بسم الله الرحمن الرحيم ..
أعجبتني هذه القصيدة للشاعر إبراهيم طوقان ، فأحببت أن أنقلها لكم
هذه القصيدة هي رد على الشاعر أحمد شوقي ، حيث يعمل الشاعر أحمد طوقان معلماً ويعرف معاناة المعلمين ومشاكلهم ، فقال في قصيدته :
(شوقي) يقول - وما درى بمصيبتي -
"قــم للمعلــم وفــّه التبجيــلا"
اقعد, فديتك، هـل يكـون مبجـلاً
مـن كان للنشء الصغــار خليلاً..!
ويكاد (يفلقنـي) الأميـر بقولـه:
كاد المعلــم ان يكـون رسـولا..!
لو جرّب التعليم (شوقي) سـاعـة
لقضـى الحيـاة شقــاوة وخمـولاً
حسب المعلم غمَّــة وكآبـــة
مـرآى (الدفاتر) بكـرة وأصيــلا
مئة على مئة اذا هـي صلِّحــت
وجـد العمـى نحو العــيون سبيلا
ولو أنَّ في "التصليح" نفعاً يرتجـى
وأبيك، لــم أكُ بالعيـون بخيــلا
لكنْ أُصلّح غلطـة تحــويــة مثلاً،
واتخـذ "الكتــاب" دليــلا
مستشهداً بالغـرّ مـن آيـاتــه
او "بالحـديث" مفصـلاً تفصيــلا
وأغوص في الشعر القديم فأنتقـي
ما لـيس ملتبســاً ولا مبــذولاً
وأكاد أبعث (سيبويه) فـي البلـى
وذويـه من اهل القرون الأولــى
فأرى (حماراً) بعـد ذلك كلّــه
رفَـعَ المضـاف اليه والمفعـولا!!.
لا تعجبوا انْ صحتُ يوماً صحية
ووقعـت مـا بين " البنـوك" قتيلاً
يــا مـن يريد الانتحار وجدته
انَّ المعلـم لا يعيــش طويــلاً!
وأكمل غيره:
وأكون منشغلاً بشرحي غارقاً * * * بالدرس لا أبغي سواه بديلا..
مستخدماً طرق الحوار وتارة * * * أجد السؤال يفيد والتعليلا..
فأسائل الطلاب عن مضمونه * * * وأقول قد يشفي الجواب غليلا..
وإذا بطفل يستطيل بصوته..* * * "يرِد الفرات زئيره والنيلا"
أستاذ أستاذي ويرفع إصبعاً * * * ويقيم أخرى ترفض التنزيلا..
وأكاد أقفز من مكاني فرحة * * * هيا بنيّ أجب أراك نبيلا
فيقول يا أستاذ إني محصر * * * هب لي إلى الحمام منك سبيلا..
وأكاد أصعق منه إلا أنني..* * * أجد التصبر نافعاً وجميلا..
وإذا بآخر في الجواب يغيضني* * * يشكو زميلاً مؤذياً وكسولا..
أو يمتطي جنح الخيال محلقاً* * * فيفوق" هوميروس"أو"فيرجيلا"
أو قد يقول مباهياً ومفاخراً * * * إني رأيتك تحمل الزنبيلا..
أو قد رأيتك قائماً أو قاعداً * * * أو في الحديقة جالساً مفتولا..
حتى كأني قد فعلت جريمة * * * أو قد قتلت من الأنام قتيلا
وأقول في الفسحات ألقى راحتي* * * وأزيل هماً جاثماً وثقيلاً
بكؤوس شاي أو برشفة قهوة* * * أو بالهواء مطيباً وعليلا..
وإذا بناظرنا يهرول مسرعاً* * * أستاذ صرت مناوباً مشغولا
اخرج مع الطلاب طابوراً ولا* * * تدع النظام ولا تندَّ قليلا..
واجعل نشاطك في الصحافة والإذا* * * عــة والريادة بيناً مقبولا..
وإذا كتبت محضراً في دفتري* * * أهداف تعليمي وجئت عجولا..
ووضعت فيه مواهبي ومذاهبي* * * ومعارفي منذ القرون الأولى..
جاء الوكيل وقال عدّل يا فتى* * * اشطب وسجّل غيره مقبولا..
هدف يقاس وآخرٌ لا ينبني* * * فيه القياس وذا يعمّ قبيلا..
حصّص ومثّل للنشاطات التي * * * أعطيتها واجعل لديك دليلا..
قد صار في التحضير عندي عقدة* * * فأراه في الحلم الطويل طويلا..
أهذي به وقت الطعام وتارة * * * أهذي به إذْ مــا رأيت خليلا..
لا تعجبوا إن صحت يوماً صيحة * * * ووقعت ما بين الفصول قتيلا..
"يا من يريد الإنتحار وجدته * * * إن المعلم لا يعيش طويلاً"..
القصيدة من كتاب "قصائد ضاحكة" للدكتور ناصر الزهراني..