الدروس الخصوصية ظاهرة تقض مضاجع الأسر وتثقل كاهلها وتزيدها عبئا ماديا يستنزف ميزانيتها كلما تعدد عدد الأبناء المتمدرسين لديها، خصوصا أن هذه الدروس أصبحت إلزامية بالنسبة لكل التلاميذ وليست اختيارية خاضعة لمستوى التلميذ وضعفه في إحدى المواد، بل أصبحت وسيلة للتمييز بين التلاميذ وإصلاح أو إفساد العلاقة بين التلميذ وبين أساتذته وأداة حاسمة لرسم مستقبله الدراسي، بدونها لا يساوي التلميذ نقطة مهمة.
والملاحظ في الآونة الأخيرة أن هذه الظاهرة أصبحت آفة ابتليت بها جل مؤسساتنا التعليمية بجميع مستوياتها ، والسبب راجع إلى عدة عوامل ساهمت على انتشارها ، اغلب هذه الأسباب تعود إلى الأستاذ والبعض الآخر إلى التلميذ والأسرة ، بل حتى نظامنا التعليمي يساعد على انتشار الظاهرة.
ومادام المتحكم الأول والأخير في المراقبة المستمرة هو الأستاذ، وبما أنه هو المتحكم في عملية النجاح والرسوب، انطلاقا من المستوى الابتدائي، فإن بعض الأساتذة استغلوا هذا الوضع للأسف كورقة ضغط يلوحون بها في وجه الآباء، حيث أصبحوا يميزون في التنقيط بين من انخرط في الساعات الإضافية ومن لم ينخرط، حيث يمنح الأول نقطا مرتفعة تخول له النجاح. وإذا حدث وتمرد أحد التلاميذ يكون مصيره الإهمال، الشيء الذي يتسبب له في الحصول على نقط هزيلة؛ وبالتالي الرسوب. ويكون عبرة للآخرين.
والغريب في الأمر أن بعض الأساتذة أصبحوا يستغلون بعض المؤسسات العمومية لهذه الأهداف كدار الشباب بالجبهة التي أصبحت تستقطب عدد كبير من الأساتذة الذين يستغلون قاعاتها لحصص الدعم بالأداء، وما يزيد الطين بله ان هذه الحصص تعطى في الغالب للتلاميذ من طرف أستاذهم أو أساتذتهم، وهذا ممنوع قانونا إلا بترخيص خاص من الجهات المسؤولة وبشروط وضمانات خاصة، وصدرت في هذا الشأن مذكرة وزارية تحمل رقم 9 بتاريخ 12 يناير 1981. ومع ذلك يلجأ بعض المدمنين على هذه الدروس من الأساتذة إلى استعمال جميع أنواع الضغط والشطط مع التلاميذ حتى يستجيبوا ويخضعوا، ويضغطوا هم بدورهم على آبائهم أو أولياء أمورهم، حتى يستجيبوا هم أيضا ويحضروا المبلغ المطلوب للأستاذ، متجنبين عواقب غضبه وشح قلمه الأحمر! زيادة على سوء المعاملة والتصرف مع كل من امتنع أو رفض.
هنا يبقى السؤال المطروح أين الضمير المهني لهؤلاء الأساتذة ؟
تلميذ مجد ذهب ضحية فقره ووضعه الاجتماعي... وكان ضحية أستاذ بلا ضمير، لا يعرف سوى جمع العدد الكبير من الأموال هو في أمس الحاجة إليها حسب اعتقاده، لأن راتبه الشهري غير كافي ،لكن الضحايا هم التلاميذ الذين ينتمون لعائلات متوسطة أو محدودة الدخل أو التي لا دخل لها. وكم من تلميذ متهور غبي أو بليد حصل على نقط جيدة وحسنة، رغم قلة حضوره وعدم انتباهه، امتيازه الوحيد هو دفعه للمبلغ المطلوب من طرف أستاذه أو أساتذته الذين باعوا له نقطه وغيروها من رقم مالي إلى رقم وضع في دفتر تنقيطهم وفي ورقة فروض التلميذ.
وبخصوص مداخل الساعات الإضافية، يلاحظ أنها تفوق الدخل الشهري للأستاذ كما أنها لا تخضع للضريبة . ولتحسين الوضعية المادية، أصبح العديد من الأساتذة يتهافتون على الدروس الخصوصية، حيث أصبح التلاميذ عبارة عن ورقة ضغط على الآباء من طرف الأساتذة وأصبح مستقبلهم الدراسي ونجاحهم موضوع مساومة.. فمن أدى واجب الدروس الخصوصية يقرأ وينجح، ومن لم يؤد يهمل ويرس