ولكن المشكلة تكمن أن هناك جهل كبير بالطريقة السليمة التي يجب إتباعها مع المراهقين في هذه المرحلة إذ ليس من السهل تحقيق التوازن السليم في معاملة المراهقين الشباب فبعض الآباء يتميز بالإسراف والمبالغة في الاهتمام بالمراهقين والعناية بهم وتلبية طلباتهم من غير اعتراض وإعطائهم الفرصة للتحكم في شؤون البيت ليصبح كل شئ تحت تصرفهم، إلا أن هذا يقود أي إفساد الشباب وإعطائه فكرة مغلوطة عن حقوقهم وإمكاناتهم المحدودة كما أنها تسبب المصاعب و المتاعب و قد تصيب المراهق نفسه بخيبة أمل لأنه تحمل مسؤولية كبرى يعجز عن النهوض بها بشكل سليم.
كذلك من الخطأ ما يقوم به بعض الآباء من السيطرة المطلقة علي الشاب والوصاية الكاملة علية ومعاملته وكأنه لا زال طفلا وعليه أن يظل طفلا و مطلوب منه أن ينفذ القرارات فقط ، بل إن التصرف السليم هو أن يعطي الآباء للشباب فرصة للقيادة وإدارة شؤون البيت مع اخذ زمام المبادرة في الأمور التي هي من صلاحيات الآباء فخير الأمور الوسط .
إن مرحلة المراهقة هي عملية قطاف لما زرعه الوالدان من قيم وأخلاق و أساليب تنشئة في مرحلة الطفولة ، فالوالدان اللذان عاملا ابنهما بالرفق واللين واحتراما إنسانيته وخلت معاملتهم له من التدليل أو الحماية الزائدة ومن الطموح الزائد أو النقد والتوبيخ ومقارنته بالآخرين أو معاقبته بدنيا علي كل صغيرة وكبيرة و إغراقه بالحب و أشبعاه بالثقة وساعداه منذ الصغر علي توكيد الذات وقاما ببناء مفهوم ايجابي للذات عنده .
هؤلاء الآباء لا يمكن أن يعانوا من أبنائهم في مرحلة المراهقة لأنهم أسسوا لهذه المرحلة ووضعوا العديد من نقاط التفاهم ، و أما الآباء الذين لم يفعلوا ذلك سيصل أبنائهم إلي هذه المرحلة وقد اخذوا اتجاها سلبيا تجاه والديهم فينشأ من ذلك كل المظاهر السلبية التي تظهر في هذه المرحلة.
بل لقد أثبتت الكثير من الدراسات أن العلاقات العاطفية بين الجنسين والتي قد تنحرف إلي ممارسات جنسية غير شرعية سببها حرمان هؤلاء المراهقين للعطف والحب من والديهم في طفولتهم ومعاملتهم من قبل والديهم معاملة سيئة فيحملون هذا الجوع العاطفي معهم وبمجرد مقابلتهم لمن يشبع هذا الجانب عندهم فإنهم يرتبطون به وبقوة وهذا يوضح أهمية أن نغدق الحب والحنان علي أطفالنا منذ الصغر مما يتيح لنا القضاء علي الشذوذ الجنسي المبكر عند هؤلاء المراهقين بصورة أكيدة كما سنقضي علي كل المظاهر السلبية التي يمكن أن تظهر فترة المراهقة..
في بيتا مراهق لذا يجب علينا أن نعرف كيف نجعله راشدا ناجحا لا طفلا كبيراً
بقلم الدكتور أسامه المزيني
___________________________________
* أستاذ الصحة النفسية بقسم علم النفس بالجامعة الإسلامية