حذّر أستاذ القانون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بتازة، محمد الجناتي، الشباب المغربيّ من مغبّة الإدمان على مشاهدة القنوات التلفزيونية، خاصّة الرّسميّة منها، لكوْنها تُقدّم صورة مغلوطة للواقع المعاش، وتعمل على تسطيح فكر الشباب، على حدّ تعبيره.
وقال الجناتي، الذي كان يتحدّث في ندوة دولية حول موضوع "الشباب التحولات المجتمعية والعنف في الحياة اليومية"، نظمتها أخيرا كلية علوم التربية بالرباط، إنّ القنوات التلفزيونية تولي أهميّة كبرى للبرامج الترفيهية، ولا تُخصّص سوى حيّزٍ ضئيل للإخبار والتثقيف.
وأضاف أنّ ما يشاهده الشباب على القنوات التلفزيونية قد يكون في أحيانٍ كثيرة أعمالا مُضلّلة، وضرب مثلا بالمسلسلات التركية والمكسيكية وغيرها، التي تبثّها القنوات التلفزيونية، والتي تُقدّم أبطالها على أنّهم يعيشون حياة الترف، بينما حياتهم في الواقع مختلفة.
واستعانَ الجناتي بواقعة كان شاهدا عليها في زيارة له إلى تركيا، وحضوره تصوير لقطة من أحد المسلسلات، قائلا "الممثل الذي مثّل الدورَ كان يركب على متْن سيارة فاخرة اثناء التصوير، وعندما انتهى التصوير ركَن السيّارة وتوجّه إلى بيْته على متْن حافلة مثل جميع الناس".
ونبّه المتحدّث إلى أنّ بثّ القنوات التلفزيونية لمثل هذه المسلسلات التي تقدّم واقعا منفصلا، يظهر فيه أشخاص يعيشون حياة خيالية، لشباب يرزحُ تحْت وقْع البطالة، والتهميش والإقصاء، يجعل الصورة التي تتكوّن لدى هؤلاء الشباب هيَ أنّهم وحدهم المحرومون، بينما الآخرون يعيشون في بحبوحة العيش.
وعرّف الجناتي مفهوم "تسطيح الشباب"، الذي تقوم به القنوات التلفزيونية -كما يقول- على أنّه "مخاطبة فكر الشباب بطريقة سطحية"، من خلال الإكثار من عرض البرامج التي تتعرّض للحياة الشخصية للأفراد، خاصّة المشاهير، وكذا برامج اكتشاف المواهب الفنّية، قائلا "هذا لا يفيد الشباب بل يسطح فكرهم ويعيقه".
وأوضح الجناتي في هذا الصدد أنّ هذه البرامج، التي ذكر منها برنامج "رشيد شو" الذي تبثّه القناة الثانية، تركز على الجانب الفني للأشخاص الذين تستضيفهم، من أجل تسويق صورة لدى الشباب مفادها أنّ النجاح والنجومية يمرّ عبر بوابة الفن من خلال المشاركة في برامج اكتشاف المواهب، والتي وصفها بـ"الفقاعات الإعلامية".
وحذّر أستاذ القانون من أنّ القنوات التلفزيونية قد تذهب إلى حدّ إضفاء النجومية على أشخاص يقومون بأعمال يُجرّمها القانون، ونصح الشباب بعدم الإدمان على مشاهدة القنوات التلفزيونية، خاصّة الرسمية منها، قائلا "إيلا كْتّرتي من مشاهدة الأولى ودوزيم ففي مدّة عشرين عاما ستجد نفسك خارج السياق (Hors context).
ودعا المتحدثة المدرسة إلى القيام بدورها، وإحياء دور الكتاب ودور الثقافة والأخذ بيد الشباب ودفعهم إلى تنمية قدراتهم الذاتية المبنية على العام الجادّ والاجتهاد والمثابرة، موضحا أنّ الكتاب يُتيح القراءة والنقد والتحليل، بينما الإعلام لا يعكس الاحتياجات الحقيقية للشباب وهموم الحقيقية، وتجعلهم يحسّون بالإعاقة والاغتراب داخل وطنهم الأصليّ.