النفق ...
ومجاريها قبل الأوان تفنينا
فما تأذينا إلا على أيدي ذوينا!
جعلتم من أرضنا مكبا للقذارة
باسم المدنية وباسم الحضارة
أفليست هذه خسارة وأية خسارة ؟
قتلكم كل جميل فينا من خضرة ونضارة
وتلويثكم أجواء بوادينا بما تحبل به مجاريكم من عفونة ونثانة
وإلحاق الأذى بكل حي فينا قبل ولادته وحتى وهو في سن الحضانة
فبالله عليكم ، ماذا اقترفت أيدينا حتى نستحق منكم كل هذه الحقارة والمهانة ؟؟؟
آه ! ثم آه! لو تعلمون ما يختلج في أعماقنا من غبن ومرارة!
انفطرت لهولها ولفظائعها حتى الحجارة .
وأنت آت من البيضاء في زيارة لإقليم مديونة
تخال نفسك وأنت بها أنك تجوب منطقة ملعونة
فحظها من المدنية والحضارة: مكبات للنفايات ومجار تطفح قذارة وعفونة
لو تسنى للصخر أن ينطق فيها لصرخ في وجه المتمدنين :
كفاكم ، بالله عليكم كفاكم ، إنكم تقتلونا !
فهذه مدرسة شيء لها أن تبنى على مكب للنفايات
يصطلي بنار النثانة بها أساتذة وتلاميذ وتلميذات
يحتبسون بين جنباتهم آهات حرى ومر اللوعات
فالطف اللهم فيما نحن فيه وفيما هو آت .
أما من السبيت إلى مديونة عبر الطريق الرئيسية
فليس بها أية وسيلة نقل عمومية
لفك العزلة عن المناطق القريبة و النائية
كما لوأنها مجرد أراض هامشية و منسية
فلا طاكسيات ولا حافلات مدرسية
فالتلاميذ يعتمدون في تنقلاتهم على استجداء من ينقلهم رأفة بهم وربما منا
فمن يا ترى يضمن لهؤلاء الصبية أن من ينقلهم موضع ثقة وأمنا ؟؟؟
وهذه بادية من البيضاء على مرمى حجر
تعرف بين أهالي المنطقة ب :" مرس السكر"
ومسالكها ما أشد وعورتها عندما تبللها قطرات المطر!
وحيرة ساكنتها بين الهجرة او الإستقرار خياران أحلاهما أمر
فلا سيارة إسعاف تنقذ المريض أو الحامل من الخطر
ولا مستوصف قريب ولا عناية صحية
ولا علاج ولا من يقدم للمصاب الإسعافات الأولية
ولا من يخفف عن المريض ما ألم به ولا هناك صيدلية
وحتى إن وجدت هذه الأخيرة فقلة ذات اليد تحول لذى بعضهم دون شراء الأدوية
فلا جمعيات ولا أندية نسوية
ولا فضاءات للترفيه والتسلية
ألا يعلم الجميع أن الفراغ القاتل هو مصدر كل مصيبة وبلية ؟؟؟
فمن يا ترى يدرأ عن الأهالي الأخطار والأذية ؟؟؟
جل المصائب حلت بالمنطقة بشق مجار مكشوفة على حد النظر والشوف
تنبعث منها روائح تنقبض لها النفس وتزكم الأنوف
أصبحت هذه المجاري مرتعا خصبا لجحافل البعوض ولجرذان بالعشرات ، لا، بل بالألوف
تنخر صحة المواطنين وتشيع فيهم الأمراض وتعجل بينهم الحتوف
فالله سبحانه وحده رحمان بعباده رؤوف
فجراء تلويث هذه المجاري المكشوفة للأجواء
وما تحدثه في نفوس الساكنة من استنكار واستياء
فهذه أرض غمرتها المياه الآسنة عوض صفي الماء
وحولتها إلى أرض محروقة جرداء
وهذه أسرة نكبت في بيتها ومتاعها فقضت أياما وليالي في العراء
دونما تعويض للمتضررين ولا من عليهم ولا عطاء
معاملة الجميع باللامبالات إمعان في التحقير واٌٌلإزدراء
أما مدرسة أولاد بلعربي الفرعية
فقد أصبح وجودها واقعا بعدما كانت مجرد أمنية
فلا كهرباء بها ولاما يروي غلة الأطفال من زلال ا لماء
ومرحاضاها اليتيمين مخصصان للذكور والإناث على السواء
وتلامذتها كثر الغياب بسبب ما يصيبهم من أدواء
فلا رعاية صحية لهم ولا تتبع لأحوالهم ولا دواء
مما يعرضهم لمضاعفات المرض في غياب أي علاج واستشفاء
ولا مطعم مدرسي بها ولا مكان لمبيت الأستاذ ليتقي بجدرانه غضب الأنواء
ليدخر بعضا من قواه التي يستنزفها التعب والإ****
فشعارات ا لتنمية في واد والواقع المزري في واد
كيف يعقل أن يكون حضور الأستاذ رهين بسلامة دراجته المتواضعة النارية؟؟؟
يطوي بها يوميا مسافة خمسين كيلومترا في تقلبات الطقس وسوء الأحوال الجوية
والتي تتأثر لا محالة بمرور الوقت وتتأثر حالته الجسدية والنفسية
دونما ذكر لأثر ذلك على حالة الأستاذ الإجتماعية والمادية
مما ينعكس سلبا على عطاءاته مهما تحلى به من كفاءات وتفان وتضحية
إنها اختلالات لا بد من تصحيحها، فالوطن في النهاية أول وآخر ضحية
عملت بالبادية قبل اليوم بثلاثة عقود وأعدت للعمل بها فلم ألمس تغييرا يذكر ذا أهمية
فالتغيير الحق ليس في السعي لتشبيب الإدارة ، بل في تغييرما تحجرلبعضهم من عقلية
وهو ما لم يؤد إلى أي تغيير يذكر حتى ونحن في منتصف العشرية
لأن عقلية بعض مسؤولينا تتسم بالتصلب وبالجمود وتغلب على تصرفاتهم الإرتجالية والعشوائية
رمت بهم الرياح خطأ في مناصب وهذا ما شاءت به المقادير
فابتلينا بهم ، فلا وازع مهني لذيهم ولا ضمير
يسيرون الإدارة حسب ميولاتهم وأهواءهم المتقلبة ، وهذا لعمري أمر جلل خطير
يعاملون مرؤوسيهم كما لو أنهم أحط من البغال والحمير
و بجرة قلم يحيلون حياتهم بؤسا ومعاناة برميهم في قرارالسعير
رغم تميز هؤلاء وبشهادة الجميع لهم بالكفاءة والعقل المستنير
إن أخطر ما ابتليت به بعض إداراتنا هو سوء التدبيروالتسيير
فبذرت كل الطاقات الفاعلة وشردتها عوض تقديركفاءاتها خير تقدير
فتارة بدعوى الخصاص ليتحول الخصاص فيما بعد إلى فائض خاضع للتصدير
كما لو أن الموظف مسلوب الإرادة لا يسال فيما يجري وما خابت الإدارة لو استشير
فتحولت المغادرة الطوعية بتصرفات بعضهم إلى إكراه إن هذا لهو الشر المستطير
فكفى بعض مسؤولينا زرع الإحباط وخيبات الأمل في النفوس
فلم أجد في حياتي أمرو أدهى من منظرأستاذ قمطرير عبوس
بفعل كل الإحباطات التي حولته من فاعل مفعم بالنشاط إلى مجرد موظف يؤوس
يتآكل شيئا فشيئا كما تتآكل رغم صلادتها التروس
فشطط بعض الرؤساء في استعمال السلطة وتعسفاتهم الإدارية دليل محسوس
على ما آلت إليه البلاد على أيديهم من ترد ، ليتهم استفادوا مما يزخربه التاريخ من عبر ودروس
فليس كل من أنيطت به مسؤولية إدارية ، بقادر أن يترأس ويسوس
مالم يكن قادرا أن يعيد لمرؤوسيه ما فقدوه من ثقة ويعيد لهم الأمل إلى النفوس
أفبعد هذا نجرؤ أن نتكلم عن التقدم الحضاري وعن التنمية ؟؟؟
هذه رسالتي إلى كل غيور في هذا البلد وذي نفس أبية
ولمن يهمهم الأمر وله على شؤون وقضايا بلادنا بعض من غيرة وطنية .