اعتزام وزير التربية عرض تقرير إصلاح المنظومة التربوية خلال شهر مارس مع اعتماد استشارات صورية

[العصيمي]

اعتزام وزير التربية عرض تقرير إصلاح المنظومة التربوية خلال شهر مارس مع اعتماد استشارات صورية لحد الساعة

محمد شركي/ وجدة البوابة


مرة أخرى أذكر بأن الخطاب الملكي الذي تركز حول قضية إصلاح المنظومة التربوية يعتبر خارطة طريق كما يقال لهذا الإصلاح ، وينص على أن الإصلاح شأن وطني لا يجب أن يقتصر على جهة دون أخرى. ويبدو أن وزير التربية الوطنية الحالي لم يحترمه ، واعتبر الجلوس والتشاور مع النقابات ، ومع جمعيات الآباء والأولياء ، ومع المسؤولين المركزيين والجهويين عبارة عن استشارة كافية شافية ، وجامعة مانعة .


ومن الغريب أن يستدعى المسؤولون الجهويون ، وهم مديرو الأكاديميات لتدارس موضوع إصلاح المنظومة التربوية المختلة ولما يجتمعوا هم بمختلف الفعاليات التربوية على اختلاف تخصصاتها لمعرفة آرائها في موضوع إصلاح مرتقب . فهل يعتبر مديرو الأكاديمات والمديرون المركزيون أوصياء على هذه الفعاليات التربوية المختلفة من مفتشين ورؤساء مؤسسات وإداريين ومدرسين ومستشارين وموجهين …. ؟


وهل توصل هؤلاء المديرون مركزيا وجهويا بوجهات نظر كل هذه الفعاليات أم أنهم يحيطون علما بما لديها من وجهات نظر ؟ والغريب فيما نشرت بعض وسائل الإعلام أن وزير التربية الحالي يراهن على التربية غير النظامية لمجرد أن إحدى خريجات هذه التربية بلغت درجة الدكتوراه ، علما بأن مئات حاملي الدكتوراه من خرجي التعليم العمومي الذي ينتقده الوزير الحالي بشدة لا زالوا ضحايا البطالة تتدرب قوات مكافحة الشغب في أجسادهم على استعمال الهروات وهم يعتصمون طلبا للشغل أمام المؤسسة التشريعية .

فكيف يحكم على نتائج التربية غير النظامية بحالة منفردة جعل من حبتها قبة كما يقال ، في حين لا يلتفت إلى مئات الحالات من خريجي التعليم العمومي الذين يعانون البطالة ، وكأن الخلل في هذا التعليم العمومي ، وليس في الآفاق المسدودة التي بخسته شر بخس .


ورهان وزير التربية على ما يسمى الباكلوريا الدولية عبارة عن اتقاء الشمس بالغربال كما يقول المثل الشعبي ، لأن إصلاح المنظومة يبدأ من إصلاح الباكلوريا المغربية ، ولن يتم ذلك عن طريق تبني الباكلوريا الدولية بل عن طريق الرفع من قيمة الباكلوريا المغربية لتغني عن الباكلوريا الدولية وتسد مسدها من خلال إعادة الاعتبار والمصداقية لها . ومرة أخرى أكرر بأن المنظومة التربوية المغربية الفاشلة والمتعثرة لا زالت تحت رحمة أمزجة الوزراء المتناوبين على وزارة التربية .


فوزير جامع الفنا بشطحاته المزاجية أسقط ما شاء من إصلاحات سابقة ، والوزير التكنوقراطي المفرنس الحالي له مزاجه الخاص به ، والذي ستتفتق عنه لا محالة قرارات مزاجية أيضا يعتبرها هو إصلاحات كما اعتبر سلفه ما أبطله في حكم الإصلاحات مع أن الخطاب الملكي اعتبر ذلك اختلالات .

ومن الغريب أن يشتغل الوزير الحالي على موضوع إصلاح المنظومة التربوية بعيدا عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين المنشغل بنفس الموضوع ، وكان من المفروض أن يكون انشغال الطرفين واحدا ومشتركا. وأخيرا يبدو أن المنظومة التربوية المغربية غير خارجة من نفق اختلالها المظلم ، وأن حديث المسؤولين عن مشاريع إصلاحها محض ذر للرماد في العيون ، ومجرد تسويف على غرار تسويف التي تنقض غزلها والمذكورة في الذكر الحكيم .


فعلى مختلف الفعاليات المعنية بالمنظومة التربوية أن تواصل التفرج ما دامت قد رضية به على محاولات الإصلاح الصورية خصوصا في ظل تهميشها ، وفرض الوصاية عليها من خلال التظاهر بالتشاور مع هيئات وجمعيات ومسؤولين على المستوى المركزي والجهوي لا يمكن اعتبارهم وحدهم معنيين بموضوع إصلاح المنظومة التربوية. ولا شك أن التقرير المرتقب تقديمه من طرف الوزير من خلال شهر مارس سيكون في حكم الخديج لأن دائرة الاستشارة الضيقة التي اعتمدها لن يترتب عنها إلا ضيق التصور وضيق الأفق واستحالة الإصلاح الحقيقي .


ولا مندوحة للوزير الحالي من السفر في طول الوطن وعرضه من أجل الاحتكاك المباشر بمن يعنيهم أمر إصلاح المنظومة التربوية من فعاليات مع التحلي بميزة الانصات والتفهم خلاف سلفه الذي كان يدير لقاءاته مع مكونات قطاع التربية وفعالياته بأسلوب سلطوي يذكر بأساليب إدارة فترة ما يسمى زمن الرصاص التي كانت الحريات فيها مكبلة ، والقرارات فوقية لا تناقش و كأنها وحي يوحى .


فهل بالفعل خرج بلدنا من تلك الفترة أم أنه يخيل إلينا ذلك فقط ؟


والجواب عن هذا السؤال يكون بشهادة واقع الحال ، لا بمجرد الإدعاء الذي لا يغني عن واقع الحال شيئا .


وأتحدى المديرين المركزيين والجهويين لقطاع التربية أن يجتمعوا بمختلف الفعاليات ، وأن يتحلوا بصفة الإنصات والتفهم عوض البقاء في أبراجهم العاجية يكررون ما يقوله الوزير من أجل الحفاظ على الكراسي التي لم تخلص الود لمن سبقهم إذ مصيرهم المحتوم هو مصير البرامكة الذين نكبهم هارون الرشيد بعد عز إذا ما اعتبر المعتبرون وقليل ما هم .