"العربية.نت" ضمن وفد إعلامي، زارت قرية إنمل وسط المغرب النائية لتنقل معاناة الناس هناك، وفي الطريق غير المعبدة، التي يقطعها السكان مشياً على الأقدام، خلال 3 ساعات على أقل تقدير، تحتاج سيارة رباعية الدفع إلى ساعة ونصف الساعة.
وداخل قسم واحد في القرية المنسية، التقت العربية.نت، بإبراهيم علال أستاذ المرحلة الابتدائية، بعد أن قضى هنا في إنمل من عمره ست سنوات في نقل المعرفة لأبناء القرية، وليساعد الفتيات والفتيان "على الخروج من واقع القرية الاجتماعي"، الذي يصفه الأستاذ بـ "الصعب جدا".
ويُعاني أطفال القرية بحسب الأستاذ من برودة الطقس، خلال فصل الشتاء الطويل والبارد، ما اضطر الأستاذ إلى شراء آلة تقليدية الصنع للتدفئة، من ماله الخاص، وحملها على متن دراجته النارية، على الطريق غير المعبدة، خلال ساعتين اثنتين، فيما يتشارك التلاميذ بـ "إحضار قطعة من الخشب لكل تلميذ"، للحصول ولو على قليل من الدفء، لأجسامهم الصغيرة، في عملية تشاركية يُشجع عليها الأستاذ إبراهيم، ابن مدينة خنيفرة، في الأطلس المتوسط.
وفي حديثه للعربية.نت، يوضح الأستاذ إبراهيم أنه "بدون تضحية الأستاذ، من ماله الخاص، ومن جسده ومن صحته"، فإن "قطار التعليم سيتوقف في المناطق المعزولة"، كقرية إنمل، داعياً كل زملائه من رجال التعليم، في القرى المعزولة، إلى "التضحية كثيراً" وإلى "مقاومة قساوة الطبيعة أولا، وانتشار الجهل ثانيا".
وانطلاقا من تجربة الأستاذ إبراهيم، فإن "التعليم يعاني من سلسلة مترابطة من المشاكل"، في القرى الجبلية المغربية، معترفاً للعربية.نت بأن "الظروف تحسنت قليلا، بالمقارنة مع الماضي القريب"، معترفاً أنه كان يصل إلى "قرية إنمل على ظهر الحمار"، أما اليوم فهو يستعمل دراجة نارية، تساعده على التنقل.
ويقوم الأستاذ إبراهيم، في قسم، يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، "بكل شيء"، فهو "النجار الذي يحافظ على الصبورة في مكانها"، وهو "الخياط الذي يرقع ملابسه، كلما ظهرت بها عيوب"، وهو "الطباخ الذي يسد جوعه نهارا وليلا، لأنه يعيش وحيدا بعيدا عن أسرته وأولاده"، وهو "الممرض الذي يقرأ تعليمات استعمال الدواء للسكان"، وهو "مبعث الأمل للتلاميذ"، مشدداً على أنه "إذا لم يقم بكل شيء، فلن تستمر الدراسة".
ففي يناير الماضي، لأول مرة في تاريخ قرية إنمل، أوصلت مبادرة محاربة الفقر، الماء الصالح للشرب، في انتظار إمكانية تزويد المنازل بالماء، وفي انتظار ذلك، يشرب القرويون من ماء الآبار، بينما الكهرباء ينتظرها السكان منذ سنوات، لتبقى الأساليب القديمة في الإضاءة، من مصابيح الغاز السائل، أو من توفر على بعض المال، لشراء وحدة صغيرة الحجم، للطاقة الشمسية، لتشغيل التلفزيون، لمشاهدة ما يجري في العالم الخارجي، عبر شاشات صغيرة ومتقادمة جدا.
وفي هذا العام لم تنزل الثلوج بكثافة، ما مكن قافلة من الصحافيين المغاربة من الوصول لقرية إنمل، لتسجيل مشاهد من يوميات حياة سكان قرية إنمل، أما في الأعوام الماضية فإن الثلوج والأمطار كانت تجعل الوصول إلى القرية مهمة شبه مستحيلة باعتراف السكان، ما يضطرهم إلى استعمال "سلاح" الصمود من أجل البقاء على قيد الحياة.
في نهاية الجولة، غادرنا قرية "إنمل" والسيارة رباعية الدفع تبتعد السيارة، ومع كل منعرج تتجمع الصور عن الفقر أمام أعين وفد من الصحافيين المغاربة، قدموا من الرباط، في رحلة نظمتها التنسيقية القومية لمحاربة الفقر، التابعة لوزارة الداخلية، من أجل فك العزلة الإعلامية عن مغاربة يعانون في وحدة وفي صمت منذ عقود في مواجهة عدوين اثنين هما البرد القارس والفقر.
لقراءة التقرير كاملا
تقرير قناة العربية : تضحيات معلم قروي في المغرب