لايمكن لحديث عن ثورة التعليم والتعلم إلا أن يشيد بالتجربة الفريدة لسنغافورة المتمثلة في تلك القافلة المجتمعية الضخمة التي تتقدم حديثا صوب مجتمع التعلم الحق، ويكفي أن نذكر هنا أن ما يزيد على 22 في المائة من السكان ما بين 16-64 سنة ملتحقون بتدريب منظم تلبية للمطالب المتغيرة لسوق العمل، ولا يكتمل الحديث كذلك من دون تنويه بما يجري على ساحة الدول النامية وما دون النامية، بشبكة تعليم الكبار والتعليم المستمر في جنوب افريقيا، وشبكة التعليم في بنجلاديش أما عن الدراسات التي أصدرتها المنظمات الدولية، والتكثلات الإقليمية، والبرامج والمشاريع التي أطلقتها، فحدث ولا حرج، والتالي عينة صغيرة منها:
إعلان الأمم المتحدة العام 1980 عاما دوليا لمحو الأمية وتعليم الكبار.
المبادرة العالمية للتعلم مدى الحياة التي دشنها البنك الدولي.
مشروع الاتحاد الأوروبي للتعلم مدى الحياة، وبرنامجا (سقراط) و( ليناردو) لزيادة الوعي لدى دول الاتحاد عن أهمية التعليم
مدى الحياة.
التحالف الآسيوي الباسيفيكي في مجال التعلم إلكترونيا.
ولم تتخلف المؤسسات التجارية والإعلامية عن اللحاق بركب التعلم والتدريب حيث أقامت جامعات لتدريب المتخصصين ومراكز التدريب لتأهيل المهنيين.
الراهن العربي: جهود متعددة وجدوى متواضعة.
هناك جهود متعددة في الوطن العربي لتعليم الكبار والتعلم المستمر، نورد أدناه بعضا منها.
جامعات مفتوحة: مصر والسودان وليبيا
مراكز خدمة المجتمع: جامعة الكويت وبعض الجامعات المصرية.
برامج محو الأمية الأبجدية وتعليم الكبار: تونس والكويت والسعودية والمغرب( تنمية القرى ودعم الفئات غير المحظوظة).
برامج محو أمية الكمبيوتر: السعودية والكويت والإمارات.
ثقافة جماهيرية: مصر.
التعلم من بعد: مصر والكويت.
جامعات عمالية: مصر.
جامعات خائلية : السعودية( جامعة الملك عبدالعزيز)- تونس.
وهناك عدد كبير من مراكز التدريب المهني التي تقوم به مؤسسات تجارية وإعلامية. وعلى المستوى القومي هناك عدة جهود تقوم بها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم منها مشروع الشبكة العربية للتعليم المفتوح الذي وضع نظامه الداخلي، وقد أطلقت المنظمة أخيرا برنامجا قوميا لنشر الثقافة العلمية والتكنولوجية.
على الرغم من تعدد الجهود والمشروعات والمؤسسات والحملات فإن مردودها ما زال متواضعا، ومن الشواهد على ذلك ضعف الإقبال ونسبة الأمية العالي التي تعاني منها كثير من المجتمعات العربية.
ولنأخذ تجربة جامعة القاهرة في التعليم المفتوح مثالا، لنورد هنا بعض ما خلصت إليه دراسة حديثة من انخفاض عدد المسجلين، وأن التعليم المفتوح ببرامجه وبيئته الراهنة لا يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية بين الدارسين بل يعمل على تعميق الهوة التعليمية لأنه يمثل أحد الأبواب الخلفية للالتحاق بالتعليم الجامعي.
إن العالم العربي يواجه تحديا مزدوجا: تحدي إصلاح ما أفسده نظام تعليمه الرسمي، وتحدي التغيير الإستراتيجي للانتقال من التعليم إلى التعلم، وكلا التحديين يرتبط بالآخر ارتباطا وثيقا، فبالنسبة إلىتحدي الإصلاح العلاجي لا حل لمشاكل التعليم النظامي إلا بتعليم تعويضي ومكمل من خلال التعليم غير النظامي، وبالنسبة إلى تحدي الانتقال من التعليم إلى التعلم، لاأمل في تحقيق غايات التعلم ما بعد مراحل التعليم النظامي ما دام التعليم يفرز لنا نتاجا هشا ، عازفا عن مواصلة التعليم، كارها للمعرفة، غير مؤمن بجدوى التعليم أصلا، وعلى الرغم من هذا الترابط الوثيق بين التعليم والتعلم ما زالت استراتيجيات التعليم العربي تفصل بينهما. d8s