شكرا لك أخي الكريم على هذه المساهمة
مع كامل الاحترام لكل الآراء المؤيدة لهكذا إنزال ، أعتقد بأن ما بني على باطل فهو باطل كما هو مبين عبر الرابط أسفله :
والمسألة هنا لا تتعلق برفض من أجل الرفض ، ولا تبيح لأي كان أن يتهم كل من رفض هذا التطاول اللامسبوق على القوانين والأنظمة بالعدمية والسلبية لأن هذا الاتهام مبدعوه ومخترعوه ومروجوه قبيل الانتخابات التشريعية الأخيرة أبانوا عن علو كعبهم في إعدام أحلام شعب بأكمله وهي حقيقة لا يتناطح فيها عنزان ولا ينكرها إلا جاحد ...
من يرفض اليوم قدوم هذا المولود الخديج بالطريقة التي أتي بها ، هو نفسه من رفض بالأمس ذلك المخطط الاستعجالي / الاستبلادي إذا لم يكن لأسباب متعددة فتمة سبب وجيه يجعل كل من يملك ذرة من المواطنة الصادقة أن يرفض هكذا أسلوب للضحك على الذقون و استبلاد لأمة ذنبها الوحيد أنها سلمت رقبتها لهذه الطينة من المسؤولين ، سبب يمكن اختزاله في تشجيع كل الوسائل والأساليب التي من شأنها المساهمة أكثر في نقل تعليمنا العمومي على وجه السرعة إلى قسم الأموات بالاستمرار في اعتماد الخريطة المدرسية كمعيار أساسي يتحكم في سيولة التلاميذ والتسليم بالاكتظاظ والأقسام المشتركة كظاهرتين لا يمكن القضاء عليهما لضعف الإمكانيات في وقت ترمى فيه الأموال غدقا هنا وهناك ـ تمويل الحملات الانتخابية لجحافل من الأحزاب نمودجا ـ
سبب وجيه يتجلى في الإصرار على تحويل المؤسسات التعليمية إلى إصلاحيات تحتضن نمادج شتى من السلوكات المنحرفة الخطيرة ومقلصة من إمكانية مرور العملية التعلمية في ظروف مقبولة على الأقل ، كل هذا يتم تحث مطية مصطلحات رنانة كثير منا يطبل لها ويزمر كالحد من الهدر المدرسي وحق التلميذ في التمدرس و هلم جرا من الشعارات التي ابتلعها عامة الناس فيما رأى فيها الآخرون تبخيسا لقيمة المدرسة العمومية حتى تبدو ضعيفة بالشكل الذي يقوي شوكة تعليم خصوصي كان من المفروض أن يكون شريكا لنظيره العمومي وليس بديلا مستفيدا من اعتلال صحة منافسه .
مسألة أخرى لا بد من الإشارة إليها وهو أنه لا ينبغي أن يقودنا انعدام الامكانيات المادية لدى مؤسساتنا التعليمية إلى القبول بهذه الهدية المسمومة لنعطي الشرعية للعمل بمبدإ "الغاية تبرر الوسيلة " و مؤجلين ـ إلى أجل غير مسمى ـ التفعيل الحقيقي للامركزية واللاتمركز بمنح المؤسسات التعليمية استقلالية في التدبير المالي بعيدا عن الوصاية المفروضة عليها من الأكاديميالت الجهوية للتربية والتكوين ، هذا دون الحديث عن القوانين التي انتهكت بمثل هذه الممارسات ولو أن هناك من رأى في هذا الخرق مسألة ثانوية اليوم ليحتج في الغد القريب كما احتج بالأمس وأرغد وأزبد لمجرد المس بأعراف توافقية لأنها على ارتباط وطيد بقضايا نفعية ليس إلا.
أما ما تعلق بمسألة الثقة التي ينبغي أن تؤطر العلاقة بين العاملين بالقطاع والمسؤولين بالوزارة الوصية ، فاسمح لي أن أسوق هذا الاقتباس من رد سابق لي على موضوع مماثل :
لن أكون إلا صادقا إذا قلت بأن من يحتاج إلى تصحيح علاقته بالآخر هي الإدارة نفسها التي دأبت على الدوام إلى الإبقاء على نفسها في برج عاجي متعالية مرشدة آمرة وناهية في الوقت ذاته ، وهي بهذا المنهج لم تساهم إلا في ترسيخ تلك العلاقة المطبوعة بالتوجس وعدم الثقة . الإدارة ومعها النخب السياسية هم من يقف وراء انتشار هذه المواطنة السلبية التي يمكن اعتبارها نتيجة حتمية لكل أشكال الإقصاء والتهميش المرفوقة بالوصاية الأبدية لأوصياء يعبثون بالعباد والبلاد فسادا ...
الإدارة المواطِنة يجب أن تفخر بوجود من لا يرضون للقوانين والمواثيق والأعراف أن تٌداس أيا كانت الأسباب ومهما كانت الغايات .
الإدارة المواطِنة ، أخي الفاضل ، لا تتحدث عن اللامركزية واللاتمركز عندما تتوجه بها للآخر فيما تصر على تغييبها في تعاطيها وتدبيرها للقطاع وما الإبقاء على أهم سلطات التدبير المالي محتكرة من قبل الأكاديميات إلا دليلا على صدق ما نذهب إليه.
الإدارة المواطِنة ، أخي الفاضل ، لا تصدر مشروع قانون أساسي مليء بالثغرات القانونية لتدعي بأن من حق عشرات الآلاف من الجموع العامة أن تدخل عليه ما شاءت من التعديلات ، متجاهلة بأنها أباحت لنفسها الحق في الاجتهاد بالرغم من وجود النص من جهة وبأنها على علم بواقع الحال وكيف يتم التعاطي مع مثل هذه الأمور وأنه لا خوف من الحصول على عشرات الآلاف من القوانين الأساسية المختلفة من جهة ثانية .
أما فيما تعلق بمجالس التدبير ، أستاذي الفاضل ، فإنه لا أحد منا يمكنه إنكار محدودية أداء المدرسين فيه لكن في الوقت ذاته لا أحد بإمكانه أن ينكر بأن هذه المجالس ولد ميتة ما دامت صلاحياتها جد محدودة و مذكرتها المنظمة متجاوزة إلى حد بعيد لأن إصرارها على التشكل في الإعدادي والثانوي ـ تحديدا ـ من أستاذ عن كل مادة ليس له ما يبرره على الإطلاق كما تم شرحه سابقا.
أستاذي الفاضل ، عندما ستبدي هذه الإدارة حسن نيتها و رغبتها الأكيدة في إصلاح منظومتنا التربوية بتخليها مبدئيا ودون قيد أو شرط عن جر فلذات أكبادنا من مستوى إلى آخر دون استحقاق استجابة لأجندة دولية محولة بهذا الاختيار مؤسساتنا التعليمية إلى ما يشبه إصلاحيات تحتضن سلوكات لا تمت للتربية والتعليم بصلة ضاربة عرض الحائط حق مئات الآلاف في تعليم جيد ولسان حالها يشجع بشكل مفضوح على اللجوء إلى التعليم الخصوصي كبديل عن العمومي وليس كشريك وذاك موضوع آخر ، عندما تتخذ مثل هذه المبادرات الجريئة فإنها ستجبر الكل ، مؤيدا ومعارضا ، على الانخراط الإيجابي والفعال في مشاريعها بعد أن تكون قد أشركت فعلا هذا الكل في بلورة مخططاتها و إصلاحاتها البعيدة عن الاستعجال المحاط بعلامات الاستفهام المتناسلة ...
مع فائق التقدير والاحترام ، والاختلاف لا ينبغي ان يفسد للود قضية