سحر البلاغة وسر البراعة - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

الفوقى
:: دفاتري ذهبي ::
تاريخ التسجيل: 6 - 1 - 2008
المشاركات: 5,316
معدل تقييم المستوى: 734
الفوقى في تميز متزايدالفوقى في تميز متزايدالفوقى في تميز متزايدالفوقى في تميز متزايد
الفوقى غير متواجد حالياً
نشاط [ الفوقى ]
قوة السمعة:734
قديم 13-09-2008, 17:43 المشاركة 1   
مقال سحر البلاغة وسر البراعة

سحر البلاغة وسر البراعة" كتاب يجمع فيه "أبي منصور النيسابوري" أفضل ما خطّه بلغاءالنشر وأمراء الشعر من نصوص وأشعار وطرائف ونكت، ومخاطبات ومحاورات كان قد جمعهاقبلاً في كتابه "يتيمة الدهر". قسّم النيسابوري مادة كتابه إلى أربعة عشر كتاباًوزع عناوينها على الشكل التالي: ذكر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وكتابه؛كتاب الأزمنة والأمكنة وما يتصل بها ويشاكلها، كتاب أحوال الإنسان من لدُن صغرهونمائه، إلى كبره وانتهائه، كتاب الطعام والشراب وما ينضاف إليهما ويقترب بهما. كتاب النظم والنثر وأصحابهما وآلاتهما وأدواتهما، كتاب الممادح والأثنية وما يجريمجراها؛ كتاب المساوئ والمقابح وما يدانيها كتاب العيادة وما يجانسها، كتاب التهانيوالتهادي، كتاب التعازي، كتاب الإخوانيات، كتاب السلطانيات، كتاب الشوارد، كتابالأمثال
في الربيع وإقباله
قد أقبل الربيع بأسعد فاله، والحسن والطيب في إقباله. أقبلالربيع يتبسم، ويكاد من الحسن يتكلم. تنفس الربيع عن أنفاس الأحباب، وأعار الأرضأثواب الشباب. تنفس فنفس عن المكروب، وأهدى الروح والراحة للقلوب. استخرج من زهرالبساتين، ما دفنته يد الكوانين. جاء يجر أذيال العرائس، وينشر أجنحة الطواويس. تبلج عن وجه بهج، وجو غنج، وروض أرج، وطير مزدوج. أقبل برائحة الجنان، وراحةالجنان، أسفر عن ظل سجسج، وماء سلسل وروض مدبج. جاء معيداً للأنس العازب، ومطلعاًللهو الغارب. تبلج عن نوره، وتفتح عن نوره. لاحت منهجه، وراقت مباهجه. مرحباًبالفصل، الجامع لأحكام الفضل، زائر من القلوب قريب، وكله حسن وطيب. زائر لباسهحرير، وأنفاسه عبير. انكشفت غمة الشتاء الكالح عن غرة الربيع الضاحك، أذال الربيعأذيال الحرير، وعبرت أنفاسه عن العبير. تبدل الشباب من المشيب، وبرز في مطرفهالقشيب. عطر السهول والوعور، فعطل المسك والكافور. الزمان معتدل، ووجهه طلق مقتبل. وسحابه ماطر، وترابه عاطر، كأن الجنة قد نزلت إلى الأرض في أبهى حللها وأنفس حلاها،وما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين منها، قد تبرجت الأرض للنظارة، وبرزت في معرض الحسنوالنضارة، لبست الأرض قناعها الأخضر، ونضت شعارها الأغبر. حاك الربيع حلل الأزهار،وصاغ حلى الأنوار.
في النسيم ووصف أثره
زائر وجهه وسيم، وفضله جسيم، وريحهنسيم، قد سفر الربيع عن خلق الكريم، ونطق بلسان النسيم. وأفاض ماء النعيم، هبالنسيم من الكرى، وهب على الورى، وعطر الثرى. جر على الأرض أزره، وحل عن جيب الطيبزرره. نسيم الريح، نسيب الروح، قد ركضت خيول النسيم في ميادين الرياض. يا لك منمنظر جناني، وماء فضي، ونسيم عطري، قد حلت يد المطر إزرار الأنوار، وأذاع لسانالنسيم أسرار الأزهار.
في وصف الرياض
وضة رقت حواشيها، وتأنق واشيها، روضةكالعقود المنظمة، على البرود المنمنمة. روضة قد نشرت طرائف مطارفها، ولطائفزخارفها، فطوي لها الديباج الخسرواني، ونفي معها الوشي الإسكندراني. روضة قد راضتهايد المطر. روضة دبجتها أيدي الندى. أخرجت الأرض أسرارها، وأظهرت يد الغيث آثارها،واطلعت الرياض أزهارها. الرياض كالعرائس في حليها وزخارفها، والقيان في وشيهاومطارفها، باسطة زرابيها وأنماطها، ناشرة حبرها ورياطها، زاهية بحمرائها وصفرائها،تائهة بعوانها وعذرائها، كأنما احتفلت لوفد، أو هي من حبيب على وعد. روضة قد تضوعتبالأرج الطيب أرجاؤها، وتبرجت في ظلل الغمام صحراؤها، وتفاوحت بنوافج المسكأنوارها، وتعارضت بغرائب النطق أطيارها.
في وصف البساتين
بستان رق نورهالنضيد، وراق ورقه النضير. بستان غصنه خضر، وربعه خصب، ونوره نضر، وماؤه خصر. بستانكأنه أنموذج الجنة. بستان لا يحل لأريب أن لا يحل به. بستان أرضه للبقل والريحان،وسماؤه للنخل والرمان. بستان أنهاره مفروزة بالأزهار، وأشجاره موقرة بالثمار، أشجاركالعذارى يسرحن الضفائر، وينشرن الغدائر. أشجار كأن الحور أعارتها قدودها، وكستهابرودها، وحلتها عقودها.
في ذكر النرجس والورد والشقائق
الربيع شباب الزمان،ومقدمة الورد والريحان. زمن الورد موموق مرموق، وكأنه من الجنة مسروق. قد ورد كتابالورد، بإقباله إلى أهل الود، إذا ورد الورد، صدر البرد، مرحباً بأشرف الزهر، فيأظرف الدهر، كأن عين النرجس عين، وورقه ورق، النرجس نزهة الطرف، وظرف الظرف، وغذاءالروح، ومادة الروح، شقائق كتيجان العقيق على الزنوج، كأنها أصداغ المسك علىالوجنات الموردة. شقائق كالزنوج تجارجت فسالت دماؤها، وضعفت فبقي ذماؤها.
فيغناء الأطيار
الأرض زمردة والأشجار وشي، والماء سيوف والطيور قيان. قد غردتخطباء الأطيار، على منابر الأنوار والأزهار، إذا صدح الحمام، صدع قلب المستهام،أنظر إلى طرب الأشجار، لغناء الأطيار. ليس للبلابل، كخمر بابل، على غناءالبلابل.
في وصف أيام الربيع
يوم سماؤه فاختيه، وأرضه طاوسية. يوم جلابيبغيومه صفاق، وأردية نسيمه رقاق، يوم معصفر السماء، ممسك الهواء، معنبر الرياض مصندلالماء. يوم سماؤه كالخز الأدكن، وأرضه كالديباج الأخضر. يوم تبسم عنه الربيع، وتبرجفيه الروض المريع. كأن سماءه مأتم، وأرضه عرس.
مقدمة المطر
لبست السماءجلبابها. سحب السحاب أذياله. احتجبت الشمس في سرادق الغيم، ولبس الجو مطرفه الأدكن. باحت الريح بأسرار الندى. ضربت خيمة الغمام، وقام خطيب الرعد، ونبض عرق البرق،سحابة رعدها يصم الأذن، وبرقها يخطف العين. سحابة ارتجزت رواعدها، وأذهبت بروقهامطاردها. نطق لسان الرعد، وخفق قلب البرق. الرعد ذو صخب، والبرق ذو لهب. ابتسمالبرق عن قهقهة الرعد. زأرت أسد الرعد، ولمعت سيوف البرق. رعدت الغمائم وبرقت،وانحلت عزالى السماء فطبقت. سحابة هدرت رواعدها، وقربت أباعدها، وصدقت مواعدها. كأنالبرق قلب مشوق، بين التهاب وخفوق.
في السحاب والمطر
انحل عقد السماء، وهيعقد الأنواء. انحل سلك القطر، عن در البحر. أرخت السماء عزاليها، وأغرقت الأرض وسحتنواحيها. هطلت بمثل أفواه القرب، انتثرت كانتثار العقود. استعار السحاب جفونالعشاق، وأكف الأجواد. انحل خيط السماء، انقطع شريان الغمام. سحابة تنخل علينا ماءالبحر، وتفض لنا عقود الدر. سحاب حكى المحب في انسكاب دموعه، والتهاب النار بينضلوعه، سحابة تحدو من الغيوم جبالا، وتمد من الأمطار حبالا. سحابة ترسل الأمطارأمواجا، والأمواج أفواجا. تحللت عقد السماء بالديمة الهطلا. غيث أجش يروي الهضابوالآكام، ويحي النبات والسوام. غيث كغزارة فضلك، وسلاسة طبعك، وصفاء ودك. وبلكالنبل. سحابة يضحك من بكائها الروض، وتخضر من سوادها الأرض. سحابة لا تجف جفونها،ولا يخف أنينها، ديمة روت أديم الثرى، ونبهت عيون النور من الكرى. سحابة ركبت أعناقالرياح. مطر كأفواه القرب، ووحل إلى الركب. أندية قد من الله معها على البيوت،بالثبوت، وعلى السقوف، بالوقوف.
في وصف الماء وما يتصل به
ماء كالزجاجالأزرق، غدير كعين الشمس، موارد كالمبارد. ماء كلسان الشمعة، أصفى من الدمعة، يسيحفي الرضراض، سيح النضناض. ماء إذا مسته يد النسيم حكى سلاسل الفضة. ماء إذا صافحتهراحة الريح، لبس الدرع كالمسيح. ماء يتصندل ويتسلسل. كأن الغدير بنبات الماء مصندلمطير، بركة كأنها مرآة السماء، بركة مفروزة بالخضرة رداء، كأنها مرآة مجلوة علىديباجة خضراء، غدير ترقرقت فيه دموع السحائب، وتواترت عليه أنفاس الرياح الجنائب. غدير ساكن إلا من نسيم الصبا يحركه بأنفاسه، وينقش وجهه بأرواحه. ماء يبوح بأسرارهوصفاؤه، ويلوح في قراره حصباؤه، ماء كأنما يفقده من يشهده. ماء أرق من دموعي فيكوأعذب من أخلاقك، وأبرد من فعل الزمان حين رماني بفراقك. نهر يتسلسل كالزرافين،ويرضع أولاد الرياحين.
في ذكر الصيف ووصف الحر
قوي سلطان الحر. فرش بساطالجمر. أقبلت أوائل الحر، وغير الهواء طبعه، وبدل مزاجه. حر الصيف، كحد السيف. أوقدت الشمس نارها، وأذكت أوارها. حر يلفح حر الوجه. حر يشبهقلب الصب. ويذيب دماغالضب. هاجرة كأنها من قلوب العشاق، إذا اشتعلت فيها نار الفراق. هاجرة تحكي نارالهجر، وتذيب قلب الصخر. كأن البسيطة من وقدة الحر، بساط من الجمر. حر يهرب لهالحرباء من الشمس. قد صهرت الهاجرة من الأبدان، وركبت الجنادب العيدان. حر ينضجالجلود، ويذيب الصيخود. أيام كأيام الفرقة امتداد، وحر كحر الوجد اشتداد حر لا يطيبمعه عيش، ولا ينفع ثلج ولا خيش. حمارة القيظ، تغلي بصدر الغيظ، آب آب يجيش مرجله،ويثور قسطله. هاجرة كقلب المهجور، والتنور المسجور. هاجرة كالسعير الجاحم، تجرأذيال السمائم، ظلها يحموم، وماؤها محموم.
ذكر الخريف
انحسر قناع الصيف. خفسلطان الحر. خبت جمرة الهواجر. جاشت جيوش الخريف. فررت رايات المصيف، قد أخذ البرديجمشنا بلواحظه، ويقرصنا بأنامله. أخذت عواصفه تهب، وأقبلت عقاربه تدب. قد حلتالشمس الميزان، وعدل الزمان الميزان، لفح المصيف قد كف، ووقع الشمس قد خف، خفتالرياح، وجفت الأعواد.
في الشتاء ووصف البرد والثلج والجمر
ألقى الشتاءكلكله، وأحل بنا أثقاله. مد الشتاء رواقه، وألقى أرواقه، وحل نطاقه. ضرب الشتاءبجرانه، واستقل بأركانه، أناخ بنوازله، وأرسى بكلاكله، وكلح بوجهه، وكشر عن أنيابه. في الشتاء كلب، وفي الهواء غلظ، قد عادت هامات الجبال شيبا، ولبست من الثلج ملاءقشيبا. شابت مفارق البروج، لتراكم الثلوج. ألم المشيب بهامات بيضت لممها، قد صارالبرد حجابا، والثلج حجازا، برد يعبس له الوجه الطلق. برد يزوي الوجوه، ويعمشالعيون، ويسيل الأنوف. برد يغير الألوان، ويقشف الأبدان. برد يقضقض الأعضاء، وينفضالأحشاء. برد أجمد الريق في الأشداق، والدمع في الآماق. حال بين الكلب وهريره،والأسد وزئيره، والطير وصفيره، والماء وخريره، نحن بين لثق ودمق وزلق.
فيالاستظهار على البرد
ليس للبرد كالبرد والجمر، إذا كلب الشتا، فدرياق سمومهالصلا.
في نعت الأيام الشتوية
يوم كأن الأرض شابت لهوله. يوم فضي الجلباب،مسكي النقاب. يوم عبوس قمطرير، كشر عن ناب الزمهرير، وفرش الأرض بالقوارير. يومأخذت الشمال زمامه، وكساه الصر ثيابه. يوم كأن الدنيا فيه كافورة. والأرض قارورة،والسماء بلورة. يوم أرضه كالقوارير اللامعة، وهوآؤه كالزنانير اللاسعة. يوم أرضهكالزجاج، وأعالي الزجاج. يوم يثقل فيه الخفيف إذا هجم، ويخف الثقيل إذاهجر.
أبواب ذكر الليل والنهار
ووصف أوقاتهما واختلاف أحوالهما، وما يتصل بهما
في ذكر اقبال الليل وانتشار الظلمة وطلوع الكواكب
أقبلت عساكر الليل، خفقترايات الظلام، خلع الليل علينا فروته، وألبسنا الظلام بردته. تفقد الشفق، في ثوبالغسق، قيد الظلام الحاظ العيون. وستره الظلام بذيله. أقبلت وفود النجوم. جاءتمواكب الكواكب. تفتحت أزاهير النجوم. نورت حدائق الجو. أذكى الفلك مصابيحه، طفتالنجوم في بحر الدجى.
ذكر الليالي المظلمة
لبس الليل جلباباً من القار، ليلةكجناح الغراب، وشعر الشباب، وحدق الحسان، وذوائب العذارى. ليلة كأنها في لباس بنيالعباس، كأنها في لباس الثكالى، كأنها من الغبش، موكب الحبش. ليلة يضل بها الغطاط،ولا يبصر فيها الوطواط. ليلة قد حلك إهابها، وكأن الفجر يهابها. ليلة استعارت لونالخيل الدهم، كأن الأرض مصبوغة فيها بالمداد.
في ذكر الليالي الطلقة الطيبةالمشكورة
ليلة سحر كلها. ليلة كأنها نهار. ليلة من حسنات الدهر. ليلة هواؤهاصحيح ونسيمها عليل. ليلة كبرد الشباب. ليلة فضية الأديم، مسكية النسيم. ليلة هيلمعة العمر، وغرة الدهر. ليلة مسكية الأديم، كافورية النجوم. ليلة رقد الدهر عنها،وطلعت سعودها، وغاب عذالها. ليلة كالمسك منظرها ومخبرها. هي ليلة باكورة العمر،وبكر الدهر. ليلة يلتقي طرفاها. ليلة ظلماتها أنوار، وطوال أوقاتها قصار. ليلة كماشاء المحب. ليلة مسروقة من الدهر، ليلة مريضة النسيم، صحيحة الهواء، موشية بالنجوم،مطرزة بالقمر.
في ضد ذلك وذكر طول الليل
ليلة من غصص الصدر، ونقم الدهر. ليلة كلها غيوم وغموم. ليلة كما شاء الحسود، وسآء الودود. ليلة كأن أول يوم الحشرآخرها. ليلة قص جناحها، وضل صباحها. ليلة كليل الأعمى. ليل ثابت الأطناب طاميالغوارب، طامح الأمواج وافي الذوائب. ليل كأن نجومه نجوم الشيب. ليل كأن نجومه عقلتفلا تسير، ولا تدور ولا تغور. ليال ليست لها أسحار، وظلمات لا تتخللهاأنوار.
فيما يذكر من السهر لاعتراض الهموم والفكر
بات فلان بليلة نابغية،بات بليل السقيم، بات بليل السليم، بات في الصيف بليلة شتوية، سامرته الهموم،وعانقته الغموم، قد توسد ذراع الهم، وافترش مهاد الغم، قد اكتحل السهاد، وافترشالقتاد، اكتحل بمراود الأرق، وتقلب على مراقد القلق، جفا أجفانه الكرى، كأنما خلقتعيناه للسهر، النجوم شهود سهاده، كأن النوم قد غضب على مآقيه، اكتحل بملمول السهر،وتململ على فراش الفكر، أقض مهاده، وقلق وساده، هموم تفرق بين الجنب والمهاد، وتجمعبين العين والسهاد، سهر يفتق الجفن، ويقذي العين، ويؤذي القلب، ويوحش النفس. طرفبرعي النجوم مطروف، وفراش بشعار الهم محفوف، كأنه على النجوم ريب، وللظلامنقيب.
ذكر النعاس والنوم
شرب كأس النعاس، انتشى من خمر الكرى، خاط النعاسجفونه، أخذ الكرى يجشمه، بل ثقل رأس، وتقاضي نعاس، عسكر النعاس بطرفه، وخيم بينعينيه وجفنه. خاض ضحضاح الكرى، ملأ النعاس جفنه، وشغل عينه. مال مع النعاس. مسالنوم مقلته. غلبته عيناه. كأن النعاس يطالبه بدين. غشيه نعاس الوحدة، ضرب على أذنهوقد ملأ عينه، غرق في لجة الكرى. تمايل من سكرة النوم. غفوة كحسوة الطآئر، نومه كلاولا قلة، وكتصفيفة الطآئر خفة، كحل الليل الورى بالرقاد، وشامت الأجفان أعينها فيالأغماد، عبث الكرى بهم، وأرخى مفاصلهم، وأمال أعناقهم.
انتصاف الليل
قدتنصفنا عمر الليل، واستغرقنا شبابه. مضى من الليل صدره، وانقضى شطره. اكتهل الظلام. شاب رأس الليل. كاد ينم النسيم بالسحر، الصبح حمل بين أحشآء الدجى.
تناهي الليلوتصرمه
انكشف غطاء الليل. انهتك ستر الدجى. رفع سجف الظلام، رق ثوب الدجى، نعىالديل الظلام، هرم الليل، وشمطت ذوائبه، وتقوس ظهره، وتصرم عمره، قوضت خيام الظلام،خلع الأفق ثوب الدجى، استرد الليل خلعته، انتقب الليل بالصبح، أعرض الظلام وتولى،وتدلى عنقود الثريا، طرز الصبح قميص الليل، باح الصباح بسره، خلع الليل ثيابه، وحدرالصبح نقابه.
إقبال الصبح وانتشار النور
لاحت تباشير الصبح، افتر الفجر عننواجذه. ضرب الصبح في الدجى بعموده. تبسم عن نوره. فتك الصبح بالليل، بشر الديلالصبح، سل سيف الصبح في قفا الظلام. بث الصبح طلائعه. نشر ثياب النور. تبرقع وجهالليل بغرة الصبح أطار بازي النهار غراب الليل. عزلت نوافج المسك بشمامات الكافور،وانهزم جند الظلام من عسكر النور. خلعنا خلعة الظلام ولبسنا ردآء الصبح، ملأ الأذانالآذان، برق الصباح، وسطع الضوء، وطلع النور، وأشرقت الدنيا، وأضاءتالآفاق.
أفول النجوم
مالت الجوزآء للغروب، ولت مواكب الكواكب، تناثرت عقودالنجوم تعطل الأفق من حلي الكواكب، تفرقت أسراب النجوم، فرت من حدق الأنام، وهينطاق الجوزآء، وانطفأت قناديل الثريا.
طلوع الشمس وانبساط الضوء
بدا حاجبالشمس. ذر قرن الشمس. ارتفع الحجاب عن حاجبها. لمعت الشمس في أجنحة الطير. كشفتقناعها، ونشرت شعاعها. ارتفع سرادقها، وأضاءت مشارقها. انتشر جناح الضو، في أفقالجو. طنب شعاع الشمس في الآفاق، وذهب أطراف الجدران. افتضضنا عذرة الصباح.
منوعالنهار
أيفع النهار وارتفع. ترجلت الشمس. استوى شباب النهار. علا روقالضحى.
انتصاف النهار
بلغت الشمس كبد السمآء، انتعل كل شيء ظله، قام قائمالهاجرة، رمت الشمس بجمرات الهجير.
اصفرار الشمس وغروبها
اصفرت غلالة الشمس،صارت كأنها الدينار، يلمع في قرار المآء، نفضت تبراً على الأصيل، وشدت رحلهاللرحيل، بقل وجه النهار، وطر شاربه، تصوبت الشمس للمغيب، وتضيفت للغروب، وآذن جنبهابالوجوب، شاب النهار، وأقبل شباب الليل. وقعت الشمس للغيار، وشافه الليل لسانالنهار. شرقت الشمس بروحها، جنحت للغروب، وشارفت درح الوجوب، الغزالة مصوبة للغروب،مؤذنة بالمغيب. والجو في أطمار مبهجة من أصائله، وشفوف مورسة من غلائله. استتر وجهالشمس بالنقاب، وتوارت بالحجاب.
ذكر ابتداء الليل إلى انتهائه
كان ذلك منمفتتح النهار إلى مختتمه، ومن قرنه إلى قدمه، من مطلع الفلق، إلى مجمع الغسق، فلانيركب في مقدمة الصبح، ويرجع في ساقة الشمس، من حين تفتح الشمس جفنها إلى أن تغضطرفها. من حين تسكن الطير في أوكارها، إلى أن تنزل السراة من أكوارها.
أبوابالأمكنة والأبنية في وصف البلاد
بلدة كأنها صورة جنة الخلد، منقوشة في عرضالأرض. بلدة كأن محاسن الدنيا مجموعة فيها ومحصورة في نواحيها، بلدة ترابها عبيروحصباؤها عقيق، وهواؤها نسيم وماؤها رحيق. بلدة معشوقة السكنى، رحيبة المثوى. كوكبها يقظان، وجوها عريان وحصاها جوهر، ونسيمها معطر، وترابها مسك أذفر، ويومهاغداة وليلها سحر، فطعامها هني، وشرابها مري. بلدة واسعة الرقعة، طيبة البقعة. كأنمحاسن الدنيا فيها مفروشة، وصورة الجنة بها منقوشة، واسطة البلاد وسرتها، ووجههاوغرتها.
في ضد ذلك
بلد متضايق الحدود والأفنية، متراكب المنازل والأبنية. بلدة حرها موذي، وماؤها موبي. بلدة وسخة السماء، ومدة الهواء. جوها غبار، وأرضهاخبار، وماؤها طين، وترابها سرجين، وحيطانها نزور، وتشرينها تموز، فكم في شمسها منمحترق، وفي ظلها من غرق. بلدة ضيقة الديار، سيئة الجوار، حيطانها أخصاص، وبيوتهاأقفاص، وحشوشها مسابل، وطرقها مزابل.
في ذكر الوطن
بلدة هي عشه، وبها منزلهوعيشه. بلد لا يؤثر عليه أبداً،ولا يصبر عنه أبداً، عشه الذي فيه درج، ومنه خرج. مقطع سرته، ومجمع أسرته، بلد أنشأته تربته، وغذاه هواؤه ورباه نسيمه، وحلت عنهالتمائم فيه.
في الحصون والقلاع
حصن كأنه على مرقب النجم، ومجير من القدرالحتم. حصن يحسر دونه الناظر، ويقصر عنه العقاب الكاسر. يكاد من علاه يغرف من حوضالغمام، كأنه فوق السحاب سحاب. حصن انتطق بالجوزاء، وناجت بروجه أبراج السماء. قلعةقد حلقت في الجو كأنها سحابة، كأن الغمامة لها عمامة، كأنها تناجي السماء بأسرارها. قلعة بعد في السماء مرتقاها، حتى تساوى ثراها مع ثرياها. قلعة تتوشح بالغيوم،وتتحلى بالنجوم. أصلها في التخوم، وفرعها في النجوم. قد حلق جناحها إلى عنان النجم. شماء عن المرتقي، صماء عن الراقي. قد جاوزت الجوزاء سمتاً، وعزلت السماك الأعزلسمكا. هي في الحصانة متناهية، وبالوثقة موصوفة، ممتنعة على الطلب والطالب. منصوبةعلى أضيق المسالك وأوعر المناصب. لم تزدها الأيام إلا نبو أعطاف، واستصعاب جوانبوأطراف، قد مل الولاة حصارها ففارقوها عن طماح منها وشماس، وسئمت الجيوش ظلهافغادرتها بعد قنوط ويأس، فهي حمى لا يراع، ومعقل لا يستطاع. تعطس بأنف شامخ منالمنعة، وتنبو بعطف جامح على الخطبة، كأن الأيام صافحتها على الإعفاء من الحوادث،والليالي قد عاهدتها على التسليم من القوارع. قلعة تحوي من الرفعة قدراً لا يستهانمواقعه، وتلوي في المنعة جيداً لا تستلان أخادعه، ليس للوهم قبل القدم إليها مسرى،ولا للفكر قبل الخطو نحوها مجرى.
في القصور
قصر كأن شرفاته بين النسروالعيوق، كأنها تسامي الفرقد. قصر يرتقى من سطحه إلى الشعريين. اكتست له الشعرىالعبور، ثوب الغيور. قصر طال مبناه، وطاب مغناه، كأنه في الحصانة جبل منيع، وفيالحسن ربيع مريع شرفات كالعذارى شددن مناطقهن، وتوجن بالأكاليل مفارقهن. قصر أقرتله القصور بالقصور عنه، كأنه سحاب، في نحر السحاب
في الدور السرية
دار قوراءتوسع العين قرة، والنفس مسرة، كأن بانيها استسلف الجنة فعجلت له، دار تخجل منهاالدور، وتتقاصر لها القصر، إن مات صاحبها مغفوراً له فقد انتقل من جنة إلى جنة. دارقد اقترن اليمن بيمناها، واليسر بيسراها، الجسوم منها في حضر، والعيون منها علىسفر. دار هي دائرة الميامن، ودارة المحاسن، دار دار بالسعد نجمها، وفاز بالحسنسهمها. دار قد أخذت أداة الجنان، وضحكت عن العبقري الحسان. دار يخدمها الدهر،ويأويها البدر، ويكنفها النصر. دار هي مرتع النواظر، ومتنفس الخواطر. دار كأنهاخان، يدخلها من وفى ومن خان. صحن تسافر فيه العيون، بهو بهي، ورواق رائق، بيت فضيالحيطان، رخامي الأركان.
في الدور المتداعية الخالية
دار لبست البلى، وتعطلتمن الحلى، فحالها تصف للعيون الشكوى، وتشير إلى ذم الدنيا. دار قد صارت منهم خالي،بعد ما كانت بهم حالية. دار قد أنهض الدهر سكانها، وأقعد حيطانها، شاهد اليأس منهاينطق، وحبل الرجاء فيها يقصر، وكأن عمرانها يطوى، وخرابها ينشر، أركانها قياموقعود، وحيطانها ركع وسجود، سقفها أرض، وأرضها تل.
كتاب أحوال الإنسان
من لدنصغره نمائه، إلى كبره وانتهائه
في ذكر الصبية الصغار
صبية كالفراخ العشوش،وأولاد الخفافيش. صبية يسعهم قفيز. أولاد جلهم صبيان، أكابرهم أصاغر، كأنهم أفرخزغب. صبيان كأنهم صئبان، وولدان كأنهم كيزان، قد أرضعته بلبانها، وحملته علىلبانها. طفل قريب العهد، بالمهد.
في حسن مخايل المولود
شهدت له الفراسةرضيعا، أن لا يكون وضيعا. والمخايل فطيما، أن يكون سمحاً كريما، والشواهد صبيا، أنينزل مكاناً عليا. والشمائل غلاما أن يكون قرماً هماما.
في ذكر الغلام الأمردووصف محاسنه
زاد جماله، وأقمر هلاله. ترقرق في وجهه ماء الحسن. شادن فاتن، طرفهفاتر، ونظره ساحر. غلام تأخذه العين، ويقبله القلب فترتاح له الروح. تكاد العيونتأكله، والقلوب تشربه. جرى ماء الشباب في عوده فتمايل كالغصن، واستوفى أقسام الحسن. لبس ديباجة الملاحة. كأن البدر ركب على أزراره. لا يشبع منه الناظر، ولا يروى منهالخاطر. كاد النجم يحكيه والشمس تشبهه. صورة تجلو الأبصار، وتخجل الأقمار. شادنمنتقب بالبدر، مكتحل بالسحر. ما هو إلا نزهة الأبصار، وبدعة الأمصار. غمزات طرفه،تخبر عن ظرفه، ومنطقته تنطق بوصفه. وجهه قيد الأبصار، وأمد الأفكار، ونهايةالاعتبار. تخال الشمس برقعت غرته، والليل ناسب أصداغه وطرته. الحسن ما فوق أزراره،والطيب ما تحت إزاره، شادن يضحك عن الأقحوان، ويتنفس عن الريحان، كأن قده سكران منخمر طرفه، وبغداد مسروقة من حسنه وظرفه، قد أعجمت يد الجمال، نون صدغه بخال. لهعينان حشو أجفانهما السحر. كأنه أعار الظبي جيده والغصن قده. والراح ريحه والوردخده، الشكل في حركاته، وجميع الحسن بعض صفاته. قد ملك أزمة القلوب، كأنما سمهالجمال بنهايته، ولحظه الفلك بعنايته، فصغه من ليله ونهاره، وحلاه بنجومه وأقماره،ونقشه ببدائع آثاره، ورمقه بنواظر سعوده، وجعله بالكمال أحد حدوده قد صبغ الحياءغلالة وجهه، ونثر لؤلؤ العرق على ورد دهن تكاد الالحاظ تسفك عن خده دم الخجل. طرةكالغسق، على غرة كالفلق، جاءنا في غلالة تنم على ما تستره، وتجفو مع رقتها عماتظهره. وجه بماء الحسن مغسول، وطرف بمرود السحر مكحول. ثغر حمي حماي الثغور، وجعلضرة لقلائد النحور. السحر في ألحاظه، والشهد من ألفاظه. كأنه خاصم الولدان، ففارقالجنان. وهرب من رضوان. اختلس قامة الغصن، وتوشح بمطارف الحسن، وحكى الروض غبالمزن، الأرض مشرقة بنور وجهه، وليل ألسرار في عيال شعره، والجنة مجتناة من قربه،وماء الجمال يترقرق في خده، ومحاسن الربيع بين سحره ونحره، والقمر فضلة من حسنه،والشمس من حملة عرشه، ما هو إلا خال في خد الظرف، وطراز على الحسن، ووردة في غصنالدهر ونقش على خاتم الملك، وشمس في فلك اللطف.
في الصدغ والشاربوالعذار
زرافين أصداغه معاليق القلوب، كأن صدغه قرط من المسك على عارض البدر. وجهه عرس وصدغه مأتم، ووصل جنة وهجره جهنم. أصداغه قد أخذت شكل العقارب، وظلمت ظلمالأقارب. إن كانت عقرب صدغه تلسع، مترياق ريقه ينفع، كأن شاربه زئبر الخز الأخضر،وعذاره طراز المسك الأذفر، على الورد الأحمر، إذا تكلم تكشف حجاب الزمرد والعقيق،عن سمط الدر الأنيق، قد هم أرقم الشعر على شاربه، قد كادت يد الحسن تغلفه، كادالعذار ينقش فص وجهه، ويحرق فضة خده. طرز الجمال ديباجة وجهه، وأبان عذاره العذر فيحبه. لعب الربيع بخده، وأنبت البنفسج في ورده. لما أحرقت بالشعر فضة خده، احترقسواد القلوب من حبه، كيف لا يخضر عارضه ومياه الحسن تسقيه.
وصف خروج اللحيةوذمها
نسخ الشعر آية حسنه، ومحا محاسن وجهه. كسف الشعر هلاله، وأكسف باله، وأحالخياله، ومسح جماله، وانتقب بالديجور، بعد النور. دولة حسنه أعرضت، وأيامه قد انقضتاستحال نور خده دجى، وزمرد خطه سبجا. أخمدت نار حسنه بعد الاتقاد. ولبس عارضاه ثوبالحداد. قد ذبل ورد خده، وتشوك زعفران خطه. فارقنا خشفا، ووافانا جلفا، فارقناهلالاً وغزالا، وعاودنا نكالا.
نعت محاسن الجواري
هي روضة الحسن، وضرة الشمس،وبدر الأرض. هي من معاريض الفتن، وحبائل الشيطان. هي من وجهها في صباح شامس، ومنشعرها في مساء دامس، كأنها فلقة قمر، على برج فضة. كأنما لبست قشور الدر بدر التم،شمس الضحى تضيء تحت نقابها، وغصن البان يهتز تحت ثيابها، ثغرها يجمع الضريب والضرب. قد أنبت صدرها ثمر كذا قد أثمر خدها التفاح، وصدرها الرمان، خرطت لها يد الشبابحقين من عاج، كأنها البدر قد قرط بالثريا ونيط بها عقد من الجوزاء، أعلاها كالغصنميال، وأسفلها كالدعص منهال. لها عنق كإبريق اللجين، وسرة كمدهن العاج، نطاقهامجدب، وإزارها مخصب. مطلع الشمس من وجهها، ومنبت الدر في فمها، وملقط الورد منخدها، ومنبع السحر من طرفها، ومبادي الليل في شعرها، ومغرس الغصن من قدها، ومهيلالرمل في ردفها، سرية سرية، قينة كتصحيفها. الحسن في خلقها، والطيب فيخلقها.
ذكر الشاب الغض الشباب
هو في اقتبال شبابه، وحداثة أترابه، وريعانعمره، وعنفوان أمره. هو في ريان شبابه واعتداله، وريعان إقباله واقتباله، شبابهطري، وذكاؤه قوي. غصن شبابه رطيب، وبرد حداثته قشيب، بعثه على ذلك أشر الصبى، ومرحالشبيبة، وسكر الحداثة. هو بعذرة الشباب، وفراغ البال، حدث بكر الآمال، بض الجمال،حسن الاقتبال، فتي السن، رطيب الغصن. عمره في إقباله، ونشاطه في استقباله، وشبابهفي اقتباله، وماؤه بحاله. فلان في حكم الأطفال، الذين لم يعضوا على نواجذالرجال.
خلاعة الشاب وتصابيه
أطاع الشباب وغرته، وأجاب الصبى وشرته. هو فيعنفوان شبيبة تخاف سقطاتها وهفواتها، ولا تؤمن جمحاتها ونزواتها، جر أزر الصبى،وأذال ذيول الهوى. هو في سكري الشباب والشراب. هو بين نزقات الشبان، ونزغاتالشيطان. شبابه أعمى عن الرشد، أصم عن العذل، قد لبى داعي هواه، وانغمس في لجةصباه. قد هجم بسكر الحداثة على سكرات الحوادث، جرى إلى الصبى، جري الصبا. ركض فيميدان التصابي، وجنى ثمرات الملاهي. أنفق صباه على الفحشاء، وشبابه على الأحشاء،وأصبح بين الزق والعود، وأمسى بين موجبات الحدود. فلان غفل من سمة التجربة، صعبالرأس على لجام العظة، جامح في عذار الغفلة. هو في سلطان الصبى، وفي نوبة الأولى،قد خلع عذاره ومقوده، وألقى إلى البطالة باعه ويده. هو بين خمار الغداة وسكر العشي. فلان لا يعرف الصحو، ولا يفارق اللهو. هو بين غرر الشباب، وغرر الأحباب. فلان لايفيق، ولا يدركه التوفيق.
في ذكر الشاب الرشيد وترشحه للمعالي
جمع نضارةالشبان إلى أبهة الشيب. هو على حدوث ميلاده، وقرب إسناده شيخ قدر وهيبة، وإن لم يكنشيخ سن وشيبه. هو بين شباب مقتبل، وعقل مكتهل. قد لبس برد شبابه على عقل كهل،ورأيجزل، ومنطق فصل. للدهر فيه مقاصد، وللأيام فيه مواعد. أرى له في ضمان الأيام، ودائعالحظوظ والأقسام، تباشير نجح، ومخايل نصر وفتح، قد استكمل قوة الفضل، ولم يتكامل لهسن الكهل. ما زالت مخايله وليداً وناشئاً، وشمائله صغيراً ويافعا. نواطق بالحسنىعنه، وضوامن للنجح فيه. قد سما إلى مراتب أعيان الرجال، التي لا تدرك إلا مع الكمالوالاكتهال، حمدت عزائمه، قبل أن حلت تمائمه. وشهدت مكرماته، قبل أن درجلداته.
وخط الشيب وانتشاره
شعر الشيب بشعره. عرض البياض بعارضه. نور غصنشبابه. ضحك المشيب برأسه. لاحت حلية الشيب في عذاره. لمعت نجوم الشيب في ليل شبابه. لاحت الشعرات البيض، وجعلت تفرج وتبيض. بدت في رأسه طلائع المشيب وطوالع القتير. أخذ الشيب بعنان شبابه. ذرت يد الزمان كافوراً على مسكه. مد المشيب طرازاً علىوجهه، وكتب أسطراً في عارضه. طرز الشيب برد شبابه. حط المشيب بربعه، وخط القتير علىفوده. لاح أقحوان الشيب في بنفسج شبابه، ألم وفد الشيب بفوده. غزاه الشيب بجيوشه،كتبت يد الشيب في فوديه، مواعظ يقرأها الأنام عليه، أقمر ليل شبابه. صاح النهاربجانب ليله. افتر له الشيب عن ناب الأسود، وأشار إليه بمخلب الأسد. قد فضض الزمانآبنوسه. اشتمل الشيب على عارضه، ألجمه الشيب بلجامه، وقاده بزمامه. سال وادي الشيبفي مفرقه. اعتم بالمشيب وتلثم به. لاح نور الهموم في عارضيه. قنعه الشيب خماره،وأحل به أثقاله. علاه غبار وقائع الدهر وحكايات الزمن. أخذت الأيام من شبابه. بينماهو راقد في ليل شبابه إذ أيقظه صبح المشيب.
في الاكتهال والاحتناك والارعواء عنمجاهل الشباب
قضى باكورة الشباب، وانفق نضارة الزمان. طوى مراحل الشباب، وأنفقمن عمره بغير حساب. أخلق بردة الصبي، ونهته النهى عن الهوى. جاوز الشباب مراحل،وورد من المشيب مناهل. التفت إلى الأربعين، وشارف طلاع الخمسين. طار غراب شبابه. انتهى شبابه، وشاب أترابه. استبدل بالأدهم الأبلق، وبالغداف العقعق. فل الدهر شباشبابه، ومحا محاسن روائه. انتهى إلى أشد الكهل، واستعاض من حلك الغراب قادمة النسر،افتر عن ناب القارح، وارتفع عن مقال القادح. قرع ناجذ الحلم، وارتاض بلجام الدهر،أدرك عصر الحنكة، وأوان المسكة. جمع قوة الشباب، إلى وقار الشيب. أسفر له صبحالمشيب، وعلته أبهة الكبير. خرج عن حد الحداثة، وارتفع عن عذر الغرارة. نفض غبرةالصبى، ولبى داهية الحجى. عصى شياطين الشباب، وأطاع ملائكة الشيب. سرى في طريقالرشد بمصباح الشيب. لما قام الشيب له مقام النصيح، عدل عن علائق الحداثة بتوبةنصوح.
استحكام الشيب وبلوغ الشيخوخة
الشيب زبدة مخضتها الأيام، وفضة سبكتهاالتجارب. في الشيب استحكام الوقار، وتناهي الجلال، وميسم التجربة، وشاهد الحنكة. الشيب مقدمة الهرم، والمؤذن بالخرف، والقائد إلى الموت. الشيب رسول المنية. الشيبعنوان الفساد. الشيب ساحل الحياة. الشيب سفينة تقرب من الساحل. صفا فلان على طولالعمر. صفا التبر على مثقب الجمر. من عرف الستين أنكر نفسه. فلان قد تناهت بهالأيام تحليماً وتهذيباً، وتناهت به السن تحكيماً وتجريبا. قد وعظه المشيب بوخطهوخبطه، وألسن بابنه وسبطه، قد تضاعفت وفود عمره، وأخذت الأيام من جسمه. وجد مسالكبر، ولحقه ضعف الشيخوخة، ساء عليه أثر علو السن، واعتراض الوهن. فلان من ذويالأسنان العالية، والصحبة للأيام الخالية.
في الهرم ومشارفة الفناء
هم هرمقد أخذ الزمان من عقله، كما أخذ من عمره. ثلمه الدهر ثلم الإناء، تركه كذي الغاربالمنكوب. حنا قوسه الكبر، هريق ماء شبابه، استشن أديمه، كسر الزمان جناحه. نفضالدهر مرته. طوي ما نشر منه، قيده الكبر، رسف رسفان المقيد، مجتث الجثة، كأنه عثة،ثقلت عليه الحركة، واختلفت إليه رسل المنية. ما هو إلا شمس العصر، على القصر. أركانه قد وهت، ومدته قد تناهت. هل بعد الغاية منزلة? أم بعد الشيب سوى الموتمرحلة، ما الذي يرجى ممن كان مثله في تقاصر الخطى، وتخاذل القوى، وتداني المدى،والتوجه إلى الدار الأخرى? أبعد دقة العظم، ورقة الجلد وضعف الجسم، وتخاذل الأعضاء،وتفاوت الاعتدال، والقرب من الزوال? إن الذي بقي منه ذماء ترقبه المنون بمرصد،وشلشة هي هامة اليوم أو غد. قد خلق عمره، وانطوى عيشه، وبلغ ساحل الحياة، ووقف علىثنية الوداع، وأشرف على دار المقام.
كتاب الطعام والشراب
وما ينضاف إليهما،ويقترن بهما
في الفواكه والثمار
كرم نسلفه الماء القراح، ويقضينا أمهاتالراح. عنقود كالثريا. عنب كأنه مخازن البلور، وظرف النور، وأوعية السرور، وأمهاتالرحيق، في مخازن العقيق. نخل نسلفه الماء، ويقضينا العسل. رطب كأنه شهدة بالعقيقمقنعة، وبالعقيان مقمعة. رمان كأنه صرر الياقوت الأحمر. سفرجل يجمع طيباً ومنظراًحسناً، كأنه زئبر الخز الأغبر، على الديباج الأصفر. تفاح نفاح، يجمع وصف العاشقالوجل، والمعشوق الخجل، له نسيم العنبر، وطعم السكر. ورسول المحب، وشبيه الحبيب. تين كأنه سفر مضمومة على العسل. مشمش كأنه الشهد في بنادق الذهب.
ذكرالجوع
لا هجوع، مع الجوع، سلطان الجوع يسيء الملكة، هو أجوع من ذئب معشش بينأعاريب، قد أثر الجوع في الأخلاط. العيون قد انقلبت، والأكباد قد التهبت. تحلبتالأفواه، توقدت الأكباد. امتدت إلى الخوان الأعناق، وأحدت نحوه الأحداق، وتحلبت لهالأشداق.
وصف القدور
قد قامت خطباء القدور. فاحت القدور بأطيت من المسكالأصهب، بالعنبر الأشهب، قدور أبكار، بخواتيم النار. قدر طار عرفها، وطاب غرفها،دهماء تهدر كالفنيق، وتفوح بالمسك الفتيق.
مقدمة الطعام
أفرش طعامك اسمالله، وألحفه حمد الله. كل من الطعام ما حدث. لا يطيب حضور الخوان، إلا مع الإخوان. الأكل منا للحاجة، ومنك للمساعدة. البخل بالطعام، من أخلاق الطغام، الكريم لا يحظرتقديم ما يحضر،
وصف الموائد
مائدة كدارة البدر. مائدة تباعد بين أنفاسالجلاس، مائدة مثل عروس. مائدة نظيفة، محفوفة بكل طريفة. مائدة تشتمل على بدائعالمأكولات، وغرائب الطيبات. مائدة كالعروس مجلوة، من الطيبات مملوءة. مائدة قدزخرفت رياضها، وملئت حياضها، فمن قانئ بإزائه فاقع، ومن حالك في تلقائه ناصع. مائدةكأنما عملها صناع صنعاء. مائدة تجمع بين أنوار الربيع، وأثمار الخريف.
وصفالألوان من الأطعمة
رغفان كالبدور المنطقة بالنجوم. أحسن ما يكون وجه الخوان،إذا اخضرت شوارب الرغفان. ترى البقل على وجه الخوان، كما بقلت أوجه الغلمان الحسان. جدي كأنما ندف على جنبه القز. حمل ذهبي الدثار، فضي الشعار. أطيب ما يكون الحمل،إذا حلت الشمس الحمل، حمل خلف شهرين، على الخلفين، ثم رعى شهرين، فهو شبران فيشبرين، زير باجة، هي للمائدة ديباجه، تشفي السقام، ولونها السقيم. سكباجة تفيقالشهوة، وأسفيذ باجة تغذين وطباهجة يتفكه بها، وخبيص يختم بخير. مضيرة تثني علىالحضارة، وتترجرج في الغضارة، وتؤذن بالسلامة، وتشهد لمعاوية بالإمامة. في قصعة يزلعنها الطرف، ويموج فيها الظرف. طباهجة من شرط الملوك، كأعراف الديوك. قلية كالعودالمطرى، مغمومة تفرج غم الجائع. هريسة نفيسة، كأنها خيوط خز مشتبكة. كأنها قمربالشمس ملتحف. كأن المري عليها عصارة المسك، على سبيكة الفضة. شواء يتقطر عرقا،ويتسايل جردابه مرقا. أرزة ملبونة، في السكر مدفونه. دجاجة مشوية لها من الفضة جسم،ومن الذهب قشر. دجاجة دينارية، ثمناً ولوناً. شواء وشراس وفالوذج رجراج. طباهجةتغذي، وفالوذجة تغذي. أسفيذباجة تصفح قفا الجوع.
في وصف ألوان من الحلواء
فالوذج بلباب البر، ولعاب النحل. كأن اللوز فيه كواكب في سماء عقيق. قطائف،فيها لطائف. عصيدة تجمع بين جنى النحل والنحل. ما الخبيص إلا نعمة مجموعة، ولذةمعجونة. تؤدي طعم العافية، وتختم بحسن العاقبة. لوزينج ليلي العمر، يومي النشر،رقيق القشر، كثيف الحشو. لولبي الدهن، كوكبي اللون.
ذكر النهم الأكول
شيطانمعدته رجيم، وسلطانه ظلوم، هو آكل من النار، وأشرب من الرمل. كأن في أمعائه معاوية،يأكل أكل الحوت الملتقم، والثعبان الملتهم، الليث الهاصر، والعقاب الكاسر. لو أكلالفيل لما كفاه، ولو شرب النيل لما رواه. يجوب جوب البلاد، حتى يقع على جفنة جواد. يقول بالقصاع، لا بالمصاع، يرى ركوب البريد، في حضور الثريد. أصابعه ألزم للشواء منسفود. أنامله كالشبكة، في صيد السمك. يستكثر من الجوارشات المنقدة للسدد، المقويةللمعد، المشهية للطعام، المسهلة لسبل الانهضام. إذ هو في تناولها كالكاتب الذي يقطأقلامه، والجندي الذي يصقل حسامه. تسافر يده على الخوان، وتسفر بين الألوان، وتأخذوجوه الرغفان، وترعى أرض الجيران. لما عكفنا على الخوان، أسرع في الرغفان، وكرع فيالجفان، وفقأ أعين الألوان.
في وصف مجالس الأنس وآلات اللهو
مجلس نوره در،ونارنجه ذهب، ونرجسه دينار ودرهم، ويحملها زبرجد. عندنا أترج كأنه من خلقك خلق، ومنشمائلك سرق. ونارنج ككرات من سفن ذهبت، أو ثدي أبكار خلقت. مجلس أخذت فيه الأوتارتتجاوب، والأقداح تتناوب. أعلام الأنس خافقة، وألسن الملاهي ناطقة. مجلس قد فرشبساطه وبسط أنماطه، ومد سماطه، بين آس مخضود، وورد منضود، وناي وعود. نحن بين بدور،وكاسات تدور، قد نشأت غمامة الند، على بساط الورد. مجلس قد تفتحت فيه عيون النرجس،وفاحت مجامر الأترج، وفتقت فارات النارنج، ونطقت ألسن العيدان، وقامت خطباءالأوتار، وهبت رياح الأقداح، وطلعت كواكب الندمان، وامتدت سماء الند. مجلس من رآهحسب الجنان قد اصطفيت عيونها فجمعت في قدر من الأرض، وتخيرت فصوصها فنقلت إلى مطلعالأنس واللهو. قد فض اللهو ختامه، ونشر الأنس أعلامه. قد هبت للأنس ريح سحابهاالأقداح، ورعودها الأوتار، ورياضها الأقمار. قد فرغنا للهو والدهر عنا في شغل. قداقتعدنا غارب الأنس، وجرينا في ميدان اللهو. عمدنا لقداح اللهو فأجلناها، ولمراكبالسرور فامتطيناها. قد امتطينا غوارب الأفراح، وقد حنا نار السروربالأقداح.
فيما يتصل به من الألفاظ في الاستزارة
نحن في مجلس قد أبت راحتهأن تصفو إلا أن تصافحها يمناك، وأقسم غناؤه لا طاب أو تعيه أذناك، فأما خدود نارنجهفقد احمرت خجلاً لإبطائك وعيون نرجسه فقد حدقت تأميلاً للقائك، فبحياتي عليك إلاتعجلت، وما تمهلت. نحن بغيبتك كعقد قد غيبت واستطه، وشباب قد أخذت جدته. إذا غابتشمس السماء عنا، فلا بد من أن تدنو شمس الأرض منا. وأنت من ينظم به شمل الطرب،وبلقياه يبلغ إلى كل أرب. طر إلينا طيران السهم، واطلع علينا طلوع النجم. ثب إليناوثبة الغزال، واطلع علينا طلوع الهلال، في غرة شوال. كن إلينا من السهم إلى ممره،والماء إلى مقره. جشم إلينا قدمك، واخلع علينا كرمك. إن رأيت أن تحضرنا لتتصلالواسطة بالعقد، ونحصل بقربك في جنة الخلد. إن رأيت أن تسهم لنا في قربك الذي هوقوت ألنفس، ومادة الأنس.
في الكناية عن الشراب
قد نشط لتناول ما يستمد البشر،ويشرح الصدر. قد استمطر سحاب الأنس، واستدر حلوبة السرور، وقد زند اللهو.
وصفالشراب
شراب أصفى من مودتي لك، وأحسن من نعمة الله فيك، وأطيب من إسعاف الزمانبلقائك. أصفى من البلور، ودمع الجمهور. أصفى من ماء السماء، ودمع العاشقة المر هاء. أحسن من الدنيا المقبلة، والنعم المكملة. أحسن من العافية في البدن، وأطيب منالحياة في السرور. أرق من نسيم الصبا، وعهد الصبى. أرق من دمع محب، وشكوى صب. أرقمن دموع العشاق، مرتها لوعة الفراق.
في تأثيره في القوم
دبت الكأس فيهم دبيبالنار في الفحم، والبرء في السقم. سارت فيهم سورة الكؤوس، ونالت منهم نشوةالخندريس. شربت الراح عقولهم، وملكت قلوبهم. تمشت الصهباء في عظامهم، وترقت إلىهامهم، وماست في أعطافهم، ومالت بأطرافهم. بلغ حداً، يوجب الحد.
فقر وغرر تليقبهذا الباب
الصاحي بين السكرى، كالحي بين الموتى، يضحك من عقلهم، ويأكل مننقلهم.
ذكر الغناء والمغني
غناؤه كالغنى بعد الفقر. غناء يبسط أسرة الوجه،ويرفع حجاب الأذن، ويأخذ بمجامع القلب، ويمتزج بأجزاء النفس. غناء يحرك النفوس،ويرقص الرؤوس. قد سمعنا غناء، يعيد الأموات أحياء، إذا غنى ودت أعضاء السامعين أنتكون آذانا. فلان طبيب القلوب والأسماع، محيي موات الخواطر والطباع. يطعم الآذانسرورا، ويقدح في القلوب نورا. القلوب من غنائه على خطر، فكيف الجيوب. كأنه خلق منكل نفس فهو يغني كلا بما يشتهيه. كل ما يغنيه مفتوح. لغنائه في القلب، موقع القطرفي الجدب. نعمه نغمته تطرب، وضروب ضربه لا تضطرب.
في ذم المغني
يترنم فيتعبولا يطرب، وليتنا وجدنا الكفاف ولكن يكرب. فلان إذا غنى عني، وإذا أدى آذى، يميتالطري، ويحي الكرب. ضربة يوجب ضربه، وسماعه يوجب الإسماع به. من عجائب غنائه أنيورد الشتاء في الضيف. بيت وسى كذا بارد النغمة مختل اليدين. ما رآه أحد في دار قوممرتين.
في استهداء الشراب
قد تألف لي شمل إخوان كاد أن يفترق لعوز المشروب،فاعتمدنا فضلك المعهود، ووردنا بحرك المورود. أنا ومن سامحني الدهر بزيارته منإخواني وأوليائك وقوف بحيث يقف بنا اختيارك من النشاط أو الفتور، ويرتضيه لناإيثارك من الهم أو السرور، لأن الأمر في ذلك إليك، والاعتماد في جمع شمل المسرةعليك، فإن رأيت أن تكلني إلى أولى الظنين بك فعلت. ألطف المنن موقعا، وأجلها فيالنفوس موضعا. ما عمر أوطان المسرة، وطرد عوارض الهم والفكرة، وجمع شمل المودةوالألفة. قد انتظمت مع رفقة لي في سمط الثريا، فإن لم يحفظ علينا النظام، بإهداءالمرام، عدنا كبنات نعش والسلام. فرأيك في إرواء غلتنا بما ينقعها، والتطول علىجماعتنا بما يجمعها.
كتاب وصف النظم والنثر
وأصحابهما وآلاتهما وأدواتهما
وصف حسن الخط
خط يجري مجرى السحر، ويرتفع حسنه عن النعت. رأيت من خطه يواقيتفي نظام، وصفحات نور عليها سطور ظلام. خط أحسن من عطفة الأصداغ، وبلاغة كالأمل آذنبالبلاغ. خط كأنه صبح منقش بظلام، كأنه ليل على صفحات نور، كأنه حديقة الأحداق. خطكالروض الممطور، والوشي المنشور، والدر المنثور. خط كما يفتح الزهر غب المطر، كأنهخطوط الغوالي، في خدود الغواني. خط أملح من بنفسج الخط، وأحسن من الدر في السمط. خطأخذ من الطواويس ظهورها، ومن البزاة صدورها. خط كالتبر المسبوك، والوشي المحوك. خطأملح من صولجان المسك، في ميدان الورد، أحسن من بدور الغرر، في ليالي الطرر، فلانيغرس الدر في أرض القراطيس، وينشر عليها أجنحة الطواويس. كأن يده تنشر وشيا، أوتنظم درا. كأنه مطرز بالظلام رداء الصباح. خط كأن القلب يشعر منه نورا، والعين تجنينورا. خط يبهر الطرف، ويفوت الوصف. خط كالرياض، والمقل المراض، والإقبال بعدالإعراض. أمتعت طرفي ما شئت بمحاسن خطه ولفظه، وأخذت منهما بأوفر قسط المستفيدوحظه. تحيرت بين ظلام وصباح، وعقد ووشاح. خطه خطة الحسن.
في سرعة الكتابة
يدهضرة البرق، وقلمه فلكي الجري. يده ظئر البلاغة، وأم الكتابة، وضرة الريح، وينبوعالفضل. كأن يده على القرطاس جناح طائر في سراب مائر. فلان أنامله الرياح، وخواطرهالبحار. فلان سريع البنان، بديع البيان. لا يحبس عنان قلمه، أو ينثر الدر في كلمه. قلمه يهيم على وجهه، غادراً رأسه في درجه. أخف من حسوة طائر، ولمعة بارق، وخلسةسارق.
وصف النثر بما يشتمل عليه من الألفاظ والمعاني
ألفاظ كغمزات الألحاظ،ومعان كأنها فك عان. ألفاظ كما نورت الأشجار، ومعان كما تنفست الأسحار. ألفاظ قداستعارت حلاوة العتاب، بين الأحباب، واسترقت تشاكي العشاق، يوم الفراق. حسبت ألفاظهدر السحاب، أو أصفى قطراً وديمة، ومعانيه در السحاب، بل أوفى قدراً وقيمة. كلامقريب شاسع، ومطمع مانع. كالشمس تقرب ضياء، وتبعد علاء، وكالماء يرخص موجودا، ويغلومفقودا. كلام يصعب على التعاطي، ويسهل على الفطنة. كلام لا تمجه الآذان، ولا يبليهالزمان. ألفاظ كالبشرى مسموعة، وأزاهير الرياض مجموعة، ومعان كأنفاس الرياح، تعبقبالريحان والراح. كلام مستهل متسلسل كالمدام بماء الغمام، يقرب إذنه على الأفهام. ملح كنوافذ السحر، وفقر كالغنى بعد الفقر. كلام كبرد الشرراب، على أكباد الحرار،وبرد الشباب، في خلع العذار. كلام كثير العيون، سلس المتون رقيق الحواشي، سلسالنواحي. كلام هو السحر الحلال، والماء الزلال، والبرود والحبر، والأمثال والعبر،والنعيم الحاضر، والشباب الناضر. نظرت منه إلى صورة الظرف بحتا، وسورة البلاغةسبكاً نحتا. ألفاظ هي خدع الدهر وعقد السحر. ألفاظ تسر المخزون، وتسهل الحزون،وتعطل الدر المخزون. كلام بعيد من الكلف، نقي من الكلف. كلام كما تنفس السحر عننسيمه، وتبسم
*****************************
*سحر البلاغة وسر البراعة" "أبي منصور النيسابوري









آخر مواضيعي

0 وزع الجوائز
0 الا الحماقة اعيت من يداويها
0 ابتسم
0 التعاقد الديداكتيكي
0 طرق الاكتشاف
0 أنواع التعلم بالاكتشاف
0 التعلم بالاكتشاف
0 التفكير الإبتكاري
0 كيف تحفز التلاميذ
0 طرائف


امازيغية وافتخر
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية امازيغية وافتخر

تاريخ التسجيل: 19 - 2 - 2008
السكن: فـيـ بـــــــيتــنآ
المشاركات: 966

امازيغية وافتخر غير متواجد حالياً

نشاط [ امازيغية وافتخر ]
معدل تقييم المستوى: 302
افتراضي
قديم 13-09-2008, 20:34 المشاركة 2   

°×°الفوقي°×°
شكرا لك اخي الكريم على جميل المعاني وكنه البلاغة الذي جمعته في موضوعك القيم
بارك الله فيك اخي
رمضان مبارك
°؟°امازيغية°؟°

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الفوقى
:: دفاتري ذهبي ::


تاريخ التسجيل: 6 - 1 - 2008
المشاركات: 5,316

الفوقى غير متواجد حالياً

نشاط [ الفوقى ]
معدل تقييم المستوى: 734
افتراضي
قديم 13-09-2008, 23:32 المشاركة 3   

شكرا اختى على ردودك المعبرة وشكرا لمجهوداتك فى المنتدى


الفوقى
:: دفاتري ذهبي ::


تاريخ التسجيل: 6 - 1 - 2008
المشاركات: 5,316

الفوقى غير متواجد حالياً

نشاط [ الفوقى ]
معدل تقييم المستوى: 734
افتراضي
قديم 11-11-2008, 20:11 المشاركة 4   

شكرا للردود المعبرة

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الفوقى
:: دفاتري ذهبي ::


تاريخ التسجيل: 6 - 1 - 2008
المشاركات: 5,316

الفوقى غير متواجد حالياً

نشاط [ الفوقى ]
معدل تقييم المستوى: 734
افتراضي
قديم 27-01-2009, 19:36 المشاركة 5   

شكرا على الرد المعبر

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التلاعب, البراعة, شجر, نشر

« معاني الشهور العربية | ميلاد دفتر اللغة العربية »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وجوه البلاغة الفوقى اللغة العربية 7 01-05-2016 20:46
البلاغة الفوقى اللغة العربية 5 26-09-2008 23:03


الساعة الآن 23:41


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة