الرسول المعلم
إن الصدق تاج على رأس المعلم ، إذا فقده فقد ثقة الناس بعلمه ، وبما يمليه عليهم
من معلومات . لأن الطالب في الغالب يتقبل من معلمه كل ما يقوله ، فإذا بان
للطلاب كذب معلمهم في بعض الأمور فإن ذلك ينعكس عليه مباشرة ، ويؤدي إلى
سقوطه من أعين طلابه .
والصدق منجاة للعبد في الدنيا والآخرة ، وقد أثنى الله على الصادقين ، ورغب
المؤمنين أن يكونوا من أهله بقوله : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الَهّلَ وَكُونُوا مَعَ
الصَّادِقِينَ()التوبة: « ))911 وأرشد المعلم الأول إلى أن الصدق يهدي إلى الجنة
بقوله :
-1 ) إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق
ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن
الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله
كذاباً ( البخاري ) 3475 ( ومسلم ) 7062 ( وعند تأمل السيرة النبوية ، نجد أن نبيكم
صلى الله عليه وسلم كان يسمى بالصادق الأمين ، ولم يعهد منه كفار مكة كذبة
واحدة . ولما بعث وظهر أمره ، عاداه سادات قريش وأعيانهم ، لا لكذبه عليهم ،
ولكن استكباراً وتجبراً ، وخوفاً من سقوط هيبتهم وجاههم ومقامهم بين القبائل ،
وقد صرح بحقيقة ذلك بعض أعيانهم . ولقد كان لإتصافه صلى الله عليه وسلم
بالصدق أثراً كبيراً في دخول كثير من الناس في دين الله ، ورحم الله ذلك
الصحابي الذي عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لأول وهلة قال : لما رأيت
وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب !!
وصدق المعلم بدعو المتعلم إلى الثقة به وبما يقول . ويكسبه احترام المتعلمين ،
ويرفع من شأنه في عمله ، ويتمثل صدق المعلم في مستلزمات المسئولية الملقاة
على عاتقه ، والتي منها نقل المعرفة بما فيها من حقائق ومعلومات للأجيال ، فإن
لم يكن المعلم متحلياً بالصدق فإنه سينقل لهم علماً ناقصاً ومبتوراً ، وحقائق
ومعلومات مغايرة للصورة التي يجب أن ينقلها ، وإذا تعود التلميذ على قبول هذا
السلوك السيء من المعلم فإنه ربما يستحسن هذا العمل حتى يصبح ملازماً له ، وهو
أمر خطير على المجتمع أ ه .
وإليك أيها المعلم مثالاً يبين أثر الكذب على الطلاب . يقول الشيخ محمد جميل
زينو: حدث أن سأل أحد الطلاب معلمه مستنكراً تدخين أحد المعلمين ، فأجاب
المعلم مدافعاً عن زميله ، بأن سبب تدخينه هو نصيحة الطبيب له ، وحين خرجالتلميذ من الصف قال : إن المعلم يكذب علينا . ) قال محمد جميل ( وحبذا لو صدق
المعلم في إجابته ، وبين خطاً زميله ، بأن التدخين حرام ، لأنه مضر بالجسم ، مؤذ
للجار ، متلف للمال ، فلو فعل ذلك لكسب ثقة الطلاب وحبهم ، ويستطيع أن يقول
هذا المعلم إلى طلابه : إن هذا المعلم فرد من الناس تجري عليه الأعراض البشرية
، فهو يصيب ويخطيء .
الخلاصة :
1( الصدق نجاة للمعلم في الدنيا والآخرة .
2( الكذب على الطلاب ، عائق عن التلقي ، وفاقد للثقة .
3( الكذب أثره يتعدى إلى المجتمع ، ولا يقتصر على منتحله .