دعم المعهد الملكي للثقافة الامازيغية يفرخ أشباه الجمعيات الامازيغية

[أشرف كانسي]

كان النسيج الجمعوي الثقافي الأمازيغي أواخر الستينات والسبعينات إلى مشارف 2000 عملا تطوعيا يضحي كل واحد بوقته وبمؤهلاته الفكرية فكان البحث والإبداع دون أن يكون الهدف حب الظهور أو الحصول على رصيد أو أرصدة مادية دفاعا وخدمة للهوية والثقافة الأمازيغية التي كانت تحتضر لعدة عوامل
، في مقدمتها التهميش والهجرة إلى المدن واحتقار كل من يحاول التحدث بها في هذا المحفل وذاك. وكما يعلم المهتمون وقتذاك كانت الجمعيات جد معدودة بدءا بالجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي في الرباط والأعضاء العاملون فيها قلة معروفون لدى الجميع يعملون في صمت تسكنهم الأمازيغية ويسكنونها والانطلاقة الثقافية في الناظور ثم جمعية تاماينوت فجمعية الجامعة الصيفية في دورتها الأولى 1980 إعلانا عن جمع شتات المهتمين والفاعلين، وإعلانا عن انطلاق المسيرة الواعدة بتحقيق ما يمكن تحقيقه لهذا المكون الثقافي الوطني الإنساني والمنسي، طبعا بعد ذاك بسنوات أخذ بعض الفاعلين يؤسسون الجمعيات بحذر. ويحاول الكل المساهمة في الجمع والتدوين وإقامة الندوات والردود على المناوئين المستنكرين لكل ما هو أمازيغي في هذه المنبر وذاك... لكن سرعان ما بدأت الصراعات تظهر داخل هذه الجمعية وتلك رغم قلتها صراع على الاستمرار في القيادة وعدمه، وصراع على جمع الدعم المادي لتغطية الأنشطة عند رجال الأعمال الميسورين المدعمين في الخفاء وباستمرار لهذه التظاهرة وتلك وإلى الآن دون فواتير، وإن الأغلبية منهم فطنوا بعد كثرة الطلبات وضعف المردودية وتنامي الصراعات...
وبالتالي تغلب النضال من أجل كسب المال على النضال الثقافي والهوياتي وهناك من تنامى لديهم مرض حب الظهور، وهذا الصنف شغلهم الشاغل محاولة إطفاء الشموع المضيئة والصامدة أمام الرياح والأعاصير قرابة نصف قرن رغم قلتها، ليضعوا مكانها شموعهم الباهتة التي قد لا تستطيع مقاومة النسيم.


وبإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حدث ما حدث عند حصول المغرب وطننا على الاستقلال تم توزيع المناصب على (الزعماء) وأقاربهم وأصدقائهم وعلى من لا علاقة لهم بالعمل الجمعوي ولا بالثقافة الأمازيغية بتزكية "الزعماء" وما إن تم توزيع الدعم على الجمعيات المهتمة والغير المهتمة بالثقافة الأمازيغية حتى تناسلت الجمعيات وتفرعت منها فروع لتعد بالعشرات بل بالمآت بعد أن كانت لا تتجاوز أصابع اليد وتخصصت كل جمعية صغيرة أو كبيرة في ملأ ملف الدعم، فتجد الأوراش والندوات وقراءات شعرية ونثرية ومسرح ومخيمات، ثم تكريم فلان وفلان وفلانة ويتم تذييل الملف بورقة محملة بتوزيع الاعتمادات المقدرة بالملايين لهذه التظاهرة وتلك. كل جمعية تخصص يوما لتدريس تيفيناغ ومسابقة في نفس الإطار على الورق، مع الطلب طبعا إلى عميد المعهد الذي يحيله على لجنة خاصة أو مختصة مع العلم أن المتتبع لأنشطة أغلبية هذه الجمعيات يجد أن حـوالي 97% لا تعمـل إلا أثناء التظاهرة التي تقام في الصيف ولا تتعدى يومين إلى ثلاثة أيام. وهل خدمة الثقافة الأمازيغية بحاجة فقط إلى إقامة سهرات فنية وذبح العجول والثيران؟ أظن أن الدعم وكوجهة نظر يجب أن يعاد فيه النظر وأن لا يمنح إلا للجمعيات التي تمارس أنشطتها الثقافية خاصة طول السنة والمطالبة بتقديم ملخص لأنشطتها للمعهد مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل، مع المحاسبة الدقيقة للجمعيات المدعمة بدل الثقة العمياء في البرامج المرسلة، وإلا فمن السهولة بمكان تهييء طلب الدعم وبرامج مدروسة وفضفاضة ضمنها أسماء الباحثين والمبدعين ممن أعطوا حياتهم للثقافة الأمازيغية وذلك قصد الحصول على دعم سمين كهدف. إذا كانت هناك جمعيات ثقافية وهي جد قليلة تعمل طول السنة بإقامة ندوات ومحاضرات ودراسات وتستدعي أساتذة باحثين للتعريف بما قدمه المحتفى به في مجال من المجالات كتكريم معنوي دون نسيان الجانب المادي خاصة عندما تتوصل بدعم من هذه الجهة وتلك فهناك للأسف من لا يحترمون مالهم وما عليهم.

تصور جمعية بمنطقة احلوشن ضمنت طلبها أسماء لشاعرين وفاعل جمعوي وفنان شهر غشت 2008 كطعم للحصول على دعم من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وهذا فقط كنموذج شخصيا لم أستشر إلا بعد أن توصلت باستدعاء هاتفي من رئيس الجمعية وذهبت من الدار البيضاء فأكادير ثم استراحة في تارودانت ووصلت إلى احلوشن يوم (التكريم) بعد قطع حوالي 800 كلم لم أجد من يتحدث عن أعمال المحتفى بهم فقط فرقة احواش وجمهور غفير من الرجال والنسوة والأطفال. ولما أردت العودة كأحد المحتفى بهم ودعت رئيس الجمعية وسلمني ظرفا آخر الليل، واصلنا السير إلى تارودانت حيث النوم في فندق هناك وفي الصباح فتحت الظرف لأجد شيكا بمبلغ 1500 درهم مع العلم أن الجمعية حصلت من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على دعم قيمته إحدى عشر مليونا من السنتيمات إضافة إلى دعم من العديد من الشركاء الماديين أصحاب الشركات، استنتجت أنني والمحتفى به أخياط ابراهيم الذي أحسن صنعا لكونه لم يلتحق باحلوشن كنا فقط طعما لاصطياد سمكة قيمتها الدعم المشار إليه من المعهد ؛ هناك طبعا محتفى به ثالث الشاعر الحسين اساكني وكذا واحد المعروفين في المنطقة بالفكاهي، بل أكثر من هذا جاءني رئيس الجمعية إلى المنزل طالبا مني مجموعة من الكتب عشرة عناوين حوالي مائة كتاب لإقامة معرض هناك على أن تأخذ الجمعية 20% من المبيعات لكن لتختفي الكتب بدورها إلى يومنا هذا رغم اتصالي هاتفيا برئيس الجمعية عدة مرات. ورغم لقاء بيني وبين عضوين من الجمعية. هناك طبعا جمعيات تحترم نفسها أولا عندما تقوم بتكريم فعالية ثقافية وفنية. أول شيء تفكر فيه إحضار من يتحدث عن المحتفى به مع تعويضهم على الأقل عن تنقلاتهم، والمعهد أحيانا يعين في اتفاقية مكتوبة بينه وبين الجمعية مبلغ المكافأة خشية الاتجار بالأسماء بل وخشية تحويل التكريم إلى الإهانة كما حدث في احلوشن لأن هناك حالات مشابهة بل وأفضع منها فضل المهانون الالتجاء إلى الصمت كمؤامرة. كان بالإمكان أن ألتجئ بدوري إلى الصمت كالآخرين لكن ضميري يرفض ذلك. ولابد من الإشارة إلى أن الدعم يتفاوت من جمعية إلى أخرى حيث تحضر الزبونية والعشوائية والعشائرية، فنجد أحيانا جمعية لا تتوفر على أي نشاط ثقافي تتوصل بإضعاف ما تتوصل به من لها حضور في الساحة طول السنة وهذا موضوع آخر بحاجة إلى أن يتناول من طرف من لهم غيرة على العمل الجمعوي الجاد وعلى الحفاظ على مؤسسة المعهد وحمايتها من تجار الأمازيغية.

بقلم:الاستاذ المستاوي

[أيوب بنجماعي]

شكرا لك أخي أشرف

[aboud]

شكرا جزيلا اخي أشرف على الموضوع القيم للأستاذ المستاوي بارك الله فيك