الانتخابات والتربية على المواطنة.
ـــــــــــ
لا شك أن لحظات الاستحقاقات الانتخابية تعتبر، في عرف البلاد الديمقراطية، فتراتٍ مثالية لتقديم الدروس العملية في التنشئة والتربية على المواطنة .
في هذه الاستحقاقات، يلاحِظ الأطفال واليافعون سلوكات وتصرفاتِ "الراشدين" ويعقِدون مقارنات بين الأقوال والأفعال، بين ما يتلقونه من أوامرَ ونواهٍ من الكبار، وما يمارسه هؤلاء الكبار عمليا : يشاهدون، يستمعون، يتقمصون، يستضمرون، يقلدون...
فما هي الدروس التي نقدمها لناشئتنا خلال فترة الاستحقاقات ؟
هل يهتم الكبار، عموما، بالشأن العام ؟ وما نوعية ذلك الاهتمام ؟
هل يهتمون بالاستحقاقات فيحرصون على التسجيل في اللوائح الانتخابية؟
كيف يترشحون (إن هم ترشحوا) ؟ هل اقتناعا ببرنامج حزبي أم اعتبارا لمصلحة شخصية ما ؟ ما معايير الحزب في تقديم التزكية لمرشحيه: الكفاءة والنزاهة والمصداقية تجاه المواطنين والاقتناع ببرنامج الحزب... أم لاعتبارات أخرى؟
هل يتوجه الناخبون إلى المقاطعة لاستلام بطاقة الناخب أم ينتظرون أن يأتي بها المقدم ؟
كيف ينظمون الحملة الانتخابية (إن هم نظموها)؟ هل يراعون أخلاقياتها ؟ ما هو خطابهم في الإقناع؟ هل يحترمون "الخصوم" السياسيين المنافسين ؟ هل يتجنبون التجريح الشخصي والسباب والافتراءات ؟ هل يلجؤون إلى شراء الأصوات ؟ هل ينظمون الولائم ويقدمون العطايا ؟ هل يركزون على برنامج ما ؟ هل وعودهم معقولة مكمّمة قابلة للتنفيذ ؟ ما علاقتهم بخصومهم عند انتهاء الحملة ومرور الانتخاب؟ (العداء والانتقام أم التآزر والتعاون من أجل الصالح العام؟) ؟؟؟ ...
أسئلة في الواقع كثيرة. والإجابة عنها تبين المدى الذي وصلناه في الممارسة الديمقراطية .
الإجابة عنها تبين ما نقدمه، كراشدين، عمليا، لأبنائنا في مجال التربية على المواطنة والديمقراطية .
سلوكنا في الواقع مرآة لما سيكون عليه أبناؤنا في المستقبل .
فليتأمل كل منا الدرس الذي يقدمه لأبنائه حول المواطنة والمصداقية واحترام الآخر، وقيم المشاركة والاهتمام بالشأن العام ...الخ
وليتخذ منه العبرة إن كان ينشد الخير والصلاح لهذا البلد .
محمد حجاجي .