العبور إلى غزة - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

fouad99
:: دفاتري جديد ::
تاريخ التسجيل: 23 - 12 - 2008
المشاركات: 64
معدل تقييم المستوى: 0
fouad99 في البداية
fouad99 غير متواجد حالياً
نشاط [ fouad99 ]
قوة السمعة:0
قديم 22-03-2009, 18:50 المشاركة 1   
منقول العبور إلى غزة

بقلم د. عبد القادر اعمارة
ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ عندما طرحت فكرة السفر إلى غزة الصامدة في اجتماع لفريق العدالة والتنمية بمجلس النواب عبر جل أعضاء الفريق الحاضرين عن رغبتهم في أن يكونوا ضمن الوفد الزائر. والحقيقة أن هذا الإجماع حول عضوية الوفد البرلماني لغزة لم تكن مفاجئة، بما يمثله الحضور القوي لفلسطين ال**** والمقاومة في أولويات حزب العدالة والتنمية والتي هي بدورها انعكاس لمكانة فلسطين في وجدان المغاربة عموماً.
وقد كان للرأي الذي تقدم به رئيس الفريق السيد مصطفى الرميد الكلمة الفصل نظرا لوجاهته، حيث اقترح أن يطرح الأمر على مستوى مجلس النواب عبر مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية الفلسطينية ويفسح بذلك المجال لمشاركة ممثلين عن مختلف التيارات السياسية المشكلة لمجلس النواب. ولا شك أن قبول أعضاء الفريق لهذا المقترح ترجم رغبة الجميع في أن يعكس الوفد الزائر لغزة الصامدة إجماع العائلات السياسية حول قضية فلسطين الذي هو بدوره انعكاس طبيعي لإجماع الشعب المغربي حول **** شعب فلسطين ومقاومته الباسلة ورفضه من خلال فعله الميداني لكل محاولات التركيع والإبادة ومحو الهوية الفلسطينية التي يقوم بها الكيان الصهيوني مدعوما من الإدارة الأمريكية.
وأخيراً تشكل الوفد البرلماني المغربي لزيارة غزة من ممثلين عن فرق العدالة والتنمية والحركي والدستوري والتجمع والمعاصرة والاشتراكي وتحالف القوى التقدمية، عدد أعضائه تسعة نواب برلمانيين بينهم نائبتين، وتم تكليفه رسميا من طرف رئيس مجلس النواب بزيارة غزة لدعم صمود شعب غزة ضد حرب الإبادة التي شنها الكيان الصهيوني واستخدم فيها أنواعا من الأسلحة حتى التي توافق المجتمع الدولي على تحريمها من فسفورية و"دايم" وغيرها.
انطلق الوفد يوم السبت 24 يناير 2009 من مطار محمد الخامس الدولي بالبيضاء برئاسة رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية الفلسطينية بعد أن تم إبلاغ الجهات المصرية المعنية بمضمون زيارة الوفد البرلماني المغربي الرسمي وجدولها وتوقيتها.
لقد انطلق أعضاء الوفد البرلماني يحدوهم أمل كبير في أن يتمكنوا من عبور معبر رفح إلى غزة، فلم يكن خافٍ على أحد، لأن هذا ما سارت به الركبان، أن المنع من الدخول إلى غزة طال عدداً من الشخصيات والفاعلين السياسيين والإعلاميين الذين حجوا إلى معبر رفح للتضامن مع إخوانهم الفلسطينيين. وأنا شخصياً كانت تملؤني غبطة عارمة أن ييسر الله عز وجل لي ويسجل في صحيفتي المتواضعة هذا العمل الجليل الذي أقبلت عليه قياماً ببعض الواجب في النصرة السياسية لإخواننا المحاصرين الذين تمارس عليهم حرب إبادة من طرف الكيان الصهيوني وأنا أعلم كما يعلم غيري أن هذا جُهْدُ المُقِلِّ، فإذا حالت دون مشاركتنا في ال**** والمقاومة مع إخواننا في فلسطين أوضاعنا وحالة حكوماتنا، فلا أقل من أن نساهم بما نستطيع في النصرة السياسية لإخواننا في فلسطين وأن نشاركهم ولو لأيام بعضاً من معاناتهم مع الاحتلال الصهيوني، وأن نقاسمهم أتراحهم وأن نفرح لفرحهم بصمودهم البطولي.
وصلنا إلى مطار القاهرة الدولي صبيحة الأحد 25 يناير 2009 ووجدنا في انتظارنا السيد نائب سفير المملكة المغربية الذي ساعدنا مشكوراً في إتمام إجراءات الدخول إلى جمهورية مصر الشقيقة. وقد توافق وصولنا إلى المطار المصري مع وصول وفد طبي شعبي مغربي تبادلنا مع أعضائه التحايا والدعوات بالتوفيق وافترقنا على أمل اللقاء في غزة.
مباشرة بعد خروجنا من المطار استقللنا "باصاﹰ" صغيراً وضعته السفارة المغربية بالقاهرة رهن إشارتنا ويممّنا شطر معبر رفح دون انتظار رغم العياء الذي أصابنا جراء سفر الليل الطويل. لقد فضلنا ألا نهدر أي دقيقة وعدلنا عن البرنامج الأصلي الذي كان يفترض فيه أخذ قسط من الراحة عند وصولنا إلى القاهرة.
انسل السائق ببراعة من زحمة القاهرة وانطلق "الباص" ينهب الأرض نهباً لنصل إلى أول حاجز أمني عند الجسر العملاق "مبارك السلام" الذي يمر فوق قناة السويس على علو شاهق ويربط شبه جزيرة سيناء بباقي تراب مصر.. أمام هذا الحاجز استوقفنا رجال الأمن ليطرحوا علينا أسئلة ستتكرّر بعد ذلك عدة مرات عن هويتنا ووجهتنا، وبطبيعة الحال مع الإدلاء بجوازات السفر والأوراق الرسمية التي تثبت طبيعة المهمة التي نحن مأمورون بالقيام بها. ونحن أمام هذا الحاجز ننتظر رد رجال الأمن، الذين غابوا للحظات للاستعلام من مسؤوليهم الكبار، مرت هذه اللحظات بطيئة وساد فيها الوجوم على أعضاء الوفد. فهذا أول حاجز أمني وسيكون حاسماً لاستكناه نية السلطات المصرية في السماح لنا بالعبور إلى غزة من عدمه. لقد قفزت إلى ذهني، وأنا أمام الحاجز الأمني، عشرات الصور للمحاولات التي قام بها المجتمع المدني المصري بجمعياته ونقاباته وجمع من نواب مجلس الشعب المصري من مستقلين وإخوان مسلمين لتسيير قافلات محمّلة بالمواد الغذائية والطبية لكسر الحصار عن غزة وكانت كلها تتكسر على هذا الحاجز العنيد بفعل تعنت السلطات المصرية.
ومن المفارقات السيميائية أن هذا الحاجز وهو يستند على هذا الجسر وبعامية إخواننا المصريين "الكُوبْرِي"، هذا الجسر الشاهق الذي لا يمكن الولوج إليه إلا من خلال مداخل تمترست أمامها مختلف الأجهزة الأمنية المصرية، بدا لنا كَسُورٍ يحول بيننا وبين إخواننا في غزة. لقد خلت لبرهة عندما عاد رجل الأمن بعد أن أجرى استعلاماته أن أنفاس الوفد قد انقطعت!
لقد كنا، ونحن نواب برلمانيون وممثلون لمختلف الحساسيات السياسية بمجلس النواب المغربي، كمن ينتظر إعلان نتائج امتحان حاسم. وجاءت إشارة رجال الأمن لنا بالمرور برداً وسلاماً علينا، وخرجت منا تنهيدات الفرج واستبشرنا خيراً وتحادثنا في ما بيننا ونحن في غمرة هذا الفرح الطفولي أن ما وقع فأل خير مع أننا في الواقع لم نعد أن تجاوزنا حاجزاً من سلسلة حواجز والله وحده يعلم أن ما ينتظرنا سيكون أصعب. ولكنها الرغبة العارمة التي تملكتنا في أن نصل إلى غزة وقد امتزجت بالخوف من أن نمنع جعلت بعض الأحداث التي تكون في سياقات أخرى عادية ولكنها في هذه الظرفية بدت لنا بمدلولات وصور أخرى فيها بشائر وتباشير وإشارات...
وتابعنا طريقنا لنمر عبر حواجز أمنية أخرى تكررت فيها نفس الأسئلة منها من طلب رؤية جوازات السفر ومنها من اكتفى بالتحديق في وجوهنا، لنصل بعد بضع ساعات من السير عبر صحراء سيناء إلى مدينة العريش حيث توقفنا للاستراحة وصلينا الظهر والعصر جمعاً وقصراً في أحد مساجدها.. مدينة العريش هذه لا تبعد عن معبر رفح إلا بحوالي أربعين كيلومتراً وهي مدينة ساحلية تبدو هادئة وشبه فارغة لا يبدد سكونها إلا توافد الوفود الأجنبية الآتية من مختلف بقاع المعمور للتضامن مع غزة الصامدة.
غادرنا العريش وهي آخر مدينة قبل معبر رفح، وبعد مضي حوالي خمس وأربعين دقيقة وصلنا أخيراً إلى معبر رفح. وكانت الساعة تشير إلى حوالي الثانية بعد الظهر.. وجدنا فضاء خالياً إلا من بعض الحوانيت تتوسطه بوابتين ضخمتين أشبه ببوابات السجون واحدة للدخول والأخرى للخروج. على جانب كل بوابة باب صغير لمرور الأشخاص، هاتين البوابتين تستندان إلى سور مرتفع يمتد لبضع كيلومترات تتخلله العديد من أبراج المراقبة ويفصل رفح المصرية عن رفح الفلسطينية. أمام بوابة الدخول يحلق جمع غفير من الناس من جنسيات مختلفة عرفنا منهم أتراك وماليزيين وفرنسيين وسويسريين وبعض المصريين وفلسطينيين من أهل غزة والكل ينتظر..
وغير بعيد عن هؤلاء المنتظرين طابور طويل من الشاحنات من مختلف الأحجام محملة بالغذاء والدواء المرسل من مختلف أصقاع المعمور.. طابور من نوع آخر ينتظر تحت أشعة الشمس الحارقة.. لكن ما سنعرفه في ما بعد أن القاسم المشترك بين هؤلاء المنتظرين، بالإضافة إلى المعاناة المتعددة الأوجه، ألا أحد فيهم يعرف كم سينتظر هل يوم أم يومان أم بضع أيام أم أشهر كما هو حال الفلسطينيين؟ وهل سيتوج انتظاره بالعبور إلى غزة أم لا؟
قاسم مشترك آخر هو سبب الانتظار، فكل الوافدين أو على الأقل أغلبهم حضر بأوراق سليمة وأخذ الاحتياطات لإخبار السلطات المصرية عن طريق سفاراتها ببلدانهم وأهداف وجودهم إما إعلامية أو طبية ومع ذلك لا أحد من مسؤولي المعبر من المصريين يعطيهم تفسيرا لذلك.
الأتراك الذين التقيناهم هم أحد النماذج فأغلبهم من خيرة الأطباء الجراحين قدموا إلى معبر رفح بعد أن قاموا بكل الترتيبات المطلوبة وأخبروا السلطات المعنية في الجانب المصري عن طريق سفارتها في أنقرة بأن زيارتهم لغزة طبية وتندرج بذلك في المهمات ذات الطبيعة الإنسانية. لقد أجبروا على البقاء في المعبر لأكثر من أربعة أيام بلياليها، ثلاثة منها قضوها داخل المغرب ينامون على "البلاطة" بتعبير إخواننا المصريين، نعم ناموا داخل المعبر!! كيف ذلك؟ لقد استطاعوا اجتياز ما أسميته بالحاجز الأول وهو عبور البوابة الضخمة واصطدموا بعد ذلك بالحاجز الثاني حيث الأمن المكلف بمراقبة الجوازات فمنعوا من الدخول إلى غزة دون تبرير معقول، حيث أخبروا أن غزة لا تحتاج إلى كل هؤلاء الأطباء! هكذا!.. وأمام إصرار السلطات المصرية بالمعبر على منعهم من الدخول اعتصم الزائرون الأتراك ثلاثة ليالي داخل المعبر يفترشون الأرض في ظروف سيئة، اضطروا معها بعد أن عِيلَ صبرهم إلى الخروج من المعبر حيث التقيناهم وروا لنا حكايتهم مع المعبر..
وحول البوابة الضخمة عند المعبر، تحلّقت الوفود الزائرة وتكاد تسمع نفس الحكايات، فهذا مغربي فرنسي قادم من فرنسا عضو في إحدى هيآت الإغاثة يحكي عن انتظارهم الذي طال أياماً ليدخل الفرنسيون ويمنع هو لجنسيته المغربية أو ربما لجواز سفره، فعاد وقدم جواز سفره الفرنسي فسمح له بالدخول.. ولكن بقيت المساعدات الطبية عالقة وهكذا..
حكايات وحكايات لا يقطع استرسال أصحابها عن الحكي إلا شغب أطفال رفح المصرية الذين يتسللون بين الواقفين يبيعون بعض المأكولات.. وعندما تجول بناظريك تجد الكثير من الزائرين مفترشين الأرض، إما لأخذ قسط من الراحة أو لأكل بعض "السندويتشات" أو لاحتساء الشاي الأسود الذي يعده صاحب أحد الحوانيت القليلة الموجودة بهذا الفضاء.. لا وجود في هذا الفضاء لأي شيء يساعد على الراحة.. لا قاعات انتظار، بل لا كراسي انتظار.. ولا دورات مياه.. لا شيء يساعد الإنسان على التحمل..
لقد بدا من حكايات الكثير ممن يقف أمام المعبر أن أقسى ما يواجههم هو الإحساس بالإهانة، فهم إما أطباء محترمون في تخصصات دقيقة أو إعلاميون معروفون أو أعضاء في هيآت دولية للإغاثة، ولكن مراتبهم وألقابهم لا تساوي شيئاً أمام هذا المعبر البئيس.. فالموظفون الصغار بالمعبر يتحدثون إليهم من وراء الأبواب الحديدية ويكررون عليهم نفس اللازمة التي سمعناها نحن من قبل من أنهم بصدد "استعلام مسؤوليهم"، وهؤلاء المسؤولون الكبار الذين يتخذون القرار يبدو أنهم في القاهرة فهم إذن بعيدون كل البعد عن المعبر ومعاناة من فيه.
وعندما تمر نصف ساعة أو ساعة يعاود أحد الواقفين تذكير "عسكري" من "عساكر" المعبر أو موظفيه فلا فرق، فيجيب بنفس اللازمة أن الأمر "قيد الاستعلام وأنه بيد المسؤولين"!!.. وهكذا إلى أن يقال لك أن المعبر سيقفل مع الساعة الرابعة..
ومع اقتراب المغيب يضطر الكل إلى مغادرة المعبر إلى العريش، حيث يمكنهم قضاء الليل والعودة في اليوم التالي ليتكرر نفس المشهد المقرف..
قمنا بإنزال حقائبنا وأمتعتنا من "الباص" الذي نقلنا من مطار القاهرة إلى معبر رفح، اقترح أعضاء الوفد أن نطلب من سائق "الباص" أن ينتظر المدة التي تتطلبها الإجراءات الإدارية حتى نضبط معه وقت رجوعه لأخذنا من المعبر، ولكن سرعان ما تبين، بعد الحديث مع الجموع المتحلقة حول بوابات المعبر (انظر الحلقة الثالثة)، أن أمر الإجراءات لا بد سيطول ومن تم لا فائدة من انتظاره معنا.
وضعنا أمتعتنا بمحاذاة الحائط بين البوابتين الضخمتين وانضممنا إلى صفوف المتحلقين حول البوابة اليمنى للمعبر، تقدم رئيس الوفد بمعية عضوين من الوفد من البوابة الصغيرة، لم يفتح أحد البوابة كما كنا نأمل، فلآخر لحظة لم نفقد الأمل في أن نكون استثناءً، فنحن وفد برلماني رسمي من دولة صديقة لمصر تربطها بها علاقات متميزة، قد يؤخذ هذا بعين الاعتبار من طرف سلطات المعبر.. خاب أملنا.. خاطبهم رئيس الوفد السيد مصطفى الرميد من وراء حجاب "نحن وفد برلماني مغربي رسمي نمثل مختلف الأطياف السياسية جئنا إلى غزة للتضامن مع أهلها.."..
كانت تلك تقريباً الكلمات التي نطق بها رئيس الوفد وقد سلم للعسكري من خلال فتحات الباب الأوراق الرسمية وجوازات السفر. أعاد العسكري لنا جوازات السفر وقال كلاماً مفاده أنه سيستعلم من رؤسائه. ابتعدنا عن البوابة واندسسنا وسط جموع المتحلقين المنتظرين نتجاذب معهم أطراف الحديث إما باللغة العربية أو ببعض الإنجليزية، وأخذنا بعد ذلك مكاناً لنا في الحانوت الوحيد الذي يقدم ما يمكن تسميته مجازاً بـ"الساندويتشات".
على كل حال، لم يكن هذا مهماً، فآخر ما نفكر فيه في تلك اللحظة هو الأكل، مرّت نصف الساعة الأولى فالثانية ودخلنا في الثالثة وبدا لنا أن موعد الرابعة يقترب وهو إيذان بإغلاق المعبر وبدأ صبرنا ينفذ.. عدنا جماعة إلى أمام البوابة بحيث يرانا "العسكريون".. لا شيء.. وهنا بادرهم رئيس الوفد وهو يعيد نفس اللازمة التي خاطبهم بها ابتداءً مع إضافة "يا إخواننا يا أحباءنا في مصر الشقيقة.."، لا شيء.. قضيتنا قيد الاستعلام. متى ينتهي هذا الاستعلام؟ لا أحد يعلم. المهم بتعبير أحد موظفي المعبر "الصبر الجميل".
انتظرنا حوالي ربع ساعة أخرى. وهنا لمعت فكرة في ذهن الأخوات والإخوة أعضاء الوفد بأن نرفع شعارات احتجاجية على هذا الاستقبال غير اللائق. تساءلنا في ما بيننا بما أنه لا شيء يؤشر على أننا سنكون استثناءً وسط هذه الجموع الحاضرة وربما السابقة وسنعامل نفس معاملتها، وحيث لم يشفع لنا لا عضويتنا للبرلمان ولا كوننا نمثل وفداً رسمياً ولا أننا من دولة صديقة لمصر، فلما لا نحتج بطريقة حضارية على "إخواننا المصريين"؟ والحقيقة أن هناك حدثاً قدره الله عز وجل في تلك اللحظات جاء ليعزز هذا الاتجاه وهو خروج عضوين من البرلمان السويسري من المعبر، لقد خرجوا لتوهم من غزة بعد أن أمضوا فيها قرابة يوم، ولدى سؤالهم عن مدة انتظارهم قبل دخول غزة، نزل جوابهم علينا كالصاعقة: "انتظرنا أقل من ساعة".. هذه قمة المهانة و"الحكرة". وهنا انطلقت الشعارات وبدأنا بشعار لطالما رددناه في مسيراتنا الضخمة بالرباط "بِفَضْلِكْ مولانا جْد عَلَيْنَا واهْلْكْ من طغى واتْجْبْر عَلَيْنَا".. كان شعاراً مدوياً رددناه لبضع دقائق مع شعارات أخرى من وحي الحدث، وكم كانت دهشتنا كبيرة حين انضمت إلينا جموع المنتظرين من أتراك وماليزيين وبعض المصريين وفلسطينيين. وأخذوا يرفعون أياديهم معنا تعبيراً عن احتجاجهم وانطلقت كاميرات التصوير وبدأت معه اتصالات الصحافيين من المغرب ومن قنوات فضائية دولية كان أهمها على الإطلاق قناة الجزيرة.
لقد كان الاحتجاج بهذه الطريقة حدثاً غير عادي في هذا المعبر الذي اعتاد الأوصياء عليه أن يتركوا الزائرين في انتظار طويل قد يدوم أياماً دون احتجاج، اللهم إلا من بعض الكلمات المحدودة وفي كثير من الحالات همهمات لا أقل ولا أكثر. استمر احتجاجنا حوالي ربع ساعة، وجاء بعده من ينادي على السيد رئيس الوفد. وفتحت البوابة الصغيرة ودخل السيد الرميد إلى حيث التقاه أحدهم. لا أظنه مسؤولاً كبيراً. أعاد الرميد نفس الكلام ومدّ هذا "المسؤول" بالأوراق وجوازات السفر. في الحقيقة، لقد كان تبرير هذا المسؤول تبريراً ينطبق عليه المثل العربي الشهير "العذر أكبر من الزلة".
الحكاية وما فيها يا سادة أن "أمن المعبر" لا علم لهم البتة بمجيئنا ولا أحد أعلمهم بأن وفداً برلمانياً رسمياً سيأتي لدخول غزة. وما المطلوب إذن؟ هذا ما سيخبرنا به أحد أعضاء "الأمن القومي" ربما على كل حال هيئته توحي بذلك، خرج من المعبر وتنحى برئيس الوفد جانباً، وقال له أنه يجب أن نخبر "الأمن القومي" المصري بمجيئنا!! وبالطبع شرحنا للسيد أن هذا ليس من اختصاصنا وأن ما تعين علينا القيام به قمنا به كاملاً وهو إخبار مجلس الشعب المصري من طرف البرلمان المغربي ومراسلة الخارجية المغربية وسفارة المملكة المغربية بالقاهرة، وهي أكيد أنها قامت بواجبها في إخبار مثيلاتها بجمهورية مصر. وعلى كل حال، لنبقي شعرة معاوية قلنا له: إنكم الآن بعد هذه الوقفة الاحتجاجية تعرفون أنا هنا فرجاءً قوموا بالمتعين.
وعندما أذنت الشمس بالمغيب، لم يعد لنا من خيار سوى العودة إلى العريش وقد تكفل بنقلنا اتحاد الأطباء العرب مشكورين، حيث وضعوا رهن إشارتنا "باصاً" لنقلنا وكَفَوْنَا مؤونة التفاوض مع "سماسرة الباصات" بالمعبر.. عدنا أدراجنا إلى العريش بعد أن سرى عبر القنوات الفضائية والإعلام الوطني خبر منع السلطات المصرية لنا بالعبور إلى غزة.
يتبع
* عن جريدة العدالة والتنمية
** عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية











آخر مواضيعي

0 الجامعة تنفصل عن روجي لومير بالتراضي
0 الجنة الإسبانية تتحول إلى جحيم لا يطاق
0 " مافيا الانتخابات " تنصّب " كرزاي " وجدة
0 هنية: فككنا خلايا مأجورة تعمل باسم "فتح" لاستهداف مسؤولين في "حماس" وإثارة الفتنة
0 استمرار غيبوبة الأخ نور الدين بوبكر وصعوبة في التنبئ بحالته الصحية
0 قوم لوط هل تم نسفهم بانفجار نووي في وادي الأردن؟
0 إصابة خطيرة في الدماغمع فقد الوعي والتقيء للمستشار نور الدين بوبكر بوجدة
0 العدالة و التنمية يتحدى الأصالة و المعاصرة ويدعوه للاعتراف بالفشل
0 غريب!:من صوت يتوجه لأحد الأشخاص ليعطيه الورقة الأخرى
0 عاجل عاجل : ليلة انتخاب رئيس بلدية وجدة

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
العثور, غزة, إلى

« زيادات صاروخية في أسعار الخضر والفواكه والأسماك | الرميد: الانتقال المتسرع إلى ملكية برلمانية.. انتحار »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طلب اتمنى العثور عل الجواب hanna الثالثة اعدادي 20 04-07-2009 14:45
العثور على طفلة متوحشة بسيبريا jeronemo دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية 1 30-05-2009 22:53
ارتفاع شهداء الحرب على غزة الى 767 بعد العثور على 50 جثة لفلسطينيين اليوم k@cem دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية 7 08-01-2009 22:40
العبور أو الاستشهاد محمد معمري دفاتر الإبداعات الأدبية 14 01-01-2009 11:06
العثور على ضفدع *عملاق* oussamabr دفاتر الترفيه والتسلية 0 20-12-2008 00:40


الساعة الآن 12:05


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة