قامت مجموعة من المستثمرين الخواص بإحداث مراكز يعي أصحابها أنهم يقدمون إجازات مهنية في المسالك الجامعية للتربية، وهي الشواهد التي تخول لأصحابها الاجتياز المباشر لمباراة الولوج للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين دون مباراة، كما ينص على ذلك المرسوم المحدث لهذه المراكز، وقد شرعت هذه السنة مجموعة من المدارس الخاصة، على صعيد مجموعة من المدن، كالرباط والقنيطرة والبيضاء ومراكش وطنجة، وبعلم من المصالح الإقليمية والجهوية للوزارة، في استقبال المجازين في تخصصات مختلفة، حيث يخضعون لتكوين تخصصي في علوم التربية تحديدا. الوعد الذي يتم قطعه من طرف أصحاب هذه المراكز هو أن المتخرجين سيستفيدون من الاجتياز المباشر للمباراة دون انتقاء.
وأول المشكلات التي سيواجهها المتخرجون هو أن المرسوم المحدث للمراكز يتكلم في المادة 22 عن إجازات في المسالك الجامعية للتربية، وهذه المراكز ليست لها صفة المؤسسات الجامعية، بل إن هذه الصفة ذاتها، أي كونها ليست مؤسسات مرتبطة بالجامعة، يجعل الشهادة التي تمنحها لا تنطبق عليها مسألة المعادلة التي يتكلم عنها المرسوم السابق أيضا، لكون وزارة التعليم العالي، ماتزال في مرحلة التفكير في إمكانية السماح للخواص للاستثمار في الجامعات وبعض المسالك الجامعية، بدليل طلب وزارة التعليم العالي الرأي من المجلس الأعلى للتربية والتكوين بخصوص هذا الملف، مما يعني أن الوضعية القانونية لهذه المراكز غير قانونية إطلاقا، لأن مسألة المعادلة تحتاج لقرار وزاري مشترك تتدخل فيه قطاعات عدة، مما يعني أن هذه المراكز غير معترف بها من طرف السلطة الحكومية لقطاع التعليم العالي، كما أنها لا تخضع لقطاع التعليم المدرسي، لكون هذا الأخير يشير بوضوح إلى أن التعليم الخصوصي يشمل فقط التعليم الابتدائي، والتعليم الإعدادي، والتعليم الثانوي والتكوين لتحضير دبلوم التقني العالي، والتعليم الخاص بالمعاقين، وتعليم اللغات وتنظيم دروس من أجل الدعم، والتعليم عن بعد وبالمراسلة، والتعليم بالأقسام التحضيرية للمعاهد والمدارس العليا، وهي الوضعيات التي لا تشمل هذه المراكز.
والسؤال المطروح، إذا كانت هذه المؤسسات لم تحصل على ترخيص من وزارة التعليم العالي، والأمر نفسه من وزارة التربية الوطنية، فما هي الجهة التي تتواطأ مع الخواص للتحايل على المجازين الباحثين عن الشغل؟
فقد استقبل مركز في مدينة القنيطرة مثلا حوالي 60 مجازا ومجازة هذه السنة، وذلك بموجب هذا الوعد الذي قطعته صاحبة المؤسسة لهؤلاء، على أن يلتزموا بدفع مبلغ ألف درهم شهريا لمدة عشرة أشهر، أي مبلغ عشرة آلاف درهم عن كل سنة دراسية، وتعتمد في الدروس المقدمة في مجال علوم التربية والتشريع على بعض الأساتذة الذين يعتبرون أنفسهم باحثين أو متمكنين من هذين التخصصين، وبالرغم من الوقفات الكثيرة التي ينظمها هؤلاء الطلبة، لتوضيح وضعيتهم، لاسيما مع توفر جميع الأدلة على وجود تحايل واضح، فإن صاحبة المدرسة مصرة على تسويف تقديم الإجابة الواضحة حول مستقبلهم، اللهم إلا فائدة واحدة يمكن لهذه المراكز أن تقدمها، وهي أن تكون مجرد مؤسسات لتقديم الدعم التكويني لمن لا يريد اجتياز مباريات المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، لكن لا يتم التصريح بوضوح بهذا الهدف، بل يتم تقديم المراكز بكونها مؤسسات جامعية تقدم إجازات في علوم التربية.
فلاش بريس