هواجس فتاة آيلـة للعنوسة - منتديات دفاتر التربوية التعليمية المغربية
تسجيل جديد
أبرز العناوين



أدوات الموضوع

سميح
:: دفاتري بارز ::
تاريخ التسجيل: 10 - 9 - 2008
المشاركات: 171
معدل تقييم المستوى: 210
سميح على طريق التميزسميح على طريق التميز
سميح غير متواجد حالياً
نشاط [ سميح ]
قوة السمعة:210
قديم 04-04-2009, 01:24 المشاركة 1   
افتراضي هواجس فتاة آيلـة للعنوسة

كانت كل ليلة تجلس بالشرفة في منأى عن الناس ... رفيقها في السمر سحاباتُ الخيال التي تهيم بها , هنا وهناك , دون اعتراض حيث تهوى نفسها ... في كل ليلة كانت تزف نفسها لعريس جديد ... كانت أكثر نساء العالم زيجات ... و عشرات الصبية يحيطون بها من كل الجوانب ... ماما .. ماما.. تهش هنا وهناك وهم , في عناد , يتصايحون ... يتجاذبون أطراف فساتينها ... لا يخلصها منهم سوى سعال والدها القابع بالركن لا يُرى منه غير عباءة سوداء, تتهادى في تناغم مع كل شهيق و زفير ... سعال سمج , كقبضة مخبر تسحبها بين الفينة والأخرى من عالم أحلامها المعسول ... كان أشد ما تكره , عالمُ الواقع , حيث كل فتيات القرية ربات بيوت ... تنثرن على كل الأزقة عفاريت صغارا تتوزع عاطفتها بينهم بين الحب و الكراهية...
كعادتها , هذه الليلة جلست بنفس المكان ... نفس الزمان ... تراود عرسان مخيلتها الألف ... تتطلع من فوق بآمالها و لهفتها على رؤوس المارة ... لم تعد تميز بين الكبير و الصغير ... صارت كل الأعمار الآن مقاساتها المناسبة ... تراوح نظراتها بين الوجوه , تحاول إيجاد ضالتها بينهم ... لكن لا أحد يرنو إليها , يتوقف أو يفطن لوجودها ...كانت أسوأ لحظاتها , أيامُ رأس السنة , كلُّ الناس فرحى بحلولها ,إلا هي... كانت بالكاد تسلم ورقة العام المنصرم ممزقة من الحنين ... توقفَتْ منذ أمد بعيد عن عد سنوات عمرها ... توقفت بالتمام حين بلغت الثلاثين , وبعدها لم يعد لمدلول السنوات أرقام ولا مسميات ...
تُرى هل يطرق الباب الآن ؟؟؟ من اختزنت له عشرات السنين من الحب , والحنان , وأشياء أخرى ما زالت على عهدها القديم ... ترى هل يطرق ؟؟؟ ... ترى ...ترى ... وبين سيل التساؤلات , اخترق صوتُ الباب السكون ( ؟؟؟ !!! ) ...اختلط في البدء الأمرُ عليها...هل كانت طرقات الواقع , أم كمثيلاتها من عالم الخيال؟؟ ... يخترق الصوتُ من جديد سكون المكان ... ينتزعها من خلوتها ... و في خفة المهر الطليق قفزت, وهي تردد: ـ طرق , طرق , و أخيرا طرق ... هرعت إلى الباب بكل كيانها , وخيالاتها , ولحمها وشحمها و فومها وعدسها... وجدته , عينا لِعَين , قلبا لقلب... وجدَته كما رسمَته خيالاتُها التي حوَت كل النسخ ...تسمرَت للحظة , قبل أن ترتمي عليه بالعناق ... اتسعت حدقتا عينيها ...و كادت نظرات اللهفة تلتهم محياه في شره ... !!!!... توقف عداد الزمن لحظة , وسكن الكون ...( هدوء من فضلكم )... ودون سابق إنذار , جذبته ... سحبته ... وتوارت به بعيدا عن والديها والأنظار ... خرس الكل وشدُه في ذهول من سرعة تـوالي الأحداث ... و شيعوها بنظرات الشفقة والألم ... وهناك ... على الطرف الآخر , حيث كانت الخلوة , شرعت طقوس السؤال ... ـ من أين البدء ؟؟؟, من أين البدء و انفعالات عشرات السنين تتكدس في فوضي على مخارج الحروف ...أتخبره عن الزمن الذي عدّى أمام ناظريها قطيعَ أغنام تَعدّ سنواتِه في ملل الواحدةَ تلو الأخرى؟؟؟ أم تخبره عن أشكال الأشياء التي أينعت في الخفاء واختزنتها له منذ عقود.. أم تخبره عن شكل نهديها قبل أن يطالهما الخريف ويحولهما خرقا بالية تعافها العيون ...علِقت بعينيها دمعة حزينة حين تذكرت شكلهما ...كانتا تفاحتين ناضجتين من تفاح الروم ... وفي انتكاسة الكسير المكلوم , طأطأت رأسها في حسرة تخنقها العبرات , وحارت بين ركام متلاشياتها... أتحدثه عن ردفيها لما كانتا هضبتين تنام على نعومتهما الأحلام و الطيور ؟؟ ... أم تحدثه عن انسياب صفحات جسدها العاجي من غير نتوءات ... أم , أم , أم ... خنقتها من جديد غصة دمعها الذي جاهدت بيأس في طمسه وأسره بداخلها , حتى لا يفسد عليها اللحظة التي عاشت الدهر كله تنتظرها ... وبكل العناء و المكابرة , أخبرته أنها ظلت تنتظره مذ زمن بعيد ... وأنه كان دوما المنتظَر , سيدَ عالمها من غير عبارات الاستئذان , ومقدمات الخطبة , والمأذون, والخميس, و ..و ..و .. ودون كلمة , اختزلت كل الأشياء في النظر إلى عينيه... تساءلَت في صمت , ـ تُرى لِمَ تأخرت ؟؟؟ لِم ترددتَ كل هذه السنوات ؟؟؟ ... كادت من لهفة نظراتها وبريق عينيه , تأخذه إلى (.....) لولا صوت أخيها يقتحم الباب , بجانبه زوجتُه وفتاة أخرى في ربيع عمرها لا تعرفها ... وفي سرعة المتلبس أفلتت الفتى من بين ذراعيها , وتركت أخاها القادم من الخليج يتلقف جسدها , يعانقها , فقدّم الضيفين على أنهما صديقه وزوجته ... صرخت في شدوه بكل علامات الاستفهام : ـ زوجته ؟!؟!؟! ... تجمدت في مكانها كالحاضر الغائب ... مكثت لحظة ثم هرولت إلى غرفتها, لا تكترت لمَن فطن لصرختها التي ارتجّ لها صدرها و تدغدغت لها نهداها في نشوة لم تعبأ بها ... كانت صرخة مكتومة لَاسَ صداها الجسد المرتعش ... تركت الجميع مغاضِبةً كصبي صودرت لعبه ...و ارتمت على السرير... على بطنها ... طمرت وجهها للحظات بين ذراعيها تندب حظها الذي يتعثر دوما في المسير... و بين النحيب الخافت , واهتزازات الصدر الموجوع , استطاعت أن تجد لنفسها هنيهة تنظر فيها إلى المرآة من جديد ... تتفقد ما بقى من الجمال والمخزون ...ما زالت ترى في نفسها فتاة قبل العنوس ... نظرت إلى قسماتها , وانحنت على كسوتها تجفف بباطنها دمعتين متخلفتين ... نثرت من الأنف ما يعيق أنفاسها , ومططت بشرتها لتبدد التجاعيد ... عدّت خصلاتها السوداء المتبقية التي شرع يتسوّرها المشيب ... و تفقدت براحتيها أشياء أخرى تختزنها ليوم المجيء ... مرّرت من جديد كمّها أسفل أنفها لتُنهي النشيج ... شفطت الهواء في محاولة أخيرة لوقف ما تأخر من تنهدات , و ثبتت بلعابها خصلة شعر منتقاة بعناية , خالية من الشيب ... تركتها تتدلى على الجبين لتكون الواجهة ... مصمصت شفتيها وأعادت لهما شيئا من الحمرة و البريق , ثم لسعت خذيها , وخرجت إلى الشرفة من جديد...









آخر مواضيعي

0 إعراب
0 إعرابٌ لازال عالقا
0 إعراب جمل
0 مختفون .. والبحث عن حبيبتي
0 فلثمت صرّتك التي تتشح بالصفاء والبياض
0 لعبة الهوية
0 التفاتة
0 خيلاء
0 هل هذه قصة ؟؟؟
0 مَدرسةخصوصية ممتازة بالدار البيضاء


التعديل الأخير تم بواسطة سميح ; 04-04-2009 الساعة 13:59

نورالدين شكردة
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية نورالدين شكردة

تاريخ التسجيل: 1 - 9 - 2008
السكن: فاس
المشاركات: 2,702

نورالدين شكردة غير متواجد حالياً

نشاط [ نورالدين شكردة ]
معدل تقييم المستوى: 467
افتراضي
قديم 04-04-2009, 10:31 المشاركة 2   

أخي سميح ...توفقت في سرد الحكاية على لسان الأنثى بشكل مدهش وبراعة مثيرة لتساؤلات عدة ...ولعلك جعلتني أهدم فكرة التمييز بين الأدب الرجالي والأدب النسائي خاصة وأن قارئ أو قارئة القصة سيعتقدان أن كاتبها /كاتبتها/له دراية كبيرة بأسرار وتضاريس المرأة ... مرة أخرى لم أحبذ تركيزك على حيثيات لم تكن هي القصد من رقن قصتك *هواجس فتاة آيلـة للعنوسة *والتي لا يجادل أحد في قوة لغتها ومتانة أسلوبها ولعلك كنت تقصد الأمر لشد القارئ وتقوية بهارات وتوابل الإثارة والتحفيز...أتمنى أن تتقبل وجهة نظري بصدر رحب وأخبرك من هنا أنني تذمرت كثيرا من نهاية ردك على الاخ زايد تيجاني في قصتك السابقة *مومس متلهفة*واستغربت لسعة خاطره ورده اللبق على تشنجك ودفاعك عن رأيك بلغة قاسية ..تعلم أنه كان بإمكانه حذف المقطع الذي يتحدث عن التفاهة و.و.و.غير أنه كان أكثر حكمة وسعة خاطر منك ...سأكون ممتنا لك وشاكرا لو عدت لردك وحذفت منه مقطعه اللاذع ذاك لأن اعتذارك ل يكن كافيا ويستدعي في نظري حذف المقطع إياه.. وفي انتظار تجاوبك أحييك وألتمس منك أن تتحفنا بقصة تتحدث عن الرجل حتى يتسنى لنا المقارنة والتقييم...حياك الله


التعديل الأخير تم بواسطة نورالدين شكردة ; 04-04-2009 الساعة 10:35

أم ايمان
:: دفاتري ذهبي ::

الصورة الرمزية أم ايمان

تاريخ التسجيل: 3 - 9 - 2008
المشاركات: 2,767

أم ايمان غير متواجد حالياً

نشاط [ أم ايمان ]
معدل تقييم المستوى: 475
افتراضي
قديم 04-04-2009, 11:41 المشاركة 3   

السلام عليكم
اتفق مع كل كلمة رقنها الاخ نور الدين شكردة و خاصة ما تناول موضوع الاخ التيجاني المتميز بطول حلمه و صبره و حنكته في مواجهة هجومات غريبة من نوعها
و اخيرا اتساءل هل سميح هو اسم اخر لعضو مالوف في المنتدى ......الله اعلم


abounouha
:: دفاتري متميز ::


تاريخ التسجيل: 2 - 9 - 2008
المشاركات: 261

abounouha غير متواجد حالياً

نشاط [ abounouha ]
معدل تقييم المستوى: 220
افتراضي
قديم 04-04-2009, 11:57 المشاركة 4   

c'est une merveille de ta part .on est attaché dés le debut jusqu' à la fin. merci.

لاتنسى: سيد الإستغفار


اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت خلقتني، و أنا عبدك، و أنا على عهدك و وعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك عليَ، و أبوء بذنبي ، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

سميح
:: دفاتري بارز ::


تاريخ التسجيل: 10 - 9 - 2008
المشاركات: 171

سميح غير متواجد حالياً

نشاط [ سميح ]
معدل تقييم المستوى: 210
افتراضي
قديم 04-04-2009, 12:17 المشاركة 5   

أخي سميح ...توفقت في سرد الحكاية على لسان الأنثى بشكل مدهش وبراعة مثيرة لتساؤلات عدة ...ولعلك جعلتني أهدم فكرة التمييز بين الأدب الرجالي والأدب النسائي خاصة وأن قارئ أو قارئة القصة سيعتقدان أن كاتبها /كاتبتها/له دراية كبيرة بأسرار وتضاريس المرأة ... مرة أخرى لم أحبذ تركيزك على حيثيات لم تكن هي القصد من رقن قصتك *هواجس فتاة آيلـة للعنوسة *والتي لا يجادل أحد في قوة لغتها ومتانة أسلوبها ولعلك كنت تقصد الأمر لشد القارئ وتقوية بهارات وتوابل الإثارة والتحفيز...أتمنى أن تتقبل وجهة نظري بصدر رحب وأخبرك من هنا أنني تذمرت كثيرا من نهاية ردك على الاخ زايد تيجاني في قصتك السابقة *مومس متلهفة*واستغربت لسعة خاطره ورده اللبق على تشنجك ودفاعك عن رأيك بلغة قاسية ..تعلم أنه كان بإمكانه حذف المقطع الذي يتحدث عن التفاهة و.و.و.غير أنه كان أكثر حكمة وسعة خاطر منك ...سأكون ممتنا لك وشاكرا لو عدت لردك وحذفت منه مقطعه اللاذع ذاك لأن اعتذارك ل يكن كافيا ويستدعي في نظري حذف المقطع إياه.. وفي انتظار تجاوبك أحييك وألتمس منك أن تتحفنا بقصة تتحدث عن الرجل حتى يتسنى لنا المقارنة والتقييم...حياك الله
حاضر يا نور المنتدى, و أمرا وطاعة ... لقد تم سحب الرد بأكمله ...
للذكر ... حاولت البارحة مسح الرد , لكن الرسالة الإدارية التي حددثك عنها حالت دون ذلك ...
أشكر مرورك

إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للعنوسة, آيلـة, فتاة, هواجس

« قصة قصيرة بعنوان: احلام مزعجة | دفتر الأشياء »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هواجس رجل أناني.......قصة قصيرة نجية القصص والروايات 6 15-06-2009 15:57
هواجس كاتب محمد معمري دفاتر الإبداعات الأدبية 10 08-03-2009 10:35
هواجس رجل أناني نجية الأرشيف 13 13-12-2008 17:50
قصة أدمعت..... لها عيناااااااااى nourhoda الأرشيف 4 02-11-2008 14:14
قصة محزنة( اعترافات فتاة )...تهم كل فتاة فاطمة -الزهراء القصص والروايات 11 13-09-2008 22:38


الساعة الآن 23:58


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر © 1434- 2012 جميع المشاركات والمواضيع في منتدى دفاتر لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة المنتدى بل تمثل وجهة نظر كاتبها
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات دفاتر تربوية © 2007 - 2015 تصميم النور اونلاين لخدمات الويب المتكاملة