أطلقت مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع قناة الجزيرة للأطفال عام 2005 فأثبتت نجاحها في الوصول إلى تقوية شخصية الطفل من خلال ما قدمته من برامج حوارية خاطبت الطفل العربي وتفاعلت مع اهتماماته. إضافة إلى البرامج التثقيفية والترفيهية والتعليمية والرياضية ...
هذه القناة تفرع عنها اليوم قناة «براعم» الموجهة إلى المرحلة العمرية ما قبل المدرسة بهدف تعزيز الهوية الثقافية والاجتماعية العربية والإسلامية من منطلق أن الاهتمام بمرحلة الطفولة المبكرة يعني الاهتمام بمستقبل وطننا العربي.
حول هذه القناة وما تحمله من هوية وأفكار لتكوين وتقوية شخصية الطفل العربي التقت «تشرين» السيد محمود بونات المدير العام التنفيذي لقناة الجزيرة للأطفال.
من أجل مشاهدة آمنة
يقول السيد بوناب : لاحظنا أن الطفل في مرحلته المبكرة يجب ألا يترك وحيداً أمام شاشة التلفزيون وهذا ما هو معمول به في العالم، فترك الطفل منفرداً أمام شاشة فيه مخاطرة كبيرة خاصة في غياب آلية بحث وعدم التزام فضائياتنا بأي قوانين أو تشريعات أو ضوابط بث، لذا ومن أجل المشاهدة الآمنة تم اطلاق قناة «براعم».
ـ «براعم»... بداية الطريق
ـ إذاً ما هي براعم؟
ـ صممت «براعم» للمرحلة العمرية ما قبل المدرسة من 3 ـ 6 سنوات بمضمون تلفزيوني خاص بهم، يتلاءم مع هويتهم وثقافتهم وضروريات نموهم في محيطهم الأسري، وهي القناة الأولى المفتوحة على الهواء في الوطن العربي، سبقنا بعض الأشقاء في هذا المجال لكنها تجارب غير مفتوحة.
ويؤكد السيد بوناب أن هذه الخدمة التي تعنى بتطوير الإنسان واستثماره يجب ألا تكون مشفرة ولا أن ينتظر منها مردوداً مالياً وهذا نابع من رؤية الشيخة موزة بنت ناصر المسند التي تتطلع إلى تقديم مضمون راق وآمن لأطفالنا يكون قادراً على المنافسة في فضاء مسؤول يراعي خصوصياتنا الثقافية والاجتماعية.
يقول السيد بوناب: إن «براعم» تعمل على تعزيز مدارك الطفل وقدراته الذهنية والجسدية والنفسية ومرافقة نموه باستعمال أدوات سمعية بصرية من خلال برامجها المتنوعة والتفاعلية التي تخاطب الطفل الصغير، وتفتح آفاق التعليم أمامه وتعمل على تأهيله للدخول إلى المدرسة، وهي بداية الطريق، كما تطمح للمساهمة في تربية أجيال عربية واعية مؤمنة بقدراتها الذاتية والجماعية. وتم تصميم موقع قناة براعم الالكتروني baraem.tv الذي يحظى بأهمية المضمون التلفزيوني نفسه و يهدف إلى الاستعمال السليم للانترنت.
أما الهوية البصرية للقناة فقد جمعت صوراً للأطفال من مختلف أقطار الوطن العربي بين 3 إلى 6سنوات مع استخدام عناصر الطبيعة.
مضمون جديد
ـ هل ستظل الجزيرة للأطفال بشكلها الحالي؟
يقول السيد بوناب: اطلاق براعم حتّم علينا إعادة توجيه قناة الجزيرة للأطفال بمضمون تربوي ترفيهي جديد للشرائح العمرية بين 7 ـ 15 عاماً وإلى الأسرة عموماً ولتصبح القناة المرجعية خلال ما تقدمه على الشاشة أو عبر التفاعل مع موقعها الالكتروني jcctv.net .
خطوة جريئة
ـ ولكن كيف ستراهنون على نجاح «براعم»؟
سؤال مهم «يقول السيد بوناب»: لأن قناة براعم من أكثر المشاريع التلفزيونية العربية حساسية من حيث مضمونه وهويته، ذلك أن التعامل مع الأطفال في هذه السن المبكرة جديد على العمل التلفزيوني العربي... إنتاجنا يحمل هويتنا العربية والإسلامية التي تتجسد في استعمال اللغة الفصحى ـ الوجوه العربية ـ الإطار العربي، وما سنراهن عليه هو التقليل مما نشتريه في السوق وتعويضه بإنتاج خاص، نعمل حالياً على دراسة حكايات جدتي العربية القومية، نجمعها من اليمن إلى موريتانيا.. وأغنيات هدهدة الأطفال وجميعها سيتم إنتاجها قريباً بأساليب متطورة قد تبدو سمجة للأولياء لكنها محببة للأطفال..
وحول فكرة الاستعانة بالطفل نفسه قال السيد بوناب : يجب عدم ادخال الأطفال ما دون الرابعة أو الخامسة على شاشة التلفزيون لأنهم في مرحلة عمرية تتميز بالطبيعة والفطرة البريئة الصادقة والعفوية ولا يجب أن يكونوا مادة «فرجوية» مؤكداً أن القناة تمنع منعاً باتاً عرض أي نوع من الإعلانات التجارية.
وعن اللهجة التي ستسوقها القناة أجاب السيد بوناب: إن لهجاتنا العربية هي عنصر ثراء في ثقافاتنا وذات جمالية ، لكن أمامنا مسؤولية بناء جيل وتهيئة طفل فنحن لا نقرأ قصة للأطفال باللهجة الدارجة وإنما باللغة العربية الفصحى التي هي لغة التواصل وهي الجامعة لكل العرب لذلك كان الخيار الفصحى المبسطة هي اللغة التي يجب أن يتهيأ لها الطفل ويتعلمها أولاً.
ويوجه السيد بوناب دعوة إلى الآباء في كل أقطار الوطن العربي مبيناً فيها أنه لا يمكن أن تكون القناة ناجحة ولا المشاهدة آمنة ولا المضمون قابلاً للتحسن أو للتغيير إلا بالتواصل الدائم والصادق مع أولياء الأمور والمربين لأنه يساهم في تفادي الأخطاء وفي ضمان جودة البرامج وملاءمتها لتلك الشرائح العمرية لاسيما ما يتعلق بالهوية والانتماء والثقافة إلى جانب المضمون الترفيهي.
أين هي مشروعات الطفولة؟
ـ كيف نتوجه إلى الأطفال اليوم؟
بكل أسف «يقول بوناب» : مازال تعاملنا مع الطفل تعامل نمطي بالمفهوم السلبي ، علينا أن نسأل أنفسنا : ما هي المشروعات الواجب علينا تقديمها إلى أطفالنا؟ سورية مثلاً الدولة العربية الوحيدة التي يدخلها العرب جميعاِ دون تأشيرة وحلمنا ككبار أن يطبق هذا الأمر في كل الدول العربية ليصبح مكاناً أفضل لعيشنا جميعاً، لكن أطفالنا العرب لا يملكون أحلامهم كبقية أطفال العالم ..
أطفال أوروبا مثلاً يتنقلون من صقلية إلى استوكهولم دون حدود مستخدمين نفس العملة .. فما هو المشروع الذي سنقدمه للطفل العربي حتى يصل بعد عشرين أو ثلاثين سنة إلى أن يكون مواطناً عربياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأتمنى أن تتوفر لدينا الإمكانية لإنتاج برامج أو قنوات عربية وتجتمع خمس مؤسسات عربية لتقديم عمل موحد موجه للطفل العربي.
الأطفال العرب.. أطفال غزة
ـ الأطفال يشاهدون نحو 4000 مشهد عنف من خلال الفضائيات إلى جانب مشاهد ما يحدث في غزة والعراق ولبنان... برأيك كيف يمكن معالجة هذه الصور التي تترسخ في نفوسهم؟
من المهم جداً «يقول السيد بوناب» أن يتلقى الأطفال الرسالة ويعرفوا أنهم جزء من العالم العربي وأن الطفل الغزاوي هو طفل عربي وأن ألمه هو ألمهم، لكن من المهم أيضاً أن يخرجوا التراكمات الشعورية الموجودة داخلهم، قد يكون عن طريق الرسم أو التبرع بالمصروف... أما لأطفال غزة فعلينا نحن الكبار مهمة خطيرة لأنهم ضحايا وسيحتاجون إلى رعاية خاصة ومتابعة... وآخذ على عاتقي بأنه على مستوى الجزيرة للأطفال و«براعم» سوف نقدم لهم أعمالاً تريهم الصورة الايجابية لحياتهم .
ويضيف السيد بوناب قائلاً: أطفال الوطن العربي جميعهم أطفال غزة لأن الذين يشاهدون ويتعرضون لصدمة العنف جميعهم في الخانة نفسها... هم يرون طفل غزة تسقط عليه القنابل.. في غزة يعرف الرد، لكن الطفل العربي لا يعرف.. لذلك لابد أن يكون في العالم العربي آلية لتوضيح الصورة الايجابية