أساتذة الفلسفة يدينون "التربية الإسلامية".. والوزارة تتمسك بالوسطية
دفاتر مقالات الرأي والتقارير الصحفية التربويةهنا نرتب أهم وآخر مقالات الرأي والتقارير الصحفية الواردة بالصحافة الوطنية والمتعلقة بموضوع التربية والتعليم
أساتذة الفلسفة يدينون "التربية الإسلامية".. والوزارة تتمسك بالوسطية
ماجدة أيت لكتاوي
الثلاثاء 20 دجنبر 2016
لازال الجدل المثار حول مناهج ومقررات مادة "التربية الإسلامية" مستمرا، عقب انتقادات حادة واتهامات بالجملة وجهتها الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة إلى فرق تأليف الكتب المدرسية التي عملت على مراجعة تلك المقررات وفق توجهات جديدة لمنهاج التربية الإسلامية في الأسلاك التعليمية الثلاثة.
وأعربت الجمعية ذاتها، بفروعها الثلاثين، عن إدانتها الشديدة لمضامين مقررات "التربية الإسلامية" على مستوى التعليم الثانوي التأهيلي، معتبرة إياها "مسيئة إلى مادة الفلسفة والعلوم الإنسانية والعلوم الحقة والطبيعية، لما تضمنته من مس وتشويه وتحريف للمقاصد النبيلة للفلسفة والعلوم"، وفق بيان تتوفر عليه جريدة هسبريس الإلكترونية.
ونعت بيان شديد اللهجة الكتب المدرسية الجديدة الخاصة بالمادة المشار إليها بـ"المتزمتة"، و"التي تدعو إلى التعصب والجمود والتطرف"، و"لا تمت بصلة إلى التقاليد المغربية الراسخة في الثقافة الفلسفية، التي تعتبر مكونا من المكونات الأساسية لهوية الأمة المغربية"، كما أنها "تشكل تراجعا عن المكاسب الديمقراطية والحقوقية والحداثية".
وأدان المكتب الوطني للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة ما قال إنها "توجهات رسمية للدولة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني"، محملا إياهما المسؤولية التامة في "الدفع بالبلاد والتعليم إلى الفتنة والتطرف من خلال التأشير على كتب مدرسية متزمتة ترهن فكر ومستقبل الأجيال الحاضرة والقادمة في شرنقة التطرف، وتهيئها على طبق من ذهب لتكون لقمة سائغة للإرهابيين".
هذه الاتهامات دفعت وزارة التربية الوطنية، باعتبارها القطاع الوصي، إلى التأكيد أن "المرجع الرسمي لتدريس كل المواد الدراسية هو المنهاج الدراسي الصادر عن الوزارة، بكل وثائقه المؤطرة للعمل التربوي، وأن الكتب المدرسية هي وثائق مساعدة اختارها المغرب منذ حوالي خمس عشرة سنة، تطبيقا للمبادئ المنصوص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين".
وأوضح البلاغ الوزاري أن "منهاج التربية الإسلامية الجديد يستند إلى مبدأ الوسطية والاعتدال، ونشر قيم التسامح والسلام والمحبة، ويؤكد على تعزيز المشترك الإنساني بالبعد الروحي الذي يعطي معنى للوجود الإنساني، والذي تمثل مجزوءة "الإيمان والفلسفة" أحد مظاهره".
وأفادت الوزارة ذاتها بأن الوثائق المرجعية بخصوص هذه المجزوءة تؤكد أن "التفكير الفلسفي يقوي العقل ويطور التفكير"، وأن للمنهج الفلسفي الموضوعي "أثره في ترسيخ الإيمان"، وأن "لا تعارض بين الفلسفة الراشدة والإيمان الحق"، ما يوضح أن "التوجهات الرسمية للوزارة في مجال المنهاج الدراسي تنبني على السعي إلى التوازن وعدم السقوط في المفاضلة بين المواد الدراسية، نظرا لتكاملها وتضافرها الوظيفي، وفي الوقت نفسه عدم مصادرة حق المُتَعلّم والمُتَعَلّمة في السؤال والتساؤل، والتأمل والفهم والتعبير عن الرأي ومناقشة الرأي المخالف بإعمال العقل".
إلى ذلك، دعا مدرسو الفلسفة الدولة المغربية ووزارة التربية الوطنية إلى "التراجع الفوري عن هذه الكتب المدرسية وسحبها من التداول المدرسي، درءا للفتنة والتطرف، وحفاظا على سلامة الجو التربوي بالمؤسسات التعليمية، ومراجعة برنامج مادة التربية الإسلامية؛ وذلك بحذف مجزوءتي "الإيمان والعلم" و"الإيمان والفلسفة"، والحفاظ على استقلالية المجالات المعرفية والإبستمولوجية بما يخدم التربية والتعلم والتكوين وصون المدرسة من الصراعات الإيديولوجية والتقاطبات المذهبية".
كما دعا المكتب الوطني للجمعية ذاتها الدولة المغربية ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إلى "محاسبة المؤشرين على هذه الكتب المدرسية المتطرفة، والتي لا تراعي منهاج مادة التربية الإسلامية نفسه، الداعي إلى الوسطية والاعتدال والتسامح واحترام الآخر والدعوة إلى إعمال العقل وطلب العلم والمعرفة".