لا شك أن الأسرة أول محيط اجتماعي يتعلم فيه الطفل الأنماط الأساسية التي ستشكل السمات الرئيسية لشخصيته, ففيها يكتسب بذور الحب و الكراهية و التعاون و التنافس, و النزوع نحو التسلط أو الخنوع, فالأسرة بهذا المعنى أول جماعة للطفل يشعر من خلال عيشه فيها بانتمائه المشروع لها, وبذلك يكتسب عضويته, فيتعلم كيف يتعامل مع الآخرين في إشباع حاجاته و تحقيق مصالحه من خلال تفاعله مع أعضائها أي من خلال تفاعله مع أبويه و إخوانه, و الحقيقة أن الأسرة لا تقف عند حد تربية الطفل عند صباه, بل إن أثرها يتعدى إلى رسم أهم معالم شخصيته المستقبلية, و لما كان الحال كذلك فإن أي تغيير في بنية الأسرة من اضطراب أو تفكك بسبب الطلاق أو الوفاة أو خصام إلا و يؤثر على تكوين الطفل الجسماني و الانفعالي و العقلي, حاضرا و مستقبلا. من هنا يأتي حديثنا حول الأسرة نظرا للدور الجسيم الذي تلعبه في تشكيل شخصية الطفل من جهة, ثم لمكانتها بين العناصر التربوية الأخرى: الشارع-المجتمع-المدرسة... و سنتناول في هذه الورقة المتواضعة: العلاقات الأسرية و أثرها في تشكيل شخصية الطفل, بيد أننا ارتأينا أن نمهد لهذا الموضوع بتعريف موجز للأسرة و جرد سريع لوظيفتها, و ذلك باعتبار هاته الأخيرة هي أرضية موضوعنا فما هي الأسرة؟ ثم ما هي وظيفتها الاجتماعية؟