خربوشة : عيطة شعبية بين القصة و التاريخ . - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الصورة الرمزية الشريف السلاوي
الشريف السلاوي
:: مراقب عام ::
تاريخ التسجيل: 5 - 1 - 2014
السكن: المغرب الحبيب .
المشاركات: 10,966
معدل تقييم المستوى: 1248
الشريف السلاوي في سماء التميزالشريف السلاوي في سماء التميزالشريف السلاوي في سماء التميزالشريف السلاوي في سماء التميزالشريف السلاوي في سماء التميزالشريف السلاوي في سماء التميزالشريف السلاوي في سماء التميزالشريف السلاوي في سماء التميزالشريف السلاوي في سماء التميزالشريف السلاوي في سماء التميزالشريف السلاوي في سماء التميز
الشريف السلاوي غير متواجد حالياً
نشاط [ الشريف السلاوي ]
قوة السمعة:1248
قديم 25-12-2014, 20:24 المشاركة 1   
رأي خربوشة : عيطة شعبية بين القصة و التاريخ .

خربوشة : عيطة شعبية بين القصة و التاريخ .




هل صحيح أن قصة أغنية " خربوشة " واقعة تاريخية بفترة الخمسينات ، بطلها أحد القياد الذي نصبه الاستعمار الغاشم لكبح جماح القبائل الثائرة . و الذي أصر على انتزاع "خربوشة " حبيبة ابنه لنفسه ، لكنها ترفضه ، بل تتحداه إلى إعلان التمرد عليه ، صابرة على ما تتلقاه من صنوف التنكيل و التعذيب إلى أن لقيت حتفها ؟!! هل صحيح أن آخر كلمة تلفظت بها "خربوشة " ، قبل رحيلها ، قولها لحارسها في السجن ، بعدما رق لحالها و مدها بقليل من الماء لتشرب : ( كول للقايد الحب بزاف عليك ! ) ؟؟!!
إن المطالع لكتاب ( عيسى بن عمر و ثورة أولاد زيد و واقعة الرفسة ) الصادر سنة 2003م لمؤلفه الأستاذ إبراهيم كريديه يعجب بمادته التارخية و منهجيته المحكمة ، إليكم بعضا مما جاء في هذا الرصد التاريخي المميز .
القايد عيسى بن عمر :
يعتبر القائد عيسى بن عمر ، من كبار قواد المغرب، حتى عده أحد الأجانب العارفين بخبايا المخزن، " أكثر القواد الجهويين أهمية في الإمبراطورية الشريفة ".أبصر النور بثمرة، إحدى فخذات قبيلة البحاترة، سنة 1842 ،وعلى الرغم من أن عيسى بن عمر لم يتجاوز في تعليمه الطور الأول من الكتاب، ، فإنه أبان في شبابه عن كثير من المناقب والكفاءات، جعلت شقيقه القائد محمد بن عمر يؤثره عن غيره من بنيه وأهله ، ويعتمده خليفة له، فأظهر تفوقا في كل المهام السياسية والعسكرية، التي أناطه بها، مما أكسبه صيتا حسنا واعتبارا وازنا بدار المخزن، يسرت عليه خلافة أخيه بعد موته سنة1879.
وقد تميز القائد عيسى بن عمر عن سلفيه، عمه وأخيه المذكورين، بأنه أدى وظيفة القيادة في ظرف دقيق وخطير من تاريخ المغرب، بفعل التكالب الأجنبي، للنيل من مقدرات المغرب وسيادته، وقد نجح القائد عيسى إلى حد كبير في استثمارها في الارتقاء والتوسع بنفوذه ، ولم يقف تألقه عند هذه الحدود ، بل تعداها لما هو أسمى وأعظم عندما اختاره المولى عبد الحفيظ (1908-1912) وزيرا لخارجية المغرب فور مبايعته سلطانا لل**** والإنقاذ.
وقد لا نبالغ إذا ما أقررنا بأن جانبا غير يسير من تفوق القائد عيسى بن عمر، وصعود نجمه بدار المخزن، وما تبع ذلك من توسع في النفوذ والسطوة، يرجع إلى ما استفاده من ثورة أولاد زيد ، فعوض أن تعصف به وبقيادته، فإنها أربحته مزيدا من النجاح والقوة والتألق والغنى، ومنحته فترة أخرى من القايدية، كانت أطول وأزهى من سابقاتها
وقد تمخضت ثورة أولاد زيد عن ظروف صعبة ومعقدة، تشابكت فيها الأسباب العامة بالخاصة، لتفرخ فتنة قبلية هوجاء، استغرقت أكثر من أربعة أشهر.
وإذا انتقلنا إلى قبيلة البحاترة، إيالة القائد عيسى بن عمر وفرعها أولاد زيد، لاستقصاء مدى الضرر الجبائي الذي أصاب مقدراتها الاقتصادية، نجد :
أ- أن أولاد زيد مثيري ثورة 1895مكانوا بكل القرائن، أكثر سكان إيالة البحاترة تضررا وتذمرا من بطش القواصم الطبيعية، ومن الاعتصار الضريبي المخزني، فقد كانوا أفقر سكان عبدة طرا، فأرضهم صخرية لا تترك إلا بقعا محدودة تصلح للاستزراع ، وحتى نشاط تربية الماشية الذي كانوا يركزون عليه ، كانوا يجدون فيه عنتا ومشقة ومزاحمة، من جراء ضرر تلاحق سنوات الجفاف والجراد ، وتخصيص قسم كبير من المسارح لعذيرات المخزن وهويراته ، التي كانت تنتشر بربعهم، وأكثر من ذلك أن القائد عيسى كان بحكم العرف يحوز لنفسه أفضل المراعي بأولاد زيد وبغيرها من أراضي إيالته، أسوة بباقي قواد عصره، الذين كانوا مثله في إيالاتهم أكبر ملاكي الأراضي الزراعية والماشية؛ ومع تناقص المسارح وازدياد الثقل الجبائي وما ترتب عنه من ضنك في المعيشة ، لم يجد معه قسم من أولاد زيد، سوى الهروب خارج ديارهم عـشـية سـنة 1895، التي تؤرخ لانتفاضتهم، حتى سمي عامها "بعام الهربة"، في حين أعلن الباقي عصيانهم على المخزن وممثله عيسى بن عمر، متمثلين قول شاعرتهم احويدة :


ابغيت السيبة
ما ابغيت احكام
من دابه ثمانية أيام
على السي عيسى الثمري.

فاهتدى بدهائه وحكمته إلى ركوب سياسة تجمع بين المرونة والاحتراس، فعمل على تجريدهم من سلطتهم ، و منحها لغيرهم من القبائل الأكثر وفاء له .
غير أنها لم تنجح في تليين فخدة أولاد زيد النازعة إلى التمرد، فتنادى أولاد زيد بالعصيان والتحرر، وزادهم حماسا قول شاعرتهم حويدة : ( تصغير حادة )
"أنا عبدة لعبدة
ولسي عيسى لا
نوضا نوضا حتى لبوكشور
نوضا نوضا حتى دار السي قدور

وحتى يتيسر علينا متابعة تطورات ثورة أولاد زيد والإحاطة بأهم وقائعها، ارتأينا حصر مجريات أحداثها ووقائعها في خمسة أطوار كبرى.
الطور الأول: يبتدئ من 5 يوليوز إلى 15 يوليوز 1895، وفيها جرب عيسى بن عمر بقوة خيارين، بعد جسه لقوة الثوار وتقديره المسبق لعواقب وتبعات فعلتهم، وذلك بسلوك طريقين بطلب الصلح والإلحاح عليه، مع الضرب على مضاربهم بقوة وشراسة ، وذلك باعتماد تكتيك الأرض المحروقة، في محاولة منه لاحتواء الثورة وسحقها قبل أن يتسع خرقها
- الطور الثاني: يبتدئ من 16 يوليوز إلى 26غشت، وفيه ركب الثوار خطة ذكية، بانتقال زعماءهم وأهليهم إلى أسفي وناحيتها، حتى يتمنعوا عن يد بطش القائد عيسى ، ويعملوا فيها على تقوية صفوفهم بالتزود بالسلاح وكسب مزيد من الأنصار والمشايعين، وللتقرب من عامل آسفي، غريم القائد، وكسب تأييده ووساطته لدى المخزن المركزي في إزاحته
- الطور الثالث : يبتدئ من 26 غشت إلى 7 نونبر، وفيه طالب القائد عيسى السلطان بتمكينه من عدة شروط لوجستية لضمان سحق ثورة أولاد زيد، كما نجح في حمل السلطان على إقحام عامل آسفي طرفا في حرب أولاد زيد.
- الطور الرابع : يبتدئ من 7 نونبر إلى 9 منه ، وفيه دارت الدائرة على ثوار أولاد زيد، بعد أن تمالئ عليهم القائد عيسى والعامل بنهيمة ، وأصلاهم جندهما بسعير نيران المدافع والبنادق من كل إتجاه، من خارج أسوار مدينة أسفي، ومن داخلها.

- الطور الخامس: ويبتدئ من 9 نونبر إلى 12 نونبر، وفيه كانت وقعة الرفسة الرهيبة.
1- بعد أن أيقن ثوار أولاد زيد بهزيمتهم، وفشل ثورتهم في بلوغ مرادها، استسلموا وتنادوا للصلح، فدعا حمزة بنهيـمة زعمائهم إلى عقد مجلس صلح "بالمخزن الكبير للتاجر…خورخي …الاصبنيولي بالرباط "
2- حل القائد عيسى بمقر الاجتماع وفي نيته تصفية رؤؤس الفتنة وإعدامهم ، وأوصى بذلك مرافقيه من أصحابه؛ وهذا ما حدث بالفعل، وعجل بفض المجلس في حالة من الرعب والفوضى . و تعقب القائد عيسى بمعية أصحابه ما بقى من زعماء أولاد زيد، وحتى المستحرمين منهم بضريح الشيخ أبي محمد صالح، دخلوا عليهم، و" قتلوا منهم في جانب الضريح".
3- وبمجرد تسرب نبأ المذبحة، وشيوع أخبار "بأن عامل آسفي غدر به ومات"، وأن القائد عيسى يريد شرا بأهل آسفي، روع الناس وتسارعوا في سباق مجنون إلى "باب الرباط"، لدخول المدينة والاحتماء بأسوارها، لكن عامل آسفي، وخوفا من تسرب أصحاب عيسى بن عمر إلى المدينة، أمر بإقفال الباب المذكور ، في وقت كان فيه الرصاص والكور ينطلق من فوق الباب والأسـوار، في اتجاه كل قروي، سواء داخل أزقة المدينة أو خارج أسوارها، ووقع ازدحام شديد على باب الرباط الموصد، "لم يعهد مثله قط"، وصعد الناس بعضهم فوق بعض، "حتى كان الناس على أربع طبقات"، فمات خلق كثير من الرفس والسحق والاختناق، "أقل ما قيل في عددهم مائة وسبعون رجلا".
اختطاف الشيخة حويدة الغياثية وإعدامها:
يمكن القول أن جانبا كبيرا من بسالة ثوار أولاد زيد، واستماتتهم في حرب عيسى بن عمر، يعود إلى ما كان يهز مشاعرهم من تحريض وتحميس، مصدره شاعرتهم الشيخة حويدة الغياثية العبدية، والتي يظهر من بعض ما يتداول من أوصافها، أنها كانت غير ذات جمال، فهي"خربوشة" و"كريدة"، ولعل هذه الدمامة كانت ترفع عنها الحرج في مخالطة الرجال، ولذلك كانت في حماة ثورة بني قومها، تجلس إلى مقاتلي أولاد زيد ليلا، حين يخلدون للراحة بعد عودتهم من معارك الكر والفر، فتنشدهم قصائد (عيوط)، كلها " تحميس لهم وتحريض على متابعتهم القيام (الحرب) ضد السي عيسى"، تحثهم فيها على الصبر والثبات والمبادأة في الهجوم والطعان، في نفس الآن كانت تكيل للقائد هجوا قاسيا وبذيئا، ولم يكن نظم الشيخة حويدة وغناءها يبقى حبيس رواة أولاد زيد وصدى مرابطهم، بل كانت تشيع قصائدها وتنتشر بين قبائل عبدة بل تتسرب حتى إلى قبائل الجوار، فكان الناس يرددونها "فرادى وجماعات"، مما أعطى لـهـذه الثورة دعما معنويا كبيرا، قلما ظفرت به فتن قبيلة أخرى، وجعل منها ملحمة شعبية، تنطق في حكم بعض الباحثين، بكثير من الدلالات والقيم والآمال.
فبعدما سحق القائد عيسى ثورة أولاد زيد، هربت حويدة عند أخوالها بأولاد سعيد في الشاوية، فأرسل القائد في طلبها، لكن قائد أولاد سعيد، المدعو أبو بكر بن بوزيد، رفض تسليمها له، وأعلم السلطان بخبرها، فأمره بنقلها إلى دار المخزن، وصادف يوم تنفيذ الأمر السلطاني وجود جماعة من أصحاب القائد عيسى بمجلس ابن بوزيد، يبدو أنهم جاءوا لتجديد طلب تسليمها، وحين خرجت الشيخة المطلوبة رفقة مخزني قاصدة دار المخزن، لحق بها أفراد جماعة القائد عيسى، "فرافقوهما مسافة، فلما انفصلت الطريق عمدوا إلى مركوب المرأة، وساقوه لغير طريق المحلة السعيدة، وحالوا بينها وبين المخزني، وأعلمهم بأنه متوجه للمحلة السعيدة، وأراهم الكتاب الذي بيده فلم يلتفتوا إليه...ولم يقدر على مقاومتهم لأن عددهم اثنا عشر فارسا"، وعند وصولها إلى عيسى بن عمر، زج بها فـي سجن قصبته، ويفصح بعض محفوظ آخر قصائدها أنها كانت تقاسي تعذيبا، ويذكر الصبيحي أن القائد عيسى حبسها "مدة مديدة"، وخلالها كان يحضرها بين وقت وآخر، للسخرية منها بمرآى من بطانته، "فيركبها ناقة، ويأمرها أن تغني، وهو في وسط إخوانه، الغناء الذي كانت تغنيه لأولاد زيد"، وبعد أن أشفى غله منها بإهانتها "قتلها"، رغم استرحامها له.
وتذهب الرواية الشعبية مذهبا آخر في تناول نهاية الشيخة احويدة، فتذكر أنها ما تركت بابا يمكن الولوج منه إلى قلب القائد عيسى بن عمر إلا طرقته، طلبا لصفحه ورحمته:
- فمرة استعطفته بواحدة من أعز بناته ، قائلة :

آسعدية طلبي بوك علي
إلى اوتيت سامح لي
واخا قتلني واخا خلاني
مندوز بلادي راني زيدية .
على كلمة خرجت لبلاد
واخرجت لحكام
لا سلامة ليك آليام

- ومرة أخرى استرحمته بأولياء الله الصالحين ، قائلة :

نسألك بالمعاشي سيدي سعيد مول الزيتونة
والرتناني سيدي احسين جاء بين الويدان
والغليمي سيدي احمد العطفة يا ابن عباد
والقدميري سيدي عمر مولى حمرية
والتجاني سيدي احمد مول الوظيفة .

- وفي مرة ثالثة مدحته مكفرة عن ما صدر منها من هجو لاذع لشخصه وبهاء سلطته، قائلة :

القبيلة على ايديك
قالو ازهات الله يزهيها
الخزانة قالو رشات
القايد يجددها
البرادة قالو خوات
فاتح يعمرها .

وتذهب الرواية الشعبية إلى القول بأن استرحام احويدة فعل فعله المنشود في قلب القائد، فاستمهل النظر في أمرها، ولما طلبها من سجانها المدعو "الشايب"، أجابه هذا الأخير بأنه فتك بها بعدما أغاضه هجوها لسيده وقائده، ومن شدة غضبه على فعلة سجانه وحسرته المريرة على احويدة، أمر القائد بأن يجلد "حتى يعجز عن الكلام"، انتقاما واقتصاصا منه .










ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
آخر مواضيعي

0 وفاة والدة الصديق و الأخ عبد العزيز أومية مدير منتديات الأستاذ التعليمية
0 مديرية سلا : مدير مجموعة مدارس فدّان الزيت , عزيز ابعيزة في ذمة الله تعالى .
0 مديرية سلا : الأستاذ أحمد بلعسال في ذمة الله تعالى
0 صدور مرسوم التشغيل بموجب عقود بالادارات العمومية في الجريدة الرسمية
0 أحكام و فتاوى عيد الأضحى .
0 تعرّف على السرعة المحدّدة لكل نوع من الإطارات .
0 عبد الكريم غلاب في ذمة الله تعالى .
0 ما معنى "تعويم" الدرهم المغربي ؟
0 مديرية سلا : وفاة المفتشة خدوج خوزار .
0 طلب تعديل عنوان دفاتر الحركة الانتقالية


الشريف السلاوي
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية الشريف السلاوي

تاريخ التسجيل: 5 - 1 - 2014
السكن: المغرب الحبيب .
المشاركات: 10,966

الشريف السلاوي غير متواجد حالياً

نشاط [ الشريف السلاوي ]
معدل تقييم المستوى: 1248
افتراضي
قديم 25-12-2014, 20:24 المشاركة 2   

الفنانة الشعبية خربوشة


خربوشة الفنانة الشعبية المغربية التي استطاعت أن تتحدى بنية المخزن المغربي آنذاك في شخص القايد عيسى بن عمر هذا القائد الذي عرف بتسلطه وجبروته وعنفه ...
القايد عيسى كتركيبة إدارية قهرية ....خلخل وزعزع بأغاني وحبات الفنانة خربوشة ....إنها الأغاني التي لا زالت إلى يومنا هذا حاضرة بقوة ...بل لا زالت كوثيقة تاريخية من الممكن أن نقرأ على ضوئها حقبة مهمة من تاريخ المغرب ....خربوشة التي استطاعت أن تهزم بنية المخزن القهري في شخص القايد عيسى الذي لم يفكر يوما واحدا في جعل بني جلدته يعبرون عن مواقفهم كما يحلو لهم ..

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الشريف السلاوي
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية الشريف السلاوي

تاريخ التسجيل: 5 - 1 - 2014
السكن: المغرب الحبيب .
المشاركات: 10,966

الشريف السلاوي غير متواجد حالياً

نشاط [ الشريف السلاوي ]
معدل تقييم المستوى: 1248
افتراضي
قديم 25-12-2014, 20:25 المشاركة 3   

عيطة " خربوشة "



قصة خربـوشة المرأة / العيطة.... ملحمة خربوشة ليست بالعمل الهين، ولا تخلو من مجازفة

خالد الخضري

واحدة من كبريات القصص الشعبي بالمغرب.. لكن لها خصوصية مميزة، هي أنها
ليست قصة متخيلة، بل صاحبتها كانت امرأة من لحم ودم.. امرأة عنوانا
للتحدي.. تحدي الظلم وتحدي منطق الذكورة الذي كان يسعى إلى تمريغ
كبريائها.. لكنها قصة انسلت إليها الأسطورة، لأن صاحبتها كانت أسطورية
بمواقفها في زمنها ذاك البعيد، ذاك الذي كانت فيه للقياد سلطة الحل
والعقد، سلطة حجب الشمس أو إسكان الأنفس في ظلمات العذاب في الأقبية.. هنا
متابعة حكائية وأدبية جميلة، خصنا بها الأستاذ والناقد السينمائي المغربي
خالد الخضري، نتسعيد معه من خلالها قصة امرأة مغربية، قصة خربوشة، تلك
السيدة التي قالت « لا » في زمن لم يكن يسمح للمرأة حتى أن تقول « نعم »،
فكيف بالرفض..
> القسم الثقافي والفني

الجناس:

أما عن الجناسات فقد تكرر عدد منها داخل العيوط:
أنا عيطت طال عياطي أنت شريفي الخياطي
وتقول كذلك:
زيدوا أولاد زيد راه الحال مازال بعيد
فقد
جانست في المقطع الأول بين (عيطت / عياطي) وكلها أفعال مضارعية بمعنى
ندائي وجانست بين (عياطي / خياطي). أما في المقطع الثاني فقد جانست بين
فعل الأمر (زيدو) بمعنى أكملوا الطريق، وبين اسم العلم (زيد) وهو جناس خطي
أو لفظي تام.
وتقول كذلك في عيطة «خربوشة»:
واهيا وين الليلة نباتو زاهيين
فقد
جانست بين لفظة (آهيا وين) بمعنى هؤلاء وهو نداء "أنتم" موجه للجماعة وبين
لفظة (زاهيين) بمعنى فرحين. فالأولى نداء والثانية فعل مضارع ولذلك فهو
جناس ناقص.
وتستمر الشاعرة على هذا المنوال فتقول:
من دار لعار يكد بيه موتة واحدة تلزم
شفت ما شفت أنا شفت خيل ولاد بن عيشة
كحلين وغريين في العلفة جاو متساويين
في لامتهم اتكول علامة حافـظـيـن لامـــة
عندما
نمعن النظر في هذه المقطوعة نلاحظ أنها تعبر عن موقف تخاطبي، حيث تخاطب
الشاعرة نفسها وهي تستحضر جزءا من ماضيها، حيث سعت إلى التعبير عن
معاناتها من خلال التكرار (شفت / ما شفت) لتؤكد أنها تعيش حالة عدم
استقرار، وقد جانست بين لفظتين (علامة / لامة) وهو جناس لفظي جزئي لأنه
ناقص .
وعموما فإن جناسات (حادة) لا تخرج عن إفادة المعنى أو بيان نوعه
بالشكل الذي تقصده، وتزداد المقاييس إيضاحا بتقنية أسلوبية أخرى تكاد
تعرفها جل أشعار "حويدة، خربوشة" وهي تداعي الدلالة الذي يتأتى من تجاوز
الألفاظ المشروحة أو الشارحة أو المشتقة كقولها في عيطة «رجانا في العالي»:
كحلين وغريين في العلفة جاو متساويين
فلفظة "كحلين" أي أن لونهم أسود تؤكدها لفظة "غريين" أي أن لونهم أشد سوادا. وفي عيطة «خربوشة» جاء قولها:
بابا لغليمي سيدي احمد لعطفة يا بن عباد
زين الصيدة زين السلاك عيسى بن عمر
فالملاحظ
أن جملة "زين السلاك" تشرح جملة "زين الصيدة"، لأنه من المعروف أن
"السلاك" (جمع سلوقي) عنصر أساسي في تكوين خلية الصيد، بالإضافة إلى
الخيول العربية الجيدة ذات اللون الأسود. إن اختيار الشاعرة للون الأسود
لم يأت عبثا، فالخصائص الفيزيقية تجعل منه لونا أسود بيد أن المعنى
الإيحائي يدل على الحزن والتشاؤم، هذا ما تعبر عنه أوصاف حادة (خربوشة،
زروالة، لكريدة) فذمامة وجهها وقبحه جعلها تنزح إلى هذا اللون لتخلق
لنفسها فضاء شعريا تتنفس من خلاله، وبذلك يبدو التطابق في الإيقاع بين
ركني التجانس في كل مثال يعانقه تطابق واتحاد في مدى شعور الشاعرة بالرغم
من تباين الدلالة بينهما، وهنا تبرز مهمة الشاعرة في الجمع بين العناصر
اللغوية المتباعدة التي توحدها في عاطفتها ووجدانها.

خربوشة الملحمة:
إن
ملحمة خربوشة ليست بالعمل الهين، وكل مقاربة نقدية وتصويرية لها لا تخلو
من مجازفة.. لكنها تستحق ذلك، فهذه المرأة التي كتب لها أن توأد حية في
حائط، وأن تخلد ذكرها وذكر من عاصرها بعيوطها لحري بنا نحن العاشقون لفن
العيطة أن نعمل على إحيائها إبداعيا.
إنه عمل مشوق.. مثير.. متسفز..
مخيف ومحبوب في نفس الوقت.. تخاف منه وعليه.. فحواه العميقة ذات بعدين
أولهما اجتماعي سياسي يتجسد في مقاومة ظلم السلطة لا بالعنف والسلاح
الأبيض كما الناري، وإنما بالفن.. فن الإنشاد الشعبي المختزل في مصطلح
واحد ألا وهو "العيطة".
أما ثاني البعدين الذي رمناه في فحوى
سيناريو خربوشة - بعد البعد الاجتماعي والسياسي - فهو فني تراثي ألا وهو
تكريم فن العيطة في حد ذاته، ترميمه والحفاظ عليه مع تنظيفه وتخليصه مما
شابه من قاذورات كثير منها لطخه بها الاستعمار في محاولة لتشويهه ونعته
بفن الدعارة، البغاء وتزلف رجال المخزن، وللازورار بالعيطة عن واحد من أشد
أهدافها نبلا ألا وهو النضال ضد الاستعمار وضد كل أوجه الفساد واستبداد
السلطة، ولنا في عيوط خربوشة خير مثال: إلى درجة أنه وإلى حدود منتصف
القرن العشرين غداة نفي الملك محمد الخامس أصبح عدد من الشيوخ يلتجئ إلى
الرمز والاستعارة لتمرير الخطاب السياسي والنضالي في عيوطهم، منه ما أصبح
يردد في عيطة «حاجتي في كريني» التي هي أصلا من نضم خربوشة، حيث أضيفت
إليها أبيات ذات إيحاءات غزلية بل وجنسية بحتة، في حين أنها تتغنى بجمال
الراية المغربية التي استبدلت حمرتها بحمرة أقدام المعشوقة، كما تم تغيير
اخضرار النجمة الخماسية التي تتوسطها باخضرار الوشم الذي يزين محيى هذه
المعشوقة أيضا:
واجيني يا حمرة الاقدام ووتاك الله بالاوشام
والفيم احمر على الدوم والوليد إلى وليدكم
وإلى ما كلتوش وليدكم يا وهزي السروال حتى يبان وشامو
"فالوليد"
المعني هنا هو محمد الخامس، وأما الشطر الآخر ذو الإيحـاء الجنسي "هزي
السروال ..." فهو فقط لإيهام أعوان السلطة وأذناب الاستعمار من مقدمين
وشيوخ وخونة بصفة عامة ممن كانوا يترجمون كلام العيوط النضالي إلى
المستعمر الفرنسي.. ولازالت هذه الأبيات تردد إلى الآن في العيطة المذكورة
إلا أن هناك بعض "الرباعات" أو فرق الشيخات من يأنف من ترديد هذا الشطر
فيغيره بالأصل الذي نضمته وغنته حادة الزيدية وهو:
يا وهزي الحسكة وطلعي للصالة أزروالة .

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الشريف السلاوي
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية الشريف السلاوي

تاريخ التسجيل: 5 - 1 - 2014
السكن: المغرب الحبيب .
المشاركات: 10,966

الشريف السلاوي غير متواجد حالياً

نشاط [ الشريف السلاوي ]
معدل تقييم المستوى: 1248
افتراضي
قديم 25-12-2014, 20:28 المشاركة 4   

حول رائعة خربوشة


ياما ياما ياما
عرفو الناس فالحب غزوات
انتصر فيها الحب و تهزم
و بين غزوة و الغزوة
قطع الزمن مسافات
و كتبت حكايات
حكم فيها القدر و حسم
حكايات عاشتها ناس
و حكاتها ناس لناس
و طواها الزمن و ختم
**********
أيام السيبة و غابر السنين
نروي حكاية ما رواها مداد
حكاية غزال تفتن بالزين
سبحان من صورها خالق لعباد
سالف دلهبال يشبه الليل
سيف مسلول في يد جلاد
عشقها رجل كان ليه بال
فالحوز كان قايد القياد
**********
قسم بالقسم و اليمين
تكون لو خليلة ما ترد كلام
مشى الرقاص رجع فالحين
خربوشة يا القايد رفضت لحكام
عطى أمرو و عليه ما تلاو
خرجو لمخازينة جراو
جابو خربوشة و جاو
رماوها مسكينة بين يديه
**********



شافها القايد تبسم و صبر
بغاها بالجاه ما بغات ليه
هددها بالقوة و تجبر
عطاها شرط خيرها فيه
و قالت لو يا قايد القياد
يا الحاكم من الشعبة للواد
كيف تطلب مني المحال
نسمح فحبي زين لولاد
ولدك يا القايد راني تانبغيه
***********
ويلو الشيخة ما رضات بيه
بغاها تموت قدام عينيه
بناو الحوش و صلبوها
عطشت جاعت بلا قياس
بقات فالناس ما قربوها
سطوة القايد خوفات الناس
رسل عوانو جاو ينصحوها
حلفت هي ما تحني الراس
راضية بالموت غير خليوها
و سعدات اللي مات ع الإخلاص
صفار اللون و العود يبان
و ناح الغراب للسما و ندب
دخلاتها الموت و بقات فالعساس
شفق من حالها عطاها تشرب
و بصوت ضعيف خاف من الناس
و الروح طالعة تلاقي الرب
قالت لو نوصيك بالله يا عساس
كول للقايد بزاف عليك الحب .

* * * * * * * * * *

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الشريف السلاوي
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية الشريف السلاوي

تاريخ التسجيل: 5 - 1 - 2014
السكن: المغرب الحبيب .
المشاركات: 10,966

الشريف السلاوي غير متواجد حالياً

نشاط [ الشريف السلاوي ]
معدل تقييم المستوى: 1248
افتراضي
قديم 25-12-2014, 20:30 المشاركة 5   



خربوشة ... المرأة العيطة (مساهمة للنقاش)



تكمن القوة المخزنية في بسط نفوذها من خلال نشر ثقافة الخوف وتشكل اللاوعي النائم الذي عبرت عنه مركوم بطريقة أو بأخرى، حيث يمكن اعتبارالقائد العبدي عيسى بن عمر رغم موته كجسد لم يمت كجهاز.



-1- حادة الزيدية أوالمرأةالعيطة
ما بين الأصل والامتداد مسافات من الزمن لا يمكن قطعها بسهولة باعتبارالتاريخ ليس خطا مستقيما يسهل على الباحث المشي فيه بيسر وأناة وإنما هو بؤر وقطائع وعقبات . وقد يزداد عناء الباحث عندما يتعلق الأمر بحقبة تاريخية تتسم بميسم التعقيد وتتداخل فيها مجموعة من المصادر الدالة على تضارب الآراء والمواقف.
تلك ، إذن ، هي حالة امرأة اشتهرت بتحديها لأشرس قائد عرفته منطقة عبدة فتداخلت في تركيب صورتها التاريخية بصمات من الواقع والأسطورة . فحادة أوخربوشة الأصل ليست سوى الأغنية /العيطة في شذراتها المتبقية والتي ضاع جلها ، مع كامل الأسف ، لأسباب لايتسع المقام هنا لذكرها . أما الامتداد فيمكن تقسيمه ، في هذا السياق ، إلى قسمين : الامتداد الخارجي والامتداد الداخلي . فالأول إبداعي محض تحكمت فيه عوامل الزمن والتطور. والثاني تقليدي يقتات من فتاة النموذج الذي يمكن وصفه
ب " السيمولاكر" simulacre الذي يستنسخ الأصل وبالتالي يساهم في اغتياله وتدميره.

إن الامتداد الأخير الذي عرفه تاريخ العيطة خصوصا مع الشاعرة حادة لع بفيه التوجيه المخزني دورا كبيرا إلى جانب بعض فصائل الأغنية الشعبية التي تتعيش من فتاة النموذج مثلما وقع في" عيطة ( حاجتي ف كريني ) التي هي أصلا مننظم خربوشة، حيث أضيفت إليها أبيات ذات إيحاءات غزلية بل وجنسية بحتة... " (2) ففي نفس السياق يضيف الخضري قائلا إن الشيخة خديجة مركوم قد رفضت" في البداية غناء تلك القطع لما تضمنته من تقريع مباشر وصريح للقائد المذكور خوفا من انتقام حفدته الذين ما زالو على قيد الحياة" (3) . لكن حقيقة هذا" الخوف" ، من منظورنا، لا تتجلى في فروع الأصل أوفي فروع فروعه وإنما في امتداد الأصل وانتشار الظاهرة القايدوية وتغلغلها في اللاوعي الجمعي. وهنا تكمن القوة المخزنية في بسط نفوذها من خلال نشر ثقافة الخوف وتشكل اللاوعي النائم الذي عبرت عنه مركوم بطريقة أو بأخرى، حيث يمكن اعتبار القائد العبدي عيسى بن عمررغم موته كجسد لم يمت كجهاز. وهنا يكمن الفرق ،إذن، بين الأصل والامتداد، بين النموذج ونسخته الكاربونية ، بين خربوشة ومركوم . فالأولى ، من خلال التوصيف الشائع للباراديم paradigme، تمثل الصندوق بينما الثانية تفكر خارج الصندوق.
إن الامتداد المعروف بتجلياته الحالية ، سواء كان غناء أو تأليفا ، غالبا ما يسعى إلى تشويه الأصل ورجم الغائب بالغيب . فالاجتهاد مقبول ، والتأويل محمود ، لكن عندما يصبح الاجتهاد والتأويل تشويها ، وتنفلت من يد المجتهد والمؤول أدوات الاشتغال الدالة على الحسالنقدي والمقارنة وإخضاع الموضوع للمساءلة بمقاييس العقل والمنطق – سيما على مستوىالأغنية التي اشتهرت بها حادة – يضيع النموذج / الأصل في التلقيح والتلفيق ، وإعادة الكتابة . وهنا نكون أمام آفة قديمة قدم التاريخ اسمها " الانتحال" والتي لا يخلومنها تاريخنا العربي في رواياته وأشعاره.
وقد سبق لعميد الأدب العربي فيمشروعه النقدي أن كشف عن جزء من هذه الآفة.

-2- حادة أوخربوشة... المرأة/ العيطة


اشتهرت بأسماء متعددة فأضفىعليه االمخيال الشعبي"قناعا" أسطوري ارفعها في مصاف الشاعرات اللواتي قل نظيرهن في مغرب أواخر القرن19 وأوائل القرن .20 امرأة عاشت في مغرب السيبة. مغرب، كجميع الدول العربية، يعتبر المرأة حريما ونصيبا من سقط المتاع. وترسيم الهذه الصورة وضع على فمها قفلا، واعتبرها جزء من تفاصيل الشيطان.
فهل يمكن اعتبارخربوشة، إذن ، " شيطانا" بالمعنى اللاديني هزت أركان عقيدة دنيوية جديدة اسمها "القايدوية" ؟
إن أخطر سلاح لم يستسغه القائد العبدي هو سلاح القول المأثور . وإن الشيئ الذي لم يكن يتصورهأو يخطر على باله أبدا هو هجاؤه من طرف امرأة هي ، في عرفه ، خلقت لتكونجارية أو خادمة في بلاطه المطل على مملكته التي ترتعد لها الفرائص.
وإسهاما منا في توسيع روافد النقاش نورد هنا مطلع القصيدة الشهيرة للشاعرة حادة ،والتي لم يفرد لها الخضري مكانا متميزا داخل كتيبه باستثناء إشارة عابرة على هامش الصفحة 18 والتي لنا لها عودة فيما بعد.


تقول الشاعرة حادة : واميمتي والحصبة ولاَفة
وللا سروتها علاَفة
تبدأ القصيدة بواو الندبة ( واميمتي) وكأن الشاعرة ، هنا ، تندب حظ منطقة الحصبة وساكنتها التيابتليت بقائد لا يعرف الرحمة رفقة بطانته / السروت، بالمعنى المجازي للكلمة ،للتنصيص على حاشية ( علافة) لا هم لها إلا التبذير أو " العلف " بشراهة لاتطاق.
مصدر المبالغة ، هنا ، يتلوه نداء التوكيد اللفظي:

وتعال تعال
حتى نسولك
أداك الغادي
لايأخذ التوكيد، هنا، مبتغاه إلا بالسؤال الدال على أن العيطة ليست بكاء أوعويلا بالمعنى الذي ذهب إليه البعض ، والذي زاد وأكده الخضري بالقول :

"بل وحتى مصطلح" عيطة" مشتقا من عيط" يعيط"عياطا" أي صاح وأصدر صوتا عاليا شبيها بالنواح.. ولهذا يسمي المصريون البكاء بالعياط.."(4) فإذا كان موضوع العيطة يمتح من العاطفة والوجدان شأنه شأن جميع أنماط الغناء الإنساني المعروفة منذ القدم حتى الآن فهذ اليس مبررا يدفع بنا لتغريبها عن سياقها المادي والروحي .
فلماذا يذهب البعض، إذن، إلى تمصير لفظة العيطة مع العلم أنها منتوج مغربي بامتياز؟
فالمغاربة عندما ينادون على شخص ما ، يستعملون اللفظ الدارج( عيَطْ عْلى فْلان ) وهو لفظ مشتق من العيطة بمعنى النداء . في هذا السياق نفهم نداء الشاعرة حادة " وتعال تعال" ، حيث تكون وظيفة النداء/ العيطةهي المساءلة .
وبالرجوع إلى سياق الشذرة السابقة نفهم أن الشاعرة هنا تريد أن تطرح على المستمع أو المتلقي سؤالا ( حتى نسول أداك الغادي) حول الماضي وجراحاته لتفكيكه ومعرفة أسراره من خلال السؤال المزعج كما سنرى لاحقا.
وتضيف الشاعرة :

" واش شفتو ما شفت أنا؟"

فالشاعرة ، هنا ، مبدعة وفنانة بالمعنى العميق للكلمة . لقد رأت ما لم يره الإنسان العادي فوظفت تكنيك السؤال المستفز.
ثم تسترسل قائلة:
"واش شفتو خيل بن عيسى "

من العام إلى الخاص يتمفصل السؤال داخل سياق مجتمع بدوي مكبل بثقافة تمنع السؤال باعتباره مدخلا للفتنة.
ثم تجيب وهي تصف خيول القائد العبدي:
"كحلينوغريين
ف العلفة جاوا مساويين
ويلا انتم سمعتونا
راالزواق يطير" (5)
الجواب ، هنا ، واضح يقفز من فمه المكر موظفا أسلوب المدح المغلف بالقدح . فخيول القائد بهية في طلعتها ، متناسقة في " علفتها" ،لكنها في نهاية المطاف بهرجة حاكم ، صباغة ودباغة أي مجرد " زواق" سرعان ما يختفي ويطير.

إن الشعر ، عموما ، لا ينبث إلا في حقول الوجدان والعاطفة ، وبدونهما لا يكون للشعر وجودا يذكر . فالشعر شعور وإحساس ، وليس بالضرورة " عياطا" أو رثاء أو بكاء . وهذا بالذات هو شعور حادة الزيدية ، شعور امرأة أحست بالظلم فوظفت قوة الكلمة والشعر ضد قوة السلطة والقهر.


-3- حادة الأصل وامتدادالتقليد

إن المتتبع لهذه الشاعرة سيلاحظ أن ما كتبته وغنته عبارة عن شذرات تتسم بطابع تليغرافي يعتمد على الاقتصاد في اللفظ والتعبير الحريص على تكثيف المعنى . وبالتالي فحرص الباحث في هذا المجال يجب أن ينصب على مساءلة بنية القصيدة وفق معايير التشخيص الداخلي لبنية النص.

لنعد إلى هامش الصفحة 18 ، حيث نقرأ في إشارة عابرة للخضري ما يلي :
" الحصبة ولافة
وسروتها عطابة " (6)
لنتأمل هذه الشذرة الأخيرة ونقارنها بمثيلتها التي سبق لنا ذكرها في هذا السياق فسنلاحظ أمرين اثنين:
- الأمرالأول : إسقاط أسلوب الندبة لأسباب غير معروفة.
- والأمر الثاني :إبدال صفة " علافة" ب " عطابة" .
وبغض النظر عن عمق المعنى بين الصفتين الأخيرتين يسقط هذا التشطير المرتبك في اختلال الجرس الموسيقي . ومرد هذا في نظرنا إلى امتداد التقليد الذي طال حادة / الأصل ، والذي جعل الخضرينفسه يعترف بأن الأبيات التي غنتها حادة " قليلة ومتفرقة في عدد من العيوط الحصباوية " (7)
وأن هذا الامتداد الداخلي لما بعد الحصبة تتصف محاولاته التقليدية بالحذف والزيادة وبالتالي يساهم في خيانة الأصل ويسقط في فخ الاستنساخ المزيف. ولتبرير ذلك يسوق الخضري عبارة ماكرة بحجة أن مرد ذلك يعود إلى الحصبة ذاتها " لعدم تماسكها من حيث وحدة الموضوع " (8).
ومع كامل الأسف ، فنفس الشيئ لجأ إليه هو ذاته رغم علمه المسبق بأن جل ما تركته حادة الشاعرة ضاع ، وأن لكل مغن حصبته الخاصة .. ولتبرير هذا الفعل ، مرة أخرى ، يسوق لنا إشارة من مخرج فيلمه" خربوشة" بضرورة " نظم عيوط جديدة" (9) لأننا بتعبير الخضري " أمام عمل روائي وليس وثائقيا حول الشيخة حادة الملقبة بخربوشة ولا عن القائد عيسى بن عمرالثمري .. " (10)
إن العمل الروائي هو وثيقة وشهادة للتاريخ بغض النظر عن الإبداع والخيال اللذين من المفروض توفرهما فيه . وأن مهمة المبدع هي إعادة الحياة والروح للموضوع الذي يشتغل عليه والحرص على جعله ينبض بالحيوية والجمال.
فإلى أي حد استطاع الثنائي الخضري ورضوان ريفق الحرص على الوفاء للمادة التاريخية لحادة / الأصل ؟ هل فعلا نجحا في ذلك أم أنهما قدما لنا سيمولاكرا يمثل الظلال لا الأصل ؟
سيمولاكرا يفكر خارج الصندوق سيما أنهما قدما لنا شهادة حية يعترفان من خلالها أن " العيوط المؤلفة للفيلم " (11) هي من تأليفهما وليست من تأليف الشاعرة حادة ؟
سؤال نتركه للقارئ ليتأكد بنفسه أن ما قام به الثنائي في هذا المجال هو تجميع لشذرات متفرقة هنا وهناك فيمتون العيطة. فهذه المحاولة قد ركبت صهوة المغامرة . ففي المغامرة نصف النجاح كما يقول الفيلسوف الدنماركي كيركيغارد kierkegaard، لكن النصف الأخر قد يتجلى ، من خلال هذا الامتداد ، في الزمن الحصباوي الذي مر من الأصل إلى النسخ ، من النموذج إلى الأيقونة ، من زمن الماضي إلى زمن الحاضر ، فأنتج بالتالي شبيها " .. إلا أن هذا الشبيه قد يكون نسخة قريبة من الأصل ، وقد يكون نسخة بعيدة مشوهة : في الحالة الأولى تكون النسخة أيقونة ، وفي الحالة الثانية سيمولاكر ، ف " الصورة تنتمي إلى الظاهر ، إلى النسخة لا إلى الحقيقة" (12) . وبالتالي فملامحها ليست في الأصل ملامح الينبوع . وهذا لا ينطبق ، فقط ، على الخضري ورفيقه بل امتد ، أيضا ، إلى فوضى التقليد الذي طال إرث الحصبة فجعل عيوط حادة تتضارب إلى حد يشعر معها الإنسان أنه ليس أمام شاعرة واحدة بل أمام عدة شعراء مفترضين من بينهم الخضري وريفق.
وربما هذا " التأليف /المونطاج" ، الذي عرفته أغاني الحصبة على امتداد الزمن ، هو الذي أفقدها تماسكها من حيث وحدة الموضوع لا كما عزا الخضري ذلك إلى الحصبة ذاتها في موقع سابق.


-4- حادة... شهيدة الأغنية الشعبية

كانت جريئة إلى حد بعيد. غطت المعارك التي دارت بين قبيلتها وعسكر القائد بالأغنية الملتزمة. بحب الوطن وعشق الإنسان مجدت الحرية والكرامة. وبأنفة المرأة القروية قاومت الظلم ووقفت ضد طغيان رجل صغير سرعان ما تحول إلى مستبد كبير تربى في أحضان القايدوية فعشق السلطة حتى النخاع. شاركت قبيلتها، بالكلمة، والصوت، والغناء، وكانت مثالا للمرأة المغربية في أواخرالقرن 19 وأوائل القرن 20 التي انخرطت مبكرا في الشأن العام ورفضت ، رغم علمها بشراسة القائد وصرامته ، أنتبقى مجرد كومبارس فكانت نهايتها نهاية الفاجعة.
لابد من الاعتراف بأن ثورة اولاد زيد لم تكن لتنتشر شعبيا لولا أشعار حادة التي انتشرت كالنار في الهشيم وسافرت عبر امتداد الزمن رغم الحصار والتشويه الذي ساهم فيه المخزن تاريخيا لتبخيس صورة الشاعرة وتحويل" العيطة" إلى مهرجانات ومواسم للفرجة الرخيصة والرقص الممهور بإيحاءات جنسانية مبتذلة . كما يجب أن لا ننسى أن تمرد حادة لم يكن ، فقط ، ضد نظام مخزني أوليغارشي النزعة وإنما ، بمعنى ما من المعاني ، هو بوادر مبكرة لمشروع نسوي ضد مجتمع ذكوري تقليداني يغلب عليه الطابع الأبيسي المحض.
هذا الانفلات الاستثنائي المتمرد على قاعدة الولاء والطاعة للطقوس المخزنية كانت ضريبته" التصفية " التي تشبه الاغتيال السياسي بالمعنى المعاصر.
من هنا ذهب البعض إلى اعتبار "الحصبة" أدبا يمكن تصنيفه في إطار ما يسمى ب "أدب السجون" لكون الشاعرة اعتقلت ، وسجنت ، وربما كتبت أوأضافت "أشعارا" داخل السجن لم تصلنا لحد الآن.
ومما لا شك فيه أن يد الغدر امتدت إليها باعتبارها رمزا لثقافة المقاومة ، وصوتا ضد القهر والاستبداد القايدوي . لكن البعض يزعم أن القائد العبدي وأد"خربوشة المرأة حية في حائط"(13) بينما يزعم البعض الآخر أن نهايتها تمت ، بشكل مأساوي ، فيبئر اشتهر لحد الآن في منطقة الحصبة ب"بئر حويدة" .
ومهما اختلفت طرق التصفية فان حادة الزيدية ستبقى شاهدة على جريمة الغدر و الاغتيال.. ستبقى "عيوطها" شاهدة على جهاز مخزني متخلف أزعجه الغناء، وأربكته الكلمة الصادقة. ومن عمق شذراتها المتبقية تؤشر، للذين ما زالوا يفكرونخارج الصندوق، أن الأغنية الشعبية وعلى رأسها العيطة ليست وسيلة للتنويم أوكلاما ساقطا وإنما سلاح للتوعية والمقاومة.


ميراني الناجي

المصادر

1- مسرحية (حادة) : تأليفوإخراج ميراني الناجي ، تشخيص جمعية رواد الخشبة بأسفي
عرضت هذهالمسرحية بالمدن التالية : أسفي 1986 – كلميم 1993– مراكش 1993- Nenteilleبفرنسا 2005
2- خالد الخضري،خربوشة... المرأةالعيطة، مطبعة المعارفالجديدة ،الرباط، الطبعةالثانية2009، ص 50
3- نفس المصدر ، ص 56
4- نفس المصدر ،ص56
5- شذرات من أغنية الحصبة
6- نفس المصدر ، أنظرهامش الصفحة 18
7- نفس المصدر ، ص 53
8- نفسالمصدر ، ص 53
9- نفس المصدر ، ص 53
10- نفسالمصدر ، ص 53
11- نفس المصدر ، انظر هامش الصفحة 69 ،
12- عنjean pierre vernant أورده مصطفى النحال ، من الخيال إلىالمتخيل : سراب مفهوم ، مجلة فكر ونقد ، ص 74 السنة الرابعة ، العدد 33 نونبر 2000









ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« مع أو ضدّ المثل 2 ( اللّي بغا لعسل يصبر لقريص النحل ) ؟ | رقصة " الكدرة " الصحراوية.. أهازيج مغربية تتغنى بالخيمة والترحال »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
درس في التاريخ حول "القايد العيادي" يجر أستاذا الى التحقيق. البرلمانية بعثت لجنة تحقيق على درس في التاريخ abo fatima أخبار الحوادث 0 22-05-2013 21:18
وهم القصة نورالدين فاهي القصص والروايات 7 28-06-2009 15:01
القصة السيد منعم القصص والروايات 9 15-06-2009 23:50
ما هي القصة القصيرة................ imane25 القصص والروايات 15 24-04-2009 10:59
حياتنا في هذه القصة مربية الاطفال دفــتــر المواعظ والرقائق 1 09-04-2009 15:59


الساعة الآن 14:34


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة