بقلم المثمر المصطفى
جلس كثير التشاؤم من المتشائمين في مقعده المعتاد ، بمقهى الأسى و العناد ، طلب كأسا و "براد" ، في انتظار الميعاد ، وجه كئيب شديد السواد ، لقد انتهت العطلة و حل وقت ال**** ، سيعود للوحدة تاركا خلفه صاحبته سعاد ، ما أصعب لحظات العودة إلى القفار حيث السكون و الجماد ، مهما بذلت من جهد و اجتهاد ، ما من معترف بفضلك يا جواد ، تفني زهرة شبابك حتى تصير إلى رماد ، ما إن تتنفس ريح الأقارب من العباد ، حتى تنفخ البيداء ريحها و العياد ، تخبرك أن لا مفر و لا ابتعاد ، ها هي ذي سهاد ، قضت معي ثلاث سنوات لتنتقل إلى مقر عمل زوجها عماد ، أما وداد ، حديثة الميلاد ، فلم تعمر أكثر من شهر لتنتقل إلى مدرسة مستقلة بمدينة صغيرة الإمتداد ، بعد تدخل من زوجها الصنديد بنقابة تابعة للمقداد ، في حين تملصوا مني أنا العبد الذي قضيت عشر سنين حتى انقضى الزاد ، بحجة أني اقف على الحياد ، إضافة لجنسي الخشن الصبور المهاد °، تبا لكم يا أشباه الموساد ، يا من ترموننا في زهرة عمرنا كما يرمى السماد ، تقطفون المراد ، و تستغلوننا كالدواب من الحمير و البغال و حتى الجياد ، غصبتم شبابنا الأخاذ ، و ها نحن نقاسي الويلات و الشداد .
و فوق ذلك كله يتهمنا البعض بحب العطل ، و الراحة عوض العمل ، مساكين انتم يا من يجهلون حقيقة التعليم بالصحراء و الجبل ، حيث لا ماء و لا كهرباء و لا مسكن يقيك كثرة الجدل ، في طلب المأوى و المأكل ، هناك حيث الرتابة و الملل ، و العجز و الكسل ، يوم تخرج من عملك تجد النقل ينتظر بلا كلل ، و عندما أخرج من عملي أجد الطريق الطويل بأقدامي يتغزل ، عندما تسير في أنوار الشوارع و كلك أمل ، أسير في ظلمات فوقها ظلمات قلب أعيته العلل ، اعلم يا منتقدا بلا معرفة بمكمن الخلل ، أنك لو قضيت يوما مكاني لأصابك الشلل ، من هول الصدمة من واقع مغاير لواقعك يا مدلل .
"تا مُش ما تيهرب من دار العرس " على رأي مثل أهل بلدتي ، كذلك نحن يا ابن دولتي ، لو كانت مقرات عملنا مثل مدينتي ، لبحثت عني و ما وجدتني ، إن كنت تخالني من هواة الترحال مع عائلتي ، فأنت مخطئ و تتحمل جريرتي ، لأنك ظلمتني و آذيتني ، حسبتك ستفهم ألمي و قبح وضعيتي ، لو كان بمقر عملي طريق لتنقلت إليه بسيارتي ، لو كان به مسكن لصحبت معي زوجتي ، و لدرست ابنتي مع باقي تلامذتي ، و لما اضطررت أن أرى دموع حبيبتي ، أمي الغالية كلما حزمت أمتعتي ، لكن ليس العيب عيبك يا أخي و يا أختي ، العيب كل العيب لصمتي و استكانتي .
====