الحركة - 02/03/2009
الهروب من جحيم الكراء يتصدر الدوافع
أجور الموظفين المغاربة تذوب في تسديد القروض
الدار البيضاء - محمد زريزر
"أجور الموظفين البيضاويين تذوب في تسديد القروض"، كانت هذه الجملة نقطة انطلاق دردشة دارت بين ركاب سيارة أجرة اتجهت من الدار البيضاء إلى المحمدية عبر الطريق الساحلي قبل عيد المولد النبوي. واشتكت إحدى الراكبات من كثرة الإغراءات التي مورست عليها من أجل الاقتراض بمناسبة الأعياد.
وأجابها أحد الركاب أن كثرة الاقتراض جعلت كل المغاربة تحت رحمة شركات القروض و البنوك، وأن الإغراءات التي تمارسها هذه الأخيرة كثيرة، تجعل من بعض المواطنين يتطلعون إلى تحقيق بعض أحلامهم أو حل بعض المشاكل التي تؤرق حياتهم، خصوصا توفير الشقة للأبناء، غير أنهم يؤدون مقابل ذلك استقرارهم النفسي، لأنهم لا يستطيعون التخلص من الديون إلا بعد قضاء مرحلة طويلة من حياتهم.
وأوضح، أنه قبل عرض القروض، تلجأ شركات القروض إلى دراسة ميدانية، يطلعون، عبرها، عن نوع الخصاص الذي يعانيه المواطنون ، ليحققوا بعد ذلك أكبر عدد من الزبناء. وأستطاع عدد من البيضاويين، يضيف المواطن، امتلاك شقة عوض كرائها، انطلاقا من فكرة "ثمن الشراء مثل ثمن الكراء"، لأن القسط الشهري الذي يؤدي المقترض مقابل امتلاكه الشقة يساوي ثمن الكراء.
وأبرز المواطن أنه يعرف أسرا تتكون من أزيد من 5 أفراد تعيش في غرفة واحدة، وتمكنوا من العيش في شقة تضم ثلاثة غرف ومطبخ، بواسطة الاقتراض.
وأشار راكب آخر إلى أن القروض ساهمت في حل مشاكل عدد من السكان خصوصا في مواجهة بعض المناسبات والأعياد، غير أن ذلك أثر على الميزانية المخصصة لمصاريف البيت، خصوصا وأن الاقتراض في كل المناسبات أضعف المبلغ المتبقي من الأجرة الشهرية، وأدى إلى حرمان الأسر من بعض المواد الضرورية في حياتهم اليومية، خصوصا المواد الاستهلاكية، إذ أن هناك أسرا لا تستهلك الحليب واللحم والفواكه بسبب القروض التي ضربت قدرتها الشرائية، كما لا تتمكن من مواجهة بعض الحالات المرضية المفاجئة التي يمكن أن تصيب أحد أفراها.
واشتكى ركاب الرحلة من التوتر الذي أصبحوا يشعرون به، بسبب ارتفاع القروض التي اعتمدوا عليها في تحقيق رغباتهم، إذ أن التوتر أصبح الطابع الذي يميز طريقة تعاملهم مع الآخر، بل ومن بينهم من يراها كابوسا يعكر صفاء حياته.
وأجمعوا على أن القروض ساهمت على الأقل في حل أزمة السكن بالنسبة لشريحة واسعة من المواطنين، خصوصا ذوي الدخل المحدود، لأن أصحاب الأجور الضعيفة لا يتمكنون من توفير ما يشترون به شقة تأوي أبناءهم لولا مساهمة الشركات البنكية.
وأشار سائق سيارة في حديثه مع الركاب، إلى أنه لولا الاقتراض لما استطاعت فئة واسعة من البيضاويين توفير سكن لائق للأبناء، وساهم في ترحيل عدد من سكان دور الصفيح، كما أدى إلى حل أزمة السكن التي كان يواجهها أكثر من نصف البيضاويين المقيمين في الأحياء الهامشية خلال بداية الثمانينيات.
وكان هاجس الديون محور الحديث الذي استمر إلى غاية رحلة سيارة الأجرة التي عبرت شوارع محفرة ومكتظة استغرقت أزيد من ساعة، خصوصا بسبب اختناق حركة المرور على مستوى شارع السفير بن عائشة.
وصب سائق سيارة الأجرة غضبه على شركات القروض التي ساهمت في ارتفاع عدد السيارات المستعملة للطريق الساحلي الذي يربط بين المدينتين، إذ قال إن القروض حلت مشاكل التنقل بالنسبة لعدد من المواطنين غير أنها ساهمت في عرقلة حركة السير في الدار البيضاء، لأن هذه الطريق التي كانت شبه خالية من السيارات في بداية ثمانينيات القرن الماضي، أصبح من المستحيل المرور عبرها خلال هذه السنة، مشيرا إلى ضرورة إيجاد حلول للمشاكل التي يواجهها مستعمليها.
وانتشرت في عدد من شوارع العاصمة الاقتصادية وتعرض في لوحات إشهارية كبيرة عروض الاقتراض بمناسبة او غير مناسبة منذ نهاية شهر نوفمبر، تتوجه إلى الموظفين مقابل فوائد تتجاوز أحيانا نسبة 10 في المائة من الفائدة، في حين أن هناك شركات تقرض عمالها من دون فوائد، بأداء أقساط أدائها طيلة السنة.