بركة يؤكد انخفاض سعر القمح والسوق تؤكد العكس
تصوير/ عقيل مكاو
ما تزال أسعار القمح في الأسواق المغربية تسجل ارتفاعات قياسية، رغم تراجعها بنسبة 23%، منذ منتصف شتنبر الماضي، نتيجة الأزمة المالية، وذلك إلى جانب أسعار الذرة والصوجا والبن والسكر والنفط... ويفسر اقتصاديون مغاربة،، تراجع الأسعار العالمية، في تصريحات، استقتها بيان اليوم، إلى وجود مخاوف مرتبطة باقتصاد عالمي ضعيف، يمكن أن يحد من الطلب على المواد الأولية الزراعية الأميركية، خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار الذي جعلها أغلى ثمنا للمستثمرين المزودين بعملات أجنبية أخرى. مما يفسر انسحاب صناديق الاستثمار من الأسواق. انسحاب تكثف مع أولى تداعيات الأزمة المالية، خاصة بعد انكماش السيولة النقدية. و أجمعت تصريحات بعض بائعي الحبوب بالدار البيضاء، أن جلب القمح الموجه للبيع بالتقسيط أضحى مكلفا، وينذر بإفلاس تجار الأسواق المتخصصة (الرحبة) بعد عزوف المواطنين عن التموين الاعتيادي منها، بفعل الزيادات غير المبررة التي طالت هذه المادة والتي بلغت سقفا غير مسبوق. فمع مطلع شهر نونبر الجاري، ظل سعر القنطار يتراوح بين 350 و700 درهم في أسواق المدن الكبرى، فيما تراوح بين 350 درهم و500 درهم في الأسواق القريبة من الضيعات الفلاحية، وذلك حسب النوع والجودة. تخوف الباعة، ردت عليه وزارة نزار بركة، في ورقة توضيحية، توصلت بها الجريدة زوال أمس، بالإشارة إلى أن ثمن القمح الصلب انخفض من 529 إلى 350 درهم للقنطار. لتحدو أثمنة بعض المواد الأساسية حدوه، مسجلة تراجعا في الأسواق الداخلية. حيث انتقل سعر الزبدة من 65 درهما للكيلوغرام إلى 45 درهما، والحمص من 14 إلى 12 درهما للكيلوغرام، والعدس من 15 إلى 13 درهما للكيلوغرام. وشدد التوضيح على أن المواد المحررة أسعارها لا يمكن إلا أن تنخفض استجابة لمنطق تركيبة السعر الذي يرتبط عضويا بالتكلفة التي تشكل المواد الأولية المستوردة إحدى أهم عناصرها (يرتفع السعر بارتفاعها وينخفض بانخفاضها) مثل الزيت والقمح الصلب ومشتقاته. لكن الواقع في الأسواق ينطق بلغة أخرى. فحسب الباعة بسوق الحبوب بالدار البيضاء، لم يطرأ تغيير ملموس على الأسعار. فموجة الغلاء غير المسبوقة في مادة القمح المرتبطة بالمعيش اليومي للمواطن، تواصل تأثيرها على الطلب. وفي تعليق على شهادة الباعة، أوضح مصدر بالمكتب الوطني للحبوب أن الكمية الوحيدة التي تستدعي تدخل الدولة، في الوقت الحالي، تتعلق بالكمية المخصصة لتصنيع الدقيق الوطني من القمح الطري المتمثلة في حوالي 13 مليون قنطار، رغم أنها كمية ضعيفة مقارنة مع الحجم الإجمالي للإنتاج. وأشار المصدر ذاته إلى أن العوامل الخارجية ساهمت في تخفيف أزمة القمح في بلدان أخرى مستوردة، لعل أبرزها تحسن أحوال الطقس وما نجم عنها من ارتفاع المحاصيل في مناطق الإنتاج التقليدي، وتقلص طلب بعض البلدان الغنية التي ساهمت في ازدياد الطلب على الحبوب كأعلاف للمزارع الحيوانية، وتحسن المخزون الأمريكي من القمح. ويرى الأستاذ الباحث محمد بنصغير أن الارتفاع النسبي لإنتاج الحبوب المحلية والانخفاض المتتالي للأسعار العالمية عاملان رئيسيان كان من المفروض أن ينعكسا أوتوماتيكيا على مستوى أسعار القمح في الأسواق المغربية. ومن المرجح، يضيف الأستاذ بنصغير، أن يظل الحال على ما هو عليه، على المستوى القريب على الأقل، خاصة في ظل مضاربات ألحقت، حتى وقت قريب، أضرارا على مستوى مدخلات المطاحن، وأفرزت بدورها زيادة في أسعار الخبز، وفي ظل تحول فاشل على صعيد الاستراتيجية الفلاحية بعد أن أرغم مسؤولون في الحكومة السابقة فلاحين على التعاطي لمنتجات أخرى موجهة للسوق الخارجية، تحت ذريعة إمكانية استيراد القمح بأسعار تفضيلية.
عن جريدة التجديد
21/11/2008