الكتاب المدرسي والنظرية النقدية - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



دفاتر الترقية والأجور والتعويضات هنا تجد كل ما يتعلق بالشؤون المالية بدفاتر dafatir من أخبار وجديد الترقية بكل أنواعها: الترقية بالإختيار، الترقية الاستثنائية، الترقية في الرتبة، الزيادة في الأجور، التعويضات ، الإقتطاعات ..

أدوات الموضوع

التربوية
:: مراقبة عامة ::
تاريخ التسجيل: 11 - 1 - 2008
المشاركات: 10,765
معدل تقييم المستوى: 1294
التربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداعالتربوية في سماء الإبداع
التربوية غير متواجد حالياً
نشاط [ التربوية ]
قوة السمعة:1294
قديم 02-03-2008, 23:12 المشاركة 1   
هام الكتاب المدرسي والنظرية النقدية

الكتاب المدرسي والنظرية النقدية من خلال المدرس
التاريخ: 14-4-1427 هـ
الموضوع: علوم و تربية


الكتاب المدرسي والنظرية النقدية
من خلال المدرس

إعداد
عبد العزيز قريش
مدخل:
الكتاب المدرسي علميا: منطق فلسفي مؤسس على نظرية أو نظريات معينة تحتويه منهجا وبناء ومضمونا، كما أنه منطق سياسي يحتوي فعلا سياسيا يتوخى مخرجات معينة لنسق اجتماعي معين،ومنطق اجتماعي يحتوي نظاما اجتماعيا بأبعاده المختلفة ومستوياته المتنوعة؛فهو بذلك بناء حضاري يفصح عن مكنون إنسانه وبيئته وفلسفة حياته وبنية عقله وتفكيره وطموحاته،ومن ثم يتجاوز كونه وسيلة تقنية تعليمية في يد المدرس والمدرس تساعد في بناء الدرس إلى كونه رؤية عميقة للكون والذات والحياة،تتشكل منه رؤية الناشئ لهذه الأبعاد الثلاثة ضمن التنشئة الاجتماعية له.لذا تموضع من المنهاج الدراسي موضع القلب من جسم الإنسان،وطلب مراجعة مستمرة عبر النظرية النقدية التي تمدنا بالبدائل النظرية والمنهجية المساعدة على حل مشاكلنا التربوية،والتي تتشكل في الإطار الإيبيستمولوجي من حيث أن الإيبيستمولوجيا تتناول ( من جملة ما تتناول بالتحليل والنقد،نتائج العلوم الطبيعية منها والإنسانية إنها من هذه الناحية نوع من فلسفة العلوم،بما تعني الدراسة النقدية للعلوم)(1)،وبذلك يمكن مقاربة الكتاب المدرسي كبناء علمي مؤسس داخل نظرية


المنهاج،يستهدف تأسيس كفايات معينة للمتعلم عبر النسق التعليمي المفتوح،وضمن الشروط البيداغوجية؛والنهج الديداكتيكي المعلن فيه؛والمادة المدرسية قصد الاندماج الاجتماعي،وكنتاج علمي لنظرية المنهاج.
وضمن توظيف المدرس للكتاب المدرسي؛ تبرز أهمية امتلاكه للنظرية النقدية في مستوى: التساؤل،والدراسة والتحليل،والبناء،والعلاج.وفي المستوى التقني للممارسة النقدية،مما يستدعي تكوينا أساسا يمكن المدرس من النظرية النقدية، ومن ممارستها داخل الأداء الصفي حتى يقارب فعله بأدوات علمية تصحح اختلالاته بما فيها اختلالات الكتاب المدرسي،وما أكثرها في ظل تأليف الكتاب المدرسي خارج نظرية المنهاج.
والنظرية النقدية هي الموضوع المفقود في برامج تكوين المدرسين،وفي جميع مستويات التكوين وأنواعه؛لذا يصعب على المدرس في كثير من الأحيان مقاربة الكتاب المدرسي نقديا من خلال أدوات معرفية وتقنية وداخل نظريات علمية،محاصرا بسلطة الكتاب المدرسي المستمدة من رسميته.لكنه يمكنه فعل ذلك النقد من خلال التجربة والخبرة الميدانيتين المؤسستين على التراكم الممارساتي،وعلى الحدس التقني الذي امتلكه المدرس من خلال تعامله مع المتعلم والمادة والديداكتيك.غير أن هذا النقد يفتقد إلى الأسس العلمية التي تميز المنهج العلمي عن المنهج غير العلمي،وتميز الحقائق العلمية عن الكلام العام المطلق.
والمدرس بحكم تعاطيه مع الكتاب المدرسي يجد نفسه مقحما في مقاربة ثغراته عن قرب ومعالجة اختلالاته، لأجل بناء درسه وتفهيم تلامذته؛مستثمرا في ذلك جميع إمكاناته وإن لم تنسجم في عمقها مع مكونات أدائه.غير أنه يظل يحاول وهو من المشكورين في ذلك.
ونحن نعتقد أن النظرية النقدية مكون من مكونات الأداء التدريسي،حيث لا يستقيم إلا بها لعائدها الإيجابي على المردود التعليمي أو ناتج التعلم،وعلى الكتاب المدرسي نفسه.فترى كيف ينطلق المدرس من التساؤل إلى الجواب ضمن النظرية النقدية في مقاربة الكتاب المدرسي؟ وكيف يفصح عن اختلالاته؟وكيف يعالجها؟
1) التساؤل: هو مدخل نقد الكتاب المدرسي عبر أسئلة جوهرية تمس مستويين:
ـ مستوى البنية الداخلية للكتاب المدرسي.
ـ مستوى المنهج الذي بني به الكتاب المدرسي.
1.1. مستوى البنية: وتطرح الأسئلة التالية:
ـ ما مكونات بنية الكتاب المدرسي؟
ـ ما العلاقات البينية بين هذه المكونات؟
ـ ما الإطار النظري الذي يضم هذه المكونات؟
ـ ما الكفايات التي تتضمنها بنية الكتاب المدرسي؟
ـ ما الآفاق العلمية التي تفتحها بنية الكتاب المدرسي؟
ـ …………………………………………….؟
2.1. مستوى منهج بناء الكتاب المدرسي: وتطرح الأسئلة التالية:
ـ ما المنهج الذي بني به الكتاب المدرسي؟
ـ ما التضمينات التي يحتويها المنهج المتبع في بناء الكتاب المدرسي؟
ـ ما المعوقات التي طرحت نفسها أمام المنهج المتبع؟وكيفية علاجها؟
ـ ما مرتكزات المنهج العلمية والتقنية التي انطلق منها؟
ـ ……………………………………………….؟
والتساؤل بداية البحث والدراسة،إذ به تتحدد الوجهة التي يقصدها المدرس المتسائل،وبه يكتشف اختلالات الكتاب المدرسي ويرصد هفواته،فمثلا مقاربة السؤال الأول من مستوى البنية الذي يبحث في مكوناتها؛يؤدي إلى معرفة الكفايات المقررة في الكتاب المدرسي،ومدى مطابقتها للتي في الميثاق الوطني للتربية والتكوين،ومدى ملاءمتها لمكتسبات المتعلم وقدراته المعرفية والنفسية والأدائية وعقله الزمني والمعرفي،ومدى ملاءمتها لبيئته الاجتماعية،وانسجامها مع ثقافته وطموحاته المستقبلية،ومدى تحقيقها للغايات المجتمعية التي يطمح المجتمع تحقيقها من خلاله؟ ومدى فعاليتها في إدماج الناشئ في النسيج الاجتماعي الذي تؤهله إليه؟،وما محكات ومقومات ومعايير التقويم المخصصة لمعرفة تحقق الكفايات من عدمه؟كما يؤدي التساؤل الأول إلى معرفة الأنشطة التعليمية التعلمية التي برمجها الكتاب المدرسي لتحقيق هذه الكفايات،ومدى انسجامها معها ومع مؤهلات المتعلم المختلفة؟ومدى مطابقتها للمادة العالمة لكونها بحكم النقل الديداكتيكي أصبحت مادة مدرسية،وستصبح بالأداء الصفي مادة مدرسة،والفرق بين الثلاثة واضح وملموس عند المختص التربوي؟ومدى ترابطها المنطقي ضمن التكامل الداخلي؟بمعنى هل السابق يؤدي إلى اللاحق ويغنيه ويوسع مساحته؟ومدى الترابط الزمني بينها؟بمعنى هل مرتبة ترتيبا زمنيا متسلسلا أم مقدم المتأخر ومؤخر المتقدم؟وليكن لنا مثال من اللغة العربية؛حيث تقتضي معرفة نائب الفاعل معرفة بناء الفعل للمجهول،فإذا ما سبق نائب الفاعل عن بناء الفعل للمجهول،اختل الترابط المنطقي والزمني بينهما،وهذا حاصل في كتبنا المدرسية؟!وكذلك يؤدي التساؤل الأول إلى معرفة المقاربة الديداكتيكية لهذه الكفايات والأنشطة التعليمية التعلمية،ومدى ملاءمتها وانسجامها مع منطقهما الداخلي؟ومدى تقنيتها في تحقيق التعلم والكفايات؟ومدى ملاءمتها لمؤهلات المدرس والمدرس؟ومدى غناها العملي والإجرائي؟ومدى انسجامها مع الإمكانات المادية والتكنولوجيا للفعل التدريسي؟
ويجر هذا التساؤل الأول جملة من التساؤلات الفرعية المنضوية تحته ليقارب بها أبعاد الأجوبة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
ـ هل بنية الكتاب المدرسي،يمكن أن تكون مؤشرا مرجعيا دقيقا في تقويم تحقق الكفايات؟
ـ هل هذه البنية توجه وترشد بدقة أداء المدرس التعليمي دون هدر كمي ونوعي يطول المادة
المدرسة أو الزمن أو الطاقات المختلفة أو الإمكانيات المتنوعة؟
ـ هل هذه البنية يمكن أن تكون معيارا لاختيار ديداكتيك التدريس ومعيناته وسترجاته؟
ـ هل يمكن لهذه البنية أن تكون رافدا ثقافيا واجتماعيا يتفاعل معها المدرس والمدرس؟
كل هذه الأسئلة وغيرها تشكل النظرية النقدية في المستوى الفكري والتطبيقي للمدرس؛ الذي يؤسس درسه على منطق التساؤل والشك العلمي الصريح في وجه الكتاب المدرسي،ولا يقبل به مرجعا مطلقا غير قابل للنقاش؛ كما في حكم الرسميات الوزارية! لذا فالتعامل من منطلق النظرية النقدية مع الكتاب المدرسي يوطن لتطور هذا الكتاب،كما يوطن لتطور الديداكتيكا والأداء الصفي، ويمكن المدرس من الأدوات العلمية والمنهجية لمساءلة ممارسته التعليمية،ويكسبه آفاقا جديدة للبحث والدراسة،ويسمح للمتعلم بكفايات علمية وعملية مرشحة لا لبس، ولا غموض، ولا ضبابية فيها.بل يكسب المتعلم التفكير الدقيق الممنهج والإجرائي العملي،وبذلك يخرج الكتاب المدرسي من دائرة التأليف العشوائي المنسوخ أبا عن جد،من حيث يدخل إلى نظرية المنهاج من بابها العلمي الواسع، ولا يبقى في كواليس الارتزاق الرخيص على حساب المتعلم ومستقبل البلاد والعباد،كما يحدث الآن من التهافت والتطاول والاستخفاف بالتأليف المدرسي؟!
فالتأليف المدرسي علم قبل أن يكون هواية للارتزاق المهين،فهو محط بناء الإنسان والوطن والمستقبل،عليه تؤسس دوائر الدولة والفكر والعلم والعمل والأخلاق،هو الإنسان المنشود الواقع تجريديا في مادة الكتاب المدرسي،وفي باقي مكونات المنهاج الدراسي،فلا يمكن مقاربة هذا المجال إلا لمن شهد له أهل هذا العلم بكفاءته وقدرته على العطاء فيه،وإلا لا يقبل إطلاقا عقلا ومنطقا وإنسانيا أن نضع بكل بساطة مستقبل هذا البلد الحبيب في أيدي مرتزقة الكتاب المدرسي يعبثون به كما يشاؤون؟! ونؤدي لهم على عبثهم الثمن هدرا لا استحقاقا.فلا يقبل ذلك من له ذرة إيمان وذرة من عقل سليم.
2) الجواب: والجواب هنا هو التراكم العلمي المحصل من النظرية النقدية الممارسة في حق الكتاب المدرسي،وفي حق باقي مكونات المنهاج الدراسي،إذ هو المادة العلمية الخام التي نؤسس عليها الكتاب المدرسي؛ولنضرب لذلك مثلا:فجواب السؤال الأول من مستوى منهج بناء الكتاب المدرسي،يراكم لنا مناهج بناء الكتاب المدرسي ويطورها ويجددها ويبدع فيها،فكلما سلكنا منهجا معادا في خطواته ومراحله ونتائجه؛كلما كسبناه منهجا في بناء الكتاب المدرسي،وأضفناه إلى بنك مناهج بناء الكتاب المدرسي.فهذا السؤال الأول يأتي بأجوبة دقيقة،يمكن من خلالها الحكم على الكتاب المدرسي دون مقاربة مادته العلمية.فالجواب الذي ينفي وجود دراسات تشخيصية للواقع التعليمي،وينفي وجود دراسات أطلسية للمتعلم ولمكتسباته ولإمكاناته المادية والنفسية والأدائية والاجتماعية والثقافية والسياسية،وينفي وجود ترابط منطقي عقلاني وتقني في المنهج،يفصح صراحة عن هشاشة بنيان الكتاب المدرسي،وعن فقدانه المصداقية العلمية لما يطرحه من مادة وديداكتيك،ويبقي بنيان هذا الكتاب في الفراغ الفكري والمنهجي؛حيث لا يقبل بنتائجه كل علموي مختص في المناهج.ومن هنا يتفرع السؤال ليسائل المؤلف:
ـ ما السترجات المتبعة في بناء الكتاب المدرسي؟
ـ ما الإعداد المنطقي له؟
ـ ما الإعداد المادي له؟
ـ ما الموارد البشرية الموظفة فيه،والمؤهلة لتطبيقه؟
ـ ما نتائج التجارب الأولية والنهائية؟
ـ ما مبررات تبني تلك السترجات دون غيرها؟
فكل هذه الأسئلة الرئيسة والفرعية تؤدي بالمدرس المتسائل إلى مقاربة منهج بناء الكتاب المدرسي الذي سيتعامل معه وبه مع المتعلم،وكلما كانت الأسئلة دقيقة وجوهرية كلما كان النقد دقيقا وجوهريا هو الآخر.فكلما وضعنا اليد وبدقة على أماكن ومواطن الخلل والاختلالات كلما كان الإصلاح في الصميم،وممنهج وعقلاني ومضبوط. ناهيك عن ربح الطاقة والوقت.ومن ثمة فإن عمل المدرس يصبح علميا ويستوعب الفكر النقدي والفكر الإجرائي النفعي،حيث لا يمرر أية معلومات أو نتائج علمية إلا بعد غربلتها عبر المنهج العلمي،وغربلة المنهج الذي جاءتنا عن طريقه،وهذا ما يميز الفكر العلمي عن الفكر العامي؛بمعنى أن الفكر العلمي لا يسلم بالأشياء إلا بعد نقدها،بينما الفكر العامي يسلم بالأشياء ببساطة ويسر دون نقدها،وهو لا يبينها ويجليها كما الشأن في الفكر النقدي الذي يعتمد المنهج العلمي،إذ مصطلح المنهج يفيد لغة الوضوح والتبيان والبيان والسلوك،واصطلاحا يفيد(مجموعة قواعد يقينية وسهلة،تتيح لكل الذين يلتزمون بها التزاما دقيقا أن لا يعتبروا صحيحا ما هو خاطئ، وتساعدهم على التوصل دون بذل مجهودات غير ضرورية، ومن خلال الزيادة التدريجية لعلمهم،إلى معرفة حقيقة كل ما يستطيعون الوصول إليه. )(2)وهو مشتق من الأصل اليوناني المركب من: Meta وOdos ويعني الطريقة والمسلك المتبع للوصول إلى غاية ما.
فالمدرس الذي يقرأ الكتاب المدرسي قراءة نقدية،يقي أداءه الارتجال ويضبطه مضمونا وشكلا ونهجا،ويؤسس للرؤية العميقة في المتعلم للأشياء،ويحول دون دخول الفكر العامي إلى عقلية وتفكير المتعلم،بل يوطن فيه المبادرة بالسؤال من حيث كونه مفتاحا للتطور،الذي مدخله التعامل بالمفاهيم.(فالمفاهيم كما هو معروف هي لبنة المعمار الفكري التي يمكن لها أن تتفاعل فيما بينها لتوليد المعرفة الجديدة.)(3)والكتاب المدرسي هو تجسيد للمعرفة الماضية، وللمعرفة الحاضرة،وللمعرفة المستقبلية،وبذلك وجب التعامل معه من منطلق السؤال الذي تتأسس عليه النظرية النقدية.ولست من المغالين إن قلت بأن ما ينقص الفكر التربوي المغربي خاصة والفكر التربوي العربي عامة هو التعاطي مع النظرية النقدية والاشتغال بها على برامجنا التعليمية! فلو فعلنا ذلك لما وجدنا هذا الارتباك الكبير بين صفوف المدرسين الحيارى بين القديم والقديم الجديد.بل لوجدناهم يحاسبون الكتب المدرسية محاسبة عسيرة، تخرج من ميدان التأليف المدرسي كل دخيل ومرتزق،ولكن مع الأسف الشديد في غياب الراعي الأمين فإن الذئب يفعل ما يشاء في الغنم، ونحن من الناظرين المتفرجين اللاهين بالمعيش اليومي دون السؤال عن المصير؟!
3) الإمساك بالاختلالات وتصحيحها: ونعني بها هنا إجراء البحوث النظرية والميدانية بعد التساؤل،للوقوف على صحة أو بطلان تلك الافتراضات التي يحملها التساؤل،والتي جاءت نتيجة الملاحظة أو الحدس أو الشك أو أفرزتها الممارسة الإجرائية أو غيرها من مصادر المعلومات على اختلاف أنواعها.فبذلك إما نحول الكلام العام إلى حقائق علمية ثابتة أو ندحضها ونفند مزاعمها وافتراءاتها،ونسقطها من أحكامنا ومن قاموسنا الفكري.
وبهذه البحوث والدراسات نكسب الكتاب المدرسي مطابقته للإمكانيات الواقعية،دفعا به لتأسيس المناشط التعلمية والأدائية لدى المتعلم من جهة أولى،ومن جهة ثانية نبني بالكتاب المدرسي شخصية المتعلم المستقبلية التي ستواجه الغد بما سيتطلبه من إمكانات الإبداع والاختراع في مختلف الميادين،حيث تبرز من هذا المنطلق أهمية الكتاب المدرسي في إكساب المتعلم الكفايات اللازمة لمواجهة المستقبل،وما تتطلبه هذه الكفايات من التعاطي العلمي في وضعها داخل نسقية الكتاب المدرسي،ومن جهة ثالثة فإن البحوث والدراسات التي يجريها المدرس انطلاقا من تساؤلاته النقدية تكسبه كفايات السترجة والتخطيط في مستوياته المتنوعة والأجرأة،وتضبط توجهاته بما يناسب المتعلم ديداكتيكا ومادة وكما ونوعا؛ولنقل مثلا أن الكتاب المدرسي قرر مضمونا قرائيا معينا يناسب متعلم الوسط الحضري،وقبل تدريسه تساءل المدرس:هل هذا الدرس يناسب متعلمي قسمي القرويين؟فهذا مجرد سؤال مشروع يحق له طرحه،فوضع منهجا علميا للبحث عن جواب له،فجاء الجواب مثلا يصادق على مضمون السؤال؛حيث هنا ملزم المدرس بوضع درس يتضمن الكفايات المستهدفة بمضمون مخالف للمضمون الذي يقترحه الكتاب المدرسي.وبالتالي فإن هذا التساؤل البسيط علم جوابه المدرس تقنيات مختلفة تهم البحث والدراسة والتحليل والاستنتاج والسترجة والتخطيط وغيرها.كما أدى إلى تطور مضمون الكتاب المدرسي بإضافة نص قرائي مناسب للوسط القروي،وبذلك فإن الكتاب المدرسي يتحرك في الزمان والمكان دون الثبات فيهما؛ كما هو واقع لكتبنا المدرسية الحالية التي تتجمد في الزمان والمكان ولا تبرحهما إلا في أدبيات التجديد مع كل هبة تغيير ترقيعي،لتطل علينا ثانية بغلاف جديد!
ولست هنا أذكر بوضع اليد على الاختلالات من خلال البحوث والدراسات، فتلك مهمتها الرئيسة.وذلك واجبها الأسمى؛وإنما أذكر أن مهمة البحث والدراسة يجب أن تدمج في مهمة التدريس،وتصبح كفاية مقصودة ببرنامج تكوين أساس في مراكز تكوين المدرسين،ويسأل عنها المدرس من قبل الترقية ضمن تقويم مردوديته المهنية،فهي معيار من المعايير الأخرى كفيل بتقويم كفاية المدرس في مجال البحث والدراسة.كما أذكر بأن كل ممارسة تعليمية يغيب فيها وعنها البحث والدراسة هي ممارسة جامدة بل ميتة تستحق صلاة الجنازة بامتياز.
ولست في حاجة للتأكيد على أن مهمة تصحيح اختلالات الكتاب المدرسي سواء المادية أو الديداكتيكية هي الأخرى من مهمة المدرس وتقع على عاتقه؛من حيث كونه الحارس الأمين للمتعلم من الانزلاقات العلمية الخاطئة.فهو ورقة الترشيح التي تعلق بها شوائب الكتاب المدرسي،والتي لا تترك لها منفذا للمرور.وبذلك لا تنحصر مهمة المدرس في التدريس فقط،وإنما تتعداها إلى النقد وتصحيح الاختلالات والهفوات،فهي بذلك رسالة وليست مهمة أو حرفة للرزق وكسب المعيش اليومي.وشتان بين الحرفة والرسالة!الأولى فيها الروتين والثانية فيها الحياة والحركية الدائمة!
ونحن نفتقد في تعليمنا منظور الرسالة الذي يجعل هم الرسالة أسمى قيمة من هم الحرفة،والذي يشتغل فيه المدرس باستمرار بالنظرية النقدية،فهو دائم التساؤل:هل أديت الرسالة كما يجب وفي الاتجاه الموجب؟فكل مهموم برسالة يشتغل بمضمونها،فيحصل التغيير والتجديد والتطور والإبداع،ويتنوع العطاء ويتراكم.ألا ترى معي فعل الرسالات السماوية في الإنسان؟! ألا ترى معي فعل رسالات التغيير الاجتماعي في المجتمعات؟!إذن عندما يحمل المدرس الرسالة،فإن النظرية النقدية ستتحرك معه في أي موقع كان.وستصبح قيمة اجتماعية يسعى لها الأفراد والمجتمع على حد سواء،بل ستدمج في ثقافتنا وفي فكرنا ونمط تفكيرنا،بل ستصبح عادة ممارسة في حياتنا بمختلف اتجاهاتها وقطاعاتها،إذ نؤكد على وجوب حمل المدرس لهذه الرسالة؛فهي في حقه فرض عين لا فرض كفاية.خاصة أننا في عصر العلم والتطور المعلوماتي والتكنولوجي الذي فيه(لا يمكن إحداث التجديد التربوي،لإدخال مجتمعاتنا العربية عصر المعلومات،دون مساهمة إيجابية من قبل المعلمين والمربين،فالمدرس لابد وأن يكون قائد هذه الثورة التربوية.ومن الأمور المعروفة التي تشهد على صحة تجارب التجديد التربوي أن سلبية المدرس تزداد كلما ارتقت تكنولوجيا التعليم وتعقدت ما لم يستحث بصدق للإسهام الإيجابي في تطويع التكنولوجيا لبيئة التعليم،وما لم نؤمن له مكانته وحوافزه.)(4)
فالمدرس حين يشخص داء الكتاب المدرسي ويعالجه،فإنه يمارس حقا مشروعا انطلاقا من مكانته داخل نسق المنهاج الدراسي،الذي لا يستقيم وجوده إلا بوجود المدرس المعتبر المحرك الرئيس لفعل التعليم اتجاه المتعلم،الذي يعتبر هو الآخر المحرك الرئيس لفعل التعلم المتجه نحو المستقبل،الذي نطمح أن يعالج(الإنتاج الرديء للأجيال الراهنة،التي خرجتها بالفعل مؤسساتنا التعليمية.)(5)إن نمينا عنده التفكير النقدي انطلاقا من التعاطي مع الكتاب المدرسي،ولن يكون كذلك إن بقي تأليف هذا الكتاب مرتجلا قائما في دائرة الارتزاق لا دائرة العلم والتقنية!
إن علاج المدرس لاختلالات الكتاب المدرسي ينطلق من تمكينه من كفايات النقد أولا ثم تمكينه من كفايات التصحيح التي ترتكز على مهارات عدة منها:
ـ مهارات إنسانية:ومن بين ما تضم مهارة التواصل،ومهارة التعاطي مع المجموعات على اختلاف تركيبها وحجمها،والمهارة النفستحليلية المقاربة للمعضلات النفسية للمتعلم،ومهارة القيادة...
ـ مهارات تقنية:ومن بين ما تضم مهارة تصميم العملية التعليمية التي تضم تحليل التعليم وتنظيمه وتطبيقه وتقويمه ،ومهارة الشرح والتفهيم،ومهارة توظيف تكنولوجيا التعليم،ومهارة التجريب المخبري،ومهارة الإشراف على الدراسات،ومهارة التشجيع على الإبداع وتوليد المعارف،...
فهذه الكفايات الإشارية لغيرها، هي المرتكز الأساس الذي يمكن المدرس بجانب النظرية النقدية من ممارسة ضبط اختلالات الكتاب المدرسي وتصحيحها،لكن في ظل غيابها أو غياب بعضها لن يتأتى له ذلك؛وبالتالي لا يمكن التعويل عليه في تغيير أو تطوير الكتاب المدرسي،خاصة أن يديه وفكره يتكبلان بمنطق سلطة الكتاب المدرسي التي تستحوذ عليه وتقهره،وتنأى به عن مجرد السؤال عن موقعه من الكتاب المدرسي!وتزيد هذه السلطة كثافة الضغط الثقافة الإدارية المدمجة في ثقافته المعتبرة له مطبقا للكتاب المدرسي فقط!والمحاطة بهالة من الرسميات الوزارية من مذكرات وغيرها،ومن ممارسات للرؤساء التربويين والإداريين،خاصة منهم الذين تسلطوا على ميدان التعليم من باب الارتزاق والمحسوبية.لا من باب الكفاءة والجدارة!
ونحن في ظل الواقع الراهن،وفي ظل الأجرأة الحالية للميثاق الوطني،وفي ظل التكوين الأساس للمدرسين لا نعول كثيرا على التجديد وعلى فعاليته المستقبلية،فدار لقمان ستبقى على حالها وإن تغيرت وتبدلت الوجوه، مادامت نفس الثقافة تروج،ومادامت نفس السلعة تحتكر السوق.
خاتمة: إن تطوير الكتاب المدرسي من خلال المدرس لن يتأتى إلا بشروط التطوير،التي من بينها التكوين الأساس الجيد،والنظرية النقدية وحرية ممارستها في الميدان،والمجال الاجتماعي المنفتح،والقرار السياسي المبادر،والقوانين الإدارية المرنة،والإنسان المؤمن بقضية التطوير؛والنزيه فكرا وأخلاقا وممارسة،والاستخدام المعقلن للتكنولوجيا والمعلوميات،وغيرها...
ونحن نعول في ذلك على ضمائر هذه الأمة الحية من جميع مشاربها الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية،ونتمنى منها التحرك اتجاه التغيير المعقلن الهادئ المبني على العلم والخبرة والتجربة،المتجه نحو المستقبل بخطوات متزنة ومحسوبة النتائج.والله المعين.


إعداد: عبد العزيز قريش



الهوامش
(1) عبد العزيز قريش،التفكير النقدي والمدرس،أية ممارسة؟،مجلة علوم التربية،مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء،المغرب،المجلد:3،العدد:22،مارس2002 ،ص.ص.:103ـ108.
(2) عبد اللطيف الفاربي وآخرون،معجم علوم التربية،سلسلة علوم التربية9ـ10،مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء،المغرب،1994،الطبعة الأولى،ص.:187.
(3) الدكتور نبيل علي،الثقافة العربية وعصر المعلومات،عالم المعرفة،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،الكويت،2001،العدد:265،ص.:209.
(4) ـــــــــــ،العرب وعصر المعلومات،عالم المعرفة،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،الكويت،1994،العدد:184،ص.ص.:389ـ 390.
(5) نفسه،ص.ص.:386ـ 387.


مقال للأستاذ: عبد العزيز قريش









آخر مواضيعي

0 ورشة التقاسم و التعميق و التصويب في مجال tice
0 مقاربة النوع بمنظومة التربية والتكوين الدورة الخامسة لمسابقة الفن والآداب في خدمة المساواة
0 مشروع دعم تكوين المكونين في اللغة الفرنسية
0 المراسلة رقم 006-15 الصادرة بتاريخ 26 يناير 2015 بشأن تكوين الأساتذة المتدربين في الإسعافات الأولية و الإنقاذ
0 'الدروس الخصوصية' تسقط 18 أستاذا في نيابتي سطات وسلا
0 المراسلة رقم 225-14 الصادرة بتاريخ 10 دجنبر 2014 بشأن تنظيم المسابقة الوطنية الخامسة لفن الخطابة
0 المراسلة رقم 227-14 الصادرة بتاريخ 11 دجنبر 2014 بشأن الاحتفال بأسبوع الساحل
0 المراسلة رقم 226-14 الصادرة بتاريخ 10 دجنبر 2014 بشأن الثقافة المقاولاتية
0 هذه خطة بلمختار لـ«إنقاذ» التعليم في أفق 2030
0 غاز البوتان يتسبب في مقتل معلمة شابة باقليم شفشاون


the teacher
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية the teacher

تاريخ التسجيل: 4 - 1 - 2008
المشاركات: 475

the teacher غير متواجد حالياً

نشاط [ the teacher ]
معدل تقييم المستوى: 252
افتراضي
قديم 03-03-2008, 10:26 المشاركة 2   

مشكورة على الموضوع المفيد..

[flash]http://www.generation-upload-fr.com/upload/159971.swf[/flash]

صفاء
:: مديرة الإشراف ::

الصورة الرمزية صفاء

تاريخ التسجيل: 22 - 6 - 2007
السكن: سلا
المشاركات: 1,031

صفاء غير متواجد حالياً

نشاط [ صفاء ]
معدل تقييم المستوى: 40
افتراضي
قديم 03-03-2008, 10:31 المشاركة 3   

شكرا على الموضوع المفيد جدا


ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

khaldmed
:: دفاتري بارز ::


تاريخ التسجيل: 11 - 1 - 2008
السكن: سلا
المشاركات: 122

khaldmed غير متواجد حالياً

نشاط [ khaldmed ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 14-03-2008, 21:59 المشاركة 4   

السلام عليكم
أخي شكرا على الموضوع القيم.
لقد لامست الواقع المعاش


tiama
:: دفاتري جديد ::
الصورة الرمزية tiama

تاريخ التسجيل: 22 - 12 - 2007
السكن: مراكش حاليا
المشاركات: 19

tiama غير متواجد حالياً

نشاط [ tiama ]
معدل تقييم المستوى: 0
افتراضي
قديم 20-03-2008, 10:33 المشاركة 5   

موضوع رائع مشكووور اخي

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المدرسي, النقدية, الكتاب, والنظرية

« في شان الترقية بالا جازة. | الاتحاد العام للشغالين بالمغرب يوجه مذكرة مطلبية اقتراحية إلى الوزير الأول »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الكتاب المدرسي أبو مرية دفتر المواضيع التربوية العامة 3 16-04-2009 14:06
الكتاب المدرسي hamad5 دفتر المشاريع والأفكار التربوية 4 04-03-2009 13:32
الكتاب المدرسي . maestro دفتر المشاريع والأفكار التربوية 1 14-02-2009 22:07
الكتاب المدرسي doctorja دفـتـر التشريع الإداري و التسيير التربوي 9 12-12-2008 16:42


الساعة الآن 23:19


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة