مقتضيات الوضعية الديداكتيكية في مادة اللغة العربية - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



الديداكتيك ومنهجيات التدريس هذا الركن بدفاتر dafatir خاص بالديداكتيك ومنهجيات التدريس

أدوات الموضوع

الصورة الرمزية العصيمي
العصيمي
:: مراقب عام ::
تاريخ التسجيل: 20 - 7 - 2011
المشاركات: 2,056
معدل تقييم المستوى: 364
العصيمي في تميز متزايدالعصيمي في تميز متزايدالعصيمي في تميز متزايدالعصيمي في تميز متزايد
العصيمي غير متواجد حالياً
نشاط [ العصيمي ]
قوة السمعة:364
قديم 16-08-2015, 18:18 المشاركة 1   
افتراضي مقتضيات الوضعية الديداكتيكية في مادة اللغة العربية

أضحت قضية غياب المعنى في المدرسة تثير الكثير من النقاش، و ذلك في ظل تفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية و الفكرية التي يطرحها العالم المعاصر، مما يستدعي البحث عن الرهانات الكفيلة بتأهيل الفرد للحفاظ على توازنه، و السير بوعي في الاتجاه الذي رسمه لنفسه، وفي سياق ذلك يعد النقاش التربوي حول المدرسة السبيل الأنجع لتشخيص تعثراتها، بدءا من فضاء الفصل الدراسي و أنشطته التدريسية التي تقتضي التفكير بعمق وروية في العوائق التي تفرغ أحيانا وضعياتها الديداكتيكية من معناها.

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الوضعية الديداكتيكية وبناء المعنى


إن إدراك العلاقة بين المتعلمين والمعارف هي من صميم أولويات المدرس الذي يتعين عليه مساعدتهم على إعطاء معنى للمدرسة، من خلال إدراكه أولا لمعنى ما يدرسه، و ثانيا البحث عن المعنى الذي يمنحه هؤلاء لتلك المعارف.

فالمعنى لا يوجد في المدرسة لذاته من خلال الوضعيات التي يعيشها المتعلم، بل يتم بناؤه بشرط التقيد بجملة ضوابط ثقافية واجتماعية وتربوية.

فنحن في أمس الحاجة إلى عقلنة ممارساتنا التربوية حتى نمنح أنشطتنا معناها و نرسي صرح تعلماتنا، وهو مبتغى رهانه "التدريسية "التي هي عبارة عن مجموعة من الاجراءات العقلانية التي يسعى المدرس من خلالها إلى تحقيق أهداف التعليم و التعلم، كما أنها أسلوب للتعامل مع التلميذ، و لكي لا تكون عبارة عن وصفات تجريبية فلا بد من الارتكاز على أسس علمية.

إن المعارف لا تتضمن في أحشائها كيفية تدريسها، مما يفتح مشروعية الحديث عن الوضعيات الديداكتيكية باستمرار، باعتبارها مشروعا منفتحا على البحث و الاجتهاد تماشيا مع انفتاح المعرفة على التطور المستمر.

فمدرس اللغة العربية قد ينطلق من تصور ديداكتيكي مفيد، لكن مع التقدم في سيرورة التعلم قد يكتشف أن هذا التصور غير صالح دائما، مما يدفعه إلى ممارسة تغذية راجعة على وضعياته الديداكتيكية.

ومن ثم يتعين على مدرس اللغة العربية أن يخلق وضعيات ديداكتيكية يستحضر في بنائها طابع المرونة تماشيا مع المتغيرات المرتبطة بالعملية التعليمية التعلمية، من خلال كشف تمثلات المتعلمين واستثمارها في بناء التعلمات، ومراعات ميولاتهم في انتقاء النصوص الأدبية، فضلا عن التخلي عن تدريس المضامين لصالح "المفهمة". إنها رهانات نتغيى من خلالها عقلنة أنشطتنا حتى نمنحها معنى.

تمثلات نحو اللغة العربية

إن "التمثلات" باعتبارها أفكارا ومعاني تترجم تصوراتنا ورؤانا للظواهر، فقد تكون صحيحة و قد تكون عكس ذلك. ومن هنا تبرز أهميتها البيداغوجية، إذ يجب استثمارها من أجل بناء التعلمات. فإذا كانت صحيحة وجب دعمها و تثبيتها، أما إذا كانت خاطئة فيتعين هدمها و تعويضها. وفي كلتا الحالتين فنحن ملزمون ببناء وضعيات ديداكتيكية تحفز المتعلمين على إماطة اللثام عن هذه التمثلات.

فقد اقترح جيوردان جعل التمثلات عنصر تشخيص ديداكتيكي يسمح بتحديد معارف المتعلمين المكتسبة، وذلك بخلق وضعيات تعلمية تحفيزية، بشكل يمكن المدرس من التأكد من من صحة تمثلات المتعلم وتجاوزها إذا تبين أنها خاطئة، لأنها ستشكل حينئذ عائقا على حد تعبير غاستون باشلار. فحين لا نصغي للتلاميذ فإننا نتجاهل تصوراتهم، و بالتالي لن نستطيع الكشف عن العوائق التي تقف سدا منيعا أمام بنائهم للمعارف، وفي غياب ذلك لن نتمكن من إحداث قطيعة مع ما يحملونه من تصورات خاطئة.

وسيرا نحو عقلنة تدريسية مادة اللغة العربية، يتعين وضع قطيعة مع التصور الخطي تجاه مكونات هذه المادة من جهة، وفي علاقتها بباقي المواد الأخرى من جهة ثانية. إننا في أمس الحاجة إلى ترسيخ تصور نسقي يلعب المدرس فيه دور المحفز للذكاء الجماعي، و يساعد المتعلمين على بناء تعلماتهم من خلال تفكير نسقي.

فواقع الفصل الدراسي يكشف أن أغلب التلاميذ ينظرون إلى مكونات مادة اللغة العربية باعتبارها جزرا متناثرة وتفوقهم في أحدها يوهمهم أنهم متحكمون في مادة اللغة العربية معنى و مبنى. إنه تصور خاطئ يتعين وضع قطيعة معه. فالطفل الذي تعلم بشكل منفصل وتسلسلي التحكم في مقود الدراجة، العادية وتحريك عجلاتها و الضغط على الفرامل لا يعرف بالضرورة سياقة الدراجة، ذلك أن التفاعل بين هذه المهارات جميعها هو الذي يكسبه القدرة على سياقة الدراجة، و هو الأمر ذاته الذي ينطبق على مادة اللغة العربية.

و لخلق توتر لدى التلاميذ وكشف زيف تصورهم نحتاج إلى خلق وضعيات - مسألة، تستدعي من المتعلم تعبئة مهاراته القرائية واللغوية والثقافية لإنتاج مواضيع في مكون التعبير و الإنشاء، حينئذ يجد التلميذ نفسه عاجزا عن ذلك، مما يفيد بأن أنشطته في مادة اللغة العربية لا معنى لها مادامت لا تسعفه في إنتاج خطابات شفهية وكتابية يتواصل بها مع ذاته أولا، ومع محيطه ثانيا.


ميولات المتعلم و درس النصوص

أثبتت العديد من الدراسات البيبداغوجية وجود علاقة بين الميولات والاهتمامات وبين التعلم، فماير يرى أن "ميول واهتمام التلميذ بموضوع دراسي ما قد تؤدي به إلى بذل جهود كثيفة ومتواصلة قصد تحقيق تفوق دراسي، وعندما يتحقق هذا التفوق، يقود ثانية إلى تقوية ميول التلميذ إلى الجهد و المثابرة، ويبعث فيه قدرة على تحمل مشاق الدراسة وتجاوز الصعوبات حتى يتحقق له النجاح من جديد.

إذن ففتح قنوات الحوار من المتعلمين لمعرفة ميولاتهم شرط ديداكتيكي لا مناص منه لبناء وضعيات ديداكتيكية ذات معنى. ومدرس مادة اللغة العربية بالتعليم الثانوي التأهيلي بإدراكه لهذه العلاقة بين المعارف و بين ميولات المتعلمين، سيجتهد لانتقاء أفضل النصوص الأدبية التي تلبي حاجياتهم الوجدانية، و بدون ذلك ستذهب الأنشطة الصفية أدراج الرياح، ففليب ميريو يتعجب، كيف نعلم أشخاصا لا قابلية - تلقائية - لهم في التعلم، و يسوق في هذا الصدد حكاية مدرس شاب فرنسي عين للتدريس بنواحي إحدى المدن الفرنسية، بأقسام غير منسجمة س12- س 16، حيث اكتشاف الثقافة التي يحملها ويؤمن يقينا بثرائها، غير فعالة في اكتساب تلاميذه معنى لهذه الثقافة، فققر أن يقرأ لهم مقتطفا غنيا ثقافيا من كتاب البؤساء لفيكتور هيغو، فتماهى المدرس مع النص اثناء القراءة لدرجة أنه لم يستطع ان يتمالك مشاعره ودموعه، حيث كانت له رغبة قوية في ايصال هذا الموروث الثقافي العظيم لتلاميذه، لكنه فوجئ بعد انتهائه من القراءة بأن المتعلمين انسحبوا خارج القسم وهم يسخرون، عبر النوافذ من حال أستاذهم.


يتضح أن تجاهل رغبات وميولات المتعلمين في اختيار النصوص الأدبية سينجم عنه الانسحاب الذهني أو الفعلي للمتعلم كما حدث مع هذا المدرس الشاب الفرنسي، لأنه ليس في إمكان أي مدرس أن يرغم تلاميذه على محبة النصوص التي يحب قراءتها، كما لا يستطيع أب أن يرغم أبناءه على أن يكون لهم ذوقه نفسه؛ إذن فليس لكل التلاميذ والمدرس بالضرورة الاهتمامات نفسها و لا الرغبات نفسها.

وعليه، يتعين على أستاذ مادة اللغة العربية أن يبني وضعيات ديداكتيكية تستحضر ميولات المتعلمين، وتقودهم نحو بناء مشاريعهم الشخصية، وفي انعدام ذلك تكون أنشطته وأنشطتهم جوفاء لا معنى لها، وهو ما ينطق به لسان حال التأليف المدرسي الذي يطل علينا في كل حين ببعض الكتب المدرسية المولودة ولادة قيصرية، لم تسبقها دراسات ميدانية دقيقة حول هذا المتلقي المفترض، و طبيعة ميولاته و اهتماماته على مستوى الذوق الأدبي.

إننا في حاجة إلى كتب تكون في الموعد مع قارئها. ماذا يحدث عندما يكون لكتاب ما موعد مع قارئه؟ إنه بدون شك بداية لقصة حب جميلة، فكل واحد سيهب للآخر أعمق و أنفس ما عنده، كل واحد سيلقى من الآخر هدية عجيبة هي الحب.

فإذا تفحصنا الكتب المدرسية في مادة اللغة العربية وجدناها تنص على جملة من الغايات أهمها اعتماد مبدأ التعلم الذاتي، من خلال التحول في الأنشطة من أفعال صيغ الأمر (انجز، اكتب، ابحث) إلى أفعال خبرية تحفل بالطواعية (أنجز، أكتب ،أبحث)، بيد أن واقع الممارسة الصفية يكشف أن جو التعليمات لا زال يخيم على نفوس المتعلمين.

إن احترام الميولات وزرع ثقافة التعلم الذاتي لن يكون بصيغ الأفعال، بل بمنجزها الصفي، وحينئذ سيجد المتعلم أن ما يقرأه وما ينجزه فيه صدى لمشروعه الشخصي، و بالتالي يكتسب عنده معنى.


حسن عمار: أستاذ باحث في علوم التربية

ماي 22/05/2013/جريدة المنعطف التربوي /العدد 4587 /الصفحة7









ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
آخر مواضيعي

0 النتائج الكاملة للحركة الانتقالية التعليمية بأسماء المؤسسات التعليمية 2017
0 تلميذ نابغة مخترع يذهل أساتذته بمدينة طاطا
0 صفرو / دورة تكوينية في تجديد تدريس الرياضيات
0 زاكورة : وقفة احتجاجية تضامنا مع الأطر الإدارية والتربوية المعفية
0 خبر غير سار لهيئة التدريس قبل الحركة الانتقالية!
0 تابع صور معلم من تايوان يبدع برسم تشريحي لجسم الإنسان على السبورة!
0 خصاص 20 ألف منصب سيخلفه التقاعد الموسم المقل
0 رغم تشديدات الوزارة: تسريبات امتحانات البكالوريا مستمرة
0 بحوث طلبة كلية مرتيل في صناديق قمامات الأزبال
0 تعاضدية التعليم : عندما يصبح النقابيون لصوصا للمال العام :: ملف كامل


خادم المنتدى
:: مراقب عام ::

الصورة الرمزية خادم المنتدى

تاريخ التسجيل: 20 - 10 - 2013
السكن: أرض الله الواسعة
المشاركات: 17,180

خادم المنتدى غير متواجد حالياً

نشاط [ خادم المنتدى ]
معدل تقييم المستوى: 1868
افتراضي
قديم 17-08-2015, 13:59 المشاركة 2   

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الأحد01شـوال1441هـ/*/24مــاي2020م

kamal azabdi2007
:: دفاتري فعال ::

الصورة الرمزية kamal azabdi2007

تاريخ التسجيل: 7 - 11 - 2007
السكن: المغرب
المشاركات: 422

kamal azabdi2007 غير متواجد حالياً

نشاط [ kamal azabdi2007 ]
معدل تقييم المستوى: 244
افتراضي
قديم 17-09-2015, 17:22 المشاركة 3   

أضحت قضية غياب المعنى في المدرسة تثير الكثير من النقاش، و ذلك في ظل تفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية و الفكرية التي يطرحها العالم المعاصر، مما يستدعي البحث عن الرهانات الكفيلة بتأهيل الفرد للحفاظ على توازنه، و السير بوعي في الاتجاه الذي رسمه لنفسه، وفي سياق ذلك يعد النقاش التربوي حول المدرسة السبيل الأنجع لتشخيص تعثراتها، بدءا من فضاء الفصل الدراسي و أنشطته التدريسية التي تقتضي التفكير بعمق وروية في العوائق التي تفرغ أحيانا وضعياتها الديداكتيكية من معناها.

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ

الوضعية الديداكتيكية وبناء المعنى


إن إدراك العلاقة بين المتعلمين والمعارف هي من صميم أولويات المدرس الذي يتعين عليه مساعدتهم على إعطاء معنى للمدرسة، من خلال إدراكه أولا لمعنى ما يدرسه، و ثانيا البحث عن المعنى الذي يمنحه هؤلاء لتلك المعارف.

فالمعنى لا يوجد في المدرسة لذاته من خلال الوضعيات التي يعيشها المتعلم، بل يتم بناؤه بشرط التقيد بجملة ضوابط ثقافية واجتماعية وتربوية.

فنحن في أمس الحاجة إلى عقلنة ممارساتنا التربوية حتى نمنح أنشطتنا معناها و نرسي صرح تعلماتنا، وهو مبتغى رهانه "التدريسية "التي هي عبارة عن مجموعة من الاجراءات العقلانية التي يسعى المدرس من خلالها إلى تحقيق أهداف التعليم و التعلم، كما أنها أسلوب للتعامل مع التلميذ، و لكي لا تكون عبارة عن وصفات تجريبية فلا بد من الارتكاز على أسس علمية.

إن المعارف لا تتضمن في أحشائها كيفية تدريسها، مما يفتح مشروعية الحديث عن الوضعيات الديداكتيكية باستمرار، باعتبارها مشروعا منفتحا على البحث و الاجتهاد تماشيا مع انفتاح المعرفة على التطور المستمر.

فمدرس اللغة العربية قد ينطلق من تصور ديداكتيكي مفيد، لكن مع التقدم في سيرورة التعلم قد يكتشف أن هذا التصور غير صالح دائما، مما يدفعه إلى ممارسة تغذية راجعة على وضعياته الديداكتيكية.

ومن ثم يتعين على مدرس اللغة العربية أن يخلق وضعيات ديداكتيكية يستحضر في بنائها طابع المرونة تماشيا مع المتغيرات المرتبطة بالعملية التعليمية التعلمية، من خلال كشف تمثلات المتعلمين واستثمارها في بناء التعلمات، ومراعات ميولاتهم في انتقاء النصوص الأدبية، فضلا عن التخلي عن تدريس المضامين لصالح "المفهمة". إنها رهانات نتغيى من خلالها عقلنة أنشطتنا حتى نمنحها معنى.

تمثلات نحو اللغة العربية

إن "التمثلات" باعتبارها أفكارا ومعاني تترجم تصوراتنا ورؤانا للظواهر، فقد تكون صحيحة و قد تكون عكس ذلك. ومن هنا تبرز أهميتها البيداغوجية، إذ يجب استثمارها من أجل بناء التعلمات. فإذا كانت صحيحة وجب دعمها و تثبيتها، أما إذا كانت خاطئة فيتعين هدمها و تعويضها. وفي كلتا الحالتين فنحن ملزمون ببناء وضعيات ديداكتيكية تحفز المتعلمين على إماطة اللثام عن هذه التمثلات.

فقد اقترح جيوردان جعل التمثلات عنصر تشخيص ديداكتيكي يسمح بتحديد معارف المتعلمين المكتسبة، وذلك بخلق وضعيات تعلمية تحفيزية، بشكل يمكن المدرس من التأكد من من صحة تمثلات المتعلم وتجاوزها إذا تبين أنها خاطئة، لأنها ستشكل حينئذ عائقا على حد تعبير غاستون باشلار. فحين لا نصغي للتلاميذ فإننا نتجاهل تصوراتهم، و بالتالي لن نستطيع الكشف عن العوائق التي تقف سدا منيعا أمام بنائهم للمعارف، وفي غياب ذلك لن نتمكن من إحداث قطيعة مع ما يحملونه من تصورات خاطئة.

وسيرا نحو عقلنة تدريسية مادة اللغة العربية، يتعين وضع قطيعة مع التصور الخطي تجاه مكونات هذه المادة من جهة، وفي علاقتها بباقي المواد الأخرى من جهة ثانية. إننا في أمس الحاجة إلى ترسيخ تصور نسقي يلعب المدرس فيه دور المحفز للذكاء الجماعي، و يساعد المتعلمين على بناء تعلماتهم من خلال تفكير نسقي.

فواقع الفصل الدراسي يكشف أن أغلب التلاميذ ينظرون إلى مكونات مادة اللغة العربية باعتبارها جزرا متناثرة وتفوقهم في أحدها يوهمهم أنهم متحكمون في مادة اللغة العربية معنى و مبنى. إنه تصور خاطئ يتعين وضع قطيعة معه. فالطفل الذي تعلم بشكل منفصل وتسلسلي التحكم في مقود الدراجة، العادية وتحريك عجلاتها و الضغط على الفرامل لا يعرف بالضرورة سياقة الدراجة، ذلك أن التفاعل بين هذه المهارات جميعها هو الذي يكسبه القدرة على سياقة الدراجة، و هو الأمر ذاته الذي ينطبق على مادة اللغة العربية.

و لخلق توتر لدى التلاميذ وكشف زيف تصورهم نحتاج إلى خلق وضعيات - مسألة، تستدعي من المتعلم تعبئة مهاراته القرائية واللغوية والثقافية لإنتاج مواضيع في مكون التعبير و الإنشاء، حينئذ يجد التلميذ نفسه عاجزا عن ذلك، مما يفيد بأن أنشطته في مادة اللغة العربية لا معنى لها مادامت لا تسعفه في إنتاج خطابات شفهية وكتابية يتواصل بها مع ذاته أولا، ومع محيطه ثانيا.


ميولات المتعلم و درس النصوص

أثبتت العديد من الدراسات البيبداغوجية وجود علاقة بين الميولات والاهتمامات وبين التعلم، فماير يرى أن "ميول واهتمام التلميذ بموضوع دراسي ما قد تؤدي به إلى بذل جهود كثيفة ومتواصلة قصد تحقيق تفوق دراسي، وعندما يتحقق هذا التفوق، يقود ثانية إلى تقوية ميول التلميذ إلى الجهد و المثابرة، ويبعث فيه قدرة على تحمل مشاق الدراسة وتجاوز الصعوبات حتى يتحقق له النجاح من جديد.

إذن ففتح قنوات الحوار من المتعلمين لمعرفة ميولاتهم شرط ديداكتيكي لا مناص منه لبناء وضعيات ديداكتيكية ذات معنى. ومدرس مادة اللغة العربية بالتعليم الثانوي التأهيلي بإدراكه لهذه العلاقة بين المعارف و بين ميولات المتعلمين، سيجتهد لانتقاء أفضل النصوص الأدبية التي تلبي حاجياتهم الوجدانية، و بدون ذلك ستذهب الأنشطة الصفية أدراج الرياح، ففليب ميريو يتعجب، كيف نعلم أشخاصا لا قابلية - تلقائية - لهم في التعلم، و يسوق في هذا الصدد حكاية مدرس شاب فرنسي عين للتدريس بنواحي إحدى المدن الفرنسية، بأقسام غير منسجمة س12- س 16، حيث اكتشاف الثقافة التي يحملها ويؤمن يقينا بثرائها، غير فعالة في اكتساب تلاميذه معنى لهذه الثقافة، فققر أن يقرأ لهم مقتطفا غنيا ثقافيا من كتاب البؤساء لفيكتور هيغو، فتماهى المدرس مع النص اثناء القراءة لدرجة أنه لم يستطع ان يتمالك مشاعره ودموعه، حيث كانت له رغبة قوية في ايصال هذا الموروث الثقافي العظيم لتلاميذه، لكنه فوجئ بعد انتهائه من القراءة بأن المتعلمين انسحبوا خارج القسم وهم يسخرون، عبر النوافذ من حال أستاذهم.


يتضح أن تجاهل رغبات وميولات المتعلمين في اختيار النصوص الأدبية سينجم عنه الانسحاب الذهني أو الفعلي للمتعلم كما حدث مع هذا المدرس الشاب الفرنسي، لأنه ليس في إمكان أي مدرس أن يرغم تلاميذه على محبة النصوص التي يحب قراءتها، كما لا يستطيع أب أن يرغم أبناءه على أن يكون لهم ذوقه نفسه؛ إذن فليس لكل التلاميذ والمدرس بالضرورة الاهتمامات نفسها و لا الرغبات نفسها.

وعليه، يتعين على أستاذ مادة اللغة العربية أن يبني وضعيات ديداكتيكية تستحضر ميولات المتعلمين، وتقودهم نحو بناء مشاريعهم الشخصية، وفي انعدام ذلك تكون أنشطته وأنشطتهم جوفاء لا معنى لها، وهو ما ينطق به لسان حال التأليف المدرسي الذي يطل علينا في كل حين ببعض الكتب المدرسية المولودة ولادة قيصرية، لم تسبقها دراسات ميدانية دقيقة حول هذا المتلقي المفترض، و طبيعة ميولاته و اهتماماته على مستوى الذوق الأدبي.

إننا في حاجة إلى كتب تكون في الموعد مع قارئها. ماذا يحدث عندما يكون لكتاب ما موعد مع قارئه؟ إنه بدون شك بداية لقصة حب جميلة، فكل واحد سيهب للآخر أعمق و أنفس ما عنده، كل واحد سيلقى من الآخر هدية عجيبة هي الحب.

فإذا تفحصنا الكتب المدرسية في مادة اللغة العربية وجدناها تنص على جملة من الغايات أهمها اعتماد مبدأ التعلم الذاتي، من خلال التحول في الأنشطة من أفعال صيغ الأمر (انجز، اكتب، ابحث) إلى أفعال خبرية تحفل بالطواعية (أنجز، أكتب ،أبحث)، بيد أن واقع الممارسة الصفية يكشف أن جو التعليمات لا زال يخيم على نفوس المتعلمين.

إن احترام الميولات وزرع ثقافة التعلم الذاتي لن يكون بصيغ الأفعال، بل بمنجزها الصفي، وحينئذ سيجد المتعلم أن ما يقرأه وما ينجزه فيه صدى لمشروعه الشخصي، و بالتالي يكتسب عنده معنى.


حسن عمار: أستاذ باحث في علوم التربية

ماي 22/05/2013/جريدة المنعطف التربوي /العدد 4587 /الصفحة7

هذا المقال منقول عن موقع نقابة المفتشين ، الذي نقلت عنه بدورك،و لكن المشكل الأصلي أنا كلاكما نقلتما عني،فلا موقع نقابة المفتشين و لا أنت تستطيعان إثبات أحقيتكما بالنقل، لأني الوحيد الذي يتوفر على المتن الأصلي لهذا المقال، و عليه أتساءل: هل أحدكما بإمكانه مدي بالنص الأصلي الورقي؟؟؟ لا تستطيعان الوصول للنص الأصلي الموجود على صفحات جريدة المنعطف لأني مالكه الأصلي،و عليه عليكما معا أن تشيرا أنكما نقلتما عني، لأني الذي قضى وقت لا بأس به في تحرير متن هذا النص.
تقاسم المعلومة شيء مقبول، لأننا كلنا نتبادل المعلومات و نتقاسمها،و لكن على الأقل عليكما الاشارة للمصدر
كمال الزبدي
مدير موقع تربية بوان كوم المصدر الأصلي لهذا المقال
و سأقوم لاحقا بضع صورة للمقال الأصلي المنشور بجريدة المنعطف التربوي الذي يصدر يومه الأربعاء
أسيدي بالصحة و الراحة المهم هو الفائدة

https://sites.google.com/site/tarbiapointcommaroc/home

https://sites.google.com/site/booksamaroc

http://formationseducata.e-monsite.com/

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

« ديداكتيك اللغة الفرنسية ابتدائي | كيف يتم رصد الأخطاء ودمجها في الفعل التربوي ؟ Traitement de l’erreur »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أكاديمية كلميم-السمارة: خطأ بسلم تنقيط مادة الرياضيات وسؤال بسلم التنقيط غير موجود بورقة امتحان مادة اللغة العربية التربوية دفاتر أخبار المؤسسات: مدارس، ثانويات، نيابات، أكاديميات 0 24-06-2013 22:38
طلب استفسار في مادة اللغة العربية بشرىصبري العربية - الفرنسية - الانجليزية - اللغات أخرى - الترجمة 15 02-07-2009 21:59
فرض جديد في مادة اللغة العربية ابوعلي علي العربية - الفرنسية - الانجليزية - اللغات أخرى - الترجمة 2 17-05-2009 12:08
جديد مادة اللغة العربية zakharbrahim العربية - الفرنسية - الانجليزية - اللغات أخرى - الترجمة 3 27-03-2009 18:05
فهرس مادة اللغة العربية oussamabr العربية - الفرنسية - الانجليزية - اللغات أخرى - الترجمة 15 06-03-2009 00:22


الساعة الآن 06:45


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة