معناه مثل من أمثال النساء يقلن: الطرية للهاتي، والقسية لأخواتي. وقال النابغة: ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب؟ و مثله قول الآخر: وإن كنت لم تصحب سوى ذي كمالة ... فأين من الأخوان من هو كاملُ؟ و قولي من قصيدة: وإذا تبتغي صديقا بلا ذا ... مر فعش مفردا عن الخلانِ و قال أبو عبد الله بن شرف في معنى بيت النابغة: ولا تعتب على نقص الطباع أخا ... فإنَ بدر الدجى لم يعط تكميلا و قال لبيد: ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... و بقيت في خلف كجلد الأجربِ و قال أبن شرف في معناه: كم خانني الدهر في أوفى الورى فمضى ... به وخلف مرذولا فمرذولا و قال الآخر: ألا إنّما الدنيا غضارة أيكة ... إذا اخضر منها جانب جف جانبُ الغضارة: الطين اللازب الأخضر وتطلق أيضاً على الخصب والنعمة. وقال أبن شرف في معنى البيت: ولم يزل ثمر الدنيا لقاطفه ... رطبا ويبسا وماجوجا ومعسولا و قال الآخر: وإنَّ امرئ قد سار تسعين حجة ... على منهلٍ من ورده لقريبُ و قال الآخر: وأجرا من رأيت بظهر غيب ... على عيب الرجال ذوو العيوبِ و قال أبن شرف في معناه: ولم تجد قط عيابا ومفتخرا ... إلاّ على العيب والعوراء مجبولا و قيل للأحنف بن قيس: دلني على رجل كثير العيوب! فقال: اطلبه عيابا فانه لا يعيب الناس إلاّ بفضل ما فيه! وقال امروء القيس: وانك لم يفخر عليك كفاخر ... ضعيف ولم يغلبك مثل مغلب