الفرق بين الزواج والزنى
الزواج: هو واضع القواعد الاجتماعية الأولى لأنّه مؤسّسالأسرة وهي كما نعلم الحلقة الأولى من حلقات المجتمع الكبير، وهو أيضاً وسيلةلإنشاء حياة جميلة يغمرها العطف والود، وإن نشوء البنين والبنات في الوسط العائلييسقيهم العواطف الرقيقة منذ أيامهم الأولى وينمِّي فيهم المشاعر الودية التيتُعدّهم لحياة مقبلة تشيع فيها الرحمة والرأفة. ولولا الزواج لانقرض النوع الإنسانيمنذ أمد بعيد، فاتصال الحياة واستمرارها على هذه الأرض يقضي إذاً ازدهار الزواجوبقاءه.
على أنّ الزنى يعمل عملاً عكسياً للغاية، فإنّه باعثٌ الفساد فيالمجتمع ومُشيع الفوضى ومبيد النسل. وإنّ الشاب يوم يندفع إلى الفاحشة إنّما يمسكمعولاً بكلتا يديه ويقوِّض به دعائم الأمة.
هَبْ أنه اتصل عن هذا الطريقالمنحرف بفتاة تصيَّدها، إنه سيقضي معها زمناً ولكنه سيملُّها عندما يرى مسحةجمالها تذوي بين يدي السنين ويهجرها إلى غيرها ويتركها على أبواب الهرم عرضة للشقاءوالفاقة، وهي إذا استطاعت أن تجد عملاً تسد به رمقها، ماذا سيكون مصيرها إذا أمستعاجزة عن العمل؟. ما أشد قسوة تلك الحياة وما أكثر آلامها في حرمان من الزوجوالأولاد.
وإذا شئنا أن نعقِّب الشاب الأعزب في مستقبله بعد أن تعوَّد الزنىفإننا نجد أحد حالين:
1ـهجر الحياة الزوجية بأنيبقى طوال حياته مستمراً في هذه الطريق القبيحة فلا ينعم بأسرة ولا يُساهم في إحياءالمجتمع ويكون عرضة للأمراض المنبعثة عن هذه الحياة ومعولاً هدَّاماً لسعادة كلامرأة يتصل بها. فإذا انقضى الشباب وجاء المشيب لم يجد هذا العابث إلى جانبه ولداًمعيناً ولا قريباً حبيباً، عندها يدخل في الأحزان ويكتوي بنار الشقاء في مساء حياتهالمظلم.
2ـأو أنه يسعى إلى الزواج يوم تبدأ نضارتهنحو الذبول، إنه بعد عهد طويل قضاه في أحضان الغانيات لا غروَ إذا عزم الزواج أنهسينتقي حسناء ولكن هذه الغادة التي اختارها في مقتبل عمرها لن تكون سعيدة إلى جانبهوهو قد سلخ من العمر شوطاً كبيراً.
إن زوجاً في الصبا والجمال لن تعجبها الحياةمع زوج في مساء الشباب وسوف تمدّ عينها إلى رجال هم أوفر صحة وشباباً فإذا هي بينعشية وضحاها تسير إلى الزنى وتجتذبها الهاوية وستُنجب لزوجها الشرعي أولاداً غيرشرعيين، فإذا مات الأب قاسموا إخوتهم من أمهم ميراثهم وشاع الفساد في هذا البيتالبائس المتصدع.
هذا وإن كبحت تلك الزوج الشابةجماح شهوتها وصبّرت نفسها ولمتسلك طريق العهر فإنها تظل أمانيها في الكبت ونفسها في الحزن وناهيك عن الدمار الذيسيصيب أطفال تلك الأسرة، إنهم يرثون عن الصلة العاطفية الواهية بين الأب والأم وهنالتكوين كما سنفصِّل بعد قليل.
وهكذا فلن تصفو للزاني والزانية حياة ولو دخلافي المستقبل في حياة زوجية شرعية، لذلك فستشيع في حياتهما السآمة والملل وتغمرهماالأحزان وتكوي قلوباً أفسدتها الرذيلة ولوثتها الجريمة.
هذا هو مصير الزنى، فهومسبب البؤس لدى الجنسين في مستقبل الحياة وهو مضعف النسل أو مبيده
وماحقالفضائل من آفاق الحياة وماحي السعادة من صفحاتها، إنّ العدوان على الأعراض يرافقهعلى الأغلب عدوان يشمل كل الشؤون الاجتماعية الأخرى. فكم من فرق شاسع بين نتائجالحياة الزوجية وحياة العهر والفحش. في الأولى تترعرع الفضائل وتنمو المشاعرالرقيقة وينشأ الجو المشبع بالتوادد والتعاطف، وفي الثانية تسيطر الغرائز ويتدنىالإنسان إلى مستوى الحيوان، تُغيِّبُ الغرائزُ العواطفَ الإنسانية العليا ومستقبلقاتم مقفر من عطف الأقرباء وعون الذرية.
ما يقرِّره الواقع أشدّ تقرير:
1ـإن الغريزة الجنسية مركونة في كل كائن حي وإنهاعرضة للإثارة عند معاينة الجمال والإطلاع على فتنة الجسد.
2ـإن الأخلاق إذا نمت وتكاملت لا تستطيع تدمير القوىالغريزية الجنسية، ولكن بإمكانها توجيهها نحو الخير، كذلك الأخلاق الكاملة لا تقوىعلى تبديل القوانين النفسية الراهنة.
هذه الملاحظات سوف نشير إليها في الوقتالمناسب أثناء انسياب الموضوع التالي:
إن في السفور تدهور المجتمع نحو الرذيلةوفيه التفكك لروابط الحياة العائلية وهو مسبب الضعف في تكوين النسل وزارع بذورالجفاء والخصام والقسوة في البيت وناشئته.
وأخيراً إن السفور يبدِّد الرضا مننفوس الناس ويبعث سخطهم، وفي ظلال السخط لا ينمو إلا البؤس الإنساني والشقاءالاجتماعي