هل يُفجّر تقرير أسعار المحروقات تماسك الأغلبية الحكومية؟
هسبريس - عبد السلام الشامخ
الجمعة 18 ماي 2018
ككرة حارقة تتطاير شظاياها المُلتهبة في كل مكان، خلق التقرير التركيبي للمهمة الاستطلاعية حول أسعار بيع المحروقات ارتباكاً واضحاً بين مكونات الأغلبية الحكومية، بشأن تسريب عبد الله بووانو، رئيس المهمة الاستطلاعية، لمعطيات "خطيرة" حول أرباح شركات المحروقات، دفعت أكثر من قيادي في حزب التجمع الوطني الأحرار إلى "الاحتجاج والتهجم" على القيادي في حزب العدالة والتنمية، متهمين إياه بـ"الخيانة والجبن".
وكان بووانو قال، في تصريحات صحافية سابقة، إن "التقرير يضم من المعطيات ما يحتاج إلى التحليل"، وذكر مجموعة من المعطيات بناء على "تركيبة الأسعار لعام 2015"، التي تضمنتها الصفحة 58 من التقرير، مورداً في خرجة إعلامية دقيقة أن "أرباح بعض شركات المحروقات تضاعفت بـ996 في المائة.. الفرق بين ما حددته الحكومة والسعر، الذي تبيعه به الشركات، وفق معطيات الحكومة، وإدارات الجمارك، ومكتب الصرف، يصل إلى درهم لكل لتر من المحروقات"، وفق تعبيره.
وبالرغم من أن القيادي الإسلامي المثير للجدل كشف ضمن تصريحاته أن بحوزته دلائل قاطعة تثبت صحة كلامه، فإن أسماء أغلالو، القيادية في حزب "الأحرار"، عضو اللجنة الاستطلاعية باسم فريق التجمع الدستوري، وصفته بـ"الانفصام في الشخصية" وبـ"الجبن السياسي"، وقالت إنه "خان الأمانة!"، وتحدث عن معطيات وأرقام خيالية غير موجودة في التقرير.
وزير في حكومة سعد الدين العثماني، ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية، آثر عدم ذكر اسمه، اعتبر أنه "لا يمكن لرئيس المهمة الاستطلاعية أن يخرج بتلك التصريحات دون أن تكون لديه معطيات دقيقة وصحيحة"، مشيراً إلى أن "هناك بعض نقاط تضمنها التقرير يلفها الغموض وعلى أعضاء اللجنة الاستطلاعية توضيحها للرأي العام".
وفيما يشد تقرير المحروقات حبل التوتر بين الحزبين اللذين يقودان الحكومة، اعتبر عبد الحميد بنخطاب، الأستاذ الجامعي، أن "بووانو يمثل أحد أعمدة الجناح الراديكالي داخل حزب العدالة والتنمية ومن صقور "البيجيدي"، مورداً أن "موقف الحزب لا يبنى على موقف بووانو".
ويقول المحلل السياسي: "لا أعتقد أن تصريحات بووانو ستؤثر على تحالف الأغلبية، لأننا نعيش ظرفية سياسية دقيقة وحاسمة تتطلب توافقا وطنيا وحكومة منسجمة؛ وهو ما يجعل التفكير في تشتت الأغلبية في هذه الظرفية أمرا مستبعدا"، قبل أن يشير إلى أن "هناك إرادة من داخل الحكومة لتقليص حجم "البيجيدي" والدفع به ليكون رقماً عادياً كباقي الأحزاب الأخرى".
وفي هذا السياق، استبعد المحلل السياسي أن تستفحل أزمة جديدة داخل بيت الأغلبية وأن تكون هناك بوادر صدام جديد بين الحزبين، مبرزا أن "الأحرار حليف "منتصف الليل" وليس حليفاً استراتيجياً بالنسبة إلى الحزب الحاكم، ووجوده داخل الأغلبية دائما ما اعتُبِرَ "ظرفياً" بالنظر إلى مواقفه "المتباينة" ووقوفه كعائق أمام تشكيل حكومة بنكيران".
وبعدما أكد أن "حزب العدالة والتنمية فقد الكثير من شعبيته بسبب قرارات خاطئة"، شدد الباحث في العلوم السياسية على أن "الأحرار يحاولون كل مرة أن يذكروا حزب الـ"pjd" بأن هناك ورقة قوية داخل الأغلبية لن تقبل مزايدات الحزب الإسلامي ولن تقبل بأن تلعب دور حزب الاستقلال"، مكملاً أن "هناك مؤشرات واضحة تظهر مدى تآكل شعبية البيجيدي والتي ستؤثر لا محال على أدائه السياسي في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث لم يعد يملك مقومات اكتساحه للساحة".