عممت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، أياما قبل موعد امتحانات الباكالوريا " دليل المترشح والمترشحة" الصادر عن المركز الوطني للتقويم والامتحانات. في وقت وقفت وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة عند ظاهرة أصبحت تقف عندها منذ مدة مع اقتراب موعد الامتحانات، يتعلق الأمر بظاهرة الغش في الامتحانات. إثارة الموضوع بحدة على وسائل الإعلام منذ أحداث تسريب امتحانات الباكالوريا لدورة يونيو 2006 بمكناس، جعل المهتمين من تلاميذ ومدرسين وآباء، يتعايشون مع الظاهرة ويعتبرونها أمرا عاديا ووصل إلى حد الظاهرة التي فرضت نفسها، وبالتالي وجب التعامل معها على هذا الأساس.
وهكذا أصبحنا نرى على شاشة التلفزيون في السنوات الأخيرة تقارير تظهر تلاميذ من مستويات مختلفة، يقومون باستنساخ دروس يظنون بإمكانية طرح أسئلة حولها في الامتحان. كما كثر الحديث عن استعمال وسائل تقنية متطورة كالهواتف النقالة، والآلات المبرمجة، وأجهزة تسجيل الموسيقى MP3 وأجهزةiPod. ومن جهة أخرى، فإن الدليل الذي أصدرته الوزارة تضمن توجيهات في الإعداد للامتحان وتنظيم الإعداد ووتيرته، كما وقف مطولا عند الظاهرة، حيث أفرد لها فصلا في الدليل، تم خلاله التذكير بالتدابير الزجرية المرتبطة بالموضوع، مع الإشارة إلى المذكرات الوزارية الصادرة في هذا الشأن، واستعرض الدليل مجموعة من السلوكات الممنوعة وذلك لتجنب الوقوع ما سمي بالوضعيات الملتبسة لممارسة الغش ومنها إدخال الهواتف النقالة إلى قاعات الامتحان واستعمال الآلة الحاسبة إلا حسب التحديدات الواردة في ورقة الامتحان واستعمال وثائق غير تلك المنصوص عليها.
ويبقى السؤال المطروح :هل وقوف وسائل الإعلام عند الظاهرة كلما حل موعد الامتحانات وإصدار الوزارة دليلا يقف عندها، يضعنا أمام ظاهرة تعايش المجتمع معها؟ وهل الإجراءات المتخذة في هذا الشأن كفيلة للحد منها؟ حتى لا نقول القضاء عليها؟ أسئلة حملناها معنا إلى مختلف الأطراف .
صرح أستاذ له ذكرى سيئة مع مراقبة امتحانات الباكالوريا، أن الأمر أصبح من المسلمات، بل قد يصل أحيانا إلى الحق المكتسب الذي يستلزم الدفاع عنه، مضيفا أن الرغبة في الغش يتم التعبير عنها جهارا. في حين يؤكد تلميذ مقبل على اجتياز الامتحان، أن التلاميذ يظهرون قدرات كبيرة في استغفال المراقبين، مستعملين وسائل يصعب الكشف عنها، دون أن ينفي اللجوء إلى استعمال أحدث ما وصلت إليه التقنية. ومن جهة أخرى، فقد أشارة أب لتلميذ أن قيما تسود بمجتمعنا تجعل من الغش في الامتحان عملا يحظى بالقبول، إذ حسب الأب أن الترويج لقولة "عند الامتحان يعز المرء أو يهان" يشجع على الوصول إلى الهدف بغض النظر عن الوسيلة، والهدف هنا يضيف هذا الأب، ليس النجاح فقط بل "يعز المرء". إحدى الأمهات التي حاورناها أشارت إلى أن أحاديث الأهل والجيران لا تقف عند الدراسة إلى عند حلول موعد نتائج الامتحانات، حيث أحاديث تروج عن العائلات التي حصل أبناؤها عن نقط مرتفعة. في حين أنه طيلة السنة تغيب المدرسة وعمل الأبناء عن مثل هذه الأحاديث. أحد الإداريين وقف عند تراجع الرغبة في الدراسة والخوف من الرسوب مع ما يرافقه من قلق وتوتر وضغوط نفسية اجتماعية، عوامل تؤدي إلى البحث عن كل الوسائل التي تجنب الوقوع في المحظور اجتماعيا.
أما عن الإجراءات المتخذة من طرف الوزارة للحد من الظاهرة، فلا أحد من التلاميذ الذين التقينا بهم كان، على علم بصدور دليل المترشح والمترشحة. في حين أكد أغلب المدرسين أنهم سمعوا بالأمر دون أن يطلعوا على محتوياته، والذين اطلعوا عليه ساعدتهم في ذلك الشبكة العنكبوتية. وإذا كانت الوزارة أصدرت دليل المترشح، فإنها دأبت خلال السنوات الماضية على تسليم "دليل لسير عمليات الامتحانات" للأساتذة المساهمين في الحراسة. وحثهم على تلاوة بعض مقتضياته بهدف تذكير وتحسيس الممتحنين بشروط الامتحان. كما يتم تضمين الاستدعاءات لاجتياز الامتحان فقرة عن الإجراءات الزجرية المنصوص في القانون المتعلقة بالغش في الامتحان. أما تعميم الدليل المشار إليه فيندرج حسب بلاغ صادر عن وزارة التربية الوطنية حول مواعيد إجراء امتحانات الباكالوريا وأعداد المترشحين وأصنافهم، بانطلاق تفعيل مشروع تطوير نظام التقويم والامتحانات، خصوصا ما تعلق منه بتحسين تأطير المترشحين والمترشحات لاجتياز الامتحانات الإشهادية، وتعزيز تكافؤ الفرص بينهم، وذلك تطبيقا لتوجهات البرنامج الاستعجالي للوزارة 2012-2009.
هذه الإجراءات يراها مهتمون غير كافية للحد من الظاهرة. ويرى آخرون أنها لا تمس عمق المشكل. ويدعو البعض إلى إعادة النظر في نظام الامتحانات والتقويم بشكل عام. مع إشراك الفاعلين من أجل تفعيل ما ورد في البرنامج الاستعجالي بخصوص تطوير نظام التقويم والإشهاد من أجل تجاوز ما يطبع أسئلة الامتحان التي تبقى مباشرة مرتبطة بالقدرات على الحفظ والاسترداد الحرفي. وفي هذا الصدد وقفت بعض الدراسات التي أجريت أخيرا عند مجموعة من النواقص بنظام الامتحانات المتبع وتجاوزها بتنويع وسائل التقويم وتطوير الاختبارات بحيث تركز على التفكير، والتحليل، وإثارة المشكلات والبحث عن حلول لها والمقارنة والبحث والاستنتاج. مع ضرورة استمرار التقويم ليكون مصاحبا للتعلم واعتماد مبدأ اللامركزية في تنظيم الامتحانات وتكوين المدرسين على الاتجاهات الحديثة في القياس والتقويم والاهتمام بالمستويات العليا للمعرفة...
عبد ربى عبد العالي tarbiya.ma
http://http://tarbiya.ma/index.php?option=c...mid=73&lang=fr
وسائل الأعلام تحرض التلاميد على اعتماد الغش كوسيلة لتحقيق النجاح
المواضيع المتشابهه
