حيوان !!! هكذا كان ينعتني هؤلاء دون سابق معرفة بي أوعداوات !!! و لم أكن على أيّة حالٍ أعترضُ على تسميّتي .. كَوني اتخذتُ بالفعل من النتانة مراتع دائمة .. لم تكن يوما مثار معرّة لي أو امتعاض كنت أنعم فيها بأحلى لحظات حياتي , أقتات بلا عناء ولا عمل , أتبوّل أمام الكل ولا أتحرّج , أصول وأجول كلَّ الأماكن عار بلا ثوب ولا خجل , كنا مجموعةَ ذكورٍ وإناث , حفاةً عُراةً دون سترٍ ولا مواراة .. كانت حُرّيةً مُطلقةً , يفتقدها الكثير ممن ينعتونني بالحيوان .. كنت لا أتورع بإعلان انتمائي و حبي لتلك الأماكن المائعةِ الكريهة , ,لا أدري سبب كراهيتهم لي , ولم يكن ذلك يُؤرقُني ولا مُهتمًّا , بقدر ما كنت أحرص على قضائي أحلى لحظاتي والأيام .. كنت متمتعا منتشيا بلا اهتمام , مادمت حيوانا , أو مادام هذا رأيهم ..
كل ما كنت أدريه ويزيد من غبطتي أنني لم أكن وحيدا , كنت وآخرين ممن يحمل نفس اللقب, كان عالمُنا مدينةً فاضلة , لا حسد ولا بغضاء , ولا جياع .. لا أذكر يوما أني امتهنتُ حرفةً لأقتات, ولا غيري كان في حاجة لذلك .. كنا أمةً عاطلة, ولم يكن هذا يُحرجنا , كنا نبدد كلَّ أوقاتنا بين اللعب و السباحة بالبِركِ و(التِّرعات), لدرجةِ أتقنا كلَّ فنون السباحة, لم نكن نعتقد بوجود من يضاهينا , لا سبّاحي الصين ولا روسيا ولا غيرهما .. لم يكن لنا تاريخٌ ولا مذكراتٌ ولا أيام , كان الكلُّ يمضي لحظاتِه لاهيًا أو هائمًا هنا وهناك , لم تكن لأزِقّتنا عناوينُ أو يافطات, و لم تكن لطرقاتنا علاماتُ مرورٍ و لاإشارات , ومع ذلك لن تجدَ بيننا ضحايا حوادث ولا أزمات .. كان عالمي مثاليا إلى درجة كنتُ أُشفق منه على من كان ينعتُني بالحيوان .. كثيرا ما كنتُ أختلي بنفسي وأتساءل ما الذي أجرمتُه في حقّهِ حتى نعتني بالحيوان , وكثيرا ما كنت ألقي النظرَ على جَنَباتي لأرى ما يُشبهُني في الحيوان , وأتساءل أيُّ وقاحةٍ تلك التي تجعلُه يتجرأُ عليّ وهو يعيش بعالمِ الذلّ والمَقت والاشمئزاز وكلّ صفات الحيوان .. كثيراما تذمّرتُ وتمرّدتُ على هذا الإنسان .. كانت أكبرَ أعيادنا لحظاتُ المباريات ,حينما تُرمى لنا الكُرات , كنا جميعا نتقاسمُ حبَّ الكرة إلى درجة الجنون والانتحار , نكاد من عشقها نشملُها بالقُبل و(العناقات) .. كنا ننتظرها كلَّ شهرٍ وبَدرٍ في لهفة وصبر وأناة , نتسلّى في انتظارها باللَّعِب والمطاردات , كمن ينتظرحبيبتَه ,لا نكَلّ ولا نَمَلّ .. كان في الانتظار لذةٌ ونشوةٌ وإلهام لنسْجِ كلماتِ الغرام , لم أكن يوما في حاجة لتوضيب مُسودّةٍ للعبارات .. كنتُ شاعرَ أحاسيس فطريَّ الغرام , تسيل الكلماتُ على شفتيّ كرضيع فاضت عليه الأثداء .. كم كنتُ أهواها وأعشقُها .. تجدُني مَطلعَ كلِّ شهرٍ قابعًا هناك .. كنتُ سيلا رقراقا دفّاقا وجيشا عَرَمْرماً تجوشُ في صدره حمولةُ الذكريات , وحين يهلّ القمرُ ويكتمل البدرُ , تظهر حبيبةَ الكلّ , الكُرةَ البيضاء , كناسكٍ تشعّ من جنباته القبساتُ .. أهرعُ إليها , أهيم حولَها في انبهار شبيهٍ بالهذيان ,أكاد أحدثها عن كل الأزمات , عن عشقِ قابيل وهابيل ولياليَ وكلِّ اللحظات .. كثيرا ما تُهتُ في قاموس البدايات , يتعثّرُ القولُ لذيّ وتلجمُني الكلمات .. أتساءلُ : ما الذي حلَّ بي وقد صرتُ مأخوذَ النظرات .. كنت أتلمسها في غير استحياء ولا مداراة, أمسح بجسدها العاري وجنتيّ على كل الصفحات, مداداً دفّاقاً يسيلُ هنا وهناك , كم سلبَني الخدرُ وعيي , كان يسري في أوصالي شحنةُ تيّارٍ قاتلِ الصّدمات, يشل حركاتي في لذّةٍ وانتشاء .. لم أكن لوحدي عاشقَ الكرة ,كان الملايينُ غيري يطوفون حولها, حتى خلتُنا خليةَ نحلٍ تحومُ حول الملكة .. كنّا نتبارى لنيل قلبِ أميرةِ الحسناوات , جميعُنا كان يدري خطورةَ العشق و الجنون ويدري النهايات .. كثيرا ما كنا نعود خائبين وقد فقدْنا الواحدَ و العشرات , كم كان الموتُ في أحضان الحبيب لذةً يفوق كلَّ الملذات !!! وكم حارَ الفكرُ في غائبٍ , نبكيه أم نغبطُه على أحلى الخيارات ؟؟! كانت كلَّ شهرٍ تقضي بيننا أربع ليالٍ أوسبعا كالهُنيهات , لتتركنا بعدها أشلاءَ موزّعةً بين الحسرة وألَمِ الفراق , ونشوة تائهةٍ بين اللقاء وأمل أن تنقضي الأيام ليطل القمر من جديد وتطل معه حبيبة الكريّات .. من شدة حبنا للكرة , ما شاهدتُ يوما أحدا ركلَها برجله أو قذفها لإحرازالأهداف .. كانت هي الهدف , هي المرمى ,هي الأحلام , لم أحظَ يوما بالموت على أحضانها , كنت أصارع و أصارع وأصارع ,لعلّي أظفر بقلبها دون غيري أو أخترق الجنبات , لأسكن قلبها والأوصال ..
هذه المرة ليست ككل السابقات , عزمتُ بمكرٍ أن أمارس كل الخدع والمخالفات .. حيوانٌ حيوان , ما الضّيْرُ في ذلك ؟؟؟, ومن يعيب السلوكَ على الحيوان ؟؟ في هذه المرة أمضيت الأيام في ممارسة السباحة , وفكري مشدودٌ لنيّةٍ مبيتة , لم أُطلِع عليها أحدا , ولم أُفْرِط في تبديد الجهد في اللعب والتفاهات , كنت أتردد على المأكولات من جميع الأصناف , و ما يضير ما دامت لا تكلفني سنتا ولاعناء .. ؟؟؟
مرتِ الأيامُ ثقيلةً رتيبةً تبعثُ الملل .. لأول مرة يجثُمُ على صدري ثِقلُ الساعات , صار اليوم دهرا بلا نهايات ..غيّرتُ المكانَ مراتٍ ومرات, مارستُ كلَّ التفاهات ,إلى أن هلّ آخرُ الشهر وهلّت معه الكرة .. وأخيراً , أخيرا يا بهجة الروح تُطِلّين وقد أذابتنا الغيابات .. كان الجميعُ متأهباً لخوض المباراة , بيّتْتُ النيّةَ على خرق كل قواعد اللعب والرياضات, لا التسللُ , ولا البطاقات الحمراء أو الصفراء , ولا الصفارات يمكن أن تردعني , وما يغنيني تحاشي العقاب إن ضاع مني الحبيب ؟؟؟ ..
في هذا اليوم , وحين غبش الفجر أهلَّتِ الكرةُ , وطلعت علينا بدرا منيرا , خِلتُ حينها الجميعَ نياما إذْ لم يكن بيننا مُصلٍّ ولا صائم ولا قائمَ ليل بمناجاة , وما هي إلا كلمح بالبصر , حتى كانت فلول ياجوج و ماجوج ينسِلون في اتجاه الكرة مِن كل حدبٍ وصَوْب !!! فكّرتُ في التراجع والتظاهر بحسن السلوك والآداب .. فكّرتُ في إلقاء خُطَبِ اللوم والعتاب , ودروس التربية الإسلامية والأخلاق .. فكرتُ وفكرت , ولم أجد أفضل من سلوك الحيوان , ما دمتُ الحيوان .. وفي لحظة وجدتُني أدوس رؤوسَ المريدين المتيّمين , أمُوج بين الحشود بكل المخالفات ,فانهالت عليّ الردودُ و الإشادات آهاتٍ ونِعالاً ولعنات .. و لأول مرة أعرف بصدقٍ أني حيوان ..
وأنا مُنشغلٌ بشغف العناق والمداعبات , خرقتُ الكرةَ ( يا لهوي !!) ماذا فعلتُ ؟؟؟ سَرَتِ الملعبَ لحظةُ سكونٍ , وتوقفَ الزمان .. جُلتُ للحظةٍ ببصري هنا وهناك .. كان الكل مشلولا مشدوها ينظرُ إليّ !!؟ تواريتُ بنظري هنا وهناك , وزُغتُ به عن العيون و المتابعات , و لم أجد مكانا أتوارى فيه, فدسست رأسي داخل الثقب الذي أحدثتُهُ بالكرة , وغبتُ كالنعامةِ عن الزمان والمكان .. وكأن شيئا غريبا سحبني في لذة وسرعةٍ إلى الداخل ,نظرتُ نظر المغشيّ عليه من الصدمة, فوجدتُ العتمةَ قد سبقتني و شملت المكان .. حاولتُ من رهبة الحدث الرجوع لجسِّ ردودِ الجمهور والانفعالات , فوجدتُني أسيرَ جدارٍ متماسكٍ من كل الجنبات ,( لقد ابتلعتني الكرةُ !!!؟ و ما كنتُ قطعةَ عشبٍ و لا هواء ؟؟؟ ) حاولتُ تحسُّسَ الثقبِ مِن الداخل بيدي لسواد العتمة , فلم أجد خرْقاً ولا ثقبا ولا ندبا , كان جدارُ الكرة ذاتيَ الرّتقِ يسدُّ الثغرات , ( يا مصيبتي ) جلتُ كلَّ الأرجاء وجرّبتُ كل الحِيَل والإمكانات , صرخت وصرخت ,فكان صوتي صدىً يرتدّ إليّ خائبا على شكل موجات ... علمتُ حينها أنني سجينُ المكان ..( هدوء ... لحظةُ سكون).. مرّتِ اللحظاتُ تتلوها اللحظات , لتصير أياما وأسابيع , طالت وطالت إلى أن شدّنيَ الحنينُ للهرج والفوضى والضوضاء !!!
من يومها , بات المكانُ , جدارُ الكرةِ , يضيق بي يوما بعد يوم , و يشدّ عليّ الخناقَ .. صرتُ من الهلعِ أتحسّسُ جسمي فأجدُه على غيرِ عهدي به !!؟ صارت له تجاعيدُ ونتوءات وأطراف , صار شكلي يرعبني .. بدأتُ أشيخ وأشيخ , فقلّت حركاتي وتثاقلَتْ , ووجدتُ جسدي شُدّ بحبال وأسلاك , كنت أخشى أن تكون للشنق والإعدام .. استغربتُ أنني لم أعد بحاجة للسعي للطعام , بل لم أعد أحس بالجوع أو الحاجة لغذاء .. شدّوا حبلا إلى بطني مباشرة , حسبتُها تكنولوجيا البحث عن المعلومات , وما كنت يهوديا ولا نصرانيا ولا شيوعيا وما أفقهُ في السياسات ( ثورُ الله في برسيمه), ولوسألوني مباشرةً , لكفيتُهم عناءَ الحبال , ولأخبرتُهم أنني كنتُ أقضي يومِي بين اللعب والهيام .. و لأخبرتهم أنني ما كنت أنوي إفساد المباراة , ولا خرق الكرات .. ولأخبرتهم أن تسميّتي بالحيوان , ما كان لي بها دخل ولا شيمة ولا دلالات ..
يئستُ , واستسلمتُ , وبتّ أعدّ الأيامَ و الشهورَ على جدرانِ زنزانتي التي كانت حبيبةً في يوم من الأيام .. وحيدًا بائساً يائساً , أحِنّ لأتفَهِ الأصواتِ والهمسات .. تمنيتُ أن أعود لعالمي حيواناً أوحشرةً أو شيئا مما يصغُرُ في أعيُنِ الكائنات , أو يستعرَّ منه انسان ..
اليومَ , وقد استوفتِ الخطوط على الحائطِ الشهرَ التاسع , لا أعرف سببَ هذا الإحساسِ الغريبِ الذي تلبّسَني لوهلةٍ منذ ساعات , ابتدأتُ اليومَ بكآبةٍ وحزن غريبيْن دون مسبِّبات .. كادا يصلان بي إلى حدّ ندبِ حظّي والبكاء .. قلّبتُ ألف افتراض وافتراض علّني أجدُ سببا لهوسي أو جواب .. تمَلّكني التوجسُ والحذرُ اللذان يسبقان الكارثة , وزاد قلقي أن خشيتُ أن تصدُق عليَّ رؤاي .. وبينما أنا شاردٌ في هواجسي ومخاوفي , أقلّبُ الحلولَ والفرضيات , أحسستُ بمِرجلٍ ضخمٍ بحجمِ الفضاء , ظننتُه لوهلةٍ وحشا , أخطبوطا , يهجم عليّ دون مقدمات !!!(ما هذا؟؟) أحاط رأسي بأذرعه ومِجسّاته بقبضةِ بارعٍ محترِفِ قتلٍ عركَتهُ الغزوات .. هَمَّ بسحبي , بل بدأ يسحبني فعلا !!.. تمايلتُ و تمايلت.. ترنّحتُ يمنةً ويسرةً كمن يبحث عن طوب أو حجر لرد الضربات .. لم تسعفني العتمةُ وضِيقُ المكان بقشّة تبنٍ ولا بقايا عظامٍ أو رُفات .. زاد ابنُ الكلبةِ هِمّةَ السحبِ و النشاط .. وفي لحظة عابرة أدركتُ بعدَ حينٍ ,أنّ أمرَ خَرْقِ الكرات جرمٌ يؤدي لديهم إلى الإعدام .. وعلى هذه الخلاصة المرعبة تشبتتُ بكل قواي لأصمد بالمكان , كنت أصرخ ولم أجد لصوتي موجات .. خِلتُه كابوسا و تمنيتُ منه الاستيقاظ .. تضاربَتِ التساؤلاتُ والاستغرابُ والهلعُ ومحاولاتُ الصمود .. صرتُ كضائعٍ جرفَتْهُ حشودٌ هاربةٌ , حيْرانَ , لا يدري فيمَ الهربُ وإلى أين المفرُّ .. صار جحيمُ زنزانتي أرحمَ بكثيرٍ وأهْوَنَ من النهاية بين فكّيْ أخطبوط .. رضيتُ في لحظة بكل ماكنتُ ساخطا عليه قبل أيام .. أحسستُ بجسدي ينسلّ رويدا رويدا خارج زنزانتي الحبيبة .. على الأقل كنت فيها آمناً .. بهرني فجأة شعاعٌ يخطف الأبصار ؟؟؟ صرت خارج الكرة معلقا كالمدلاّة .. وإذا بالأخطبوط يضعني على طاولة عليها أربعةٌ غلاظٌ شِداد , يحملون السيوف والمقصات ومنهم من حمل الحنوط والكفن .. (أسى واستسلام) .. أدركتُ حينها أنها القاضِيَه , وما سمعتُ يوماً عن إعدام بالمقصات .. كان علمي مقصورا على الرمي بالرصاص أو الشنق بالحبل أو (حِلاقة السيف) !!! وأنا شاردُ الذهنِ في جَرْدِ أدواتِ الإعدام , تقدّم مني أحدهُم , ورفع أخطبوطه إلى السماء , وانهال عليّ باللطم والصفع على مؤخّرتي , وما كان بيننا سوءُ فهم أو عَداء .. وما هي إلا صرخةٌ واحدةٌ مني , حتى أزاحَ يدَهُ عنّي وكفَّ أذاه ( ناس تِخاف وما تختشيش) , وتقدّمَ الآخرُ مني يحملُ المقصَّ , ودون مقدمات سمّى اللهَ كأني فرخةٌ أو خروف , وبدأ الإعدام , فقطع الحبل العالق ببطني !!!؟ ما هذا الإعدامُ الغريب ؟؟؟ هل همْ حمقى أمِ هم القاعدةُ و طالبان ؟؟؟ تالله سيقطعونني إرَباً إربا , فوّضتُ أمري للصراخ , ووجّهتُ وجهي للزعيق , وما أوقفني غيرُ زغرودةٍ من امرأةٍ درداءَ دون أسنان خِلتُها حمقاء !!!؟ ما هذا العالَمُ المجنون يا ربّ ؟؟؟ كنتُ مُدرجا بدماءِ الإعدام , فسلّمني السّيّافُ ( المقّاصُ) للأربعةِ الشّداد , وشرعوا في تغسيلي مبتسمينَ , كمن يتشفّى بموتي .. وضعوني بكفن , وأغدقوا على جثماني العطور والحنوط .. محسوبٌ لهم هذا السخاء .. حرِصتُ على شلِّ حركاتي وكتم الأنفاس , حتى لا يفطنوا لحياتي فيُرجِعونني للسيّاف .. ثمَّ لفِّي بأغطيةٍ ناعمةٍ من قطنٍ وحرير ( على الأقلّ , إكرامُ الميّتٍ لفُّه) , سلّموني لرجل يشيّعُني إلى القبر, ظلَّ الطريقَ كلَّه ينظُرُ إليّ باسما في بلاهةٍ كأنّه يعرفُني ,فمُهُ كلُّه أسنانٌ وأنياب , لو نظَرتَ إليه لولّيْتَ منه فرارا ورعبا , كان يفتحُ فمَهُ يقبّلُني أخالُها في كلِّ مرّةٍ لحظة افتراس , شاربُهُ منتفِشٌ ككبشٍ أسودَ نائمٍ تحتَ أنفِه .. شرع يهمس لي بالآذان .. الله أكبر , الله أكبر .. لِم العجلة بصلاة الجنازة ؟؟ تسلّمَتني منه امرأةٌ حسناءُ سكنتُ لبسماتِها , شقّت صدرها عن ثديٍ دسّتْهُ في فمي , علِمتُ بعدها أنّها أمّي .. وعلمتُ أنَّ صاحبَ الكبش النائمِ أبي , وتعرّفتُ مع الأيام على من كانوا ينادونني بالحيوان , كانوا جميعا أهلي و أقاربي وعشيرتي .. وضعوني أرضا , وشرعوا يتخطونني (اِسمع لكلام أمك ولا تسمع لكلام أبيك ) لا أرى منهم غير أقدام ونعال بحجمي , تتوالى أمام ناظري و أنفي أرقامُ ال 45 ,,, 42 ,,, 44 ... تعالت بعدها الأصوت فوق رأسي لتسميتي أحلى التسميات !!!؟ لم يعد يروق لهم اسم الحيوان ؟؟؟ فلِم السّبّ والقذف وشتمي السابق بالحيوان ؟؟؟ علمت بعدها أنهم كلهم كانوا جميعا مثلي حيوانات مَنَوِيّة تسبح بين سوائل الرحم تنتظر كل شهر البويضات , وأنهم لعبوا نفس ا لمباريات , وخرقوا نفس الكرات للإخصاب, وأن الأخطبوط يدُ مولِّد , والمقص لقطع حبلي السّرّي , وأنّ ... وأن ...وأن ... فشمتْتُ ببلادتي وعلمتُ حينها أنني بالفعل كنتُ حيوانا.. .