الفلسفة الماركسية ( المادية الجدلية)
مقدمة :
أن المتتبع إلى حقول الفلسفة يسعى إلى فهم الغموض كما يحاول أن يكشف ماهية الحقيقة والمعرفة , وان يدرك ماله من قيمة أساسية وأهمية عظمى في الحياة وتنظيم العلاقات بين الإنسان والطبيعة وبين الفرد والمجتمع.
وللفلسفة أيضا تاريخ طويل في بعض الثقافات غير الغربية، خصوصا في الصين والهند. ويرجع عدم التبادل بين الشرق والغرب إلى صعوبات السفر والاتصال بالدرجة الأولى، مما جعل الفلسفة الغربية تتطور على العموم بصورة مستقلة عن الفلسفة الشرقية.
فالفلسفة اليوم هي نشاط عقلي يرمي إلى فحص نقدي منتظم للمعتقدات والمبادئ كي يجعل لهذه المعتقدات والمبادئ أساسا تقوم عليه وتقف به في وجه أنواع الصراع المتعددة .
لقد أفرز التطور الفكري في أوربا في القرن التاسع عشر عديدا من التيارات , و المذاهب الفكرية و الفلسفية حتى عد بحق قرن ازدهار الأيديولوجيا. وقد كانت الماركسية التي ارتبطت بالفيلسوف الألماني كارل ماركس (1818-1883م) و كتابه الشهير ‘ رأس المال ‘ الذي ظهرت أولى أجزائه في العام 1867م هي التيار الفكري الأبرز الذي حظي باهتمام واسع جدا . وهذا الاهتمام يفوق في مداه ما حظيت به التيارات الأخرى . و لعل أهم الأسباب في هذه الحظوة الفريدة يمكن في حقيقة كون الماركسية كانت تنطوي على رؤيا اجتماعية فقد كان ماركس
يرى أن الأفكار لا تدرس بمعزل عن سياقاتها الاجتماعية لأنها جزء من البنية الفوقية التي هي انعكاس للبنية التحتية التي تشمل علاقات الإنتاج و وسائله ، فضلا عن كونها فلسفة عميقة تتوفر على أهم خصائص المذاهب الفلسفية الكبرى . و قد عد الفيلسوف الفرنسي سارتر ، حين تحدث عن تطور الفكر الفلسفي الغربي ، كارل ماركس واحدا من كبار الفلاسفة الغربيين على مدى تاريخ الفلسفة الغربية إلى جانب أفلاطون و أرسطو و كانت و هيجل.
وسوف أتناول في هذا البحث : الفلسفة الماركسية ( المادية الجدلية ) من حيث نشأتها , واهم القوانين والمبادئ التي قامت عليها , والتطبيقات التربوية , وتسليط الضوء على أهم أعلامها ؟
الماركسيون والفلسفة:
‘ الماركسيون أصحاب فلسفة واقعية حسية وهم يلصقون بها صفة العملية ،ويرون أن الفكر الفلسفي هو أداة للتغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وفهم قوانين التطور التاريخي’ 0 (أبو ربان،2001, 26).
تعريف : المادية الجدلية ialectical Materialism
هي النظرية التي تقرر بأن المادة هي كل الوجود،وان مظاهر الوجود على اختلافها نتيجة تطور متصل للقوى المادية ،وان ماهو عقلي يتطور عما هو مادي ولابد أن يفسر على أساس طبيعي ،(ناصر ،281،2004).
نشأتها :
أول من وضع مبادئ المادية الجدلية، هو الفيلسوف الالماني الجنسية كارل ماركس (1818- 1887). وسميت بالماركسية نسبة لكارل ماركس الذي اسسها مع صديق عمره فردريك انجلز (1820- 1895).. ولكن الذي دعى اليها ونشرها هو لينين (1870- 1934). ويطلق على هذه الفلسفة اسم المادية الجدلية، لأن أصحابها ومؤسسيها يعتقدون ان جوهر العالم هو المادة، والمادة في نظرهم مستقلة، ووجودها سابق على فكرتها، وما الفكر الا انعكاس لما يقع خارجه في العالم المادي الطبيعي، وفي الحياة الاقتصادية، والحياة الاجتماعية (المجتمع)، والحياة السياسية (نظام الدولة وشؤون الناس)، وأكد هؤلاء (الماركسيون)، أن الأشياء والأفكار تتفاعل معاً في حركة جدلية. إلا أن الأشياء المادية سابقة على وجود أفكارنا عنها، كما أن وجود هذه الأشياء الموجودة امامنا ولدينا في تغير دائم وتطور مستمر.(ناصر،2004) .
لقد تأثر ماركس بالفلسفة الالمانية المادية التي كانت سائدة في عصره، فأخذ عن (هيجل) الجدل، حيث كان هيجل يبدأ جدله من الفكرة ويجعل الواقع نتاجاً لها، اما (ماركس) فبدا الجدل من الواقع وجعل الفكرة نتاج الواقع المادي. وهكذا كان ماركس يرى بان كل شيء في الوجود وحتى الإنسان نفسه وتفكيره، والمجتمع كذلك بما فيه وبمن فيه، كلها انعكاسات للمادة التي ترتد اليها، والتي يبدأ منها ‘الجدل’ فالمادة اذن عنده اسبق من الفكرة وهي اصل وجودها