رواية *زليخة*21/22

[ميمون بوجنان]

النظرة الأربعون

- بونيس ضاس ...

- تفضلي .."جيهان" برافو...

هي في زيها السبتي ...قميص أبيض رقيق شفاف ،مفتوح حول جيدها يبدي أعلى ثدييها ،سروال "جينز"

أسود ،باد أنه يتحمل الكثير في حمله لكل هذه الأرداف ،اعتمرت أيضا قبعة زرقاء مخططة بالأحمر ،هي آخر هدية من صديقتها "ماريا" ...

ولجت سيارة المرسديس السوداء ،أغلقت الباب ،وضعت قبعتها جانبا ،مررت أصابعها في شعرها المقصوص على طريقة "مونرو" نظرت إليه:

-تراباخو؟؟؟

-سي.... تراباخو... سبادو ..سي ...تراباخو..سي...

-على بركة الله...شغل هذا الشيطان الرجيم..

-مومنتو...

- الوقت المحدد أربع ساعات ،أربع وأربعون دقيقة ...ديمارا..

منذ وصولها إلى مدينة "الناضور" تحاشت "امحيجيبة" الظهور في شوارع المدينة ،في أول أيامها بعد نزولها من سيارة الأجرة التي استقلتها ،يومها كانت مرتبكة وهي تبحث عن القماش الأبيض في مكانه المعلوم لتعطي صاحب السيارة الورقة التي بلل جزء منها بالعرق ،حدجها بنظرة فاحصة استبطأها ،أخرج حافظة نقوده لكي يرد لها المبلغ المتبقي ،نظر إليها مرات أخرى فيما هو يحسب الأوراق المالية من فئة خمسة دراهم :واحد..اثنان..ثلاثة.. باسم الله ...

همت أن تمسك بالمبلغ ،تعمد أن يلامس راحتها ،نظرت إليه ..قال:

أوصلك إلى حيث تريدين...

النظرة الواحدة والأربعون

ما اسمك؟إن سمحت طبعا..

-امحيجيبة...لماذا؟؟

جوابها كان تلقائيا ،بهت لسؤالها ،لم يجب ،تحركت لتتجه إلى حيث لا تدري ،أراد أن

يقول شيئا ما ،ارتبك ،لا يعرف لماذا؟ يا سبحان الله... غمغم بما لم تفهم ،لم تستدر ،لم تقل شيئا

تعثرت في مشيتها ،لا أحد يشك في بداوتها ،تتلفت باستمرار يمنة ويسرة ،تتأبط رزمة ملابسها ،بدا وجهها صبوحا رغم علامات العياء البادية عليه ،أحاطت بعينيها زرقة خفيفة ،يعلو شفتيها بياض ..

-حي "إبراقن" الله يرحم والديك...

-بعيد...استقلي "طاكسي صغير" حذار...افعلي قبل الغروب وإلا تعقدت الأمور ...نصيحة لوجه الله ..

لم تفهم ،همت أن تسأل لكن المرأة ذات الشعر المقصوص اللابسة لجلباب شفاف جدا جدا حتى لتبدو منه الأثداء ،استمرت في سيرها الحثيث الخطى ،تبدو على موعد ما ،عجبا لهؤلاء الناس الكل في عجلة من أمره الكل يهرول ..الكل على موعد؟؟؟

-إيه.... آ ختي.....

- طاكسي صغير ...

-تريد أختي أن أوصلها إلى حيث تريد ؟؟؟

-ليباركك الرب ..ألك طاكسي صغير؟

-لا ..طاكسي كبير ...هل تأتين معي ؟هيا ..

تذكرت ذات الجلباب الشفاف ،حذار ..حذار ..الكل يحذر ..

-...............

-هيا تفضلي معي ...

-ما اسمك؟؟

النظرة الثانية والأربعون

"امحيجيبة" لماذا؟؟

-لماذا؟لماذا؟ هل تأتين معي؟؟

-هل لك طاكسي صغير ...لا لا

علم أنها ليست مبتغاه لهذا اليوم ...هذه المتلفعة بهذا الحايك ..ماذا تتأبط ؟؟أوه...

-بوطا ...ستجدين طاكسي صغير هناك قرب محطة الحافلات ..هناك أترين؟؟

يعرف حق المعرفة أنها لم تفهم كلمته الأولى ..

-جزاك الله عني خيرا...

حثت خطاها ،حوالي الرابعة والنصف عصرا ...العصر..المغرب..الغروب...حذار..إبراقن ...حذار

ها هي ذي المحطة ..أين الطاكسي الصغير

تمت مراسم الخطوبة والزواج بسرعة كما يليق بمن في هذه السن كعمي "العياشي"..

التحقت "فاطمة" ببيت الزوجية هالها الأمر يوم الزفاف من كثرة النسوة المتحلقات حولها ومن

غمزاتهن الملحوظة إلى حد أحست معه بالغثيان من جو هاته الغرفة الضيقة التي تفوح منها رائحة

الجير والطلاء الأحمر الذي طليت به الباب والنافذة الصغيرة التي توجد أعلى الجدار ،على يمينها ،لاتمكن أحدا من أن ينظر خلالها إلا إذا لجأ إلى استعمال السلم الخشبي ..الذي نقل من مكانه الرسمي إلى مكان آخر وبالضبط إلى الغرفة المرفقة بالمنزل جهة المشرق ...لا سقف لها لحد الآن ..ينتظر عمي "العياشي" الحوالة التي ستصله عما قريب من ابنه "عبد الجليل" المتواجد منذ أربعة أعوام بألمانيا ...ليتمم بناء هذه الغرفة التي ستجهز خصيصا له ..

فاطمة تتصبب عرقا عرقا ،رائحة الحناء تضفي على المكان هيبة ،يزداد المكان ازدحاما وتكدسا باللحم البشري إلى حد لم يعد يطاق ،تشم رائحة بخور مركزة ،يصيبها دوار خفيف ..تزداد تصببا بالعرق ..

النظرة الثالثة والأربعون

تحس بالقرف اتجاه الكل ...زغرودات تخرج من حلقوم امرأة متمرسة تدوي في المكان ،تنظر فيما حولها بعينين مكحلتين ،تتضبب الرؤية لديها ..حمدت الله كثيرا حين أمرت إحداهن مغادرة الغرفة

وبسمة ماكرة على شفتيها ...

تستوي على الفراش الموضوع أرضا ،مغطى بإزار أبيض ،تمسح على جبهتها ،تسحب الوسادة المحاذية للجدار ،ثقيلة هذه الوسادة ...عما تحتوي هذه الوسادة؟؟تتكئ كما تفعل دائما حينما تعود من جلب الماء أو إحضار الحطب من "الجبل الصغير" ،لم يبق في الغرفة الصغيرة سوى فتاة من أهل العريس..

-ما اسمك؟؟

-"حورية"...

هل حقا سيعود "عبد الجليل" ليتزوج هنا في هذه القرية الظالم أهلها ؟

-هه؟؟

تعيش "حورية" عالم آخر ،عالم عرس ...فوجئت بهذا السؤال .."عبد الجليل"...الزواج..هنا..

-أتعرفين "نسرين"ابنة السيد"حسن"؟

-لم أرها قط..

-أتعرفين "جيهان"؟؟

-لم أرها قط؟؟

-أتعرفين مدينة "الناضور"؟؟

-لم... لم أرها قط

لم أرها قط..لم أرها قط..قط..قط..قلت اسمك "حورية"؟؟ما أغرب اسمك...

-اسمي ؟؟غريب ؟؟

النظرة الرابعة والأربعون

تصل إلى أذنيها الزغاريد كأنها منبعثة من قبور الشهداء المنسية ...يعرفها فقط الصناديق هذه المقبرة...

خرجت "حورية" خلسة ،دخل العريس ...دخل عمي "العياشي"...حليق الذقن ،مجلبب،ناصع الصلعة

تتأمله ...ترى من خلاله أشياء عدة ..هذه الأنف ..هذا ..

-فاطمتي...السلام عليك..

-................

تشابهت أيام "زول" ،توالت،أخبرهم "برحيل" ذاك اليوم بقرب زفاف "فاطمة" بعمي "العياشي" .

تحدث نفسها في أحايين كثيرة ،عمي "العياشي"؟؟لقبوه،هي وأحمد،بالشيباني ،يتزوج "فاطمة"؟أحسنهن جمالا وقدا ..لا تكاد تصدق "برحيل"..لا تريد أن تصدقه ...تعرف أن "برحيل" يحترف الكذب ..يوم أخبرهم علت سحنته بسمات ماكرة ..صباح اليوم الموالي ،خلال الدش البارد ..في هذا الفصل الحار..أثناء هلوسات "جيهان"التي تداوم عليها كمداومتها على أحمر الشفاه...أكدت لها الخبر:

-"زول"..زول" ضمت إليها "زليخة" ضمة شديدة ،وضعت رأسها بين ثدييها ...الأفضل أن تكوني بين يدي من أن تكوني بين يدي عجوز كفاطمة الآن بين يدي عمي "العياشي"..

-أصحيح ما قاله ع..."برحيل"...

-أي نعم ورب العرش والسماوات ..."زول"...هكذا ..ممتاز .لأول مرة تكلمت "زول" أثناء

دشها اليومي ،لم تجرؤ على رفع عينيها في سيدتها......

استمرت في إشباع جنونها الصباحي،"زول" تستبطئ الزمن لتعيش خيالاتها كاملة ..تعرف أنها بعد هذا

النصف ساعة التي تكون مشغلتها أودع وألطف مشغلة على وجه البسيطة ستخرج لتنكفئ على وجهها في المطبخ لتقوم بما لابد منه ..منذ قدومها لا تكاد تخرج من هذا المطبخ اللعين إلا لتعود إليه ....

شهر يونيو ،أشعة الشمس دافئة في هذا الصباح ،تنذر بيم قائظ ،قامت بتحضير الفطور للكل ...

[hlilou]

جميل اخي بدات احداث القصة تتسارع.....
ننتظر اجزاءك المقبلة
لك تحياتي اخي ودمت مبدعا

[ميمون بوجنان]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hlilou جميل اخي بدات احداث القصة تتسارع..... ننتظر اجزاءك المقبلة لك تحياتي اخي ودمت مبدعا

الاجمل ان تعودي للمتابعة....شكرا لك على المرور...على التشجيع....على كل شيء....احترامي لك..