قصة قصيرة - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية عبد السميع بنصابر
عبد السميع بنصابر
:: دفاتري جديد ::
تاريخ التسجيل: 12 - 3 - 2009
المشاركات: 10
معدل تقييم المستوى: 0
عبد السميع بنصابر في البداية
عبد السميع بنصابر غير متواجد حالياً
نشاط [ عبد السميع بنصابر ]
قوة السمعة:0
قديم 22-03-2009, 09:28 المشاركة 1   
افتراضي قصة قصيرة

في انتظار مكالمة..

الصباح بارد. الشمس توارت وراء الغيوم في خجل..
كانت المدينة قد شرعت تغسل أزقتها بأمطار ليلة أمس، والتي لم تمنع رواد المقاهي من أمثالي من تأدية طقوسهم الصباحية.
سيارة الأجرة التي كانت تقلني، حبلى بستة ركاب.. هذا يتصفح جريدة، وذاك يسكت طفله... وهذا البدين الذي يقتسم معي المقعد الأمامي، ليست فيه ذرة إنسانية.. عيناه تائهتانفي اللاشيء.. يبدو أنه غاب في ملكوت الله.. فيم يفكر يا ترى؟؟
أنا ـ مثلاـ أفكر في راضية.
الحب لعنة..
وراضية لعنتي.
لم تتصل إلى حدود الساعة...
أي وجه طالعني هذا الصباح؟؟
ما كادت السيارة تتوقف بمحاذاة الرصيف، حتى أخذنا نتقافز خارجا، كسجناء أفرج عنهم...
السائق يردد لازمته الرتيبة:
- "الخلاص! الخلاص الله يرضي عليكم..."
عدلت من وضع ملابسي. رجلاي تتحركان وهما تحملان جسمي الذي لا يفارقني.
كان إفريز المقهى لا يزال شبه فارغ. تخطيت بضع كراسي حديدية متوجها نحو آخر منضدة. قبل أن أسحب الكرسي و ألقي عليه ثقل جسمي، لوحت للنادل بحركة من يدي، اختلطت فيها التحية بالمطلوب.
رواد المقهى سرعان ما طفقوا يتقاطرون فرادى وجماعات...
كانت حركات الناس قد بدأت تدب داخل ألياف المدينة، معلنة بدء سيمفونية الصباح.
فوق الطوار، يمر أطفال بأزيائهم المدرسية... لابد أنهم يفكرون في الدروس والتمارين...
أما أنا فأفكر في راضية.
الحب لعنة.
وراضية لعنتي.
لم تتصل بعد!
تلفاز المقهى مضبوط على إحدى القنوات الإخبارية. يبدو أن المذيع لا يحدث إلا نفسه أمام لا مبالاة المشاهدين. مددت رجلي اليسرى على إسفلت المقهى حتى أدس يدي في جيبي. أخرج القداحة. بحركة باردة من يدي، وضعت السيجارة الشقراء بين شفتي اللتين لاحظ صديقي، إنهما بدأتا تفقدان لونهماالطبيعي، بفعل التبغ الرديء... بضغطة من إبهامي، كانت ناصية السيجارة تحترق... وأنا أحترق بنار الانتظار.. لم تتصل الشيطانة...
النساء شياطين خلقن لنا نعوذ بالله من كيد الشياطين
عجوز تقف على رأسي كالقدر، بملامح يعلوها القدم، وقد أمسكت عكازا، يعلم الله كم يدا تعاقبت على معانقته... ترى، فيم تفكر المسكينة؟؟ لابد أنها تفكر في أن أنفحها درهما أو درهمين!
وأنا، فيم أفكر؟؟
أفكر في راضية.
الحب لعنة.
لم تتصل إلى حدود الآن! !
رفعت يدي في حركة ميكانيكية قائلا:
- الله يسهل!
تؤكد متوسلة..
أدخل يدي في جيبي. تنفرج أساريرها التي تبدو كأخاديد رسمها الزمن. أخرج بطانية جيبي آسفا! تستدير متمة مسيرتها الطويلة بين كراسي المقاهي وأمام الدكاكين. أتساءل: كم من تعيس يعيش بين أسوار هذه المدينة القاسية؟؟ أنا أولهم.. فراضية لم تتصل إلى حدود الآن! !
مججت من سيجارتي. مذاقها يغثني. قبل أن أنفث الدخان للمرة الثانية و الثالثة، كان النادل قد أتى بعوده الفارع، مع احدوداب قليل على مستوى ظهره... وبروتينية، مسح صفحة المائدة بمنديله، ثم وضع فنجان القهوة عليها. أبسط راحتي على صدري، وأنا أحني رأسي شاكرا. نفضت رماد السيجارة في المطفئة الزجاجية. اختفى وجهي وراء خيوط الدخان الرمادية.
لم تتصل بنت الكلب! حمالة الحطب! !..
ألقيت بقطع السكر الثلاث داخل الفنجان دفعة واحدة.تناولت الملعقة، ورحت أحرك دون أن أكلف نفسي عناء مراقبة حركة يدي...
غلام بلباس بال وشعر أشعث يقف قبالتي، وقد ضم إلى صدره علب الكلنكس والعلك قائلا في شبه استعطاف:
- شوف أخويا آش خاصك!؟..
أجيبه في نفسي بخبث: "خاتم أمولاي"..!
ما أكثر هؤلاء الأطفال في هذه المدينة! ترى، أين أبواه الآن؟؟ ومن أين أتى؟؟ وفيم يفكر؟؟ هل له راضية هو الآخر مثلي؟؟
هاتفي يهتز داخل جيبي. لابد أنها راضية!! أحضن الغلام فرحا، وهو يراقب حركاتي في ذهول.
سأخلصك من كل ما تحمله! سأشتري منك كل هذه العلب! ألا تعلم أن راضية اتصلت؟!
أضغط على الزر الأخضر جذلا..
-ألو حميد!
-أج..أجل! من؟
-رشيد.. لقد حضر المدير وسجل غيابك اليوم...
-لكنه في عطلة!
-تلك مؤامرة نسجها أعوانه.. اولاد الحرام كثيرون.. حذرتك أمس..وأنت...
جسد الغلام لا يزال منتصبا أمامي...
وفي غمرة ذهولي،اهتز الهاتف مرة أخرى.ألقيت عليه نظرة باردة..
كانت راضية.. لكنني لم أجب، بل أعدت الهاتف إلى جيبي.
وضعت الحساب على الطاولة، ثم انصرفت..
وفي طريقي الى المنزل كنت أتساءل في نفسي:
"أي نحس طالعني هذا الصباح! !"









آخر مواضيعي

0 لكمات قصص فصيرة جدا
0 قصة قصيرة
0 قصة قصيرة
0 قصة قصيرة الى سفراء الحرف في الفرعيات

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
قصة, قصيرة

« العجب المعجب وناظره مستعجب للعجب في العجب قصة من التراث (بقلمي) | حوار مع الذات الغائبة........... »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة قصيرة جدا ابن عربي زمانه القصص والروايات 8 02-05-2009 00:17
قصة قصيرة عبد السميع بنصابر القصص والروايات 10 30-03-2009 17:42
5 قصص قصيرة جدا.. عبدالكريم القيشوري القصص والروايات 7 22-02-2009 17:04
قصة قصيرة talibi القصص والروايات 6 29-03-2008 16:59
نكت قصيرة simo2067 القصص والروايات 11 12-12-2007 19:43


الساعة الآن 09:24


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة