المربي على علم بالاستغلال الجنسي في حق الاطفال:
يتمظهر العنف أحيانا ضد الأطفال، وحتى الصغار منهم، على شكل استغلال جنسي. ويمس هذا العنف الذكور كما يمس الإناث. يمكن الحديث عن الاستغلال الجنسي عندما يرغم راشد، أو طفل أكبر سنا، طفلا آخر على ممارسة نشاط جنسي لا يمكنه تحمله أو فهمه. ويختلف سن الضحية من طفل لآخر، وقد يتعلق الأمر أحيانا بأطفال صغار جدا (أقل من 6 سنوات). كما تأخذ هذه الاعتداءات أشكالا مختلفة نذكر منها:
- تعري : يظهر المعتدي عضوه التناسلي للطفل،
- ملامسات (أو مداعبات) : يفرض المعتدي ملامسات على الطفل، أو يداعب جسم الطفل، وخصوصا الأعضاء الجنسية، باستعمال يديه أو عضوه التناسلي،
- الإيلاج : يولج المعتدي عضوه التناسلي في فرج أو دبر أو فم الضحية، أو يستعمل أصبعه أو أي أداة أخرى،
- استعمال صور فاضحة (بورنوغرافية): يرغم المعتدي الطفل على مشاهدة صور أو شرائط فيديو أو أية دعامة أخرى. كما يمكن أيضا أن يلجأ إلى تصوير الطفل، مع إرغامه على اتخاذ أوضاع جنسية موحية،
- كلمات أو حكي فاضح : يحكي المعتدي حكايات فاضحة، أو يستعمل مفردات أو سباب متعلقة بالجنس.
ويمكن أن يكون المعتدي شخصا مجهولا، ولكن في أغلب الحالات، يتعلق الأمر بشخص يعرفه الطفل جيدا ويثق به، ويشعر معه بالأمان : صديق الأسرة، جار، تاجر الحي، وأحيانا قريب من الأهل ( أو حتى أحد الأبوين). لهذا، لا يلجأ المعتدي دائما إلى العنف، ولكن إلى إخضاع الضحية عن طريق الوعد بمكافآت أو عن طريق تهديدات. وقد يحصل أحيانا أن يستغل الراشد فضول الطفل للإيقاع به.
يمارس المعتدي هنا شططا في استعمال السلطة وسوء ائتمان في حق الضحية.
المربي على علم بخطورة مخلفات الاستغلال الجنسي على الأطفال:
- يشكل الاعتداء الجنسي دائما خطورة كبيرة على الأطفال، حيث يخلف خسائر نفسية فادحة ودائمة. إن اعتداءا واحدا فقط كفيل بترك آثار دائمة على الضحية.
-ويمكن أن تظهر الاضطرابات النفسية على الطفل في الحال أو خلال المراهقة، أو حتى في سن الرشد، تحت أشكال متنوعة : مرارة، انهيار نفسي، جنون، محاولات انتحار. وقد يحصل أحيانا أن تتحول الضحية القديمة، بدورها، إلى معتدي جنسي جديد. وعندما يتعرض الطفل لاعتداء جنسي، فإنه لا يتمكن دائما من التعبير عن ذلك بواسطة كلمات. وتبقى الاضطرابات السلوكية هي التي تعكس أحيانا عمق معاناة الضحية.
المؤشرات التي تدق ناقوس الخطر هي الاتية:
- تنعدم لديه الرغبة لمزاولة الأنشطة بالقسم،
- لا يعود راغبا في الخروج للعب،
- يرفض رؤية شخص كان عزيزا عليه فيما سبق،
- يبكي لأي سبب،
- يرفض الأكل،
- يصبح عدوانيا جدا مع زملائه الصغار،
- لا ينام جيدا (سهاد وأرق، وكوابيس...)،
- يعود إلى التبول في الفراش، بل ويتغوط أحيانا،
- يرفض إزالة ملابسه والتعري،
- تظهر حمرة أو حتى دم على مستوى الأعضاء التناسلية أو الدبر،
- يستعمل كلمات فاحشة أو يقوم بحركات فاضحة.
وقد تسترعي بعض هذه التغيرات انتباه المربي، فلا يجب التردد في هذه الحالة في مساءلة الطفل : " شيء ما يقلقك، أرى أنك قد تغيرت، هل يمكنني مساعدتك؟"، وبإبداء بعض الانتباه والعناية، يمكن أن يبوح الطفل ببعض الشذرات مما يختلج في دواخله. غير أن الراشد، وفي غالب الأحيان، هو الذي يدرك فجأة ما يعكر صفو الطفل.وغالبا ما لا يطاق هذا الاكتشاف، حتى أن الراشدين لا يستطيعون تصديقه.وكلما تم الإسراع في تحرير الطفل من قبضة المعتدي، كلما كانت التداعيات أقل حدة وأهمية. ومن هنا تتجلى أهمية رصد الطفل الضحية.
يتغلب المربي على حرجه ازاء هذا الموضوع الصعب، ويخبر الأطفال:
إنه موضوع يصعب تناوله، لأن الجنس لا زال يشكل طابوها (موضوعا محرما) داخل المجتمع، يمنع الحديث فيه مع الأطفال. وفي أغلب الأحيان، يشكل الجهل بهذه الممارسات المنحرفة والفاسدة، والحشمة والحياء، عقبات تمنع الأولياء من التطرق إلى هذا الموضوع مع أطفالهم. غير أن هذه الاعتداءات الجنسية تكون لها آثار كارثية ومفجعة، بحكم أنها لا تدمر طفولة الضحايا فقط، بل حتى وجودهم بأكمله. وكلما تعددت الاعتداءات الجنسية كلما تضاعفت خطورة مخلفاتها النفسية وآثارها على الضحية.
وأحسن طريقة لحماية الأطفال من أفعال المعتدين هي التطرق إلى الموضوع مع الأطفال وتوعيتهم وتحذيرهم. ولا يتعلق الأمر بتخويفهم، ولكن بإثارة حيطتهم وحذرهم، في حالة مواجهتهم لموقف خطير.
من شأن كل هذه العناصر أن تشجع المربي على وضع حد لجدار الصمت هذا، والمساهمة الفعالة في الوقاية والحماية من هذه الظواهر، عن طريق إخبار وإعلام الأطفال بالموضوع.
يتحرك المربي لحماية الطفل:
إذا ما وجد المربي، خلال حياته المهنية، نفسه في مواجهة هذا المشكل الخطير، فإنه من الواجب عليه حماية الطفل. ماذا يمكنه أن يفعل؟
- الإنصات للطفل، وتركه يتكلم،
-إذا اختار الطفل الصمت،يجب احترام صمته،
-يوضح المربي للطفل أنه ليس مسؤولا عن هذه الوضعية،
- عدم إقبار الواقعة، لأن الطفل سيصبح في هذه الحالة ضحية مرتين (ضحية المعتدي، و ضحية صمت المجتمع)،
- عدم تصديق أن الطفل سينسى الأمر عندما يكبر. فالاعتداء الجنسي يظل راسخا بصورة نهائية في ذاكرة الضحية. وحتى لو منعناه من التعبير، فإن آثار الاعتداء ستظهر من جديد لا محالة.
-إعلام السلطات. وتعتبر هذه الشكاية مهمة جدا بالنسبة للطفل. لأنها تبرهن له، ولو رمزيا، على أنه ضحية بالفعل، وأن الراشدين الذين يثق بهم وكذلك المجتمع يعترفون بآلامه ومعاناته.
هذا الاعتراف الاجتماعي ببراءته وبكونه ضحية، هو الذي سيساعده على الشفاء من آلامه وإعادة
بناء ذاته.
إن التصريح بالاعتداء الجنسي ضد طفل يمثل موقفا صعبا. ويتعين على المربي عدم التردد في طلب المساعدة بمهاتفة هذا الرقم الأخضر (080002511)، التابع للمرصد الوطني لحقوق الطفل، أو الاتصال بجمعيات متخصصة يمكنها أن تمده بنصائح قيمة.
وأخيرا، يجب أن نقر بأن المعتدي الذي لم يتم التبليغ عنه سيواصل استغلال ضحايا جدد.