لما الموت أيها المشايخ؟؟؟ - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



دفــتــر المواعظ والرقائق تعالو بنا نؤمن ساعة ، دعوة إلى وعظ النفوس و ترقيق القلوب بكلام طيب يقربها من خالقها ..

أدوات الموضوع

الصورة الرمزية المامون حساين
المامون حساين
:: دفاتري متميز ::
تاريخ التسجيل: 19 - 9 - 2008
المشاركات: 198
معدل تقييم المستوى: 209
المامون حساين على طريق الإبداع
المامون حساين غير متواجد حالياً
نشاط [ المامون حساين ]
قوة السمعة:209
قديم 04-07-2009, 17:56 المشاركة 1   
عاجل لما الموت أيها المشايخ؟؟؟

طالما رأيْتُ شيوخاً (وما أكترهم) في شاشات الفضائيات، يزاولون نمطاً من الدعوة إلى الإسلام يَجْعَل متلقيها، والذي خضع لتأثيرها، يَفْهَم الإسلام، ويتصوَّره، في طريقة تميت كل معنى للحياة في عقله وسلوكه، وكأنْ لا سبيل إلى الإيمان بالله سوى بث وزرع وغرس هذا الرعب (رعب الموت) في نفوس الناس، صغاراً وكباراً.
أمَّا "مرجعيتهم الدينية" فهي، في المقام الأوَّل، كتاب "عذاب القبر"، الذي ينشر ثقافة موتٍ تَجْعلنا أموات ونحن على قَيْد الحياة، ولا يفيد منها إلاَّ ممتهني حراسة النعوش والقبور والليل، والساعين دوماً إلى استمرار وتثبيت حُكْم الأموات للأحياء على مرِّ القرون والعصور.
حتى طقوس الموت عندنا تَتَّجِه في الاتِّجاه الضار ذاته، فَلْتَنْظروا، إذا ما أردتم دليلاً على ذلك، إلى فحوى الخُطَب التي يلقيها شيوخ القبور عند دفن ميِّت، وإلى الطرائق التي من خلالها نُعبِّر عن حزننا، أكان صادقاً أم كاذباً. يكفي أنْ تَنْظروا وتتأملوا حتى تدركوا أنَّ الغاية هي جَعْلُنا نحن الأحياء (حتى الآن) في حالٍ من الموت الإنساني والحضاري والاجتماعي والفكري.. والسياسي أيضاً، فَقُلْ لي كيف تَفْهَم الموت وتَنْظُر إليه حتى أقُلْ لكَ كيف تعيش، واقعاً وفكراً وشعوراً.
يسمُّونها "غريزة حُبِّ البقاء"، أو "غريزة البقاء"، التي هي في الإنسان (الحي) دافعا ذاتيا في منتهى القوَّة، يَدْفعه إلى الصراع ضد كل ما يمكن أن يَجْعَل حياته عُرْضة للخطر، الذي أعْظَمَه خطر الموت.
لقد ظلَّ خوف الإنسان من الموت، الذي هو العاقبة الطبيعية الحتمية لحياته، وممَّا قد يتسبَّب في حدوثه، أو في تعجيل حدوثه، مَصْدرا مهمِّا لتطوُّره الثقافي والحضاري؛ وطالما رأيْنا الخوف من الموت، مع بقائه، أي الموت، لغزا محيِّرا للألباب، لجهة ماهيِّته ووقت حدوثه، مَصْدَر قوَّة وتغذية لبعضٍ من الثقافة الإنسانية، فالحاجة إلى الحرب دَفَعَت إلى إنتاج وتطوير (ونشر) ثقافة للتغلُّب على الخوف من الموت في نفوس المحاربين، ولإظهار الموت في أثناء القتال على أنَّه انتقال حتمي إلى حياة لا تَعْدلها أبداً "الحياة الواقعية"، جمالاً وجاذبيةً وإيجابيةً.
وفي لُغْز "ما بَعْد (أو ما بُعَيْد) حدوث الموت"، بُذِلَ كثير من الجهد الفكري لإنشاء وتطوير ثقافة موت متناقضة، فتلك اللحظة، أي لحظة حدوث الموت، وذاك الموضع، أي القبر، صُوِّرا، في "ثقافة الموت"، تصويراً متناقضاً، تلبيةً لحاجة متناقضة، فإمَّا عذاب لا مثيل له يذوقه الميِّت، وإمَّا عذوبة لا مثيل لها.
إنني أدعو شيوخ القنوات الى خفض منسوب الخوف من الموت في نفوس المسلمين،ليصبح من أهم المقاييس التي بها يمكن قياس تطوُّرنا الحضاري والثقافي، على أن يُتَّخَذ تطوُّرنا الحضاري والثقافي (والعلمي) ذاته وسيلة لتحقيق ذلك، فمنسوب الحياة، بأوجهها ومعانيها كافة، في الإنسان المسلم يعلو مع كل هبوط في منسوب الخوف من الموت في نفسه.
من كثرة ادمانه على القنوات يصاب الإنسان المسلم بعُقْدَة "الخوف من الفشل"، فهذا الإنسان يُحْجِم عن القيام بكثير من الأعمال، التي يحتاج إلى القيام بها، مخافة أن يفشل. لقد أقعده الخوف من الفشل فأَقْعِدَ، أي أصيب بالقُعاد، وهو داء يمنع من المشي.
وليس للخوف من الفشل من سبب سوى الفشل الثقافي والتربوي في إنشاء وتطوير موقف واقعي وعقلاني من الفشل، الذي هو تجربة يمكن ويجب أن نتعلَّم منها كيفية جَعْلِه سبباً للنجاح.
ولا شكَّ في أنَّ استبداد الخوف من الموت بنفوسنا هو مصيبة أدهى وأمر؛ لأنَّه يُحَوِّلنا إلى أموات ونحن على قيد الحياة، ويَحْول بيننا وبين أن نكون أبناء للحياة بكل أوجهها ومعانيها.
"
ثقافة الموت" عندنا يجب أن تتغيَّر بما يجعلها مَصْدَر قوَّة وتغذية لـ "ثقافة الحياة". وهذا التغيير لا يمكن أن يَظْهَر ويتأكَّد إلا بخوض صراع ضد كل تلك الجوانب من "ثقافة الموت" التي تَرْفَع في النفوس منسوب الخوف من الموت، والتي نراها واضحة جلية في كثير من برامج وطقوس، وعادات، وتقاليد، الموت السائدة في مجتمعنا؛ ونراها في منتهى الوضوح والجلاء في "خُطَب الرعب"، التي يلقيها "متخصِّصون"، في المقابر، في الشاشات يوميا، وكأنَّهم يعلمون عِلْم اليقين كل ما سيتعرَّض له الميِّت في قبره.
وأحسب أنَّ الخوف من الموت هو الخوف الوحيد الذي لا مبرِّر له، والذي ينبغي للإنسان، بالتالي، أن يَجْتَثَّه من نفسه؛ لأنَّ الموت ذاته هو الحدث الذي عنده ينتهي الخوف من الموت. إنَّ هذا الخوف لا يعرفه إلا الأحياء.
إنَّ الموت الذي ينبغي للإنسان أن يخشاه حقَّاً هو أن يصبح ابناً للموت وهو على قيد الحياة، وأن يموت، بَعْد موته، ذِكْراً، واسماً، وعملاً.
لقد رضعنا من "ثقافة الموت"، التي توفَّر الجهل على إنشائها وتطويرها ونشرها، ما أصابنا بـ "الإعاقة عن الحياة"، بكل أوجهها وصورها؛ وقديماً سعى بعض فلاسفة الإغريق لإجابة "سؤال الموت" بما يسمح بإنتاج مزيدٍ من أبناء الحياة، الذين قال فيه الشاعر إيليا أو ماضي: أحْكَمُ الناس في الحياة أُناس علَّلوها فأحسنوا التعليل.
لقد قالوا، في فَهْمٍ للموت لا يُفْسِد معنى ومنطق الحياة، إنَّ الحيَّ هو وحده الذي يُدْرِك الموت ويَشْعُر به، فليس من ميِّت يُنْزِلونه إلى القبر وهو مُمْتَلِك الوعي والشعور والإحساس، فالموت لا معنى له، ولا منطق، إذا لم يكن نفياً كاملاً للوعي والشعور والإحساس.. لا مكان للموت فينا (شعوراً وإحساساً) ما دمنا أحياء؛ ولا مكان للوعي والشعور والإحساس فينا عندما نموت، فَلِمَ الخوف والذعر والهلع من شيء لن نحس به أبداً؟
والآن، يأتينا العلم بما يقوِّي ويُعزِّز وجهة النظر الفلسفية القديمة تلك، فالأبحاث العلمية في ظاهرة الموت تَذْهَب في اتِّجاه تأكيد فكرة أنَّ الموت هو الظاهرة التي لا مكان فيها لأيِّ نوعٍ، أو مستوى، من أنواع ومستويات الإدراك والشعور والإحساس، فإذا كان الشخص المغمى عليه يعجز عن أن يُحدِّثكَ عن أي شيء حصل له عندما كان في حالة الإغماء فكيف للميِّت، الذي مات فيه كل وعي وشعور وإحساس..؟!
نعلم أن العِلْم، ومهما تطوَّر، لن يتوصل، أبداً، إلى "منع الموت"، فكل ما يستطيعه، حاضراً ومستقبلاً، لا يتعدى تأخير الموت، أي إطالة عمر الكائن الحي؛ ولكنَّ العِلْم كشف لنا من الحقائق ما يسمح لنا بتطوير فَهْمنا لماهية الحياة ذاتها، فالإنسان مُذْ وعى وجوده وهو يحاوِل معرفة وإدراك كنه هذا الوجود وماهيته.
"
المعلوم" من الإنسان إنَّما هو قطرة في بحر "المجهول" منه، فسؤال "مَنْ أنتَ؟" ما زال بلا جواب. قد أسألكَ عن عُمْر، أو متوسط عُمْر، الإنسان (الفرد) فتجيب على البديهة قائلاً: "سبعون عاماً (مثلاً)". ولكن، هل تَعْلَم أنَّ بعضاً منكَ، أي من جسمكَ، عُمْره نحو 15000 مليون سنة؟
!










آخر مواضيعي

0 القنوات المغربية تا هي دوزت الإمتحان....
0 لما الموت أيها المشايخ؟؟؟
0 الشيطان إمرأه
0 هل تستطيع أن تكون مثل هدا المواطن؟ لا أظن
0 فضحتك...فعذروني
0 فضحتك...فعذروني
0 البطة التي أحزنت العالم
0 ناجح ...ناجح...تمهل
0 تنبيه هام
0 يوميات مصحح

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لما, أيها, المشايخ؟؟؟, الموت

« اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد | درر من كلام ابن القيم القيم الجوزيه_تتمة_ »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ضحك حتى الموت younesserraoui المسابقات والألغاز 2 28-04-2009 17:07
ذكر الموت fotowa79 دفاتر المواضيع الإسلامية 2 28-02-2009 13:15
سحر الموت............ mahdar دفاتر الإبداعات الأدبية 21 01-02-2009 10:59
تحرك أيها الحاكم ....تحرك أيها النائم ...تحرك أيها الواهم ...تحرك قبل أن تندم عبد العالي الرامي دفاتر الأخبار الوطنية والعالمية 2 07-01-2009 14:02
أيها الضيف أيها الزائر: لديك رسالة هنا مريم الوادي الترحيب والتهاني 15 22-11-2008 23:51


الساعة الآن 10:54


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة