المشهد الخامس
****
فصل يتيم تحتل بلاطَه حفرٌ متنوعة ، سبورة مهترئة كجندي مسن لازال يتذكر أحداث " لاندوشين " بقليل من الحماس ..
- أستاذ ؛ الحسين ينظر إلي .
- كيف عرفت يا حسن ؟
تلعثم واقفا وقد أدرك سر السؤال.
خلعت وزرتي فتسابق الصغار كل يريد أن يحظى بشرف تعليقها في الركن القصي فوق مسمار صدئ.
- دعوها ، إنها متسخة ، سأصحبها اليوم معي ...
وتقبل إيجة متعثرة الخطى :
" اينَّايك بَّا مُونـْدْ الطالبْ "1 .
وَضعت الوزرة في مكانها ، فعانقتِ الأوساخُ صدأ الحديد ، وأضفى ذلك على المشهد بِؤسا سار بذكره الركبان.
- " يلَّهْ ، سينْ سينْ [2] "....
هبوا كقطيع نعاج تحرر من زريبة ؛ وأنا أرمقهم تخفضهم وِهاد وترفعهم نِجاد، وإلى جنبي إيجة تصر على اصطحابي نحو الحوش.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 معناها لمن لايفهم لسان تشلحيت : يوصيك أبي بمرافقة الفقيه إلى المنزل قصد تناول الغذاء.
2 هيا ، مثنى مثنى .
****
المشهد السادس
****
استلقى وهو يتجشأ محدثا صوتا تقشعر له الأذواق.
- عصام !
- نعم يا أبي .
- أسرع وأحضر قارورة والماس!....
- " سجل آ دَّ الحسين "..
يلتهم ما في الكوب محدثا صوتا مزعجا وكأن الحنجرة تحتج على الحمولة الزائدة ...
عجبا ؛ يبالغ في الشبع، ثم يحاول أن يجوع ! هلاَّ اقتصدت فتريح َالجيب و المعدة ..
يخفت التجشؤ ويعوضه صوت من نوع آخر تقشعر له الآذان ، يعقبه بين الفينة والأخرى صوت
ثالث تقشعر له الأنوف...
- افتح النافذة يا عصام !
- أمرك أماه ، رد وقد نطق الميم باء ً .
ويسود المكانَ هدوءٌ تعكر صفوَه أصواتُ أبي عصام ...
****
المشهد السابع
****
الحادية عشرة صباحا ؛ شخير يتردد من الغرفة المجاورة كإيقاع ممل لأغنية فاشلة...
- الأبناء ؛ إنهم زهراتٌ تؤثت المكان ؛ حباتُ عنب باردة تشتهي أكلها في يوم قائظ ...
كبر الأبناء وتفاقمت المشاكل ..
- ليتني أكلت حباتِ العنب واسترحت قبل أن تستعصي على الهضم .
« قناة الجزيرة في قطر ؛ حصاد اليوم ....»
الشخير لازال مستمرا من الغرفة المجاورة.
تذكر المغربي الذي سافر إلى اليابان ؛ ووفاء منه لعادات الوطن ، ظل يغط في نوم عميق حتى
العاشرة صباحا بتوقيت طوكيو ، فحاولوا دفنه اعتقادا منهم أنه فارق الحياة.
- شتان بين من ينام مضطرا ومن ينام لكي ينام ، وإذا استيقظ ، تلزمه نصف ساعة ليستريح من تعب النوم .
ويستمر الشخير من الغرفة المجاورة ....
****
وتستمر المشاهد ...
*
*
*
علال 18 - مارس 2009