دفاتر أخبار ومستجدات التربية الوطنية و التكوين المهنيهذا الركن بدفاتر dafatir خاص بالأخبار والمستجدات الوطنية المتعلقة بقطاع التربية الوطنية والتعليم المدرسي و التكوين المهني
إلى السيد وزير التربية الوطنية: إلغاء مباراة الدكاترة عبث خطير
الاثنين 30 يوليوز 2012
د. محمد الجناتي
في لقائه مع النقابات الأكثر تمثيلية يوم الأربعاء 25 يوليوز 2012 بالمركز الوطني للملتقيات والتكوينات بالرباط، وأثناء تطرقه إلى ملف الدكاترة العاملين بقطاع التربية الوطنية صرح السيد الوزير أنه عقب سلسلة من الطعون حول مباراة الدكاترة التي أجريت ابتداء من 21 ماي 2012، فقد قرر سيادته إلغاء المباراة إلى حين التدارس في شأنها مع النقابات.
هذا القرار الخطير الذي اتخذه السيد الوزير يدل على الارتجال في تدبير الشأن التعليمي بالوزارة، ويدعو إلى طرح العديد من الملاحظات المهمة:
أولا: إن اتخاذ قرار بإلغاء كل نتائج مباراة الدكاترة بناء على وجود طعون في بعض المراكز فقط هو عين الإجحاف في حق كل الدكاترة الذين اجتازوا المباراة في ظروف عادية وسليمة في باقي المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، إن على مستوى الشكل أو المضمون.
ثانيا: إن التراجع عن الإعلان عن نتائج مباراة الدكاترة يعد سابقة من نوعها في التدبير الإداري ببلادنا، ذلك أنه سيفتح المجال أمام كل الذين لم يحالفهم الحظ في النجاح في إحدى المباريات إلى الطعن في نتائجها والسعي لإلغائها اقتداءا بمثل هذا الإجراء اللامسؤول الذي اتخذه وزير التربية الوطنية السيد محمد الوفا؛ علما أن فلسفة المباراة في حد ذتها تعني الإقصاء وتعني نجاح فئة معينة على حساب فئة أخرى، وهذا أمر طبيعي لأن إرضاء كل من شارك في المباراة غاية لا يمكن إدراكها في ظل تخصيص الوزارة لمناصب مالية محدودة ( 240 منصب مالي يتبارى عليه أزيد من 1000 دكتور).
ثالثا: لقد برر السيد الوزير قرار إلغاء المباراة بوجود طعون قدمها بعض المعنيين بالأمر فيها، ناسيا أن كل المباريات كيفما كانت تتخللها طعون، وأن الطريقة المثلى لمعالجة الشكايات هي دراستها حالة حالة وليس تعميمها على باقي الوضعيات، كما أن باب القضاء الإداري مفتوح في وجه كل من أراد أن يشكك في مصداقية المباراة بأحد المراكزالتي أجريت فيها المباريات المتعلقة بدكاترة وزارة التربية الوطنية، علما أن القضاء يعتمد مبدأ التخصيص وليس التعميم في حل النزاعات، بمعنى أنه ينظر في الحالة المعروضة عليه ويحاول إنصافها دون المس بالوضعيات التي لم تُقَدَّم في شأنها أية طعون.
رابعا: إن مباراة أساتذة التعليم العالي مساعدين كلفت دكاترة وزارة التربية الوطنية، الذين يزيد عددهم عن ألف دكتور، مصاريف مادية مهمة جراء نسخ الأطروحات والمقالات والمؤلفات في خمس نسخ والتنقل والمبيت في الفنادق، كما كلفتهم مجهودات جبارة للإعداد لها والاستعداد لإجرائها في التاريخ الذي أعلنت عنه الوزارة. بالإضافة إلى استعانة هذه الأخيرة بأكثر من مائة لجنة علمية في مختلف التخصصات، تتكون كل منها من خمسة أساتذة للتعليم العالي للسهر على إنجاز هاته المباراة، مع ما يتطلبه كل ذلك من تعويضات مادية هائلة ومن تجهيزات لوجيستيكية هامة لإنجاحها. وهذا يعني أن أي تراجع عن الإفراج عن نتائج المباراة يعد استهزاء بهيئة الدكاترة وتقليلا من شأنهم وهدرا للمال العام، كما يعتبر إجراء ارتجاليا غير محكم وغير عقلاني ويدل على سيادة ثقافة العبث والإخلال بالمسؤولية من طرف أطر وزارة التربية الوطنية، وعلى رأسهم السيد وزير التربية الوطنية الذي يتحمل كامل المسؤولية فيما ستؤول إليه الأوضاع إن هو قرر إلغاء المباراة بشكل نهائي. وهذا يستوجب من الدكاترة مساءلته عن عجزه في تدبير ملفهم بتؤدة وتبصر، بعيدا عن التدابير الارتجالية المستهترة بحقوق الشريحة الحاصلة على أعلى شهادة تقدمها الجامعات المغربية.
خامسا: إذا أقرت الوزارة بعجزها عن حل ملف الدكاترة العاملين بقطاعها من خلال المباريات المخصصة لذلك، فما عليها إلا التفكير بجدية في إيجاد حل شامل ومنصف لهذه الهيئة، من خلال تغيير إطارهم إلى أساتذة التعليم العالي مساعدين دفعة واحدة، إسوة بزملائهم المجازين الذين منحتهم السلم العاشر وحاملي شواهد الماستر الذين استفادوا من تغيير الإطار ومن السلم 11 بدون مباراة.
في الأخير ندعو السيد وزير التربية الوطنية إلى تحمل كامل مسؤوليته في الإفراج عن نتائج مباراة دكاترة وزارة التربية الوطنية قبل موعد الدخول المدرسي المقبل، وطرح الحالات المطعون فيها على أنظار لجنة مختصة مكونة من ممثلي اللجن العلمية وممثلي الإدارة وهيئات تنوب عن الدكاترة المعنيين بالأمر.
إن أي تفكير في إلغاء مباراة الدكاترة العاملين بقطاع التربية الوطنية يعد منعرجا جد خطير ستكون له عواقب وخيمة على مصداقية الوزارة في كل المباريات التي ستجريها مستقبلا في جميع المجالات والتخصصات، فحذاري من سياسة العبث والتهور والارتجال !