السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كثيرة هي المشاكل التي يعاني منها قطاع التعليم في المغرب، وكثيرة هي أيضا المشاكل المرتبطة أساسا بالاستحقاقات الاجتماعية لرجال التعليم.
، تبدأ بمكان العمل، ونوعيته، وبعده، أو سوء تجهيزه، وطبيعة شروط العملية التربوية فيه، وإمكانيات العيش فيه، ومستوى السكن، وطبيعة العلاقات الاجتماعية وأيضا ظروف وإمكانيات جمع والتئام الأسرة، وتواجد الزوج مع زوجته في بيت واحد، أو في بيتين بعيدين، وتأثير ذلك على العملية التعليمية، وعلى علاقات وروابط الأزواج، ونفسية الأبناء.
مشاكل، مؤرقة
زاد حضورها بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، وتطور إلى درجة الإشكالية المستعصية، التي تزيد وتكبر، قياسا لضعف، ولا أهلية الحلول والوسائل، المقترحة أو المعمول بها لعلاجها والحد منها.
معضلة اجتماعية حقيقية، يزيد عمرها الآن عن العشرين سنة، وفي كل سنة، تتناسل منها مشاكل مضاعفة، وتفرز نتائج سلبية تطال علاقات الأزواج أو الأبناء وما يترتب عن ذلك من سوء تفاهم أو طلاق أو عصيان وانحراف الأبناء، بسبب ابتعاد الآباء.
معضلة اجتماعية حقيقية
يطلق عليها رجال التعليم المنفى القسري داخل الوطن، أو حكما ظالما بالابعاد أو موتا بالتقسيط، أو انتظارا ويأسا وإحباطا يستأثر بالعديد من رجال التعليم، ويدفعهم، بين سنة وأخرى، إلى ضبط عقارب آمالهم ورهاناتهم، ومعيشهم على نتائج الحركة الانتقالية
ويتضح مشهد الظاهرة أكثر، وتكبر معالم صورته في شكل الاحتجاجات والوقفات الجماعية المكرورة والمستعادة والمتشابهة لرجال التعليم، أمام مقر وزارة التعليم بالرباط وتبدو مضامين الشعارات، التي يحملها الغاضبون والمتضررون من الحركة الانتقالية، وكأنما تنطق بوضع قائم على الفصل العنصري، من قبيل "طالت سنوات نفينا عن أبنائنا وزوجاتنا"، أو "لم نرتكب جريمة، وما زالنا محكومين بالنفي".
يقول ضحايا الحركة الانتقالية أكثر من ذلك، "إنها لعبة التيرسي موجهة"، حسب رجل تعليم لكن المسألة أكبر من ذلك، إذ أن توفر شروط الانتقال، لا تفيد دائما، ولا تمكن العديد من رجال التعليم، من لم شمل عوائلهم.
تقول معلمة، "أقطع منذ سنوات، أزيد من ثلاثين كيلومترا، ذهابا وإيابا، وفشلت كل محاولاتي للاستقرار إلى جانب أبنائي وزوجي" إن بقاء الأزواج بعيدين عن زوجاتهم، يعرض العملية التعليمية إلى الضعف، بل لا يمكنها أصلا من تحقيق أي نتيجة، وتؤكد الحقائق، أن رجل تعليم، يقضي فترة من الوقت بعيدا عن أبنائه وزوجته، يعيش بالضرورة وضعا غير مستقر، مشغولا بشكل دائم بأحوال ومشاغل أسرته.
علما أن العملية التربوية، تفترض اهتماما وتركيزا كاملين، والحال أن العديد من رجال التعليم يقضون قسما كبيرا من أوقاتهم وجهدهم في التنقلات الدائمة من أجل معاينة وزيارة أسرهم، ولا حل خارج هذه التضحيات، التي تنال من رجل التعليم، كي لا تنهار مؤسسته العائلية.
وهناك حالات أسرية أثر عليها هذا الوضع، حيث جرى تسجيل العديد من حالات الطلاق كحالة أستاذة من نيابة الجديدة، انتقل زوجها لمدينة سلا في إطار حركة إدارية، وبعد انتظار للالتحاق بزوجها، تجاوز ثلاث سنوات، انتهى زواجها إلى فشل وطلاق، وأستاذة أخرى تشتغل بمدينة طاطا، فيما يشتغل زوجها بمدينة أكادير، انتهت علاقتهما بالطلاق، وهناك كذلك أستاذة من آسفي، في حين يقطن زوجها وأبناؤها بالرباط، اكتشفت أن أحد أطفالها، تسبب ذلك في انحراف ابنها الذي ولا يتجاوز عمره 16 سنة، وانتهى بإصابته بداء السيدا، إضافة إلى مشاكل من نوع آخر، تتعلق بغياب كلي للإسعافات الطبية في العديد من القرى والمداشر البعيدة، وهو ماحدث لأستاذة تعمل بإحدى المدارس البعيدة عن مدينة تزنيت بـ 350 كيلومتر، فلم تتمكن من نقل ابنتها إلى المستشفى مما عرضها لشلل نصفي.
تقول وزارة التعليم، إن ملف الحركة الانتقالية لم يعد يمثل عائقا، أمام العملية التعليمية، وأن العملية تجري بشروط ومواضعات متفقة عليها تحددها المذكرات التنظيمية، بحيث تعطي الأولوية للحالات الخاصة.
ويقول المتضررون إن الحالات الخاصة، لا اعتراص عليها، لأنها تجري أمام كل الهيئات النقابية، إلا أن ثمة حركة موازية أو سرية تجري بعيدا عن المراقبة، يستفيد منها ذوي الامتيازات والمحظوظين.
وهذه المسلكيات، لا تمكن في حال استمرارها من حل مشاكل الحركة الانتقالية، فقد تزيد من تراكم مشاكلها، وتفاقم المشاكل المترتبة والمتناسلة منها.
تحياتي.