عفوا وزير التعليم العالي! لقد خيبت ظن الموظفين
ميلود عرنيبة: الصويرة
منذ سنين والموظفون الذين يريدون متابعة دراساتهم الجامعية يعانون من سياسات التلاعب التي يتناوب على نهجها كل من الوزارة المشغلة والجامعات، الأولى بخصوص منح التراخيص، والثانية بخصوص قبول التسجيل، فعلى سبيل المثال في وزارة التربية الوطنية، إما أن لا تمنح الموظف الترخيص، وإما أن تمنحه له بعد فوات أجل التسجيل في الجامعات، وفي حالة إذا ما منحته في الأجل الموافق للتسجيل يأتي دور الجامعة في فرض شروط معجزة الهدف منها هو عدم تسجيل هذا الموظف. إنها حرب نفسية عانى منها الموظفون لسنوات.
وفي ظل الحكومة الجديدة وبعد تولي السيد الداودي مهام وزارة التعليم العالي، استبشر الموظفون خيرا بهذا الأمر، وبدؤوا يمنون نفوسهم بأن الوزير سيضمن لهم حق متابعة دراستهم تحقيقا لحلم ظل يراودهم مدة طويلة، وازداد أملهم بعدما شرع السيد الوزير في كشف "الخروقات" التي يقوم بها رؤساء الجامعات وفضحها. ولكن الفقيه الذي انتظر الموظفون بركته "دخل المسجد منتعلا بلغته"، فقد طلع علينا السيد الوزير بقراره القاسي الذي يقضي بمنع الموظفين من متابعة دراستهم الجامعية، ولما بدأ الموظفون في التحرك والتفكير في تكوين تنسيقيات تناضل من أجل استرجاع هذا الحق الدستوري، طلع علينا بتصريح مباشرة من "القبة المقدسة" -هذه القبة التي طالما كُذب منها على الشعب المغربي- تصريح يحمل "توضيحا" أقبح من قرار المنع نفسه. لقد تعامل السيد الوزير مع الموظفين في هذا التوضيح وكأنهم سذج أغبياء، يقول"إننا لم نمنع الموظفين من متابعة دراستهم الجامعية، ولكنهم سيتابعون دراستهم مثل الطلبة العاديين، بحيث إذا تغيّب الواحد منهم ثلاث مرات يشطب عليه".
الله! الله! عليك يا سعادة الوزير:
ألقاه في الماء مكتفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
فكيف يمكن لموظف يشتغل على الأقل 18 ساعة أسبوعيا أن يواظب على حضور محاضراته في الجامعة ؟ فإما أن السيد الوزير يسخر صراحة من الموظفين ويستهزئ بهم، وإما أنه يدعوهم صراحة للغش في وظائفهم عبر "السليت" من أجل القدرة على حضور الدروس في الجامعة. وبأسلوب أكثر سخرية يقول السيد الوزير" إن الوزارة تفكر في متابعة الدراسة الجامعية بالنسبة للموظفين عبر أسلوب التكوين عن بعد، وهذا ما لم نفكر فيه حتى الآن". فمتى ستفكرون في هذا الأمر يا سيدي الوزير؟ أبعد أن تنتهي مدة صلاحية حكومتكم؟ أم ترى أنك ستدوم في منصبك هذا أبد الآبدين، حتى تفكر بتريث في الأمر؟.
في البلدان المتقدمة يشجعون على متابعة الدراسة والتكوين، ويمنحون الموظفين كل التسهيلات من أجل ذلك، ويعتبر التكوين المستمر عندهم شيئا ضروري لا يمكن الاستغناء عنه، أما في بلدنا الحبيب فالأمر مختلف تماما، فقد لا حظنا في السنوات الأخير -والحمد لله- انتفاضة وعي كبيرة في صفوف الموظفين، وأصبح الجميع يسعى بكل الوسائل لمتابعة الدراسة الجامعية في خطوة كان على الدولة أن تشجعها وتفرح بها، ولكن يبدو أن المخزن المغربي أفزعته هذه الخطوة، و فطن للأمر فأصدر تعليماته للجامعات وللوزارات المشغلة من أجل الحيلولة دون تمام هذه الثورة العلمية التي بدأت في صفوف الموظفين.
ويبدو هذا الاحتمال واردا بشكل كبير، لأن معالي الوزير الداودي وغيره من الوزراء -كما يعرفون ونعرف جميعا- لا يتحركون إلا بتنفيذ تعليمات حكومة المخزن الذي يرى في وعي الشعب وتكوينه خطرا يهدد كيانه.
والدليل على أن الموظف المغربي يريد متابعة الدراسة الجامعية من أجل التثقيف والتكوين وتحسين كفاءاته ومستواه المهني لا غير، هو أن الموظفين الراغبين في متابعة الدراسة ازداد عددهم رغم صدور تلك المذكرة التي تعلن عن توقيف الترقي بالشهادة، فلو كان الموظف همه ماديا ما كان ليتحمل الصعاب ويزيد عليه مصاريف الدراسة.
سيدي الوزير لقد خيبت ظن الموظفين فيكم، عفوا، لقد خاب ظن المغاربة جميعا في حكومتكم!.
30-5-2012
هبة بريس