اللفافة
جالس على الشرفة وقت الغروب.السماء تنذر باقتراب موعد أمطار غزيرة.سحاب كثيف يغطي صفحة السماء, وريح قوية يسمع صفيرها في أحد جنبات الشرفة. يسد فتحة معطفه الأسود بيديه النحيفتين.كانت أفكاره مشتتة و قلبه يخفق بقوة.
يضع اللفافة أمامه على الطاولة, وبيديه المرتجفتين يفتحها بين الفينة و الأخرى, يلقي نظرة فيعيد لفها. ما ان يحاول القبض على فكرة حتى يحس بها تنفلت منه تائهة في الفضاء الشاسع حوله. نظر الى ساعته فانتصب واقفا. حمل اللفافة ووضعها في جيب معطفه. قصد الباب.هذه المرة سأكون أكثر جرأة. هكذا قال بصوت مسموع وهو يفتح الباب.
لفحات البرد قوية في الخارج.كان يهرول وسط الأشجار المتمايلة.حفيفها ينسج رهبة في نفسه.مع ايقاع خطواته كان يعيد كلاما حفظه ليلة البارحة عن ظهر قلب.يغير كلمات بكلمات علها تكون ابلغ.
على الجسر وقف.أخرج قطعة قماش من جيبه.مسح حذاءه بعناية و أرجعها.ينظر الى ساعته.مرة يطل على المياه المندفعة تحت الجسر,ومرة يتكئ على الحاجزالخشبي,و مرة يمشي خطوات و يرجع أخرى... ومرات يسرح بنظره على طول الطريق و ما من أحد يأتي.
وهو شارد ينظر الى الأفق سمع وقع أقدام تقترب.ارتجت كل خلية في جسده بعد أن كان الهدوء قد بدأ يتسرب الى نفسه.تحسس اللفافة بيده.حاول اخفاء اضطرابه...واقترب.
كان الكلام خشبيا,لم يستطع ان يخترق المعتاد,و الفضاء حوله على شساعته غدا خانقا,فطالت المسافة بين يديه واللفافة حتى استحالت.
عندما رجع الى شرفته كان الظلام قد عم المكان,والريح القوية زاد صفيرها,وبيدين ثقيلتين أخرج اللفافة من جيب
المعطف.فتحها...فكانت الوردة الحمراء قد ذبلت.
عبد الاله هلالي
مراكش