إلى السيد وزير التربية الوطنية :
بعد تكالب الجميع على هيأة التدريس أليس لنا حق في الكلام ؟
تحية تربوية وبعد :
سنكون منافقين كاذبين إن قلنا بأننا توسمنا خيرا عندما تقلدتم حقيبة قطاعنا الجريح وليس هذا انتقاصا من شخصكم أو تقييما لما راكمتموه من خلال المناصب المتعددة التي مررتم منها سواء داخل المغرب أو خارجه لأن ذاك ليس من اختصاصنا أولا ولن يتسع المقام له ثانيا .لم نتوسم منكم خيرا كما الذين سبقوكم وعددهم ليس بقليل لسبب بسيط جدا وهو أن من بين هذه الكائنات التي تناوبتم على جلدها وإهانتها وبخس مهمتها منهم من خبروا أن الأمر في أحسن بلد في العالم لا يمكن اختزاله في الأشخاص بل الأمر يتعداه إلى غياب إرادة حقيقية لدى كل الكائنات الحزبية والنقابية بالمغرب للإنخراط في مسلسل إصلاحي شامل ببلادنا بعيدا عن المزايدات والجري الحثيث وراء المصالح النخبوية .
السيد الوزير :
إن التصرف بمنطق الدولة يحتم عليكم كما كل أصحاب القرار ما يلي :
1 ـ التخلي عن البحث عن أكباش فداء كلما لاح في الأفق تقرير لهاته الجهة أو تلك يشير إلى الأزمة العميقة للتعليم ببلادنا .
2ـ الكف عن وضع نساء ورجال التعليم في قفص الاتهام إذ أن موقعكم كمسؤول عن القطاع يحتم عليكم الاصطفاف في صفهم بحماية حقوقهم والبحث عن السبل الكفيلة باستعادة كرامتهم المهدورة .
3 ـ الإحساس بخطورة ما تؤسسون له من خلال قرارات تدغدغون من خلالها عواطف أباء وأولياء التلاميذ وتجيشونهم ضد مدرسي أبنائهم لتتسمم العلاقة بين طرفين لا يمكن للعملية التعليمية أن تستقيم بدون تظافر مجهوداتهم .
4 ـ التحلي بالشجاعة اللازمة وتغييب المصالح الحزبية من خلال التفكير الجاد في قرارات حاسمة تمكنكم من إرغام آباء وأولياء التلاميذ على المشاركة الفعلية في إعادة الاعتبار للمؤسسة العمومية
وفي المقام الأول للعاملين بها (رهن مجانية التعليم يمردودية المتعلمين وسلوكهم ...).
5 ـ الإقرار بأن أي إصلاح حقيقي يتطلب أول ما يتطلبه :
ـ إنصاف العاملين بالقطاع أسوة بزملائهم في قطاعات عمومية أخرى ماديا ومعنويا ( المالية والداخلية نموذجا )
ـ التراجع عن القرارات التي هدفت إلى تفييء موظفي القطاع لإضعاف صفهم إذ لا يمكن الحلم بتظافر مجهودات فئات ما أصبح يفرق بينها أكثر بكثير مما يجمع ويوحد .
ـ توفير البنيات التحتية والموارد البشرية بالشكل اللازم : عدد تلاميذ الفصل الواحد لا ينبغي أن يتعدى في أسوإ الحالات 30 متمدرسا .
ـ اعتبار ظاهرة الأقسام المشتركة وما شابهها من ظواهروسمة علر في حق التربية والتعليم ببلادنا وجب القطع معها دون تسويف أو مماطلة .
ـ اعتبار سن 55 سنة هو السن الأعلى لكل مدرس بالفصل الدراسي حفاظا على حق المتمدرسين قبل المدرسين .
6 ـ اعتبار وسائل الإعلام شريكا استراتيجيا في تربية الناشئة وتخليصه من كل المظاهر التي تجعله حقلا خصبا لكل مظاهر الإساءة للمدرسين والمدرسات(القناة الثانية نموذجا ) وإرغامها ـ بالقانون طبعا ـ على التخلي عن كل البرامج والمواد التي تساهم بشكل كبير في انحراف فئات واسعة من أبناء هذا الوطن وخاصة الفئات العمرية التي لا تزال في سن التمدرس .
7 ـ التعاطي مع التعليم الخصوصي كشريك فعلي لا كبديل لكن بعد السهر الفعلي على تأهيله بنيات تحتية وموارد بشرية مؤهلة مستفيدة من طاقات وخبرات العاملين بالتعليم العمومي لكن وفق ضوابط قانونية محددة وغير قابلة للتجاوز.
وتبقى هذه الملاحظات مجرد وجهة نظر نؤكد من خلالها على ضرورة إشراك العاملين بالقطاع عامة والمدرسين والمدرسات تحديدا إشراكا فعليا في وضع أي تصور لأي إصلاح توفرت له النوايا الصادقة لتبنيه حتى نقطع مع كل أشكال التسيير والتدبير التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه الآن ليس في التعليم فحسب بل في كافة القطاعات العمومية وشبه العمومية .
ملاحظة :
كل الأمل أن نجعل من مثل هذه المساهمة المتواضعة مجالا للتعبير عن تصورنا الشمولي لأي إصلاح حقيقي قد يتم التفكير فيه في المستقبل القريب حتى نكون قد ساهمنا في وضع كل من يهمه الأمر أمام المداخل الرئيسية لأي مسلك نحو هذا الإصلاح .