بلغ سيدنا محمد (ص) القمة في اخلاقه فكان في الذورة من الكمال الإنساني بما انطوى عليه من الصفات الحميدة والخصال الكريمة، وبهر بذلك الذين عاشوا معه وعرفوه.
يقول أبو الدرداء: سألت عائشة عن خلق رسول الله (ص) فقالت كان خلقه القرآن، يرضى لرضاه ويسخط لسخطه.
وقد خلد القرآن الكريم هذا الجانب الرفيع في شخصية الرسول في قوله تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم).
وصفه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال: كان أجود الناس كفا، وأجرأ الناس صدرا واصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، ومن رآه بديهة هابة، ومن خالطه فعرفه أحبه، ولم أر مثله قبله ولا وعن انس بن مالك قال: كان النبي (ص) أحسن الناس خلقا وخلقا، ما سئل شيئا فقال: لا.
وقالت فيه عائشة: لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يغفر ويصفح.
وأثبتت كتب التاريخ والسير خصالا فريدة لسيدنا محد (ص)، فهو "يعود المرضى في أقصى المدينة، يجالس الفقراء ويؤاكل المساكين ويناولهم بيده، ويكرم اهل الفضل في أخلاقهم، ويتألف أهل الشرف بالبر لهم، يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على غيرهم الا بما أمر الله، ولا يجفو على أحد، يقبل معذرة المعتذر اليه، وكان أكثر الناس تبسما".
عن انس بن مالك قال: ان النبي (ص) ادركه اعرابي فأخذ بردائه فجذبه جذبة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله (ص) وقد أثرت بها حاشية الرداء ثم قال له: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت رسول الله (ص) فضحك وأمر له بعطاء".
"وكان النبي (ص) يجلس القرفصاء وهي أن يقيم ساقيه ويستقبلهما ويشد يده بذراعه، وكان يجثو على ركبتيه وكان يثني رجلا واحدة ويبسط عليها الأخرى، ولم ير متربعا قط، وكان يجثو على ركبتيه ولا يتكئ.
عن ابن مسعود قال: أتى النبي (ص) رجل يكلمه فأرعد، فقال: هون عليك فلست بملك، انما انا ابن امرأة كانت تأكل القد".
وعن أبي ذر قال: كان رسول الله يجلس بين ظهراني أصحابه فيجيء الغريب فلا يعرف ايهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى النبي أن يجعل مجلسا يعرفه الغريب إذا اتاه، فبنينا له دكانا من طين وكان يجلس عليه، ونجلس بجانبيه.
وعن انس بن مالك: ان رسول الله مر على صبيان فسلم عليهم".
وعن عائشة: ما شتم أحدا بشتمة ولا لعن امرأة ولا خادما بلعنة.
وعن الإمام الصادق (ع): كان رسول الله (ص) يقسم لحظاته بين اصحابه ينظر إلى ذا وينظر إلى ذا بالسوية.
ومن الطبيعي أن تبهر هذه الأخلاق العظيمة الذين عرفوه وعاشروه فانشدوا اليه واحبوه غاية الحب والتفوا حوله يفدونه بارواحهم.
وقد اشار القرآن الكريم إلى هذا الجانب من حياة سيدنا محمد (ص) في قوله تعالى:
"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين".
فاللهم اجعل اخلاقنا مثل اخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام ...