ليلة التنبؤ
وبرق في أفقه البرق لامعا في ظلمة خيالاته.. كان الليل هادئا تلك الليلة..
متعب في بيداء ذاكرته.. كأنه يحمل هموم الدنيا كلها!
هذه الهموم قد نبهت فكره فأيقظت تنبؤات لم يكن يعرف لماذا تتراءى له كوميض في كل لحظة!
كل الذي عرفه أن ما كذب البؤبؤ ما رأى في هذا الزمان الذي أصبح الغدر حيلة، والفتن أهواء تتبع، والمحسن مسيئا، والظالم ازدادا فيه عتواّ، والأحكام مبتدعة، وكل من يحكم قضية.. يحكم برأيه؛ وكل الدوائر تدور مخالفة للكتاب والسنة كأن الله فرض عليهم الاختلاف فأطاعوه، أو أن الدين نزل ناقصا فأمرهم بتتميمه... ولا أحد يتخوف قارعة حتى تحل..
تتابعت في خياله هذه المشاهد المرعبة، لما أجبر على أن يتساءل هكذا؟ هكذا سأل نفسه..
ربما كانت ساعات قضاها في التفكر.. تارة يغفو، وتارة يسبح في سبات عميق، وتارة تزعجه الكوابيس فيهبّ هلعا يكاد لا يدري أين هو!
نظرت إليه حواء قائلة:
- أرك متعبا يا هذا!.. كم أنت في حاجة ماسة إلى أن تستريح!
نظر إليها والخوف يملأ عينيه.. الصخور من الماس النفيس وجهها، والعنبر شعرها، وزرقة البحر عيناها، والعقيق الثمين شفتاها.. قال:
- دعيني أنام على صدرك، أين كنت؟ كم بحثت عنك بين الأزمان.. هذا زمن خاص...
نطقت بنت حواء:
- هذا فراش خاص!.. يا مسكين! هيا إلى الراحة..
- نعم يا مولاتي! سأستلقي على فراش كوابيس 2009 !..
لم ينم، سنة يكمن فيها سرا؟! هل العدد "تسعة"؟ هل كل ليلة كان مجموع تاريخها "تسعة" هي ليلة التنبؤ؟!
لقد حار في هذا الأمر! كلما استحضر الأيام التي مجموع تاريخها "تسعة" يجد واحدا وأربعين ليلة لم تمر منها سوى سبع ليال...
همس لنفسه:
- ربما تكون ليلة.. 29 – 05 – 2009 ، أو ليلة 09 – 07 – 2009...
كانت تمر في سواحل ذاكرته الأقوام الغابرة، قوم عاد وثمود، قوم هود وشعيب قوم لوط وفرعون... أقوام نشرت الفساد والظلم... كل حلت به قارعة.. وحرام أنهم لا يرجعون!..
بدأ نور الصباح يلوح له في الأفق، أشرقت شمس كل الأقوام الغابرة في هذا الزمان وزاد عنهم بأشنع مصنع.. فجأة تراكمت السحب.. نزلت تنبؤات على قلبه.. وبدأ يرتعد.. استيقظ على إثر كابوس وهو يصرخ:
كل الأقوام رجعت، رجعت.. حرام أنها لا تحل قارعة!...
بقلم: محمد معمري