قراء يتذكرون بـ"سلبية" أطر التربية والمقررات الدراسية
هسبريس ـ حسن الأشرف
الأربعاء 02 أكتوبر 2013 - 00:40
الثرثار ومُحب الاختصار..سمبو الزنجي الصغير..العفريت والرغيف..عنزة مسيو سوغان..وغيرها نصوص قرائية متميزة باللغتين العربية والفرنسية، تنتمي إلى المدرسة المغربية خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وهي النصوص التي كانت تؤثث مقررات دراسية لازال الكثيرون يحنون إليها، خاصة سلسلة "اقرأ" التي اشتهر بها الراحل أحمد بوكماخ.
ولعل الانطباع الأول الذي يندلق إلى ذهن العديد من المغاربة الذين درسوا في فترات معينة من تاريخ التعليم بالبلاد يتمثل في التعبير عن "الإعجاب" بتلك النصوص البسيطة، حين كان التلميذ لا يحمل في محفظته سوى كتابين واحد للعربية والثاني للفرنسية، بينما ازدحمت محفظة تلميذ اليوم بعشرات الكتب والدفاتر، تبعا لتطور العصر ومنظومة التربية والتعليم.
هسبريس ارتأت أن تنبش قليلا في "نوستالجيا" قرائها بأن أعادتهم إلى شيء من ماضيهم القريب أو البعيد، بسؤالهم عن الأشياء "السلبية" التي كانت تشغل بالهم عندما كانوا تلاميذ صغارا، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه بالمقابل هناك عدد من الأمور الإيجابية وسمت ولا تزال المدرسة العمومية بالمغرب.
وأجاب أزيد من 40 ألف شاركوا في استطلاع الرأي الذي نشرته هسبريس بهذا الشأن، بأن ما كان يشغلهم بسلبية أكثر هو "أطر التربية" بنسبة 43.13 في المائة، والمقرر الدراسي بـ 29.16 بالمائة، بينما المجتمع جاء في المركز الثالث بنسبة 27.71 في المائة ضمن الأشياء السلبية التي تذكر قراء هسبريس لما كانوا تلاميذ.
ملاحظات منهجية
الدكتور الخمار العلمي، عضو لجنة إصلاح التعليم، وأحد مؤلفي الكتب المدرسية بالمغرب، تفحص نتائج استطلاع الرأي الذي نشرته جريدة هسبريس الإلكترونية، فتداعت له ملاحظتان رئيسيتان حول شكل وطريقة سؤال الاستطلاع، ليخلص بعد ذلك إلى قراءة تربوية وعلمية للنتائج ذاتها.
وقال الخبير في مجال التعليم، في تصريحات لهسبريس، إن ملاحظته الأولى تتمثل في تُوجه إلى طبيعة السؤال في حد ذاته، ذلك أنه حين يُسأل أي شخص عن أي شيء سلبي كان يشعر به لما كان تلميذا، فإنما يتم توجيهه لما هو سلبي فقط"، مضيفا أنه "كان من الأفضل طرح السؤال في الاتجاهين معا، الإيجابي والسلبي، حتى لا يتم إسقاط سلبية المُصوِّت على مساره التعليمي عندما كان تلميذا".
وأما الملاحظة الثانية التي ساقها العلمي فتكمن في "مسألة أعمار المشاركين في استطلاع الرأي، حيث يصعب الإدلاء بقراءة صحيحة لهذا الاستطلاع بعيدا عن معرفة ماهية أعمار المصوتين"، مردفا أن "نسبة كبيرة عندما أشارت إلى أن الخلل يوجد في المنظومة التربوية لا يُعرف عن أية مرحلة زمنية من تاريخ التعليم ببلادنا، باعتبار أن التعليم منذ 40 عاما ليس هو التعليم منذ عشر سنوات، وهكذا باختلاف المرحلة تختلف النتائج" يؤكد العلمي.
وسجل المتحدث أيضا أنه عند الإشارة إلى "أطر التربية" قد يقع خلط لدى القارئ فيما يخص المقصود بالإطار التربوي، هل هو الإطار الإداري أو طاقم التدريس، فكان يمكن توسيع السؤال بتحديد طبيعة هذه الأطر في المواد العلمية أو الأدبية وغير ذلك من المحددات".
وظائف المدرسة العمومية
وأفاد العلمي بأنه رغم الملاحظات آنفة الذكر، فإن الذي يمكن استخلاصه من استطلاع رأي هسبريس كون نسبة كبيرة جدا من المُستجوبين، فاقت 70 في المائة، ركزت على الحياة المدرسية الداخلية، وليس على خارجها من عوامل الأسرة أو المحيط المدرسي أو المجتمع..
وتابع مؤلف العديد من الكتب المدرسية بأنه وفق الاستطلاع تبرز النظرة السلبية إلى المؤسسة التعليمية بحد ذاتها، ما يستوجب إعادة النظر في وظائف المدرسة العمومية، وأيضا إعادة النظر في أشكال التواصل القائمة، علاوة على إعادة الاعتبار للمدرسة، والاهتمام أكثر بالتلميذ، لكونه الفاعل الرئيسي في المدرسة".
وشدد العلمي على ضرورة "تضافر جهود المُدرسين والإدارة التربوية، بالإضافة إلى المقررات الجديدة، بغية تنمية قدرات المُتعلم وتطوير شخصيته الذاتية والتعليمية، حتى تضطلع المدرسة بدورها التربوي المنشود داخل المجتمع"، مبرزا أنه على وزارة التربية الوطنية والمجلس الأعلى للتعليم أن يتحملا هذه المسؤوليات الشاقة بشجاعة في أفق خلق مدرسة تكون فضاء ملائما للعيش بالنسبة للمتعلمين".