:: مراقب عام ::
تاريخ التسجيل: 20 - 10 - 2013
السكن: أرض الله الواسعة
المشاركات: 17,180
|
نشاط [ خادم المنتدى ]
معدل تقييم المستوى:
1868
|
|
25-07-2014, 09:44
المشاركة 4
إن ما حصل للنجوم ذوات الكتلة الصغيرة موت من النوع البطيء والذي يتلمسه القارئ إذا ما أمعن في سطور المشاركة الاخيرة . إن المنافسة الشديدة الحاصلة بين قوى الجاذبية وقوى الضغط النووي التي لوحظت من خلال نجوم من الفئة الشمسية أو أقل تتعاظم في حالة نجم عملاق يعادل أكثر من عشرة أضعاف كتلة الشمس والذي يعمل بدوره في تسريع إنقراض النجم والتعجيل في نهايته .
نعلم أن الحالة التي يسلكها نجم صغير نحو نهايته والممثلة في القزم الأبيض تتطلب زمناً ليس بقصير والذي يعكس إستقراراً وضعياً في بنية نجوم الفئة الشمسية " شمسنا " فنجوم هذه الفئة كما رأينا سابقاً تغدو 10 مليارات من السنين كي تستهلك كامل الهيدروجين والذي يكون مسؤولاً عن الفترة الفتية للنجم , ومليار سنة كفرصة أخرى للهليوم كي ينضب , ويستمر حتى يبرد نهائياً وينطفئ بهدوء مليارات من السنين الأخرى . لكن النجوم العملاقة ترفض أن تنتهي بهذا الهدوء وذلك عزاءً لكتلتها العملاقة ومقدار ما في باطنها من وقود نووي فعّال .
إن الإنهيار الهيدروستاتيكي الحاصل لنظام النجوم العملاقة أكثر دراماتيكية من الذي يحدث لنجوم الفئات الصغيرة أو الفئة الشمسية وسوف نرى فيما بعد كيف تلعب كتلة النجم نفسها دوراً أساسياً في هذا الأنهيار .
نجم رجل الجبار أو الصياد Rigel ومنكب الجوزاء Betelgeuse في كوكبة الصياد Orion من أشهر النجوم العملاقة المعروفة لدى علماء الفضاء , إذ يفوق سطوعها سطوع الشمس بحدود 350.000 , 150.000 مرة على الترتيب . وبالتالي سوف نعتبر رجل الجبار من أفضل الأمثلة للنجوم العملاقة التي نسوق بواسطته دراستنا الحالية .
يبعد نجم رجل الجبار حوالي 900 سنة ضوئية عن مجوعتنا الشمسية وهو ذو لمعان يقدر بحوالي 0.34 وهو نجم أزرق مائل للبياض من ناحية اللمعان وأكبر بـ 65 مرة حجماً من الشمس , وهو عبارة عن قدم الصياد اليمنى في شكل الكوكبة . وهي كوكبة شتائية تحتل مساحة كبيرة من القبة السماوية .
يعد نجم رجل RIGEL من النجوم المرشحة لنهاية مفجعة قد تصل آثارها حتى لكوكب الأرض بشكل أو بآخر من شدة ما سوف يحصل لمثل هذا النجم العملاق . تبدأ نهاية النجم بنفاذ وقوده النووي المتعلق بالهيدروجين ليتحول بفعل الضغط الممثل بسلسلة التفاعلات النووية الإندماجية الحاصلة مع نوى الهيدروجين لتكوين الهيليوم . لكن الحرارة التي يوفرها باطن نجم عملاق مثل الرجل , إذ أن درجة حرارة السطح فقط تبلغ ما يقارب 12.000 كلفن أي أكثر من ضعفي الحرارة على سطح الشمس , توفر هذه الحرارة الفرصة كاملة لذرات الهيليوم لمواصلة التفاعلات الإندماجية معاً .
الفعاليات النووية في باطن النجوم العملاقة
درجة حرارة باطن النجم العملاق كافية كي تسلك سلسلة التفاعلات النووية بالباطن سلوك منظم أكثر من الحال من نجوم الفئة الشمسية . وبالتالي فإن دورة التفاعلات تكون كما يلي , حيث تكون الحرارة في الباطن كافية لجمع 3 ذرات في آن واحد :
ونتابع السلسلة الإندماجية حيث تتكدس العناصر على شكل طبقات بعضها فوق بعض حسب الأثقل .
يتواجد السيليكون في مركز الباطن النجمي والذي يجد له الفرصة كي يواصل التفاعل ليكون الحديد كآخر مطاف لسلسلة التفاعلات حيث تصل حرارة مركز الباطن حوالي 2 مليار كلفن . طبعاً الباطن الحديدي لا يتوفر في نجوم الفئة الشمسية لعدم توفر الحرارة العالية الآنفة الذكر , وعليه يستطيع نجم مثل الرجل تكوين اللب الحديد في فترة قياسية تصل إلى عشرة ملايين سنة فقط والذي يعود سببه لما يلي :
- تأمين تواصل سلسلة التفاعلات بسبب الحرارة في باطن النجم .
- العناصر الأثقل من الهيدروجين والهيليوم تحتاج إلى طاقة أكبر لمواصلة التفاعل
عندما يستطيع السيليكون في باطن النجم من الوصول إلى الحديد بفعل الحرارة والضغط النووي المطبق , تكون النهاية قد إقتربت منذرة بفاجعة كبيرة سوف تحل بالنجم ككل . حيث أن ذرة الحديد من أقوى الذرات من ناحية الإرتباط النووي وبالتالي تصل سلسلة التفاعلات النووية الإندماجية إلى نهاية المطاف مع تكوّن الحديد .
عند نفاذ أغلب الوقود النووي , يبدأ النظام الهيدروستاتيكي لجملة النجم بالإنهيار والتداعي شيئاً فشيئاً , فتكون المبادرة الأن في صالح قوى الثقالة لتتغلب على القوى النووية الحاصلة بفعل التفاعل النووي الشديد . إلا أن هذا الإنهيار لن يكون سجالاً كما حصل مع النجوم الصغيرة بل سوف يتواصل سحق باطن النجم للداخل إلى أن يصل نجم الرجل لما يقارب قطر الأرض .
تكون الكثافة المادية لباطن النجم تعادل المليار غرام في البوصة الواحدة ويكون الحقل الثقالي للب المنخسف نحو الداخل أعظمياً , لدرجة تكون قوة الثقالة قادرة على سحق اللب الحديدي أكثر إذ لا توفر حتى الفراغ المادي الذي بين النوى الموجبة الشحنة والمدارات الإلكترونية السالبة في ذرات الحديد . فتتداخل الإلكترونات مع البروتونات في نواة ذرة الحديد , فيحدث تعادل فريد من نوعه للشحنة بينهما لتكوين النترونات ذات الشحنة المحايدة , والنتيجة نجم النتروني .
لا تتحول النجوم في نهاياتها إلى نجوم نترونية إلا بتوفر كتلة نجمية تنحصر بين 5M - 10M حيث تكون قوى الثقالة لكتلة النجم كافية لسحق النجم نحو الداخل .
بالنسبه للنجوم العاديه فالنجم النيترونى يعتبر بحجم البثره جانبهم , فقد يصل قطرهم الى 10 أميال فقط, فتخيل معى انك أخذت نجم حجمه يساوى مره و نصف حجم الشمس ,
و تضغطه الى هذه المساحه القليله التى لا تتعدى مساحة مدينه, و عصر هذه الكميه من الكتله الى هذه المساحه القليله يجعل قوة جاذبيته غير معقوله, فاذا أخذنا شخص ما وزنه 80 كيلوجرام و وضعناه على سطح نجم نيترونى سيكون وزنه أكثر من 10 مليار طن, طبعا الجسد لا يستطيع ان يتحمل هذا النوع من الضغط لذا لا أنصح اى شخص بتجربة هذا
و بالأضافه الى ذلك, فالنجم النيترونى يدور حول محوره بمعدل سرعه مذهل, ربما مئات المرات فى الثانيه الواحده , و هذه السرعه الرهيبه فى الدوران هى التى ساعدت العلماء فى أكتشاف النجوم النيترونيه فى الأساس , فسرعة الدوران بالأضافه الى المجال المغناطيسى الرهيب قام بدفع الجزيئات الألكترونيه بالدوران حول محور هذا المجال المغناطيسى , وهذه الألكترونات المتسارعه ترسل دفقات من الضوء وهى تعمل بالظبط مثل مناره, فشعاع الضوء موجود دائماً و لكنك لا تراه الا عندما يتقاطع مع مجال رؤيتك, بمعنى اننا لا نستطيع ان نرى النجم النيترونى الا فى حالة ان شعاع الضوء موجه نحونا ,
انظر الشكل التالى :
المجال المغناطيسى لنجم نيترونى
و شعاع الضوء الخارج عن الأقطاب
وفي لحظات قصيرة جداً من الزمن يتداعى باطن النجم إلى الداخل ويتقلص ليصل إلى قطر لا يتجاوز 10 كيلومترات فقط لكنه يحوي من الكتلة تقريباً كامل كتلة النجم العملاق منذ بدء حياته . وأترك إليك عزيزي القارئ تخيل مقدار الكتلة المادية التي تصل إليها النجوم العملاقة في نهاياتها , أما الطبقات الخارجية فأصبحت دون دعامات فتهوي هي الأخرى نحو الكتلة النترونية الكبيرة بشكل عنيف ومتسارع نظراً للحقل الثقالي الذي نشأ من داخل باطن النجم فيسخّن إرتطام الطبقات الخارجية باللب النيوتروني فترتفع الحرارة إلى مليارات الدرجات ويتعاظم الضغط أكثر , وكردة فعل عظمى يدفع اللب ماحوله إلى الخارج نحو الفضاء محدثاً أقوى إنفجار يمكن أن يحدث في الكون وهو المستعر الفائق
السوبر نوفا
Supernova .
يطلق إنفجار كوني مثل السوبرنوفا طاقة عظيمة أكبر من التي ولّدها النجم نفسه خلال حياته كلها , حيث تعادل الطاقة المتحرر من السوبرنوفا طاقة مئة نجم مثل الشمس . ولايتبقى من النجم العملاق إلا رفات متطاير في الفضاء الكوني على مسافات مختلفة حيث تندفع بسرعة 10.000 كيلو متر / ثانية في سديم يمتد بشكل مركزي غي منتظم , ويصل إمتداده بعد سنة كاملة من هذا الحادث إلى حوالي 0.05 سنة ضوئية .
لو حدث فعلاً هذا مع نجم رجل الصياد Rigel لأمكننا رؤية هذا الإنفجار دون الحاجة لأجهزة رصد دقيقة , فالعين المجردة تكفي إذ أنك أيها القارئ سوف تكون قادر على رؤية لمعان السوبرنوفا من بعد 900 سنة ضوئية في وضح النهار كنجم لامع وساطع . ويستمر هذا اللمعان ليل نهار في نفس المكان لمدة شهر أو أقل ثم يخبوا تدريجياً ليصبح بالكاد أن نراها حتى بمنظار 10X50M , لكن في التلسكوب يكون المنظر أكثر جمالاً , وذلك بالنظر إلى السوبرنوفا .
الصورة على اليسار تشير للنجم SN1987 ,
والصورة على اليمين تبين إنفجار نفس النجم من نوع السوبرنوفا عام 1987م
من الصعب أن نحصي مخلفات السوبرنوفا , فهي كثيرة ومتعددة . عناصر ثقيلة , غازات متناثرة , كتل صخرية كل ذلك سوف يهيء الفرصة لأجيال نجمية لاحقة وقد تنشأ بواسطة ركامات الصخور الكواكب السيارة . ذكر في القسم الأول من سلسلة الموت التراجيدي للنجوم الكونية أنه في عام 1054 م حدث إنفجار من نوع السوبرنوفا وقد تمكن علماء العرب و الصينيون من تسجيله في كتبهم وهو سديم السرطان . يبعد هذا السوبرنوفا 6500 سنة ضوئية وهو مدون في فهرس مسييه Messier بالرمز M1 وقد رصد بالعين المجردة لمدة إسبوعين في وضح النهار ثم خبأ بالتدريج , ليشاهد اليوم بالتلسكوب كما يلي :
حيث يتكون هذا السديم بالأساس من غبار وغازات وهذه الجسيمات تشع طيفاً متصل بجميع الدرجات كما النجوم , وهي من النوع القصير جداً مثل أشعة إكس X وأشعة غاما ? . أيضاً يطلق سديم السرطان موجات راديوية غزيرة وذات طابع نبضي غريب جداً , وقد فسر هذا النبض لإلكترونات متسارعة بسرعات هائلة داخل السحابة ويصاحب تحركها إشعاعاً . وهذا الإشعاع يسمى الإشعاع اللا حراري nonthermal radiation حيث تتوقف خصائصه على تسارع الإلكترونات وليس على درجة الحرارة .
تصور الأن إن إنفجار نجم عملاق كالرجل على بعد 900 سنة ضويئة ماذا عساه أن يفعل ؟ وكيف سوف يبدو من سماء الأرض ؟
ربما قد حدث الإنفجار وهو الآن في طريقه إلينا وقد يصل في أي لحظة زخم السوبرنوفا أو ربما لم يحدث بعد , لكن حتى لو حدث الإنفجار في اللحظة التي أكتب بها المقال فسوف لن نراه إلا بعد 900 سنة .
بنية النجم النتروني
يعتبر النجم النتروني الدليل الوحيد على تحديد نقطة الإنفجار الهائل السوبرنوفا في الفضاء حيث يبقى في مكانه بعد أن لفظ المواد التي حوله عن طريق السوبرنوفا . وهو نجم شبه عاتم له كثافة مادية من الكبر بحيث قد لا يتحملها الخيال , ويتكون بالكامل من النترونات وقطره قد لا يتجاوز بالكاد بضع آلاف من الأميال لكنه يبقى محتفظاً بمعظم كتلة النجم الأصلية .
إن رصد نجم نتروني بشكل مباشر أمر يكاد يكون مستحيلاً , إذ أن رصد مثل هذه الأجرام يتم بالأسلوب غير المباشر وذلك عن طريق تتبع نبضات ضوئية صادرة عنه بشكل دوري غاية في الإنتظام .
وهذا ما كشف عنه في منتصف سديم السرطان , حيث يحوي هذا السديم نجماً نترونياً نابضاً بشكل سريع . وقد عُزي هذا السلوك بسبب الحقل المغناطيسي الذي تولده الكتلة العظيمة للنجم إذ يصل شدة الحقل النغناطيسي المتولد حول هذا الجرم بما يعادل التريليون مرة من الحقل المغناطيسي الأرضي . فبمرور الإلكترونات المتسارعة قرب خط الحقل المغناطيسي المولد بجوار النجم تسلك سلوك حلزوني وتشكل مجتمعة حزماً مضيئة على شكل مخروط ضوئي له طرفان . وبالتالي لا نرى من النجوم النترونية إلا تلك التي تتوجه حزمها نحو الأرض فحسب , وهكذا يدور النجم وتدور معه هذه المخاريط الضوئية بشكل متناوب كالمنارة .
أما من الناحية التشريحية فيتكون النجم من :
- غلاف جوي رقيق يبلغ سماكته بضع مئات من الأمتار .
- قشرة رقيقة من الحديد تبلغ سماكتها بضع مئات من الأمتار تقع تحت الغلاف الجوي .
- باطن النجم وهو بحر أو سائل من النترونات يقع مباشرة أسفل قشرة الحديد وهذا السائل يتميز بخاصية فرط السيولة super fluidity .
في النهاية قد يبقى النجم النتروني على حاله هذه إلى ما شاء الله في مثواه الأخير إذ أنه في حال ثابتة ومستقرة , لكن إذا كانت كتلة النجم الأصلي تبلغ 10M فإن نهاية مغايرة تنتظر النجم حيث يتحول النجم النتروني إلى الثقب الأسود Black Hole , حيث سنناقش ما هو الثقب الأسود كمقبرة سوف لن تسلم من روحه الشريرة الأجسام الكونية المجاورة أوالتي تمر بجواره .
التعديل الأخير تم بواسطة خادم المنتدى ; 25-07-2014 الساعة 09:49
|