يعد مفهوم الوضعية ـ المسألة ، أحد المفاهيم الأساسية التي اخترقت حقل العملية التعليمية التعلمية والتي تتميز بكونها تعتبر المتعلم طرفا أساسيا وفاعلا لا يقتصر دوره على تلقي الأجوبة والتنفيذ و الطاعة، بقدر ما يتوجب عليه المساهمة في صياغة الأسئلة وإيجاد الحلول· وهو يتأسس في صياغته على مختلف التحديدات والتعاريف التي نسجت حول "المسألة" و "المشكل" وارتباطهما وامتداداتهما في حقل التربية عامة وبالخصوص فيما يتعلق بديداكتيك تدريس المواد·
للمفهوم جانب عملي ملموس نقترح لوحة تبينه وتحدده وفي نفس الوقت تلخصه بشكل يفيد ويجدي· مما قد يساعد في تصور المفهوم في بعده العملي وبالتالي قد يضع لبنات واضحة لمن يتوخى تحضير درس ما يعتمد فيه على خاصياته ومتطلباته في شكلها الأكثر تناولا·
1 ـ متطلبات الوضعية ـ المسألة
ـ أن تتوفر على المعنى، أي أن تعني المتعلم بحيث تستثير مشاركته وبالتالي لا يكتفي بالطاعة والتنفيذ فقط·
ـ أن تكون مرتبطة بحاجز بين، محدد وبالإمكان تجاوزه، وأن يستطيع المتعلمون الوعي به عن طريق تجلي تصوراتهم الخاصة، أي تمثلاتهم الذهنية·
ـ أن تولد السؤال لدى المتعلمين (والذي لايكتفي بالإجابة فقط عن أسئلة الأستاذ)·
ـ أن تخلق قطيعة أو قطائع تجعل المتعلم يفكك نماذجه التفسيرية الأولى إن بدت غير مكيفة أو خاطئة، وإذا وافقت وضعية معقدة، ومرتبطة ما أمكن بالواقع، ويمكن أن تكون منفتحة على أجوبة مختلفة مقبولة، على مختلف الاستراتيجيات التي يمكن استعمالها·
ـ أن تنفتح على معرفة ذات طبيعة عامة (مفهوم، قانون، قاعدة··)
2 ـ كيفية بناء الوضعية ـ المسألة
ـ حصر الهدف المعرفي للنشاط تبعا للأنوية الصلبة للمادة الدراسية· وموضعة هذا الهدف بالنسبة للمشاكل الأكثر حدة في المادة، وبالنسبة لتاريخ الحقل العلمي المعني بالأمر مما يبين قطائعه الابستيمولوجية، وفي سبيل هذا البحث:
ـ وجوب الانتباه وتحديد التناقضات، والخيارات المختلفة، والظواهر التي تثير الاندهاش، أو التي تهم التلاميذ مباشرة·
ـ البحث في الكتب المدرسية والمراجع العلمية عن بعض الأسئلة أو بعض المشاكل التي بإمكانها أن تتحول إلى وضعيات ـ مسائل·
ـ تحديد وتسمية تمثلات المحتوى الدراسي الأكثر حضورا لدى الجمهور المقصود·
ـ وإجمالا لا يجب التردد في تخير آلية الاستفزاز كلما تعلق الأمر بالوقائع المقدمة وفي طرح المشكل، والإثارة عبر وسيلة السؤال الذي يجب أن يكون مفتوحا جدا (مثلا: ما رأيك في هذا الأمر؟)·
ـ إيجاد الوثائق التي بمقدورها إغناء الوضعية ـ المسألة وتمكن من بناء التمثلات الأكثر نجاعة·
ـ ملاءمة اختيار الوثائق مع نمط التدبير البيداغوجي المختار·
3 ـ كيفية طرح الوضعية ـ المسألة
يجب طرح الوضعية المسألة بشكل يعارض التمثلات السائدة وبحيث تتولد عنها صراعات معرفية، والتي تحرك الحافز (القطيعة الابستيمية)· للوصول إلى ذلك يجب اقتراح:
ـ طرح لا يزعج··
ـ فكرة أو نص يجلب الانتباه ويشغل المتعلم
ـ نتيجة تجربة لاتبدو منطقية
ـ مسألة تبدو مستحيلة الحل
ـ نموذج تفسير يتناقض مع ما تعلمه التلاميذ
ـ عناصر تبدو متناقضة (ظاهريا!)
ـ عنصران لايوضعان عادة بشكل متواز
ـ "فخ" يسقط فيه التلاميذ
ميشيل هوبير تقديم وترجمة: مبارك حسني
جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 8/2/2006