مسؤولية الأسر والمؤسسات التربوية بكل فعالياتها في تصحيح سلوكات الناشئة
مسؤولية الأسر والمؤسسات التربوية بكل فعالياتها في تصحيح سلوكات الناشئة
عن وجدة سيتي : 24/10/2008
لقد بلغ هاجس القلق عند الوزارة الوصية على قطاع التربية أن استصدرت المذكرة الوزارية رقم 09 بتاريخ 08/02/2008 في موضوع تنمية السلوك المدني بالمؤسسات التعليمية ، وهي مذكرة اتخذت كمرتكزات لها الرسالة الملكية في الموضوع بتاريخ 20/05/2007 ، وقرار المجلس الأعلى للتعليم عدد 186 بتاريخ 03/08/2007 ، ومقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين. ومما جاء في هذه المذكرة التشديد على ضرورة تنمية السلوك المدني داخل الحياة والفضاءات المدرسية ،و تقديم طرق عمل من أجل تحقيق هذا الهدف وكذا اقتراح آليات العمل. ومما جاء في طرق العمل : " تشخيص واقع الحياة المدرسية ، ورصد مختلف أنواع السلوكات اللامدنية والممارسات السلبية وإخضاعها لتحليل علمي وتربوي للتعرف على أسبابها وتحديد طرق ووسائل تقويمها " ومما جاء أيضا في المذكرة : " نشر وتعميم مضامين ومحتويات مختلف الوثائق التربوية المرتبطة بقضايا السلوك المدني " ولقد تم التعامل مع هذه المذكرة الوزارية بالاحتفالية المعهودة والضجة ذات الدخان الأزرق كالعادة لتصير بعد ذلك في خبر كان. فلا الحياة المدرسية تم تشخيص واقعها ، ولا السلوكات اللامدنية والممارسات السلبية تم رصدها ، ولا التحليل العلمي والتربوي لهذه السلوكات عرف طريقه نحو الوجود ، ولا الوثائق المرتبطة بقضايا السلوك المدني نفض عنها الغبار. لقد تعامل الكل مع السلوك المدني في المؤسسات التربوية على أنه سلوك خاص بموسم دراسي انقضى، ونفضت الأيدي منه. والناظر في السلوكات اللا مدنية والممارسات السلبية في الفضاءات المدرسية لهذا الموسم الدراسي الجديد يدرك وللوهلة الأولى ، ودون كبير عناء ، ودون حاجة لتشخيص دقيق لواقع الحياة المدرسية مدى تردي السلوكات المدنية ومدى انحطاطتها من خلال ما حددته المذكرة الخاصة بالسلوك المدني في تعريفها بهذا السلوك من خلال: كل عمل حركي أو تفكير أو أداء لغوي أو مشاعر أو انفعالات أو إدراكات.... إ
ن مؤسساتنا التربوية تكشف عن سلوكات ناشئتنا السلبية من خلال هندام لا علاقة له بما هو مألوف في مجتمعنا الذي هو مجتمع الوسطية الذي لا ينساق وراء التيارات العابرة ،ولا يسلك سبل التقليد الأعمى بالنسبة لكل مستورد ، ولا بتشبث بما عفا عنه الدهر كما تنص على ذلك المذكرة الوزارية رقم 283 بتاريخ18/12/1979 في موضوع السلوك والهندام داخل المؤسسات التعليمية ، وهي مذكرة علاها الغبار ولم تحين كما دعت إلى ذلك المذكرة الوزارية رقم 09 الخاصة بتنمية السلوك المدني. إن مؤسساتنا تفتقر إلى الزي الموحد كما نص على ذلك الميثاق الوطني ، وقد اختفت الوزرة من قاموس تلاميذنا الذكور وصارت بالنسبة إليهم مدعاة للفكاهة والسخرية ، وأصاب المسخ الوزرة عند التلميذات فصارت عبارة عما يشبه الألبسة الداخلية أو ألبسة الاستحمام أو دونها لا تفي بالغرض التربوي المطلوب وسادت الألبسة المكشوفة المجسمة التي لا تستر ما يصطلح عليه في ديننا بالعورة. وصارت هيآت أبنائنا من حلاقة وتصفيف شعر ودهون و أصباغ تشي بأن الأمر يتعلق بأماكن الدعارة لا بأماكن التربية. وصار العنف بنوعيه المعنوي والمادي هو سيد الموقف خلافا لما نصت عليه المذكرة الوزارية رقم 99/807 بتاريخ 23/09/1999 في موضوع ظاهرة العنف بالمؤسسات التعليمية ، فلا تسمع من ناشئتنا إلا الكلام النابي الساقط الطاعن في الأنساب والتهديدات المتبادلة بين هذه الناشئة بالاعتداء الجنسي بوقاحة صارخة. ولا ترى إلا مظاهر العنف ضد الفضاءات المدرسية التي طالها التخريب عن عمد وسبق إصرار وترصد. وصارت تحية العلم بالنشيد الوطني مدعاة للسخرية عند ناشئتنا ، لا تهم في نظرهم إلا أطفال التعليم الأولي والابتدائي ، وبعدما كانت يومية صارت في بداية ونهاية الأسبوع ،ويقدم النشيد الوطني بعبث مخجل وكأنه نشيد دولة معادية بالرغم مما صدر في شأن تحية العلم من ظهير شريف رقم 99ـ05ـ1 بتاريخ 23/11/2005 ومن مذكرات وزارية رقم 18 بتاريخ 06/03/2006 ، ورقم07 بتاريخ 16/02/2005 ، ورقم 121 بتاريخ 30/05/2003 .
وصارت الهواتف المحمولة ظاهرة لافتة للنظر إلى جانب كل أنواع الآلات الإلكترونية الموسيقية داخل المؤسسات بالرغم من صدور مذكرات وزارية تمنع إدخال هذه الوسائل إلى الفضاءات المدرسية كما هو شأن المذكرة الوزارية رقم 01 بتاريخ 03/01/2000 وغيرها من المذكرات بما فيها مذكرات الغش في الامتحانات بعدما تبين استعمال الهواتف الخلوية في عمليات الغش. وأمام تردي السلوكات داخل مؤسساتنا التربوية تقف كل الفعاليات متفرجة فلا الآباء والأولياء يتدخلون بسلطتهم الأسروية ، ولا المؤسسات التربوية تعمد إلى إعادة النظر في قوانينها الداخلية لسن القوانين الرادعة للسلوكات المشينة سواء تعلق الأمر بهندام أو قول أوفعل أو غير ذلك ، و هي قوانين من اختصاص ما يسمى بمجالس التدبير المقترحة لها على أصحاب القرار ، و هي مجالس ظلت حبرا على ورق ، وانشغل أطرافها بالصراع حول من يسود داخل المؤسسات التربوية ويصول ويجول. لقد سال بنا السيل وجاش بنا البحر فيما يتعلق بسلوك ناشئتنا وبلغ السيل الزبى ومن يهمهم الأمر يتفرجون ويحوقلون وينحي بعضهم على بعض باللائمة وكلهم مسئول أمام الله عز وجل وأمام التاريخ وأمام الوطن وأمام الناشئة التي ستفيق بعد فوات الأوان وتلعن الآباء والأولياء والمربين والمسئولين .